30-أبريل-2024
غاضبون بلا حدود

نشطت غاضبون بلا حدود في قيادة الاحتجاجات الشبابية في السودان (Getty)

شهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلًا كبيرًا مع سلسلة من المنشورات التي تضمنت مشادات كلامية بين أعضاء في كيان "غاضبون بلا حدود"، وانتهت هذه الجدالات بإصدار بيان رسمي يُعلن فصل العضو محمد آدم أرباب، المعروف بـ"توباك"، من الكيان. وبحسب ما جاء في البيان، يظهر أن قرار الفصل جاء بعد تورط "توباك" في اختراق المجموعة لصالح تنظيم آخر، وانشقاقه عن الكيان وإقامته لحسابات بديلة لـ"غاضبون بلا حدود" على منصات التواصل الاجتماعي، فهل تلمح هذه الأحداث إلى بوادر انشقاق داخل كيان "غاضبون بلا حدود"؟

المتحدث باسم غاضبون بلا حدود لـ"الترا سودان": فصل محمد آدم "توباك" ببيان جماهيري لمحاولاته التضليلية بنشر الأكاذيب عن انقسامات زائفة

ويقول المتحدث باسم مجموعة "غاضبون بلا حدود"، كريم النور، إن الكيان يعمل كجسد واحد، وكل مكاتبه تتبع الخطة الموضوعة من قبل المكتب التنظيمي بعد اعتمادها بواسطة الجمعية العمومية. وأضاف كريم النور لـ"الترا سودان"، أنهم يواصلون السير في الدرب الذي اختاره الكيان بالوقوف مع المؤسسة الشرعية المعنية بـ"احتكار حمل السلاح في الدولة السودانية"، وذلك تنفيذًا لأهداف الكيان ورؤيته -الموجودة في دستوره- تجاه جيش قومي ومهني يقوم بواجبه الدستوري في حماية البلاد.

وشدد النور في حديثه مع "الترا سودان" على ضرورة عدم وجود مليشيات تحت أي لواء سواء ديني أو قبلي أو مناطقي، لافتًا إلى أن فصل محمد آدم أرباب المعروف بـ"توباك"، ببيان جماهيري، نتيجة لمحاولاته التضليلية بنشر الأكاذيب عن انقسامات زائفة، نافيًا وجود انشقاقات داخل الكيان. واعتبر المتحدث باسم الكيان أن ما يحدث محاولة اختطاف من فرد واحد بإنشاء صفحة موازية لصالح كيانات سياسية تساعده في الترويج الإعلامي، وأنه تم التعامل معه بالفصل وفقًا للاجراءات والعقوبات المنصوص عليها بلوائح الكيان.

وأعلن المتحدث باسم "غاضبون بلا حدود"، عن رفضه التام لتقديس الشخصيات، وأن الثورة السودانية كغيرها من الثورات هي عمل تراكمي جماعي، ودور الطلائع الثورية.

بوادر انشقاق

أما عضو لجان مقاومة عطبرة في ولاية نهر النيل، عبد الرحمن محمد، فيقول إن ما يحدث في كيان "غاضبون" مثل ما يحدث في أي كيان آخر ثوري وسياسي. واعتبر الأحداث محاولة لضرب الأجسام الثورية، ونتاج لعدم الخبرة السياسية في حل المشكلات داخل الكيان.

وطالب محمد في حديثه مع "الترا سودان"، أعضاء كيان "غاضبون بلا حدود" بمراجعة القرار والجلوس لحل المعضلة وعدم الانتباه لأشباه الثورة والساعين لضرب أي كيان أو جسم ثوري. وأضاف أن ذلك سيكون له أثر في ثورة ديسمبر. وحذر في حال لم تحل المعضلة، من انشقاق داخل الكيان، وأضاف: "ما يحدث ينذر ببوادر انشقاق تلوح في الأفق".

وأوضح أن هناك مجموعة داخل الكيان اتخذت الدعم السريع حليفًا، ومجموعة أخرى اتخذت القوات المسلحة حليفة، ومجموعة ثالثة انحازت للسلام، لافتًا إلى أن ذلك سيؤثر على الثورة بالعمل على إجهاضها. ولكنه عاد ليقول إن التأثير لن يكون كبيرًا لجهة أن ثورة ديسمبر العظيمة ليس لها قائد أو كيان مخصص يقودها، وزاد: "ثورة ديسمبر تقودها الجماهير".

