أحالت القوات المسلحة السودانية أمس الإثنين عددًا من الضباط للتقاعد، كان من ضمنهم النقيب محمد سليمان والملازم أول محمد صديق، اللذان تعتبرهما القوى الشعبية التي شاركت في الثورة، من أبطالها وأيقوناتها، خاصة محمد صديق الذي لا تخلو منطقة في السودان من لوحة جدارية له، مع رفاقه من الضباط والجنود الذين انحازوا للثورة، فما قصة محمد صديق؟ وكيف يتفاعل الحدث حاليًا في السودان.
الخطوة تعزز الشكوك حول نوايا انقلابية داخل الجيش. وهي شكوك لا تبددها التصريحات المتوالية من مختلف ممثلي المؤسسة العسكرية عن حماية الثورة والفترة الانتقالية
كان الملازم أول محمد صديق يقود دورية تأمين عادية في محيط القيادة العامة في السادس من نيسان/أبريل 2019 عندما وصلت حشود غير مسبوقة من الثوار للقيادة العامة. بعد معاينته للقمع الذي يتعرض له الثوار أمام القيادة العامة، أعلن تمرده على التعليمات، وقرر حماية الثوار. بل دعا زملاءه لمناصرة الثوار وخاطبهم عبر المايكروفون، في خطابه الذي وردت فيه جملته الأيقونية "الرهيفة تنقد" التي هي كناية عن أقصى مراحل اللامبالاة.
اقرأ/ي أيضًا: الجيش السوداني يؤيد لقاء البرهان-نتنياهو.. والحكومة: "خرق للوثيقة الدستورية"
وأصدرت القيادة العامة للجيش صباح اليوم الثلاثاء بيانًا قالت فيه أن هذه الكشوفات عادية وروتينية و"تنجز بمهنية عالية" وذلك بعد أن انطلقت دعوات قوية، لاقت قبولًا واسعًا وسريعًا للتظاهر أمام القيادة العامة للجيش في 20 شباط/فبراير الجاري لمناصرة للضباط المنحازين للثورة، وعلى رأسهم الملازم أول محمد صديق الذي يحظى بشعبية عالية، هو والنقيب حامد. وغيرهم من صغار الضباط والجنود الذين اشتبكوا بسلاح الجيش مع القوات التي حاولت تفريق المعتصمين أمام القيادة العامة من 6 وحتى 10 نيسان/أبريل.
ويعيد السودانيون على مواقع التواصل الاجتماعي نشر الفيديو الشهير الذي يظهر فيها الملازم أول محمد صديق وهو يدعو الضباط والجنود لحماية الثورة، ويهتف الثوار "امسكها انتا" أي تولى أنت الحكم، فيعلن أنه لا يريد الحكم وليس هذه مهمته بل مهمته حماية الثورة والتغيير. كما تداولوا منشورًا ناريًا للنقيب محمد سليمان الذي أحيل إلى المعاش هو الآخر، وتعرض قبلها لمحاسبة عسكرية، يتعهد فيه بالمضي قدمًا في دعم الثورة رغم المحاسبات والمضايقات، وينتقد قوات الدعم السريع ويطالب باعتذار عن انتهاكات الحرب الأهلية، ومجزرة فض الاعتصام.
تأتي خطوة إحالة الضباط للتقاعد متزامنة مع تحركات عسكرية أثارت ارتياب القوى المدنية، ابتداءً بلقاء البرهان نتياهو، وإصدار الجيش لبيان تأييد للقاء، وانعقاد اجتماع مجلس الأمن والدفاع بالقيادة العامة وليس القصر الجمهوري، ثم حديث ممثل الجيش في المؤتمر الصحفي بعد الاجتماع وليس متحدث مجلس السيادة. كل هذه العوامل ينضاف إليها الآن فصل الضباط الذين أظهروا انحيازًا للشارع ضد قيادتهم، تعزز هذه الخطوات الشكوك حول نوايا انقلابية داخل الجيش. وهي شكوك لا تبددها التصريحات المتوالية من مختلف ممثلي المؤسسة العسكرية عن حماية الثورة والفترة الانتقالية، وآخرها تصريح "حميدتي" الذي ذهب إلى الدعوة لميثاق شرف بين المدنيين والعسكريين لحماية الفترة الانتقالية.
اقرأ/ي أيضًا:
تورط الجيش السوداني في حرب اليمن.. دوافع خفية لاستمرار "المغامرة"
عزمي بشارة: طموح الجيش بالسلطة أخطر ما يهدد المرحلة الانتقالية في السودان