مع اقتراب موعد الملء الأول لسد النهضة الإثيوبي في الخريف المقبل، بالتزامن مع عمليات البناء كما أعلنت الحكومة الإثيوبية، تتعاظم المخاوف بشأن أمان وسلامة الخزان الذي تقيمه إثيوبيا على النيل الأزرق ويبعد بنحو (561) كليومترًا عن الأراضي السودانية، والآثار البيئية والاجتماعية التي قد تنجم عنه.

المغالطات بين الدول الثلاث لا تزال قائمة بشأن السلامة الإنشائية لسد النهضة حتي داخل إثيوبيا نفسها، حيث شكك نواب إثيوبيين في جلسة للبرلمان أوائل نيسان/أبريل الجاري

بالرغم من أن لجنة الخبراء الدوليين قد أصدرت في العام 2013 تقريرها الختامي عن سلامة السد، وطلبت من الحكومة الإثيوبية بعض التعديلات في جوانب تصميم الخزان ووافقت عليها أديس أبابا بتكلفة تراوحت ما بين (1.2) إلى (1.5) مليار دولار، إلا أن المغالطات بين الدول الثلاث لا تزال قائمة بشأن السلامة الإنشائية حتي داخل إثيوبيا نفسها حيث ورد التشكيك في سلامة البناء على لسان بعض النواب الإثيوبيين في جلسة للبرلمان الإثيوبي في أوائل نيسان/أبريل.

ووفقًا لتقارير صحفية فإن هذه النقطة يشوبها الغموض لأن الحكومة لم ترد عليها بشكل كامل وإن كان تأخر البناء حتى هذه المدة يشير إلى وجود خلل فني يخص الشركة المحلية المنفذة وليس الشركة الإيطالية. واستفسر أعضاء البرلمان وزير المياه الإثيوبي عن جودة البناء الحالية للسد؟.

اقرأ/ي أيضًا: زيارة دقلو للقاهرة.. مخابرات السيسي تحاول قلب المعادلة

وعلى العكس فقد أخذ الجانب السوداني في بث تطمينات بأن حالة وسلامة السد الحديثة أفضل كثيرًا من القديمة، بفضل التعديلات التي أجرتها الحكومة الإثيوبية وأوضح عضو لجنة التفاوض السودانية وأستاذ الهيدرولكيا المشارك بجامعة الخرطوم البروفسير أحمد عكود  عثمان لـ"الترا سودان" إن التعديلات شملت السد الركامي وذلك بتغيير الواجهة من حائط أسفلتي إلى خراساني، وتغيير عرض السد الركامي العلوي من أربعة إلى ثمانية أمتار وتعديلات أخرى في تحمل السد للفيضانات من فيضان لكل ألف عام إلى فيضان لكل (100) ألف عام، إضافة إلى تعديلات في الأبواب وذلك بإدخال بابين إضافيين أسفل الأبواب الأخرى.

فيما أجرى الخبير السوداني الدكتور نور الله التلب عضو اللجنة القومية لمتابعة سد النهضة، لجنة سلامة السد، عضو المجموعة الجيوتقنية التابعة للجنة الخبراء العالميين، مقارنة بين سد النهضة من ناحية وسدود أعالي عطبرة وستيت السودانيان والسد العالي في مصر، ووجد أن الصخور المقام عليها سد النهضة صخور نارية ومتحولة أقوى بكثير من صخور السدود المذكورة أعلاه والتي شيدت على صخور الحجر الرملي النوبي وهي صخور رسوبية.

وتعرض التلب في حديثه لـ"الترا سودان" للوضع الجيولوجي والزلازل وأشار إلى أن إثيوبيا يحدها من الشمال والشرق أخدود البحر الأحمر وأخدود خليج عدن ويقطعها من الجنوب الشرقي الأخدود الإفريقي.

