هل يصبح قانون المعلوماتية سيفًا مسلطًا على الإعلام في السودان؟
16 أكتوبر 2025
أثار مشروع قانون جرائم المعلوماتية المعدل في السودان جدلاً كبيرًا، إذ يحتوي على نصوص فضفاضة وغامضة وعقوبات قاسية تصل إلى 10 سنوات سجن، ويخشى البعض من استخدام هذا القانون كأداة لتقييد حرية التعبير والصحافة.
أجاز مجلس الوزراء السوداني يوم الاثنين 13 تشرين الأول/أكتوبر 2025، مشروع تعديل قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2025، الذي تقدم به وزير العدل عبد الله درف.
محامٍ: "التعديلات الجديدة لقانون جرائم المعلوماتية غير دستورية وتمت من قبل الجهاز التنفيذي الذي يتقمص دور الجهاز التشريعي غير الموجود أصلًا"
وقال الأمين العام لمجلس الوزراء، علي محمد علي، في تصريح صحفي، إن الاجتماع شهد إجازة مشروع تعديل قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2025، الذي قدمه وزير العدل، فضلًا عن إجازة عدد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية.
تعريفات محدثة
وتضمنت التعديلات الجديدة بحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ"الترا سودان" إدخال تعريفات محدثة للجريمة الإلكترونية، موضحة أن العقوبات أصبحت أكثر تشديدًا، إذ تصل مدة السجن في بعض الجرائم إلى ما بين سبع وعشر سنوات.
وأكدت المصادر أن المدانين في قضايا المعلوماتية والنشر الإلكتروني سيخضعون لعقوبتين معًا، هما السجن والغرامة، ولن تكون هناك عقوبة واحدة كما في السابق.
فيما لم يتم الكشف عن تفاصيل النصوص التي يتضمنها القانون المعدل، كما لم يتم نشره في الجريدة الرسمية للحكومة السودانية. هذا الوضع يثير قلقًا لدى الصحفيين والإعلاميين، إذ يخشون الوقوع في مخالفات قد تؤدي إلى عقوبات قاسية، تصل إلى السجن لعشر سنوات، نتيجة عدم وضوح النصوص القانونية.
الحد من الجرائم
إلا أن مصدرًا مطلعًا أكد لـ"الترا سودان" أن مشروع قانون جرائم المعلوماتية المعدل يهدف إلى الحد من الجرائم الإلكترونية وخطاب الكراهية المنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار إلى أن مجلس الوزراء أجاز القانون في مرحلته الثانية، وأنه لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد موافقة مجلس السيادة والوزراء، وفقًا لما نصت عليه الوثيقة الدستورية المعدلة في فبراير 2025. وأكد المصدر أن مشروع القانون سيُنشر في الجريدة الرسمية بعد إجازته من المجلسين.
وأوضح أن التعديلات الجديدة شددت العقوبات في جرائم إشانة السمعة والقذف ونشر الصور والمحتويات المسيئة للأشخاص.
مواد فضفاضة
ويقول الخبير القانوني أحمد عمر لـ"الترا سودان": "القانون الجديد حمّال أوجه رغمًا عن أنه يسهم في الحد من الجريمة". وأضاف: إن القانون يعمل على محاربة المحتوى الضار، والحد من نشر الشائعات واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة قانونية".
وتابع: "إلا أنه يسهم في تكريس القبضة الأمنية على الفضاء العام والتضييق على الحريات بمواد فضفاضة مثل السجن من 7 - 10 سنوات، فضلًا مع السجن والغرامة معًا. مما يمكن السلطات من وضع السيف على رقاب النُشطاء بفرية الخطوط الحمراء ومحاربة الدولة والمساس بها".
تعديلات غير دستورية
بدوره، قال المحامي عبد الباسط الحاج إن التعديلات الجديدة لقانون جرائم المعلوماتية غير دستورية، وقد تمت من قبل الجهاز التنفيذي الذي يتقمص دور الجهاز التشريعي غير الموجود أصلًا.
