تشهد محلية شرق النيل بالعاصمة السودانية الخرطوم تصاعدًا مقلقًا في حالات الإصابة بالأمراض الوبائية، لا سيما حمى الضنك النزفية، وسط أوضاع صحية متدهورة نتيجة الحرب الدائرة في البلاد. ووفقًا لتقرير صادر عن غرفة طوارئ شرق النيل، سُجلت عشرات الحالات في مناطق سوبا شرق والجريف شرق خلال الأسابيع الماضية، حيث بلغ عدد الحالات المؤكدة في سوبا شرق، في الفترة بين 18 و26 أيلول/سبتمبر (118) حالة، منها (23) حالة بين الأطفال و(95) بين البالغين، مع تسجيل حالة وفاة واحدة خلال هذه الفترة.
غرفة طوارئ شرق النيل: تم تسجيل عدد من حالات الحُميات وسط المتطوعين والكوادر العاملة بالوحدات الصحية المختلفة، وكذلك وسط المتطوعين العاملين بالتكايا والمطابخ المجتمعية، مما أسفر عن توقف العمل
وتشير الإحصاءات المحدثة لمنطقة الجريف شرق إلى أن العدد الإجمالي للحالات المبلغ عنها حتى التاسع عشر من الشهر الماضي، بلغ (194) حالة إصابة، بما في ذلك (10) وفيات بالمرض. تأتي هذه التطورات في ظل أوضاع معقدة تعيشها محلية شرق النيل، والتي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع. ويواجه المتطوعون والكوادر الطبية تحديات كبيرة، إذ أصيب العديد منهم بالحميات المنتشرة، مما أدى إلى إغلاق بعض الوحدات الصحية والمطابخ المجتمعية. كما أُجبر مستشفى البان جديد على إغلاق معظم أقسامه بسبب انتشار العدوى ونقص الكوادر الطبية.
وتعاني المحلية من نقص حاد في معدات التشخيص والعلاج، فضلًا عن الارتفاع الكبير في أسعار المحاليل الوريدية، التي بلغ سعر الواحد منها ثلاثة آلاف جنيه سوداني، ما يزيد من أعباء السكان الذين يكافحون لمواجهة تفشي المرض في ظل انعدام بنوك الدم اللازمة لعلاج الحالات التي تتعرض للنزيف.
الأوضاع الصحية المتدهورة في شرق النيل تعكس أزمة أوسع على مستوى البلاد، إذ أدت الحرب الدائرة منذ نيسان/أبريل 2023 إلى انهيار النظام الصحي في معظم المناطق، خاصة في الخرطوم ودارفور. وتسببت الاشتباكات العنيفة في تدمير المنشآت الصحية أو خروجها عن الخدمة نتيجة القصف أو انعدام الموارد الطبية. وفي غياب تدخلات فعالة، اضطلع متطوعون محليون بإنشاء غرف طوارئ ميدانية، حيث يقدمون الرعاية الأولية والمساعدة الطبية للمصابين والمرضى.
ومع استمرار القتال وارتفاع أعداد الضحايا، باتت البلاد في حاجة ماسة إلى دعم دولي لاحتواء الكوارث الصحية التي تزداد تعقيدًا بفعل الحرب وانهيار البنية التحتية.
في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، مثل محلية شرق النيل، يواجه السكان أوضاعًا إنسانية وصحية متفاقمة. هذه المناطق تشهد انهيارًا شبه كامل في الخدمات الأساسية، بما في ذلك النظام الصحي، حيث تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية للتدمير أو الإغلاق بسبب القتال، أو تعرضت للنهب والتخريب.
في محلية شرق النيل، التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ الأيام الأولى لاندلاع الصراع، يعاني السكان من نقص حاد في الإمدادات الطبية الأساسية مثل الأدوية والمحاليل الوريدية، إلى جانب ندرة معدات التشخيص والعلاج. مع تصاعد القتال، توقفت العديد من المستشفيات عن تقديم الخدمات، وأغلقت وحدات صحية كثيرة أبوابها نتيجة غياب الكوادر الطبية. كما أن انتشار الحميات، مثل حمى الضنك النزفية، زاد من تعقيد الوضع، حيث أصبحت الوحدات الصحية القائمة غير قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من المرضى.
النقص في بنوك الدم في مناطق سيطرة الدعم السريع يمثل خطرًا إضافيًا، مما يزيد من احتمال تدهور الحالات إلى النزيف وفقدان الحياة. ويعاني السكان من ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية، حيث وصل سعر المحلول الوريدي إلى ثلاثة آلاف جنيه سوداني، وهو مبلغ يعجز كثيرون عن دفعه، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وتوقف معظم الأعمال بالعاصمة الخرطوم.
إلى جانب الانهيار الصحي، تواجه هذه المناطق أزمة إنسانية شديدة نتيجة نقص المواد الغذائية والمياه النظيفة. كما أن انتشار العنف وغياب الأمن يجعلان من الصعب على المنظمات الإغاثية الوصول إلى المحتاجين، مما يفاقم المعاناة اليومية للسكان العالقين في مناطق الصراع.
في ظل هذه الظروف، يعتمد سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع على مبادرات المتطوعين والمجتمعات المحلية التي أنشأت غرف طوارئ ميدانية لمحاولة تقديم الحد الأدنى من الرعاية الصحية. لكن هذه المبادرات تواجه تحديات هائلة، إذ تعاني من نقص الموارد، إلى جانب استهداف الكوادر الطبية والعاملين في المجال الإنساني من قبل الميليشيات المسلحة.
الأوضاع الصعبة في مناطق سيطرة الدعم السريع لا تقتصر على شرق النيل، بل تمتد إلى مناطق أخرى في الخرطوم ودارفور، حيث تتفاقم المعاناة بفعل النزاع المستمر والغياب التام لأي مؤسسات حكومية أو تدخل دولي فعّال.