09-مايو-2022
شعار الثورة السودانية بالموكب النسوي في الخرطوم نيسان/أبريل 2021 (مواقع التواصل)

شعار الثورة السودانية بالموكب النسوي في الخرطوم نيسان/أبريل 2021 (مواقع التواصل)

النسوية المحلية هي حركة اجتماعية أساسها تصور قومي سوداني، وتشتغل على معالجة القضايا الاجتماعية والثقافية المرتبطة بحياة المرأة السودانية، ومعالجة الإشكالات الحقوقية والقانونية من داخل الشرط التاريخي والاجتماعي في سياق المجتمع المحلي.

النسوية المحلية  -بحسب ناشطات تحدثنَ لـ"الترا سودان"-  هي حركة اجتماعية مرتبطة بمشروع المقاومة الوطنية ضد الاستعمار الجديد

النسوية المحلية -بحسب ناشطات- هي أيضًا حركة اجتماعية مرتبطة بمشروع المقاومة الوطنية ضد الاستعمار الجديد، الذي يعمل على تعزيز التناقضات الاجتماعية وتوظيفها في ضرب وتفكيك المجتمع المحلي.

خطاب المجتمعات المحلية

النسوية المحلية خطاب موجهه للمجتمع السوداني، يستند على خبرة وتاريخ الشعب السوداني في تطوير الطرق المناسبة، لتشجيع الرجال والنساء للانخراط في حراك اجتماعي يناهض الظلم الاجتماعي بكافة أشكاله، بما في ذلك الظلم الواقع على النساء.

وبحسب إفادة العضو المؤسس لتيار المستقبل آلاء عادل، فإن مفهوم النسوية المحلية لم ينفصل عن خطاب تنظيم تيار المستقبل الاقتصادي والاجتماعي، المتعلق بدول الجنوب وجمهورية السودان على وجه الخصوص.

للمزيد من المواضيع ذات الصلة على "الترا سودان":

الموكب النسوي في الخرطوم.. حشد تاريخي رغم الاعتداءات والتحرشات

المنبر النسوي كسلا إشراقة نسوية في شرق السودان

الاقتصاد السوداني.. ودور المجموعات النسوية

وترى الآء، إن السودان دولة متعددة الثقافات إضافة لتعاقب الحضارات، وتختلف وضعية النساء من منطقة لأخرى في الشمال والغرب على سبيل المثال، حيث تعاني المرأة في الغرب من قضايا النزاع المسلح واللجوء والمشاكل القبلية. "دور المنظمات في المناطق الطرفية عزز من المشاكل، وانفصل خطاب رائدات العمل النسوي عن القواعد في المجتمع". تقول آلاء عادل.

وزادت بالقول: "النسوية المحلية تأسيس لحركة حقوق تخدم مصالح المرأة وفق شروط المجتمع السوداني وتحولاته القديمة والحديثة". وتتابع: "إن المرأة السودانية راكمت اختراقاتها في مجالات التعليم والعمل العام والوعي بالشروط المحلية".

وشددت عضو تيار المستقبل، على أهمية دور الأسرة والرجل بجانب المرأة، في التنظيم والاشتراك في قضايا البلد، والاثنيات والحروب، لخلق خطاب لا ينفصل عن مجمل هذه القضايا.

وعبرت الآء عن أهمية دور المرأة في قضايا السلم والتعايش السلمي، وتقول لـ"الترا سودان" في هذا الاتجاه: "وجهت أمهات جنود الكفاح المسلح الرجال للمشاركة في الحرب، وبالإمكان أن تلعب الأمهات دورًا فاعلًا في إنهاء الحرب والتعايش السلمي". ومضت بالقول بأن النسوية المحلية لا تزال قيد الدراسة والبحث والتطور، لتأسيس حركة حقوق لا تنفصل عن مشاكل ومهددات البلاد الداخلية والخارجية.

ملامح واتجاهات فكرية

المحلية في التعريف ليست انغلاقًا على الذات بحجة الخصوصية الهوياتية، بل وعي بالشرط الوطني التاريخي وانتباه للمضامين الثقافية والخبرة الاجتماعية للشعب السوداني ودورها في مشروع التحرير والبناء الوطني.

لبنى عابدين: خطاب النسوية المحلية يتصف بتجاوز مصطلح ومفهوم النسوية في صيغته العولمية

وفي هذا الصدد تقول رئيسة تيار المستقبل لبنى عابدين صالح، إن خطاب النسوية المحلية يتصف بتجاوز مصطلح ومفهوم النسوية في صيغته العولمية، وذلك بنقد الأسس المعرفية وتحديد الجذور الاجتماعية وتعريف ظلاله الثقافية، والتفكير من داخل تاريخ وثقافة وتقاليد ومستويات اجتماعية محلية، لنستمد الأمان ومعنى الوجود من هذا الانتماء.

