20-فبراير-2019

غلاف المجموعة

ألترا صوت – فريق التحرير

يترك الشّاعر السوداني حسام هلالي الشّعر برهةً من الزمن، متّجهًا نحو القصّة القصيرة هذه المرّة، ومستندًا إلى السرد في استيعاب التفاصيل اليومية كذلك الأمر.

حصد هلالي المركز الأوّل في "جائزة أسامة الديناصوري للشعراء الشباب" عن مجموعته "شرفة تليق بالانتحار"

قبل عامٍ من الآن، حصد هلالي المركز الأوّل في "جائزة أسامة الديناصوري للشعراء الشباب" عن مجموعةٍ عَنوَنها بـ"شرفة تليق بالانتحار"، قال إنّها الرابعة منذ أن بدأ الكتابة، ولكنّها الأولى من حيث الأعمال المنشورة. فهو، كما يوضّح، من المتردّدين في النشر، والشكّاكين باستمرار بما ينجزونه، وهو ما انعكس على مجموعته القصصية الصادرة حديثًا عن دار "الكتب خان" تحت عنوان "أيام الخرطوم الأخيرة". فالمجموعة جديدة من حيث النشر، ولكنّ كتابة القصيرة ليس توجّهًا جديدًا عند هلالي، فالقصص في المجموعة كُتبت في الفترة الممتدّة من 2006 وحتى 2016.

اقرأ/ي أيضًا: "كتاب الأعمى" لبدر عثمان.. شعر على تخوم السرد

يكتب حسام هلالي في مجموعته القصصية هذه نصًّا لا يخلو من روحٍ تشاؤمية عند بعض الشخصيات، بفعل واقعٍ مأساوي تعيشه، لكن دون أن يبدو ما يكتبه كابوسيًا. فهو، في مكانٍ ما، لا يبدو معنيًا بكتابة نصٍّ فانتازيٍ، بقدر يسعى لأن يحوّل القصة إلى مونولوج طويل تتعرّي فيه الأنا أمام نفسها، تمهيدًا لأن تفعل ذلك أمام الآخرين لاحقًا. فيبدو الأمر كأنّه حفلة لكشف مكنونات الذات، وتعنيفها في بعض الأحيان، وفرصة للمرء للتعرّف على نفسه من جديد، مستندًا إلى السلوكيات السيئة في تكوين بورتريه كافٍ يحدّد صورة وملامح كلّ شخصيةٍ على حدا.

من خلال الحديث عن شخص آخر، يحمل اسم حسام هلالي، كما هو اسم الكاتب، نعرف أنّ الأخير، من خلال هذه الحيلة، رجل منكسر عاطفيًا، مقلّ في الكتابة، ويكتب بصورة متقطعة، وكلّ ما يكتبه يبدو مملًا، الأمر الذي يعكس نمط الحياة البائس الذي يعيشه، على الأقل لجهة الملل والضجر اللذين يدفعان بشخصٍ آخر للنزول في ساعات الليل للبحث عن بطاريات لآلة تشغيل الموسيقى بعد أن انقطعت الكهرباء عن العاصمة الخرطوم كاملةً. نعرف أيضًا أنّه يشارك في التظاهرات السياسية بدافع الفضول لا أكثر، دون أن يرد في باله أنّه سيكون مثقفًا مناضلًا، فهو في النهاية ليس إلّا شاعر مغمور لديه بعض القصائد في جرائد توقّفت عن الصدور من زمن. ولكنّه في النهاية يشدّد على أنّ لغته ليست سيئة.

تتمحور قصص الشاعر السودانيّ بين المكان؛ شقّة، قرية، مدينة، خلاء. والذات. فبينما نراقب شخصيات العمل وهي تتوغّل عميقًا في عوالمها الداخلية، نُطلّ كذلك الأمر على الواقع المعيشي في محيطها، وطبيعة الحياة هناك، لنفهم أنّ بعض هذه الشخصيات تعاني مما يعانيه المحيط بشكلٍ كامل، ويتداخل عندها الواقع مع الحلم، لتصل إلى أقصى درجات التوتر النفسي، أو الحيرة.

ما نجده في مجموعة "أيام الخرطوم الأخيرة" هو قصص الحياة اليومية

في قصصٍ أخرى، يكتب هلالي عن المحيط ككل، فيمرّ على احتلال العراق، والاقتتال الطائفي هناك. ونقرأ عن أزماتٍ وجودية للأفراد في واقع مأساوي كالسابق. نقرأ عن مفارقات غريبة، فنقف إزاء شخصٍ يحاول الانتحار عبر حبوب منوم، بينما على الطرف المقابل هناك شخص آخر مهدّد بالموت في حال تناول جرعة فول زائدة. ولا تغيب السخرية عن القصص، فالإسرائيليون تمكّنوا من قصف قوافل عسكرية سودانية كانت متّجهة إلى غزّة لأنّ الجنود السودانيين كانوا يصلّون العشاء، فلم يعد هناك من يراقب الأجواء.

اقرأ/ي أيضًا: الثقافة في السودان.. حكم البيروقراطية والمناورات

ما نجده في مجموعة "أيام الخرطوم الأخيرة" هو قصص الحياة اليومية، فتبدو النصوص مفتوحة بحيث لا تخضع لمعايير مسبقة. بالإضافة إلى اشتغالٍ خفي على كشف زيف وعفن ونتانة ما يبدو براقًا في شكله الخارجي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

3 مجموعات قصصية عربية عليك قراءتها

سعد محمد رحيم.. أهوال الحياة العراقية