يلعب الفقر دورًا كبيرًا في تذكية رغبة الهجرة وسط الشبان والفتيات في دول القرن الإفريقي خاصةً السودان وإثيوبيا وإريتريا، وذلك لأن الآلاف باتوا على قناعة تامة أن مستقبلهم ينتظرهم خارج حدود بلدانهم التي تعج بالصراعات والبطالة، ولذلك يتخذون قرارًا بالهجرة، إما عن طريق ركوب أمواج البحر الأبيض المتوسط، أو الوصول إلى الخرطوم والتعاقد مع بعض الجهات في دول عربية، ومؤخرًا برزت ظاهرة العقودات الوهمية.
عثرت الشرطة على الفتيات وهن يتضورن جوعًا وفي حالة نفسية سيئة
وذكرت وكالة السودان للأنباء، أمس السبت، أن دائرة مكافحة الجريمة المنظمة والمستحدثة بالإدارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية؛ تمكنت من تفكيك شبكة إجرامية تتكون من ثلاثة متهمين تعمل على الاتجار وتهريب البشر.
اقرأ/ي أيضًا: الشؤون الدينية توافق على إنشاء تسع كنائس في ثلاث ولايات
وأضافت الوكالة الحكومية، أن تفكيك الشبكة جاء "بعد مداهمة منزل بولاية الخرطوم وتحرير (18) فتاة أجنبية من دول الجوار".
وأفاد مدير دائرة مكافحة الجريمة المنظمة والمستحدثة، ياسر مضوي، أن معلومات وردت للدائرة برصد نشاط إجرامي منظم لأحد الشبكات وتتخذ منزلًا بأحد الأحياء بولاية الخرطوم مقرًا لأنشطتها.
وأشار ضحوي، إلى أن المتهم الرئيس يقوم باستلام الضحايا وترتيب إقامتهن ومن ثم إتمام إجراءات السفر إلى الخارج بالتنسيق مع شبكة في أديس أبابا تتكون من خمسة متهمين يقومون بتسفير الضحايا مقابل المال.
وعادةً ما تلجأ شبكات تهريب البشر بين السودان وإثيوبيا إلى إغراء الضحايا في دول إثيوبيا وإريتريا بوجود عقودات عمل في دول عربية، ويتم العمل على تهريب عشرات الفتيات اللائي تتراوح أعمارهن بين (16) إلى (25) عامًا من الأراضي الإثيوبية والأريترية إلى السودان عبر ولايتي القضارف وكسلا. وأحيانًا تجبر العصابات الفتيات على السير لمسافات طويلة على الأقدام، ويتم إيصالهن بطرق غير شرعية إلى العاصمة الخرطوم.
ويقول مصدر مطلع من المكتب الصحفي للشرطة لـ"الترا سودان"، إن الإجراءات التي تقوم بها هذه الشبكات فيما يتعلق بإجراءات السفر عادية وقانونية في ظاهرها، لكن المخالفة تكون في خداع الضحايا بمنحهن وعود كاذبة، وعندما يتم تسفيرهن من الخرطوم إلى دول عربية يتم إرغامهن على العمل في مهن غير إنسانية، أو لا يتم منحهن أجور مالية، ويتعرضن إلى العنف في كثير من الأحيان. هذه الانتهاكات جاءت نتيجة توسع تجارة البشر.
وأوضح المصدر، أن الشرطة استحدثت دائرة مختصة بهذه الجرائم وستعمل على اكتشاف المزيد منها مستقبلًا وصولًا إلى مرحلة القضاء على الظاهرة.
اقرأ/ي أيضًا: التقرير الوبائي: 202 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا
وأضاف المصدر: "يتم إيواء الفتيات في منازل بالخرطوم تحت حماية أشخاص من السودان بتنسيق مع شبكة إثيوبية، ومن ثم يتكفل الشخص بإطعام الفتيات وأحيانًا لا يوفر لهن الطعام ويقوم، نفس الشخص بإنهاء إجراءات سفر الفتيات في دائرة الأجانب بالشرطة، وتوصيلهن إلى مطار الخرطوم والتأكد من صعودهن إلى الطائرة".
الشبكة تجري تنسيقًا بين أفرادها في السودان وإثيوبيا
وأجرى "الترا سودان" اتصالات مع أجانب يقيمون في الخرطوم حول الطرق التي تتبعها شبكات الاتجار بالبشر التي تنشط في هذا النوع من الجرائم، وذكر أحدهم مشترطًا حجب اسمه: "آلاف الفتيات تم تسفيرهن بهذه الطريقة خاصة إلى الدول العربية، وفي بعض الأحيان عندما تشعر بعض الفتيات بالشكوك والريبة من تصرفات أفراد الشبكة يهربن من المنزل الذي يؤويهن في الخرطوم، وكثيرًا ما ساعدنا الفتيات الهاربات على العمل والانخراط في مجتمعاتنا".
وتابع: "أنا قمت بمساعدة ثلاث فتيات وصلن بواسطة عصابات البشر إلى الخرطوم، وهربن منها بعد أن شعرن بأنها قدمت لهن وعود كاذبة بالعمل، وشعرن أن الشبكات تريد استغلالهن".
بينما كشف المصدر الشرطي أن الفتيات الـ(18) اللائي تم تحريرهن من شبكة الاتجار بالبشر تتراوح أعمارهن بين (18) إلى (25) عامًا، ما يعني أن هناك دوافع أخرى لشبكة الاتجار بالبشر، وقد تكون أعمال غير شرعية، والفتيات لا يعرفن مصيرهن أو نوع العمل الذي ينتظرهن لأنهن يهربن من الفقر ووجدن عقود وهمية تفتح أمامهن أبواب العمل للهروب من الفقر المدقع، مبينًا أن الشبكة تضم متهمين سودانيين وأجانب.
من ناحيتها أوضحت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل، سليمى إسحق، لـ"الترا سودان"، أنها تواصلت مع الشرطة لمعرفة وضع الفتيات اللائي تم تحريرهن من شبكة الاتجار بالبشر، وأشارت إلى أن الشرطة وجدتهن في حالة سيئة ويتضورن جوعًا لأن المتهم الذي يقوم بالإيواء لم يوفر لهن الطعام.
اقرأ/ي أيضًا: ميناء بورتسودان.. مشكلات مزمنة وتجمع العاملين ينتقد قرارات وزارة النقل
وتشدد سليمى إسحق على أن هذه الإجراءات تبدو ظاهريًا قانونية، لكنها تخفي أساليب غير شرعية في باطنها، خاصةً وأن الشبكات تغري الفتيات بالعمل في مهن بأجور شهرية، ومقابل هذه الوعود تدفع الفتيات أموال طائلة نظير تسفيرهن للدول العربية، وعندما يصلن إلى موقع العمل يتم إجبارهن على العمل بنظام السخرة، أي العمل دون أجر مقابل الإقامة والطعام، وفي بعض الأحيان تواجه الفتيات عنفا مفرطًا في المنازل التي تؤويهن أثناء العمل.
رجحت سليمى إسحق نقل الفتيات المحررات إلى معسكرات اللاجئين
وحول مصير الفتيات، رجحت مديرة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل، نقلهن إلى معسكرات اللاجئين، وهذه من الإجراءات المتبعة عندما تقوم السلطات بتحرير الضحايا من عصابات الاتجار بالبشر.
اقرأ/ي أيضًا
مواكب "ذكرى ديسمبر" تحيط بالقصر الجمهوري والمتظاهرون يهتفون ضد البرهان