ذكر عاملون إنسانيون أن عشرات المرضى بمراكز الإيواء بمدينة دنقلا يواجهون مشكلة سداد فواتير العلاج في العيادات والمراكز الصحية الخاصة، مع ارتفاع التكلفة والفقر المدقع الذي يحاصرهم.
هناك حاجة ماسة للرعاية النفسية والصحية لعشرات الآلاف من النازحين، خاصة النساء والأطفال
وقالت "مريم"، وهي نازحة بمركز إيواء وسط دنقلا بالولاية الشمالية لـ"الترا سودان"، إنها أصيبت بالملاريا وفقر الدم وقررت الذهاب إلى عيادة خاصة، وعندما علمت أن الفواتير تكلف حوالي (120) ألف جنيه، استغنت عن زيارة الطبيب لأن الحصول على العلاج مكلف جدًا، ولم يعد بالإمكان طلب المساعدة، لأن المتطوعين يقدمون وجبات الطعام ولا توجد بنود للعلاج.
وأرسل مراسل "الترا سودان" استفسارات لمفوضية العون بالولاية الشمالية حول وضع النازحين وكيفية الحصول على الرعاية الصحية، لكن لم يحصل على الأجوبة من المسؤول بالولاية.
وأوضح عماد، العامل في القطاع الإنساني بالولاية الشمالية لـ"الترا سودان"، أن الفقر المدقع ينتشر في أوساط النازحين، لأن الأزمة الاقتصادية انعكست على المجتمع الذي اعتاد على تقديم المساعدات، وخلال الشهور الأخيرة لم يعد بالإمكان ضمان المساعدات التطوعية بشكل مستمر.
ويقول عماد إن عسكرة الحياة في جميع الولايات الآمنة لا تسمح بحصول النازحين على المساعدات الحكومية بشكل مباشر وروتيني، لأن التمويل يذهب إلى العتاد الحربي. في ذات الوقت، لا يمكن الاعتماد على مساعدات دولية غير منتظمة، وأحيانًا تواجه بيروقراطية من المنظمات والدولة.
وتقول صابرين، العاملة الإنسانية والمتطوعة لـ"الترا سودان" في علاج النازحين، إن المشكلة لا تنحصر في عدم وجود رعاية صحية للنازحين، بل في غياب المراكز الصحية المؤهلة وعدم كفاءة النظام الصحي بالولاية الشمالية. وهناك أمراض مثل القلب والضغط ومضاعفات السكري تحتاج إلى العناية المركزة في بعض الأوقات، وكل هذه الخدمات لا تتوفر هنا.
وتقول صابرين إنها شاهدة عيان على سيدة فارقت الحياة بسبب الحالة النفسية الناتجة عن مقتل اثنين من أبنائها بواسطة قوات الدعم السريع خلال فترات زمنية قليلة، حيث قُتل الابن الأكبر بالرصاص في المنزل، والثاني أفرج عنه من معتقل للدعم السريع بالخرطوم وتوفي متأثرًا بالمرض.
وتابعت: "وصلت هذه السيدة إلى الشمالية وكانت بحاجة إلى رعاية نفسية وطبية وتغذية سليمة، لأنها عانت من اضطرابات سيئة بسبب مقتل اثنين من أبنائها، وفي نهاية المطاف فارقت الحياة".
أدت الحرب إلى نزوح قرابة (12) مليون شخص، أغلبهم فروا من هجمات قوات الدعم السريع على المدن، سيما العاصمة الخرطوم
وأدت الحرب إلى نزوح قرابة (12) مليون شخص، أغلبهم فروا من هجمات قوات الدعم السريع على المدن، سيما العاصمة الخرطوم، فيما سجلت انسحابات الجيش من بعض المناطق مشكلة أمنية ضاعفت من معاناة المدنيين.
وتعثرت الجهود الدولية لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في السودان، ومع فترة انتهاء إدارة الرئيس بايدن، فإن الأمور في هذا البلد تحولت إلى حالة من السيولة فيما يتعلق بمستقبل وقف الحرب، مع إصرار الأطراف المتنازعة على الحسم العسكري.