واعتبر أن هذه الأخاديد تمثل ثلاثة تراكيب تكتونية رئيسية ما زالت في طور الأتساع، وبالتالي لا يمكن جيولوجيا حدوث تسونامي أو زلازل مدمرة على جانبي هذه الأخاديد. وأضاف: بحسب النظرية الجيولوجية المسماة حركة القارات أو الكتل القارية فإن هذا الأتساع يقدر بحوالي اثنين سنتميتر في السنة على جانبي البحر الأحمر. ونسبة لحجم هذه الأخاديد الرئيسية فإن أي فالق أو صدع في الأراض الإثيوبية لا يمكن أن يعبر أيًا منها. بالإضافة إلى ذلك فإن إثيوبيا والسودان يعتبران بحسب المقاييس العالمية الخاصة بالزلازل السايزمية مناطق ضعيفة السايزمية.

اقرأ/ي أيضًا: وزير المياه: السودان طرف أصيل في مفاوضات سد النهضة وليس وسيطًا محايدًا

ووفقًا لجيولوجيا أساسات السد، فإن الخزان الرئيسي يقع في الجزء الغربي للهضبة الإثيوبية على صخور العصر ما قبل الكامبري وعلى صخور القرنيت وصخور الأساس، وهي خالية من آثار التعرية وشديدة الصلابة حيث تبلغ قوة مادة الصخر (100) ميقا باسكال واعتبر التلب أن هذه الصخور بها فواصل طبيعية تم ملؤها بمواد إسمنتية لتقليل النفاذية وزيادة قوة كتلة الصخر.

من جانبه اعتبر المهندس المدني بوحدة تنفيذ السدود والعامل بعددٍ من الشركات الألمانية والأسترالية ومكتب الأمم المتحدة لإدارة المشاريع، حسن أمين، أن تقنيات سلامة السدود تطورت كثيرًا في العقود الأخيرة في كل الجوانب بدءً من التصميم والتشييد والمراقبة والتقييم والمتابعة، واعتبر أن حالة وسلامة السدود الحديثة أفضل كثيرًا من السدود القديمة، وأشار إلى ضرورة التعامل مع سلامة سد النهضة باهتمام كبير ولكن دون مبالغة أو تخوف في غير محله.

أوصت لجنة التفاوض أن يقوم الجانب الإثيوبي بإتمام عملية إزالة الأشجار والغطاء النباتي داخل حدود البحيرة لما له من أثر  بيئي كبير علي جودة المياه وحياة الأحياء المائية في أدني السد

أما فيما يلي الآثار البيئية والاجتماعية المتوقعة على السودان من سد النهضة فقد أدرجت اللجنة البيئية المساندة للجنة التفاوض السودانية عددًا من النقاط المهمة في مسودة الاتفاق النهائي للملأ الأولي والتشغيل، وفقًا لعضو لجنة التفاوض أحمد حسن، على رأسها  إكمال دراستي "الآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، والآثار على الهيدرولوجي وموارد المياه" والعمل بالتوصيات التي تخرج بها هذه الدراسات، على أن يقوم الجانب الإثيوبي بإتمام عملية إزالة الأشجار والغطاء النباتي داخل حدود البحيرة لما له من أثر  بيئي كبير علي جودة المياه وحياة الأحياء المائية في أدني السد، بالإضافة لنقاط كثيرة أخرى تضمن للسودان الاستفادة القصوى من سد النهضة.

وذكر حسن لـ"الترا سودان" أن تقرير لجنة الخبراء (IPOE) النهائي أشار إلى أن الدراسات الأولية لسد النهضة لم تكن تمثل سوى محاولات أولية لتقييم التأثير على الهيدرولوجي وموارد المياه في دول أدنى نهر النيل ودول المصب. وقد أكد التقرير الحاجة إلى دراسات أكثر تفصيلًا وبالفعل تم إجراء عدد من المسوحات في هذا الصدد.

اقرأ/ي أيضًا

الحكومة السودانية: "أجهزة معلومة لدينا" تقف خلف الأصوات المناهضة لسد النهضة

قضية المدمرة كول.. نهاية قصة عمرها عقدان من الزمان