05-يوليو-2022
عبدالفتاح البرهان قائد الجيش السوداني

انقلاب جديد أم محاولة لحل الأزمة؟ البرهان يربك المشهد بقراراته

أعاد خطاب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبدالفتاح البرهان الذي أعلن فيه عن انْسِحاب المؤسسة العسكرية من الحوار الذي تيسره الآلية الثلاثية، تعقيد المشهد السياسي الذي لم تُحل عُقده، فما تلبث أن تخطو أطراف الأزمة خطوةً يراها محللون دفعًا إلى الأمام حتى يزداد المشهد غموضًا، وعلى عكس التوقعات التي قسمت المشهد إلى معسكرين مع وضد، بموافقة قوى التوافق الوطني على الخطوة إلا أن الأمين للعام للقوى مبارك أردول قال في مؤتمر صحافي عقب اجتماع طارئ إن خطاب البرهان فيه نقاط إيجابية وأخرى غامضة تحتاج إلى استجلاء أكثر، بينما وصفهُ المجلس المركزي بـ"المناورة المكشوفة".

عضو سابق بالسيادي: خطاب البرهان لا يُنهي الانقلاب ولا يُعالج القضايا التي أعاقت الانتقال

خلف الستار

خطاب البرهان أعقبتهُ بطبيعة الحال ردود أفعالٍ متباينة لكن المتحدث باسم قِوى الحرية والتغيير ومقرر لجنة العلاقات الخارجية والاتّصال ياسر عرمان كشف عن مذكرة للآلية الثلاثية وأطراف من المجتمع الدولي دفع بها المكون العسكري قبل عدة أيام للآلية الثلاثية ولم يتم الإعلان عنها.

وقال عرمان في مقال اطلع عليه "الترا سودان" إن المذكرة تحدد بوضوح مهام المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة وعلى رأسها ممارسة مهام السيادة وجوانب متعلقة بالسياسة الخارجية وبنك السودان، وقضايا أخرى.

وأكّدَ ما قاله ياسر عرمان قياديٌّ بالحرية والتغيير (فضّل حجب اسمه) وقال لـ"الترا سودان": إن من مهام المجلس الأعلى للقوات المسلحة وفق رؤية المكون العسكري الأمن والدفاع والسياسة الخارجية والسياسة النقدية (بنك السودان المركزي).

وأضاف: "كما يرغب المكون العسكري في أن تكون للمجلس الأعلى للقوات المسلحة سلطات سيادية، واعتماد سفراء الدول وسفراء السودان بالخارج وتعيين ضباط الشرطة والجيش والأمن والدعم السريع وإحالتهم إلى المعاش".

مناورة سياسية

ووصف المكتب التنفيذي لقِوى الحُرية والتغيير (المجلس المركزي)، في بيانٍ عقب اجتماع طارئ مساء أمس الاثنين تلقى "الترا سودان" نسخةً منه، وصف قرارات البرهان بأنها "مناورة مكشوفة وتراجع تكتيكي يَقبل ظاهريًا بمبدأ عودة الجيش للثكنات مع إفراغ هذا المبدأ من محتواه".

https://t.me/ultrasudan

وأضاف: "عودة الجيش للثكنات لا تتم بفرض وصايةٍ من قائده على شكل الحكومة المدنية وآليات تشكيلها، ولا تُسقط قضايا الإصلاح الأمني والعسكري"، الإصلاح الذي قال البيان إنه يقود إلى "جيش واحد مهني وقومي تدمج فيه قوات الدعم السريع والحركات المسلحة وفق إطار زمني وإجراءات معلومة وإلى وخروج المؤسسة العسكرية والأمنية من النشاط الاقتصادي والسياسي، واقتصار مهامها على الدفاع عن أمن البلاد تحت القيادة المدنية".

حكومة صورية

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد عبدالعزيز وصف خطاب البرهان بـ"المناورة التكتيكية" لخلط المشهد السياسي، حيثُ ينطلق البرهان من قاعدة أساسية وهي أن الأزمة بسبب "الصراع بين المدنيين".

وقال لـ"الترا سودان": "البرهان أشار إلى جملة من المشاكل بدون تحمل المسؤولية ومتهربًا من القول بأن السبب هو الانقلاب، حيثُ لم يقم بتشكيل الحكومة كما ذكر وقتها ويسعى لرمي العبء على المدنيين والمطالبة بتكوين الحكومة".

ويرى عبدالعزيز أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة "ليس دستوريًا" حيثُ ستؤول إليه كل الصلاحيات والسلطات الفعلية أما الحكومة التنفيذية فستكون فقط "صورية"، متوقعًا تصاعد الأوضاع بشكل أكبر، أما البرهان فسيلجأ -بحسب عبدالعزيز- إلى "عملية قمع واسعة".

في السياق نفسه، قال الحزب الجمهوري في بيان اطلع عليه "الترا سودان" إن البرهان "لا يملك الشرعية ليحدد شكل الدولة ويسمي مؤسساتها"، واصفًا ما جاء في خطاب البرهان بـ"الانقلاب العسكري الجديد".

إرباك المشهد

خبير إدارة الأزمات والتفاوض بمركز الدراسات القومية اللواء أمين إسماعيل مجذوب قال في حديثه لـ"الترا سودان" إن خطاب البرهان أحدث حراكًا كبيرًا في الساحة السياسية، ورمى الكرة في ملعب القوى السياسية؛ فابتعاد القوات المُسلحة عن الحوار الدائر الآن -بحسب اللواء أمين- يعد تنفيذًا لبعض الشروط التي وضعتها القوى السياسية والثورية بإبعاد القوات المسلحة من المشهد السياسي.

وأضاف: "هو ليس خروجًا نهائيًا بل خروج تدريجي باعتبار أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو مجلس فني تنفيذي يخص القوات النظامية المُدرجة في المجلس".

ويرى مجذوب أن أمام القوى السياسية "فرصة تاريخية لبناء موقف وطني" بتشكيل حكومة تسمح بحل مجلس السيادة ومن ثم تبحث القوى السياسية في كيفية إكمال التحول المدني الديمقراطي وإقامة الحكومة المدنية – بحسب اللواء أمين.

وقال أمين: "هذه ليست مواقف تكتيكية أو حتى خداع إستراتيجي من القوات المسلحة بل محاولة لحل الأزمة في السودان".

اللواء أمين: هذه ليست مواقف تكتيكية أو حتى خداع إستراتيجي من القوات المسلحة بل محاولة لحل الأزمة في السودان

بالمقابل قال عضو مجلس السيادة السابق محمد حسن التعايشي في تغريدة على حسابه بتويتر: "خطاب البرهان لا يُنهي الانقلاب ولا يُعالج بأيّ حال القضايا التي أعاقت الانتقال ويربك الساحة السياسية أكثر مما هي عليه".

وأضاف: "لا يمكن تشكيل مجلس للقوات المسلحة قبل الاتفاق على سلطات المجلس وكيفية بناء الجيش الواحد ودور السلطة المدنية في عملية إصلاح القطاع الأمني ومستقبل الشركات الأمنية".