07-مارس-2024
رجل يستخدم هاتفه الجوال في أحد نواحي السودان

انقطاع شبكات الاتصالات في السودان

تقدر المسافة بين كل من مدينة شندي في ولاية نهر النيل والعاصمة الخرطوم بما يقارب الـ (93) ميل، وهي ذات المسافة التي قطعتها زهراء ذهابًا وإيابًا في سبيل الحصول على النقد، وذلك من منزلها بالعاصمة الخرطوم وحتى شندي بعد أن توقفت خدمات الإنترنت في العاصمة منذ السادس من شباط/فبراير الماضي. 

تبلغ قيمة تذكرة السيارة من العاصمة الخرطوم وإلى مدينة شندي (15) ألف جنيهًا

تقول زهراء لـ "التراسودان" إنها استقلت عربة صغيرة بقيمة (15) ألف جنيهًا للرحلة إلى شندي حتى تتحصل على النقد، وأكدت أنها فقدت ثلث المبلغ التي تريد استخراجه من حسابها البنكي بحيث دفعت مبلغ (30) ألف جنيهًا ذهابًا وإيابًا.

وتضيف أن هناك حافلات تعتبر أقل قيمة من العربات الصغيرة، حيث تبلغ قيمة التذكرة للراكب (10) ألف جنيهًا، لكنهافضلت العربة الصغيرة لأنها تبدو أأمن بالنسبة لها، وخاصة وأنها امرأة لوحدها لم تجد أحدًا يرافقها في هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر بعد.

مقهى إنترنت

ولم تكن زهراء هي الوحيدة التي اتخذت من مدينة شندي مقهى للإنترنت، حيث يتوافد العشرات يوميًا إلى المدينة من أجل الحصول على النقد، أو حتى التواصل مع عائلاتهم، ويقول السائق خالد محمد والذي يعمل في إحدى

السيارات الصغيرة التي تعمل في توصيل المواطنين من شندي وإلى الخرطوم والعكس، يقول-إنه ينشط في توصيل المواطنين، مؤكدًا أن أغلبهم يخرجون من أجل الحصول على النقد بشكل أساسي، فيما يطلب منهم البعض توصيل رسائل إلى أحد أفراد أسرتهم بالخارج ممن لا يملكون ثمن الرحلة ذهابًا وإيابًا.

وفي ولاية الجزيرة تبدو الأوضاع أكثر قتامة من العاصمة الخرطوم، إذ تقول المواطنة ياسمين طه لـ "الترا سودان" والتي تقطن في مدينة المناقل إنها تقوم بزيارة مقهى للإنترنت يبدو مكتظًا بالأشخاص، يسمح بساعة من الإنترنت مقابل مبلغ (5) ألف جنيهًا سوداني.

بحيث تقوم بالتواصل مع عدد من أفراد عائلتها بهذه الطريقة الصعبة، مشيرة إلى أن جودة الإنترنت سيئة للغاية ولا يمكنها سوى أن تبعث برسائل واتساب، بجانب أنها تسمح بفتح التطبيقات البنكية  التي تعتبر بمثابة الطريقة الوحيدة التي يتداول بها السودانيون النقد بعد أن أغلقت البنوك أبوابها جراء الإنفلات الأمني وعمليات النهب والسلب الواسعة التي تلازم الحرب منذ بدايتها منتصف نيسان/أبريل من العام الماضي.

المطابخ الجماعية

أعلنت عدد من صفحات غرف الطوارئ في ولاية الخرطوم توقف عدد من المطابخ الجماعية التي كانت تقدم وجبات مجانية للمواطنين العالقين في الحرب بسبب انقطاع الاتصالات، وبالرغم من ذلك ما زالت مبادرة سوهندا عبدالوهاب في محلية كرري بأحياء الثورة تنشط في تقديم الوجبات المجانية للمواطنين المتضررين من الحرب مرتين من كل أسبوع.

وكانت قد أعلنت الناشطة الاجتماعية سوهندا عبد الوهاب عبر صفحتها على منصة "فيسبوك" عن شروعها في جمع مبلغ مالي يكفي لشراء (70) خروف لتجهيز وجبات الجمعة الأخيرة قبل شهر رمضان الفضيل، الأمر الذي وجد استحسانًا كبيرًا من رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" في السودان.

عزلة تامة

يعيش المواطنين في ولاية الجزيرة عزلة تامة عن العالم، وتؤكد ياسمين التي تقطن في مدينة المناقل، أنهم لم يعلموا بالهجمات الواسعة التي تنفذها الدعم السريع على القرى في الولاية إلا بعد استقبالها لأعداد كبيرة من النازحين من القرى المجاورة بعد أن اقتحمت الدعم السريع قراهم، ورجحت ياسمين أن ذلك أحد الأسباب التي تجعل الأهالي لا يستطيعون التعامل مع هذه الهجمات التي تأتيهم على غفلة من أمرهم بحسب وصفها.

تعاني مدينة المناقل من شح في المواد الغذائية، جراء هجمات الدعم السريع على ولاية الجزيرة

وأشارت أن هنالك شح في المواد الغذائية بشكل عام، إضافة إلى انتشار حالة من الرعب وسط المواطنين بسبب الأنباء المتواترة عن هجوم مرتقب للدعم السريع على المدينة.

ويعاني السودانيون جراء انقطاع الاتصالات والإنترنت في مناطق الاشتباكات في شتى مناحي حياتهم اليومية، الأمر الذي يجعلهم يجلسون على صفيح ساخن في انتظار عودة الشبكات، بحيث أصبحت الحياة أكثر صعوبة من ذي قبل، وفقد العديد من الأشخاص ممن يعتمدون على نمط العمل من على البعد مصادر دخلهم جراء انقطاع الاتصالات والإنترنت بشكل جزئي في البلاد، وتحدث مستخدمون عن ضعف الشبكة ومحدوديتها بعد أن تم نشر أجهزة ستارلنك في عدد من المناطق بمحلية كرري، الأمر الذي يحتم ضرورة عودة شبكات الاتصالات للمستخدمين في جميع الولايات.