24-يوليو-2022
صحف سودانية

(Getty)

رفعت الثورة السودانية شعار الحرية والسلام والعدالة، وكانت كلمة العدالة -مع تعدد التعريفات من فرد لآخر- حاضرة في جميع المطالب الثورية والشعارات اليومية التي يرفعها الثوار والمتظاهرون في السودان. وبعد حالات القتل والموت والإصابات التي انتشرت بين المتظاهرين، ارتفعت الأصوات التي تتحدث عن تطبيق العدالة في السودان، وبالتالي برزت الحاجة لإلقاء الضوء على دور الإعلام في التعريف بمفهوم العدالة الانتقالية ومحاولة تحقيقها على أرض الواقع، فكيف يخدم الإعلام قضايا العدالة الانتقالية؟ وماذا قال الإعلاميون لـ"الترا سودان" حول هذه المسألة؟

نشر ثقافة العدالة الانتقالية

عرف الشارع السوداني العدالة الانتقالية بعدة شعارات تطالب بالقصاص العادل، وشدد المحتجون على أهمية إسراع حكومة الفترة الانتقالية بإصلاح المؤسسات العدلية كخطوة أولى في سبيل تحقيق العدالة الانتقالية.

صحفي: من واجب الصحافة تسليط الضوء على المشكلات التي تعيق العدالة الانتقالية

وفي هذا الصدد يقول الصحفي السوداني نيازي أبوعلي، إن من واجب الصحافة تسليط الضوء على المشكلات التي تعيق العدالة الانتقالية، ونشر ثقافة كيفية تحقيق العدالة الانتقالية بالنسبة للمجتمع، مما ينعكس إيجابيًا في تحقيقها، وتنفيذها على أرض الواقع.

ويكمل أبوعلي بقوله: "يجب حث الجهات المختصة على سن القوانين والتشريعات، بعد تعديلها، والاستفادة من تجارب دول أخرى في أسرع فرصة ممكنة، وذلك لحاجة المجتمع الماسة إلى ذلك". 

ويضيف نيازي "وبموجب ذلك يصنع التغيير الحقيقي بالنسبة للسودان، لتنعم البلاد بعدالة انتقالية آمنة، تشكل جسر عبور لمستقبل مشرق بالنسبة للأجيال الحالية التي ساهمت بصورة كبيرة في صناعة الثورة السودانية، وتحلم بالتغيير الذي يضمن حياة كريمة، وقدرة عالية على الإصلاح في عدد من الجوانب والمجالات، للمساهمة في تنمية الوطن بعد المعاناة الكبيرة والجراحات التي شهدها السودان ما قبل الثورة".

ويوضح بالقول بأن القضية تحتاج إلى تكاتف الجهود الشعبية والرسمية والعدلية ومؤسسات المجتمع المدني، لترسيخ نشر ثقافة العدالة الانتقالية واستمراريتها على المدى البعيد، الأمر الذي يخدم مصالح السودان، مما ينعكس على كافة الأصعدة الداخلية والخارجية، وعملية التنمية والإعمار، والتي نفتقدها بالمقارنة مع دول مجاورة كانت تعاني من ذات المشكلات، وتمكنت من الوصول إلى ما تصبو إليه الآن، بوعي شامل يخدم القضايا، ويساهم بصورة كبيرة في تحقيق وضع أفضل لمواطنيها - بحسب تعبيره.

دور الصحافة والإعلام

وبحسب مختصين، فإن الإعلام والصحافة لهم دور بارز في تحقيق العدالة الانتقالية، وتقع على عاتقهم مسؤوليات كبيرة في التحولات العدلية، وتحقيق العدالة للضحايا.

وفي هذا الإطار، تحدثنا الصحفية سارة تاج السر، أن الصحافة تعمل على كشف الانتهاكات التي يتعرض لها الضحايا أثناء الصراعات وبعدها، وذلك أثناء الفترة الانتقالية وما قبلها. بالإضافة لدورها في تغطية المحاكم التي تقام لمحاسبة المسؤولين المتورطين في الانتهاكات، عن طريق حضور جلسات المحاكمة، وعدم الاكتفاء بالأخبار الصغيرة. إلى جانب التركيز في افتتاحيات الصحف على رصد الانتهاكات، ليشعر أفراد المجتمع بضخامة الانتهاكات التي ارتكبت ضد الضحايا.

https://t.me/ultrasudan

وتقول تاج السر إن على الصحفيين أن يشددوا من خلال المواد الصحفية، على أهمية عدم الإفلات من العقاب، وذلك لوجود قضايا يمكن أن يفلت فيها المجرمون من العقاب لأسباب قبلية أو عشائرية. وأن تأخذ الأجهزة العدلية دورها في عملية المحاسبة، وأن يكون لدى الضحايا الجرأة على النشر والتحدث عن الانتهاكات، ليتمكنوا من إكمال المقاضاة.

وأردفت سارة تاج السر: "على الصحفي أن يركز على قضايا الاغتصاب الجنسي بصورة مهنية، والتحدث عن آلام الفتيات وأوجاعهن، وتجنب الأوصاف التي تدل على هويتهن، والتشديد على تلقي هؤلاء الفتيات للتاهيل النفسي، لأن معظمهن لا يتحدثن بسبب الوصمة الاجتماعية، ويجب التأكيد على سرية حديثهن، بهدف فضح الممارسات التي تمت".

الإعلام والعدالة الانتقالية في السودان

بحسب تجارب الدول التي طبقت أنواع العدالة الانتقالية المختلفة، كان الإعلام يلعب الدور الأكبر في توصيل الرسائل للرأي العام، ومخاطبة الجماهير بالمستجدات في قضايا العدالة.

وللحديث حول الموضوع، تقول الصحفية إيمان كمال الدين، إن على الإعلام أن يكون مهنيًا وغير منحاز لأي جهة سياسية، وألا يتدخل في محاولة لموارة الحقائق أو السكوت عنها، والملاحظ -بحسب إيمان كمال الدين- في الفترة الانتقالية، وخلال فترة حكومة د.حمدوك، حدثت مجزرة في شرق السودان، وحدث اعتراض من مكون قبلي على تعيين الوالي آنذاك، وما حدث بعدها أن العديد من الإعلاميين لم يهتموا بتغطية الانتهاكات، لاعتقادهم أن نقل الأحداث يعد تقويضًا للحكومة المدنية آنذاك.

صحفية: طوال فترة الحكومات السابقة حدثت مجموعة من الانتهاكات، وكانت التغطية الصحفية تختلف من فترة لأخرى، مع ملاحظة الانشغال بالقضايا السياسية

وأكملت بالقول: "الصحفي لا يجب أن يخضع لأي انتماءات أو توجهات سياسية، وعند الحديث عن العدالة الانتقالية فهي عبارة عن قيم، وعلى الصحفي أن يحافظ على الحياد بقدر الإمكان". 

وتتابع إيمان: "طوال فترة الحكومات السابقة حدثت مجموعة من الانتهاكات، وكانت التغطية الصحفية تختلف من فترة لأخرى، مع ملاحظة الانشغال بالقضايا السياسية، وإهمال الأثر الاجتماعي وإجابة سؤال ماذا بعد الحدث السياسي؟ والأثر الاجتماعي والاقتصادي. ثم يكشف عن مناطق تمارس فيها انتهاكات، لم يلقِ الإعلام عليها الضوء". وهو ما اختصرته كمال الدين بالقول "الاهتمام بتداعيات الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية ضروري، ولا يجب على الإعلام أن ينحصر في المركز، بل عليه أن يركز على مناطق السودان المختلفة".