تداولت وسائل إعلام سودانية خلال الساعات الماضية، أنباء عن فض المجلس العسكري الاعتصام أمام مقر الجيش في العاصمة الخرطوم، فيما بدا تأكيدًا على المخاوف التي حملها ناشطون، من أن المجلس العسكري يسعى إلى حسم المسار السياسي المتعثر في البلاد بالقوة.
اعتبر تجمع المهنيين المسؤول تنظيم الاحتجاجات منذ اندلاعها في السودان لإسقاط نظام البشير، أن فض الاعتصام بمثابة مجزرة دموية، كما دعا عموم الشعب السوداني إلى المشاركة في عصيان مدني شامل
وفي بيان أصدرته اليوم الإثنين، أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية سقوط مئات المصابين وعشرات القتلى، فيما تتفاوت التقديرات حول الحصيلة النهائية.
وتبادل ناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو تظهر إطلاق نار مكثف في مكان الاعتصام، مع تصاعد للدخان، وحرائق داخل خيام المعتصمين، وهو المشهد نفسه الذي وصفه شهود لوكالة رويترز. في هذا السياق، نشر تجمع المهنيين السودانيين بيانًا قال فيه، إن المجلس العسكري الانقلابي الآن، يقوم "بإبراز وجهه القميء من خلال إحضاره قوات نظامية بعدد ضخم جدًا لميدان الاعتصام للقيام بعملية فض ممنهج لاعتصامنا الباسل أمام القيادة العامة". وحث الشعب السوداني على التوجه إلى مقر الاعتصام لمساعدة المحتجين هناك. مضيفًا أن "المحتجين الذين اعتصموا أمام القيادة العامة للجيش يواجهون مجزرة في محاولة غادرة لتفريق الاحتجاج".
اقرأ/ي أيضًا: المرحلة الانتقالية في السودان.. صراع الأجندة الخفية
واعتبر التجمع المسؤول عن تنظيم الاحتجاجات منذ اندلاعها في السودان لإسقاط نظام البشير، أن ما حدث بمثابة مجزرة دموية، كما دعا عموم الشعب السوداني إلى المشاركة في "عصيان مدني شامل وإضراب كامل عن العمل في كل المرافق والمؤسسات في القطاع العام والخاص، ولن نتراجع عنه حتى إسقاط المجلس العسكري الانقلابي وجهاز أمن النظام ومليشياته وكتائب ظله وكل أذياله من القتلة والمجرمين".
كما ناشد التجمع السودانيين بـ"الخروج الآن إلى الشوارع في تظاهرات سلمية ومواكب هادرة نحو ساحات اعتصام في كل رقعة من بلادنا الصامدة، مع إغلاق كل الشوارع والطرق والكباري والمنافذ بالمتاريس وشل الحياة العامة تمامًا في كل مكان، وذلك لمؤازرة ودعم الثوار بالعاصمة القومية، ومن أجل إسقاط المجلس العسكري الانقلابي الغادر القاتل وكل أذيال النظام ونقل مقاليد الحكم فورًا لسلطة انتقالية مدنية خالصة وفقًا لإعلان الحرية والتغيير الذي تواثقت عليه جماهير شعبنا العظيم".
وبدأت إجراءات العصيان المدني بالفعل، بالدخول قيد التنفيذ، حيث شُلت الحركة في العاصمة الخرطوم، كما عمت الاحتجاجات مدنًا سودانية عديدة.
وكان شهود عيان قد أشاروا لصحيفة "الغارديان" البريطانية، إلى أن قوات الدعم السريع، حاصرت ودخلت المستشفيات وضربت الطاقم الطبي وأصابت المحتجين بجروح. وهو ما يرجح الرواية القائلة بأن هذه القوات الي يقودها نائب رئيس المجلس العسكري، محمد حمدان دقلو أو حميدتي، والمتهمة بارتكاب انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان، هي من تورطت بالهجوم على المحتجين أمام مقر الجيش.
الأمر نفسه أكده الصحفي السوداني محمد الأمين، لقناة الجزيرة بالإنجليزية، قائلًا إن قوات الدعم السريع كانت أول من استخدم الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين. ثم أطلق الجنود أعيرة نارية على باقي المحتجين. متابعًا: "إنهم يسيطرون الآن على معظم منطقة الاعتصام، كما أحرقوا العيادات الميدانية. لقد تم تفريق معظم المحتجين، والجنود يغلقون جميع مداخل المنطقة بسيارات عسكرية لمنع المتظاهرين من العودة".
من جهة أخرى، تتالت ردود الفعل الدولية حول الواقعة، حيث صرح السفير البريطاني في الخرطوم، صباح اليوم قائلًا إنه "يساورني قلق شديد إزاء إطلاق النار الكثيف الذي كنت أسمعه على مدار الساعة الماضية من مقر إقامتي، والتقارير التي تفيد بأن قوات الأمن السودانية تهاجم موقع الاعتصام ما أدى إلى وقوع إصابات. لا مبرر لأي هجوم من هذا القبيل". مضيفًا أن "هذا يجب أن يتوقف الآن".
من جهتها، اعتبرت السفارة الأمريكية في السودان، أن هجوم قوات الأمن "أمر خاطئ"، فيما ألقت باللوم على المجلس العسكري. وفي تغريدة نشرها حساب السفارة عبر تويتر، قالت إن "هجوم قوات الأمن السودانية على المتظاهرين والمدنيين الآخرين، خطأ ويجب أن يتوقف. المسؤولية تقع على عاتق المجلس العسكري".
اقرأ/ي أيضًا:
ورطة البشير بين المذهب المالكي وعقيدة بوتين.. من يكاتب الجنرال في سجن كوبر؟
مليونية الدولة المدنية.. قطار الثورة السودانية يشق طريقه الوعر