25-سبتمبر-2024
كبري المك نمر المؤدي إلى مدينة بحري

جسر المك نمر المؤدي إلى مدينة بحري

أجبر نقص الغذاء والسلع آلاف المواطنين في الخرطوم بحري على النزوح إلى ولاية نهر النيل شمال البلاد وأم درمان غربي العاصمة. كما تفشت الوبائيات، مثل الكوليرا والملاريا والتيفوئيد، في غالبية الأحياء الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

تحولت المناطق الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع في الخرطوم بحري إلى مستنقع لموت المدنيين بالجوع والوبائيات، حسب شهادات الفارين

وقال معاذ، أحد سكان بالخرطوم بحري الذين غادروا مؤخرًا، إن المواطنين في حالة نزوح من أحياء الخرطوم بحري، خاصة شمبات، لأن الأوضاع وصلت درجة من الخطورة. وأضاف: "الناس حاولوا التعايش بالاعتماد على المطابخ الجماعية، لكن قوات الدعم السريع تعاني من نقص الإمداد وظلت تهاجم المراكز الإنسانية".

وأشار معاذ إلى أن آلاف المواطنين نزحوا إلى ولاية نهر النيل مع تعذر الوصول إلى أم درمان بسبب صعوبة الوضع على جسر الحلفايا وتدمير جسر شمبات. وأضاف: "من نهر النيل عاد بعض المواطنين إلى أم درمان لأنهم كانوا يودون الوصول إلى هناك عن طريق الحافلات التي تربط بين شندي وأم درمان".

وتابع: "منطقة شمبات في الخرطوم بحري تتحول رويدًا رويدًا إلى مدينة مظلمة عن كوكب الأرض. لا ماء، لا كهرباء، لا غذاء، لا اتصالات، مع انتشار قوات الدعم السريع التي باتت تزيد من وتيرة النهب مرة أخرى للحصول على الإمداد".

سيطرة الدعم السريع

وتقع مدينة الخرطوم بحري تحت سيطرة قوات الدعم السريع بنسبة تتجاوز 85%، ومؤخرًا مع اشتداد العمليات النوعية العسكرية للجيش، فرضت قوات حميدتي القيود على الحركة، من بينها القوافل التجارية. كما ضيقت القوات المسلحة الخناق على الطرق البرية من شمال البلاد.

ولا تتوفر ممرات آمنة لوصول القوافل التجارية أو المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في الخرطوم بحري، حيث تعرض ثلثا سكانها للنزوح منذ الأسابيع الأولى للقتال.

إلى جانب المطابخ الجماعية، يوفر المتطوعون وحدات صحية صغيرة تقدم أدوية الملاريا أو المحاليل الوريدية لإنقاذ مصابي الكوليرا. ولا يزال المستشفى الرئيسي، الذي يقع وسط المدينة، متوقفًا عن العمل منذ 18 شهرًا.

وقالت إيمان، التي غادرت حي الصبابي في الخرطوم بحري لـ"الترا سودان"، إن موجات النزوح مستمرة في العديد من أحياء الخرطوم بحري. لقد صمم المدنيون على الصمود بالاعتماد على الغذاء الشحيح والحياة القاسية، لكن انعدام الطعام والدواء بشكل نهائي أجبرهم على اتخاذ قرار النزوح إلى المدن المجاورة، سواء كانت أم درمان أو شندي بولاية نهر النيل.

حياة معطلة في بحري

وتعطلت خدمات الكهرباء والمياه في غالبية أحياء الخرطوم بحري منذ الأسبوع الأول للقتال، منتصف نيسان/أبريل 2023، بينما توقفت شبكة الاتصالات، التي تشمل الإنترنت والمكالمات، في شباط/فبراير 2024 بعد أن منعت قوات الدعم السريع الفرق الفنية من تزويد المشغلات بالكهرباء والوقود والصيانة.

وتقول إيمان إن الملاريا تهاجم غالبية المواطنين بسبب عدم تناول أغذية صحية منذ قرابة 18 شهرًا، لأن الطعام الذي يعتمدون عليه بالكاد يبقيهم على قيد الحياة.

يصنف الصراع في السودان على أنه الأسوأ في العالم، حسب تقارير الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية العالمية، والأسرع نموًا.

ولم تلتزم الأطراف المتصارعة بتوفير الممرات الآمنة في المناطق الساخنة التي تشمل العاصمة الخرطوم والفاشر، ولم يتمكن المجتمع الدولي، حسب عاملين في المجال الإنساني، من ممارسة الضغوط الكافية عليهما.

ولا توجد معارك عسكرية مباشرة بشكل يومي، ويعتمد الطرفان في الغالب على قصف بعيد المدى أو العمليات النوعية بالنسبة للجيش. فيما تحاول قوات الدعم السريع الحفاظ على مناطقها في الخرطوم بحري من خلال نشر الدوريات العسكرية، لكنها فشلت في إدارة الخدمات وتوفير السلع الأساسية للمدنيين.

عضو بلجان المقاومة: ن الحياة توقفت في أحياء الخرطوم، ولم يعد بالإمكان الصمود

وقال مأمون أحمد، أحد أعضاء الحراك السلمي ولجان المقاومة بالخرطوم بحري لـ"الترا سودان"، إن الحياة توقفت في أحياء الخرطوم، ولم يعد بالإمكان الصمود أكثر من 18 شهرًا، لأن تكتيكات الحرب تطورت عما كانت عليه قبل شهور، والصراع العسكري يتحور بين الحين والآخر من خلال إغلاق الطرق البرية والتطورات الميدانية.

وأردف: "إذا كان سكان الخرطوم بحري يعتمدون على السلع الواردة من مناطق البطانة شرق البلاد، لم يعد بالإمكان انتظار وصولها، كما أن المال غير متوفر لشرائها".

ويرى مأمون أحمد أن الحل هو مغادرة المواطنين الخرطوم بحري إلى المناطق الآمنة، حتى لو مكثوا في العراء. يمكن للناس تقديم المساعدات اللازمة والضرورية بدلًا من البقاء مع الجوع والوبائيات وشح الدواء.