وأردفت: "ينطلق خطاب النسوية المحلية، من مقاربة نقدية مزدوجة، فمن جهة يقوم على نقد العادات والتقاليد الثقافية وبعض التأويلات الدينية، التي تؤسس لظلم المرأة. ومن جهة أخرى -والحديث للبنى عابدين- نقد الحركات النسوية العولمية التي تعمل على اختطاف قضايا ونضالات المرأة السودانية، وتوظيفها في ضرب المجتمع المحلي لصالح مشروع الاستعمار الجديد.

وتنظر لبنى لقضية المرأة كقضية عمومية تهم كل الفئات الاجتماعية، وترفض النظرة الانقسامية القائمة على أساس النوع والجندر، وتقديم نموذج إدماجي يمكِّن كل الفئات الاجتماعية من المشاركة في النضال العمومي ضد  الظلم.

https://t.me/ultrasudan

وبحسب ما تشير إليه لبنى، فالحركة النسوية العولمية مرتبطة بنيويًا بمصالح وتصورات فئات اجتماعية ذات امتياز تاريخي، لا تخدم قضايا المرأة، ولا تعالج مشاكلها وهمومها. وتكمل حديثها لـ"الترا سودان" بالقول: "نعني بالنسوية المحلية صوت المرأة الغائب، أو التابع بسبب طغيان وعلو صوت النسوية العولمية وسردياته للتاريخ، ورؤيته للمرأة والمجتمع والحقيقة والهوية"، بحسب تعبيرها. 

وتشير لبنى إلى أنها تفهم مسألة الظلم الواقعة على المرأة في سياق الأزمة الاجتماعية عمومًا مثل علاقات السلطة السياسية، التفاوت الاجتماعي، تقسيم العمل والتأويلات التسلطية للخطاب الثقافي والديني.

نقد النسوية المحلية

بلغ عدد المدارس النسوية المتعارف عليها عالميًا (14) مدرسة، ويقول النقد الموجه للنسوية المحلية، إن من الممكن إسقاطها على المدارس الأخرى كأسلوب عمل، دون أن يطلق عليها مدرسة، فهي أسلوب يمكن لأي مدرسة أن تنتهجه.

ناشطة نسوية: النسوية التقاطعية نموذج جيد لدول العالم الثالث

وفي السياق، تقول الناشطة النسوية هند جمعة، إن النسويات الاشتراكيات الأوائل تعاملوا مع السودان حسب الظروف المجتمعية المحلية، وتمكنوا عن طريق الحرب الباردة من الحصول على حقوقهن. وضربت مثلًا بالاتحاد النسائي في وقتٍ كان يمنع على النساء دخول مبنى البلدية، فأعطوا خطابًا لرجل للموافقة على انعقاد الجمعية العمومية للاتحاد، وتنظر هند لما حدث بأنه شكل من أشكال النسوية المحلية.

وتشير هند جمعة في حديثها لـ"الترا سودان"، إلى أن عضو الاتحاد النسائي فاطمة أحمد إبراهيم، حين خاطبت مجتمع كردفان، أرسلت خطابًا بلهجة محلية للناظر بابو نمر، والذي تقبل حديثها وساهمت في دخول النساء للتعليم والعدالة في توزيع المواريث. 

وأكدت جمعة على نموذج النسوية التقاطعية أو السوداء بالقول: "النسوية التقاطعية نموذج جيد لدول العالم الثالث، لتشابه القضايا في عدد كبير من البلدان، مثل نيجيريا، بنغلاديش، الفلبين، وكوبا". وترى أن دول العالم الأول وصلت مرحلة ما بعد النسوية، من حيث المطالبة بحق الإجهاض والسكن والمساواة في الأجور، في حين لم تتجاوز المطالب في العالم الثالث الموجة الأولى للنسوية، من حيث المطالبة بالحق في الحياة والتعليم والصحة.

تقول هند، النسوية التقاطعية هي امتداد للاشتراكية الماركسية، وتمثل قضايا العالم الثالث، والذي تشكل فيه النساء العاملات نسبة (80)%.

في الختام، يمكننا القول أن النسوية المحلية اتجاه فكري قيد الدراسة والبحث والتحليل، وجد قبولًا من قطاعات عريضة من الشعب السوداني، بالعمل وفق الشروط الموضوعية للمجتمعات المحلية.