بعد أحداث مرعبة وقتال عنيف في شوارع الفاشر سيطر الهدوء خلال الساعات الأولى من صباح اليوم على عاصمة ولاية شمال دارفور، مع تعزيزات عسكرية للمواقع الدفاعية للقوات المسلحة و"المشتركة".
باحث: كان من الممكن الوصول إلى نقطة أبعد من استعادة المبادرة بتحرير المدينة كليًا من الدعم السريع
تعيش الفاشر اشتباكات عسكرية بشكل متواتر منذ أيار/مايو الماضي، لكن المعارك العسكرية التي اندلعت أمس السبت تعتبر الأعنف في تاريخ المدينة، وقال المواطنون العالقون بين خطوط النيران إن الدعم السريع حشدت المقاتلين من أربعة مواقع شملت جنوب وغرب وشرق وشمال المدينة.
بالمقابل شنت القوات المسلحة والقوات المشتركة هجومًا عنيفًا استمر لسبعة ساعات أمس السبت مدعومة بالطيران الحربي والدبابات، وتمكنت من استعادة زمام المبادرة والعودة إلى الخطوط الدفاعية التي كانت تسيطر عليها.
وخلفت معارك الفاشر عشرات الضحايا من العسكريين من الجانبين، علاوة على وقوع ضحايا من المدنيين وفق شهود عيان، كما شوهدت المدرعات والقطع الحربية تعزز مواقعها وتنتشر في أرجاء المدينة مع مواقع صغيرة تحت سيطرة الدعم السريع.
ولا تزال الاحتمالات مفتوحة أمام تجدد المعارك في أي وقت، خاصة مع تصميم الطرفين على وضع كافة الإمكانيات العسكرية للحسم الميداني، فيما يعاني المواطنون من نقص الطعام والدواء والمياه والكهرباء والاتصالات.
تحتدم المعارك في الفاشر قبل أقل من أسبوع من انطلاق المفاوضات بين الجيش والدعم السريع، فيما تحاول الأخيرة تعزيز موقفها الميداني بوضع المدينة التي تعتبر آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور تحت سيطرتها، بالمقابل فإن القوات المسلحة لا تنوي التخلي عن الفاشر.
ويقول المراقبون العسكريون إن سقوط الفاشر على يد الدعم السريع يواجه سلسلة من المصاعب أبرزها تصميم القوات المسلحة و"المشتركة" التي تتكون من الحركات المسلحة والمتطوعين من أبناء المدينة والقرى المجاورة، على البقاء وعدم الهروب من أرض المعركة.
وفي المعارك التي اندلعت أمس السبت، تقدمت الدعم السريع إلى محيط الفرقة السادسة مشاة مقر الجيش وسط الفاشر، لكن القوات المسلحة والقوات المشتركة والمتطوعين نفذوا هجمات مكثفة أجبرت قوات حميدتي على التراجع إلى مواقعها الأولى.
قال بشار وهو من مواطني الفاشر لـ"الترا سودان"، إن قوات الدعم السريع في لحظات وصلت إلى محيط الحامية العسكرية للجيش وسط المدينة، لم نشعر في تلك اللحظات أن الفاشر على وشك السقوط لأننا نثق في القوات على الأرض أنها لن تتراجع إلى الخلف.
وعقب تراجعها إلى الخطوط الأولى لمناطق سيطرتها، يقول بشار إن قوات الدعم السريع تعمدت إطلاق عدد من القذائف الصاروخية على الأحياء السكنية أودت بحياة المدنيين وإصابة العشرات.
وكان المتحدث باسم القوات المسلحة العميد نبيل عبدالله أعلن السبت أن الجيش تصدى لهجوم كبير من قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، مضيفًا أن الجيش تمكن من سحق هجوم كبير لـ"المليشيات".
وأدت العمليات العسكرية في الفاشر لا سيما القصف المدفعي إلى مقتل حوالي (300) من المدنيين وإصابة أكثر من (2.5) ألف شخص الشهرين الماضيين حسب وزارة الصحة بولاية شمال دارفور.
باحث: الهجوم الذي نفذته الدعم السريع أمس السبت على الفاشر، هو الأعنف والأكبر من نوعه طيلة فترة الاشتباكات العسكرية الشهرين الماضيين.
ويقول الباحث في شؤون إقليم دارفور ضرار آدم ضرار لـ"الترا سودان"، إن الهجوم الذي نفذته الدعم السريع أمس السبت على الفاشر، هو الأعنف والأكبر من نوعه طيلة فترة الاشتباكات العسكرية الشهرين الماضيين.
وقال إن الدعم السريع كانت تنوي السيطرة على آخر معاقل الجيش والمجموعات المناوئة لها في إقليم دارفور من خلال الهجوم الذي قادته الساعات الماضية، مشيرًا إلى أن القوات المشتركة المتحالفة مع الجيش لديها ذات الخاصية التي تتعامل بها الدعم السريع في المعارك وهي كثافة النيران.
وأردف: "درجت قوات الدعم السريع على كثافة النيران للسيطرة على المناطق والقوات المشتركة، لديها أيضًا ذات الطريقة في أساليب القتال لذلك من الصعب الاستيلاء على الفاشر". ويضيف ضرار: "في معارك الفاشر الساعات الماضية كان يمكن تحقيق مكاسب ميدانية أكبر بإبعاد الدعم السريع نهائيًا من محيط الفاشر"، مضيفًا أن الدعم السريع حاولت السيطرة على المدينة لتعلن سيطرتها بالكامل على إقليم دارفور.