وأضاف الحاج في تصريح لـ"الترا سودان" أن سبب هذا الفراغ هو تغول الجهاز التنفيذي على دور المجلس التشريعي ودور المشرع والمجيز والمنفذ، وهذا الأمر مخالف لمبدأ الفصل بين السلطات في الأساس.
وأشار إلى أن أي قانون في كل دولة يجب أن يتوافق مع معايير حقوق الإنسان والقانون الدولي الذي وقع عليه السودان. لذلك، يجب أن يكون القانون السوداني متماشيًا بالضرورة مع تلك القوانين، وأي مخالفة تجعل السودان مخالفًا للقوانين والمواثيق الدولية.
تقييد الحريات
وفي المقابل، ترى سكرتيرة الحريات بنقابة الصحفيين السودانيين، إيمان فضل السيد، أن القانون يستهدف الحريات بشكل كبير وتم تصميمه لتقييد حرية التعبير. وأن المصطلحات الغامضة في القانون قد تؤدي إلى تدهور كبير في الحريات الصحفية.
وقالت إيمان فضل السيد في تصريح لـ"الترا سودان"، إن القانون الجديد قتل ما تبقى من هامش الحريات، ووضع الصحفيين في مواجهة مباشرة مع القوانين والقضاة.
وأوضحت أن "حكومة بورتسودان" تفتقر إلى الشرعية التي تخولها سن القوانين، وبالتالي فإن أي قوانين تصدر في هذا الوقت تفتقر إلى الشرعية.
وأشارت إلى الفراغ القانوني والدستوري في السودان منذ اندلاع حرب 15 أبريل، وإلى الفوضى العدلية الناجمة عن الانتهاكات التي يرتكبها طرفا الصراع، بما في ذلك مطاردة الصحفيين واستهدافهم بشكل ممنهج.
وأكدت أن القانون يضيف أعباء جديدة على الصحفيين، وقد يدفعهم إلى فرض رقابة ذاتية، خوفًا من الملاحقة القضائية. وأضافت أن القانون لا يتيح للصحفيين إجراءات مثل الاستئناف، مما يقوض حقوقهم في مواجهة التهم الموجهة إليهم.
ولفتت إيمان إلى أن حكومة بورتسودان تسعى من خلال هذه القوانين إلى تحسين صورتها وتبرير الانتهاكات التي تمارسها ضد الصحفيين.
موائمة ومطابقة
وقالت سكرتيرة الحريات بالنقابة إن هذا النصوص في القانون غير موائمة ومطابقة للقوانين والمواثيق الدولية التي يتم سنها خاصة فيما يتعلق بجرائم المعلوماتية.
وأضافت: "لا يوجد تطابق بين القانون والدستور، والجمل الفضفاضة تعطى مساحة واسعة للسلطات لممارسة القمع وتكميم الأفواه، وهذا مخالف لدستور السودان ومخالف للقوانين والمواثيق الدولية المصادق عليها من السودان".
قمع الحريات
ويرى مراقبون أن الصياغات الغامضة في القانون المعدل، خاصة تلك المتعلقة بهيبة الدولة والأمن القومي، قد تُستخدم كأداة لتقييد الحريات وملاحقة المعارضين، مما يهدد حرية التعبير ويقيد النشاط السياسي والاجتماعي.
واعتبر المراقبون أن القوانين المعتمدة تشكل خطوة جديدة في مسلسل قمع الحريات وتقييد الأصوات المعارضة، مؤكدين أنها جزء من التراجع الكبير في مجال الحريات العامة وحرية التعبير.
إيمان فضل السيد: "القانون يستهدف الحريات بشكل كبير وتم تصميمه لتقييد حرية التعبير"
اتفاقية بودابست
ودخلت اتفاقية بودابست لمكافحة الجرائم المعلوماتية، حيز التنفيذ عام 2004 وجرى التصديق عليها فقط من قبل 65 دولة، وكانت أول معاهدة دولية دعت لموائمة التشريعات الخاصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية.
وفي عام 2019، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يمهد الطريق أمام صياغة معاهدة دولية جديدة لمكافحة جرائم الإنترنت من أجل الضغط لسن تشريع يقضي "بوضع اتفاقية دولية شاملة لمكافحة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لأغراض إجرامية".
الكلمات المفتاحية