ويصف عضو لجان مقاومة مدنية بورتسودان في ولاية البحر الأحمر، عبدالله إسماعيل، ما يحدث داخل كيان "غاضبون بلا حدود" بأنه "انشقاق وتفتت"، وأنه في طريقه إلى إنهاء الكيان ككل. وأضاف: "ما يحدث داخله يحدث داخل جميع الأجسام الثورية والمدنية والقوى السياسية".

واعتبر إسماعيل، في حديثه مع "الترا سودان"، أن ما يحدث هو غياب الرؤية في الأجسام الثورية في ظل وضع الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وأضاف: "كيان "غاضبون بلا حدود" لا تعرف الدور المفروض أن يقوم به". وشدد عضو لجان المقاومة على ضرورة توحيد الأجسام الثورية في الفترة المقبلة للحفاظ على ما تبقى من أهداف الثورة، خاصة بعد أن فقدت القوى السياسية صوت تمثيل الثورة والثوار، حسب قوله.

وطالب عضو لجان مقاومة مدنية بورتسودان في ولاية البحر الأحمر، القوى السياسية وكوادر كيان "غاضبون بلا حدود" بدراسة الأمر وفتح باب النقاش مع الأجسام الشبابية الداخلية، وتقديم رؤية بدلًا من الخوض في صراع للسيطرة على الكيان. ووصف ما يحدث داخل "غاضبون بلا حدود" بأنه صراع سياسي داخلي.

خلافات وانقسامات

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين، مصعب محمد، أن ما يحدث في كيان "غاضبون بلا حدود" أمر طبيعي لما تواجهه معظم التنظيمات الشبابية التي نشأت في السودان، حيث قادتها الخلافات إلى الانشقاقات، وهذا الأمر لا يحدث في المنظومات الشبابية لوحدها، بل "حتى الأحزاب السياسية أصابها هذا الأمر"، بحسب تعبيره.

ويعتقد محمد في حديثه مع "الترا سودان" أن فصل أحد أعضاء كيان "غاضبون بلا حدود" لا يؤثر إذا كان الكيان لديه مؤسسية يعمل بها، فالأمر قد يُعتبر من الإجراءات التي تنظم عمله. أما إذا كان غير ذلك، فإن الانشقاق وارد. لافتًا إلى أن الأمر سيؤثر على الثورة من خلال التنظيمات التي شاركت فيها، وستصبح منقسمة وغير موحدة، مما سيضعف موقفها وعملها.

أما القيادي في قوى الحرية والتغيير، جعفر حسن، فيعتقد أن السودان يشهد صراعًا بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وبالتالي، يُعتبر وجود بوادر الانشقاق في الكيانات متوقعًا، وهناك حالة استقطاب جهوي وسياسي وعنصري.

جعفر حسن لـ"الترا سودان": كيان غاضبون بلا حدود يساند الحرب، حيث يوجد به من يدعم القوات المسلحة ومن يدعم الدعم السريع، وهناك مجموعة أخرى داخل الكيان تُساند عملية إيقاف الحرب

وقال حسن في حديثه مع "الترا سودان" إنه لا توجد كيانات حاليًا على أرض الواقع، ولا يوجد سوى صوت البندقية فقط. وأشار إلى أن مجموعة "غاضبون بلا حدود" تُساند الحرب، حيث يوجد من يدعم القوات المسلحة ومن يدعم الدعم السريع، وهناك مجموعة أخرى داخل الكيان تُساند عملية إيقاف الحرب. وأضاف: "السودان يمر بأزمة، ويجب على الأجسام الثورية والسياسية دعم عملية إيقاف الحرب".

من هم غاضبون بلا حدود

وتبرز مجموعة "غاضبون بلا حدود" كإحدى الكتل الرئيسية والمهمة في الثورة السودانية، التي انطلقت في إطار سلسلة من الاحتجاجات السودانية نتيجة لارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وتدهور الحالة العامة في البلاد على كل المستويات.

ويشكل غاضبون بلا حدود كيانًا مستقلًا في التوجهات السياسية والأيديولوجية، وذلك وفقًا لدستور الكيان، حيث تأسس في عام 2020 وظل يعمل بالتعاون مع الشركاء في لجان المقاومة في الثورة السودانية.