20-أبريل-2024
مفاوضات جدة - وفد الجيش السوداني ووفد قوات الدعم السريع والوساطة السعودية والأمريكية

اندلعت في العاصمة السودانية الخرطوم، حرب الجيش وقوات الدعم السريع في الخامس عشر من نيسان/أبريل 2023م، وتدخلت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لوقف هذا الصراع من خلال مفاوضات في جدة، بالمملكة العربية السعودية. وعُلقت التفاوضات عدة مرات، وفي الجولة الأخيرة علقت لفترة غير محددة، لكن قبل أيام تم الإعلان عن موعد استئنافها؛ فهل ستنجح المفاوضات هذه المرة؟

القيادية في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، رشا عوض: النجاح رهنٌ بأمرين متكاملين: الإرادة السياسية لقيادتي الجيش السوداني والدعم السريع، والضغوط الدولية الحقيقية

ضغوطات ورهانات

تقول القيادية في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، رشا عوض، إن النجاح رهنٌ بأمرين متكاملين: الإرادة السياسية لقيادتي الجيش السوداني والدعم السريع، والضغوط الدولية الحقيقية. وأضافت أن تصريحات المبعوث الأمريكي بشأن مفاوضات جدة قد تكون الأخيرة هذه المرة، وهو مؤشر على إمكانية حدوث اختراق.

وأشارت رشا في حديثها مع "الترا سودان"، إلى أن الأشهر الماضية شهدت مفاوضات ولقاءات غير رسمية وغير معلنة بين طرفي القتال، لافتة إلى وجود أطراف تعرقل عملية السلام، لكنها عادت لتقول إن فرص الانتصار العسكري تتراجع كل يوم.

وعزت القيادية في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، أسباب تعليق المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في كل فترة إلى غياب الإرادة السياسية للطرفين والضغوطات الدولية، وقالت إنها لم تكن قوية.

هدن وتنصل

ويشير القيادي في حزب الأمة القومي، عروة الصادق، إلى أن عمليات التفاوض المباشر وغير المباشر في منبر جدة تسير بكل يسر، وتم الاتفاق فيه على أسس ومبادئ بين الطرفين، وإقرار هدن عديدة لم تصطدم بالواقع الميداني وتم خرقها والتنصل عنها. وأضاف أن أخطر من يقود للإخلال بالاتفاقات هم أنصار النظام البائد وعناصره في دوائر الحكومة.

وقال الصادق في حديثه مع "الترا سودان"، إن "عناصر النظام السابق" ظلوا يقفزون عن كل اتفاق ويوصدون كل باب يقود للسلام والاستقرار، وأنهم ظلوا يتواصلون مع القيادة السعودية. وشدد على ضرورة مشاركتهم كقوى مدنية وفاعلين سودانيين في جلسات المنبر وحتى كمراقبين لعمليات التفاوض المباشر وغير المباشر.

ولكنه عاد ليقول إن الميسرين الأمريكي والسعودي اكتفيا بحضور الطرفين المتحاربين في هذه المرحلة التي تقتصر على الجانب الأمني والعسكري والإنساني، ومع مرور الأيام تبين وجود أطراف أخرى داخلية وخارجية فاعلة ومهتمة بالشأن السوداني وداعمة لإنهاء الحرب، معتبرًا ذلك خطوة في توحيد المبادرات الإقليمية والدولية.

شروط نجاح التفاوض

أما القيادي في الحزب الشيوعي، فتحي الفضل، فيقول إن نجاح مفاوضات جدة يعتمد على شيئين: جدية المجتمع الدولي والإقليمي الذي دعا للمفاوضات، بجانب تكوين جبهة عريضة داخلية تتكون من لجان المقاومة والأحزاب التي توجد داخل السودان، والنقابات، وممثلي النازحين واللاجئين. واعتبرها في حديثه لـ"الترا سودان"، ضربة الفرس، وأضاف بأنهم إذا نجحوا في تكوين هذه الجبهة، ستلعب الدور الأساسي في تحويل إيقاف الحرب إلى استرداد ما ضاع من البلاد.

فتحي الفضل: سبب تعليق المفاوضات هو عدم جدية طرفي القتال في السودان، وعدم جدية المساعدين للعملية التفاوض

وأوضح الفضل في حديثه مع "الترا سودان" أن جدية المجتمع الدولي ستظهر، وأقرب مثال مؤتمر باريس، وأضاف أن هناك دول تعهدت بالمساهمة والتزمت، وتساءل: إلى أي حد تلتزم الإدارة الأمريكية بمسألة السلام؟ وما هو سبب عدم تعيين المندوب من قبل الكونغرس؟ وقال إن هذا يعني عدم جدية الإدارة الأمريكية حول ما يدور بالسودان، لافتًا إلى أن سبب تعليق المفاوضات هو عدم جدية طرفي القتال في السودان، وعدم جدية المساعدين للعملية التفاوضية.

تعليق واستئناف

وفي السادس من أيار/مايو 2023م، بعد أقل من شهر من اندلاع الصراع، انخرط طرفا القتال في مفاوضات ركزت على قضايا أساسية، منها تحقيق وقف فعال قصير المدى لإطلاق النار، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية الطارئة، بالإضافة إلى استعادة الخدمات الأساسية ووضع جدول زمني لمفاوضات موسعة للوصول لوقف دائم للأعمال العدائية.

وفي 11 أيار/ مايو 2032م، أعلنت الوساطة عن توصل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى اتفاق مبادئ، ووقع ممثلو الطرفين على إعلان الالتزام بحماية المدنيين في السودان.

أما في 14 أيار/مايو 2023، انطلقت الجولة الثانية من المحادثات، وناقشت تفاصيل هدنة جديدة بين الطرفين، بما في ذلك المدة الزمنية وتحديد ممرات آمنة للمدنيين، إضافة إلى إخلاء قوات الدعم السريع للمستشفيات والمرافق الحكومية الخدمية ومنازل المواطنين.

وفي الثاني من حزيران/ يونيو 2023، أعلنت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية تعليق المفاوضات نتيجة "الانتهاكات الجسيمة" للتهدئة، واتهمت الدولتان طرفي النزاع بأنهما يدعيان تمثيل مصالح الشعب السوداني، لكن أفعالهما زادت من معاناته وعرضت الوحدة الوطنية والاستقرار الإقليمي للخطر. وبعد خمسة أشهر من عملية تعليق المفاوضات، استئنفت مرة أخرى الجولة الثالثة للمحادثات في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2023 بالمملكة العربية السعودية.

توقعات بانطلاق المفاوضات خلال الأسبوعين المقبلين دون أي شروط مسبقة

وكان المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو، قد أعلن في وقت سابق عن عودة طرفي الصراع إلى طاولة التفاوض خلال الشهر الجاري، قبل أن يتراجع عن ذلك في تصريحات لاحقة، قائلًا إنه لا يتوقع أن يعود الجيش والدعم السريع إلى طاولة المفاوضات في أي وقت محدد.

أكدت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، الجمعة، أن كل من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع التزما بالعودة لمسار المفاوضات في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.

وأشارت التنسيقية إلى أن الطرفين سيعودان للمفاوضات "بإرادة أقوى وعزم صادق وأكيد لإيقاف الحرب" على حد تعبيرها. ولم يعلق كل من الجيش أو الدعم السريع على بيان تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية حتى الآن.