في السوق الموازي المتعدد بولايات السودان، خرج الجنيه السوداني عن السيطرة منذ أسبوعين، ووصل إلى (900) جنيه مقابل واحد دولار أمريكي، مُسرعًا في الارتفاع منذ بداية القتال بين الجيش والدعم السريع، حيث كان في ذلك الوقت (580) جنيهًا لواحد دولار أمريكي في السوق الموازي.
يقول خبير اقتصادي إن الحل الوحيد لإيقاف تدهور الجنيه إيقاف الحرب بشتى الطرق والأقرب هو الحل السلمي
ووسط غياب للإجراءات الحكومية كما يقول الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم لـ"الترا سودان"، فإن الجنيه يخسر يوميًا أمام الدولار الأمريكي، وهناك عجز حكومي بائن في السيطرة على الأمور، لأن المؤسسات الاقتصادية شبه متوقفة منذ اندلاع الحرب قبل ستة أشهر.
يرى إبراهيم أن الحرب تنعكس على الوضع الاقتصادي أولًا قبل كل شيء لأن تكلفة الأزمة الإنسانية نفسها تدار عبر الاقتصاد، وفي هذا الصدد يقول إن الحكومة القائمة في السودان "تحتاج إلى معجزة" للسيطرة على ارتفاع العملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية.
وأضاف: "من الواضح أن تكلفة الحرب اليومية انعكست على العملة المحلية، إذ لم تعد الأمور كما كانت قبل شهرين، لأن التكلفة عالية جدًا لبلد لا يتلقى دعمًا دوليًا منذ عامين".
ويعتقد إبراهيم أن الحرب تكلف الخزانة العامة شهريًا ما لا يقل عن (200) مليون دولار في حدها الأدنى، لذلك السؤال هل سيبقى الدولار الأمريكي عند هذا الحد؟ ويجيب: "لا أعتقد ذلك".
ويقول الخبير الاقتصادي إن تكلفة الحرب لا تقاس فقط بتمويل العمليات العسكرية، بل أيضًا هناك توقف تام للحياة الاقتصادية، وهناك مصارف شبه مشلولة ومصانع تقع في دائرة القتال لا تعمل منذ ستة أشهر، مقابل طلب كبير على استيراد السلع الاستهلاكية.
ويعاني السودان من "نقص مريع" في العملات الصعبة ما أدى إلى ارتفاع الدولار الأمريكي في السوق الموازي الذي يتحكم في العرض والسعر، بينما كان البنك المركزي على وشك إعادة الحياة إلى الجنيه، وبلغ الاحتياطي من النقد الأجنبي في العام 2021 نحو (1.7) مليار دولار قبل أن يتولى الجيش السلطة عقب الإطاحة بالمدنيين في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021.
وقال نائب محافظ البنك المركزي في تصريح سابق لـ"الترا سودان"، إن الخطة المالية للبنك المركزي قبل الانقلاب العسكري كانت تقتضي تخفيض الدولار الأمريكي مقابل الجنيه السوداني إلى (325) جنيهًا في العام 2022، وذلك عبر سلسلة إجراءات كانت تعمل على تنمية الاحتياطي لدى بنك السودان، لكن الانقلاب "انتهى من كل هذه الخطط".
واليوم بعد ستة أشهر من الحرب بين الجيش والدعم السريع ينتقل السودانيون إلى مرحلة جديدة من الأزمة الاقتصادية التي تلاحقهم منذ سنوات، وهذه المرة قد تكون الأسوأ حسب الخبير الاقتصادي محمد أبشر، والذي يرى أن وقف التدهور يكون بإيقاف الحرب والعمل على معالجات حقيقية بإبعاد الطاقم الحكومي الاقتصادي واستقطاب تمويل من المجتمع الدولي وإعادة الاستثمارات بسياسات جديدة.
ويتوقع أبشر في حديث لـ"الترا سودان" ارتفاعًا غير مسبوق للتضخم في السودان نظرًا لارتفاع سعر الصرف وانعكاسه على أسعار السلع الاستهلاكية المستوردة من دول الجوار والعابرة للحدود.
ويعتقد أبشر أنه أن وزير المالية جبريل إبراهيم ليس المسؤول المناسب لتنفيذ سياسات اقتصادية تنعش الجنيه، بالإضافة إلى أن الإدارة الحكومية للاقتصاد شبه متوقفة بسبب الحرب ولا توجد حلول.
ويؤكد: "لقد ذهب قطاع النقد الأجنبي بأكمله إلى السوق الموازي في أيدي "تجار العملة"، ما يعني أن الجنيه خرج عن السيطرة".
وقال أبشر أن الذهب سجل ارتفاعًا أيضًا وبلغ الجرام (55) جنيهًا، وكان في حدود (35) جنيهًا قبل الحرب، وبرجع الارتفاع لتراجع الإنتاج فيما كانت تعتمد وزارة المالية على الذهب لالتقاط أنفاسها أمام الدولار الأمريكي.
وجراء ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازي وضعت البنوك زيادة على سعر الصرف التأشيري بواقع (668) جنيهًا لواحد دولار أمريكي للبيع، و(663) جنيهًا للشراء.
خبير: ارتفاع الدولار في السوق الموازي سبب أزمة في الوقود
ويعتقد الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم أن ارتفاع الدولار في السوق الموازي سبب أزمة في الوقود لأن السعر التأشيري لم يتم تعديله، وقد تضطر وزارة الطاقة إلى زيادة سعر الوقود لإنهاء طوابير السيارات أو الاستسلام للأزمة مقابل التخلي عن فكرة زيادة الوقود حتى تسيطر على أسعار السلع الاستهلاكية.