تصاعد القتال في بابنوسة وزيارة أممية تبحث حماية وإغاثة المدنيين
يشهد السودان تحولًا في المسار الإنساني بالتزامن مع تصاعد الهجمات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع في إقليم كردفان، بينما يبحث أرفع مسؤول بالأمم المتحدة، الذي وصل البلاد قادمًا من نيويورك، مساري حماية المدنيين خلال النزاع المسلح إلى جانب إيصال المساعدات الإنسانية إلى المتأثرين بالحرب.

هل تُفسر تصريحات وزير الخارجية الأميركي ضمن الرسائل الساخنة إلى حميدتي؟
لم تكن تصريحات وزير الخارجية الأميركي، على هامش قمة الدول الصناعية الكبرى في كندا مساء الأربعاء 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، مجرد حديثٍ عابر، بل يضعها مراقبون دبلوماسيون وسياسيون ضمن خانة "الرسائل شديدة اللهجة" إلى قوات الدعم السريع والحلفاء الإقليميين، للتوقف عن إشعال الصراع المسلح في السودان.

بابنوسة في مرمى النيران.. هل تتجه نحو مصير الفاشر؟
عادت مدينة بابنوسة إلى الواجهة بعد هدوء استمر لأشهر، لتصبح بؤرة ساخنة في الحرب السودانية. وتصدّرت المشهد الحربي في غرب كردفان، عقب هجوم قوات الدعم السريع على مواقع الجيش في المدينة من عدة محاور.

بين المخاوف والآمال.. انقسام سوداني حول هدنة الرباعية الدولية؟
منذ إعلان دول الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، الدفع بمقترحات لهدنة إنسانية بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان منتصف تشرين الأول/أكتوبر 2025، وتسليم الجانبين المسودة المتعلقة بوقف إطلاق النار للأغراض الإنسانية، يتصدر الشبكات الاجتماعية جدل واسع بين السودانيين حول جدوى الهدنة.

التعليم العالي تعيد خدمات التقديم والتوثيق إلى مقرها الرئيس بالخرطوم
أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، اليوم الأحد 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، عودة جميع خدمات التقديم الإلكتروني وتوثيق الشهادات إلى المقر الرئيس للإدارة العامة للقبول بشارع الجمهورية في الخرطوم

الجيش السوداني يدعو دول الإقليم إلى منع تدفّق الأسلحة للدعم السريع
دعا الجيش السوداني دول الإقليم إلى تحمّل مسؤولياتها ومنع تدفّق الأسلحة إلى الميليشيات والمجموعات غير الشرعية، محذّرًا من أن هذا الاتجاه يشكّل خطرًا على دول المنطقة.

سلوى بنية: الدعم السريع لم تلتزم بقرار رفع الحصار عن المدن
أكدت مفوضية العون الإنساني في السودان، اليوم الأحد 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، أن قوات الدعم السريع لم تلتزم بقرار رفع الحصار عن المدن.

المبعوث الأفريقي للإبادة الجماعية يصل البلاد لإجراء مباحثات رسمية
يبدأ مبعوث الاتحاد الأفريقي لمنع الإبادة الجماعية، السيد أداما دينق، زيارة رسمية للبلاد تستمر أربعة أيام، يلتقي خلالها عددًا من المسؤولين في وزارات الخارجية والعدل والشؤون الدينية، إلى جانب النائب العام.
