أشرقت الشمس في الأسبوع الثاني من كانون الثاني/يناير 2024 بمدينة ودمدني، عاصمة ولاية الجزيرة مع انتشار كثيف لقوات الدعم السريع في الشوارع وحركة نزوح عالية للمواطنين من المدينة، التي شكلت بديلًا للعاصمة الخرطوم خلال الحرب في ذلك الوقت.
مواطن: سأعود إلى منزلي بودمدني متى ما أصبح ذلك ممكنًا
اليوم بعد قرابة العام، تبدلت الموازين على الأرض، وبسهولة تمكن الجيش من السيطرة على ومدني، محطمًا دفاعات أولية اعتمدت عليها قوات حميدتي حول ودمدني شرقًا وجنوبًا طوال الأسبوع الماضي، لتجد القوات المسلحة وقد وضعت رجال حميدتي في "طوق عسكري"، واضطرت جراء هذه العملية المفاجئة إلى الانسحاب نحو الحصاحيصا الواقعة شمال ود مدني، على بعد أقل من (50) كيلو مترًا لتتحصن هناك تاركةً ودمدني في حالة الموت السريري بشوارع شبه خالية من المارة، وأسواق بيع الوقود جنبًا إلى جنب مع الذخائر والأسلحة.
شكلت استعادة ودمدني مفاجئة بالنسبة للسودانيين الذين تفاعلوا مع الحدث بالاحتفالات التي عمت الشوارع داخل وخارج البلاد في دول اللجوء والمنافي، ويقول المراقبون العسكريون إن عودة ودمدني تشكل علامة فارقة في الحرب السودانية التي تستمر منذ (21) شهرًا.
الفارق الذي أحدثته استعادة ودمدني دفع قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، إلى الخروج في تسجيل صوتي دون أن يبدد ساعات طويلة، بعد انسحاب قواته من ودمدني. واتهم الجيش بالحصول على المساعدات العسكرية من مجموعات أجنبية تقاتل معه، إلى جانب الحصول على المسيرات الإيرانية، متوعدًا بالحرب (21) عامًا أخرى وهزيمة القوات المسلحة.
مواطن: لن أتردد في العودة إلى منزلي بحي مايو بمدينة ودمدني، بعد أن غادرتها منذ اليوم الأول لهجوم قوات الدعم السريع
وقال محمد حسان لـ"الترا سودان"، إنه لن يتردد في العودة إلى منزله بحي مايو بمدينة ودمدني، بعد أن غادرها منذ اليوم الأول لهجوم قوات الدعم السريع، وقال إنه شعر في ذلك الوقت بخيبة أمل كبيرة مع أسئلة النزوح والأوضاع الاقتصادية، ولكنه اليوم أكثر فرحًا لاستعادة الجيش مدينته التي ولد وترعرع فيها.
وأضاف: "طوال عام أعيش في مدينة كسلا، ورغم انخراطي في النشاط التجاري، إلا أنني لم أتخل يومًا عن حلم العودة إلى ودمدني، وبما أن قوات الدعم السريع لم تعد موجودة هناك، لا يمنعني شيء من العودة".
وأدى هجوم قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة نهاية كانون الأول/ديسمبر 2023، بالتركيز على المدن الكبرى مثل ودمدني والحصاحيصا والكاملين، إلى نزوح قرابة ثلاثة ملايين شخص، وبقاء خمسة ملايين شخص في أوضاع إنسانية حرجة وانتهاكات واسعة ارتكبتها هذه القوات، أدت إلى مقتل قرابة ثلاثة آلاف شخص، والعنف الجنسي الذي طال مئات النساء والفتيات بينها جرائم اغتصاب جماعي.
شكلت سيطرة قوات الدعم السريع نهاية العام 2023، على ولاية الجزيرة علامة فارقة في مسيرة هذه القوات، بوقوعها في الانتهاكات المريعة بحق المدنيين، وفق نشطاء في مجال حقوق الإنسان. ما دفع قائدها إلى تشكيل إدارة مدنية لضبط عناصرها، كما أقر في خطاب بمناسبة استقلال البلاد في الأول من كانون الثاني/يناير 2025، بتورط قواته في بعض المناطق في انتهاكات ضد المدنيين.