15-فبراير-2020

من مواكب استكمال هياكل السلطة الانتقالية Getty

مع بدايات شباط/فبراير الجاري انتظمت في العاصمة الخرطوم والولايات مواكب توجهت إلى مجلس الوزراء بعدة مطالب، كان أهمها استكمال هياكل السلطة الانتقالية، ودعم عملية السلام التي تدور مفاوضاتها في جوبا.

أبو خريص: ما حدث في مؤتمر أصدقاء السودان، الذي تم تأجيله لعدم وضوح الطرح من الجانب الحكومي في إدارة الأزمة الاقتصادية بالبلاد يؤكد اهتزاز ثقة المجتمع الدولي بالحكومة

حراك جماهيري كبير تزامن مع أزمة طاحنة تشهدها البلاد، أهم تمظهراتها، صفوف الخبز والوقود. فكيف ينظر أصحاب الشأن من لجان المقاومة والمهتمين بالشأن العام إلى هذه المواكب؟ وكيف تقرأ في سياق التحولات الداخلية والخارجية على حد سواء؟ التقرير التالي يجيب عن هذه التساؤلات من خلال إفادات أصحاب الرأي.

خطوط حزبية

قال عضو لجان مقاومة شرق النيل علي سليمان (جيفارا) إن المواكب التي شهدتها الخرطوم أواخر كانون الثاني/يناير قد انطلقت بدعوة من  اللجنة الميدانية لقوى الحرية والتغيير، بشكل غير مباشر، عن طريق بعض أعضائها داخل لجان المقاومة، واعتبر جيفارا أن ما حدث تقليص لدور قوى المقاومة؛ لذا جاء الموكب هزيلًا، لأن جهات عديدة حاولت استغلال اللجان عبر بعض أعضائها، الذين ظهرت في خطاباتهم خطوط حزبية. وبدا هذا جليًا في قائمة الولاة التي تقدموا بها إلى رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ورفضها في المرة الأولى، لأنها مكونة من أفراد ذوي انتماءات حزبية صارخة.

اقرأ/ي أيضًا: انعقاد مؤتمر أصدقاء السودان والتزام بالمساهمة لتحقيق انتقال ديمقراطي ناجح

أكد جيفارا دعمهم الكامل لأية خطة عمل من شأنها دفع البلاد للأمام. أما عن مراقبة محطات الوقود وأفران الخبز فقد قال أنها آليات عمل يحددها أفراد اللجان بما يتناسب مع مقدراتهم ووقتهم بصورة تطوعية.

ودعا (جيفارا) إلى ضرورة التمسك بشعارات الثورة الثلاثة "حرية، سلام، عدالة" وذكر إن السلام يأتي في المرتبة الثانية، ولا ينفصل عن قضايا الحريات، لذلك نطالب بتسيير مواكب تدعم عملية السلام في البلاد.

طرح (جيفارا) عدة أسئلة مطالبًا بقية لجان المقاومة و"قحت" والفاعلين بالإجابة عنها قبل المطالبة باستكمال هياكل السلطة (وهي مطالب مواكب شهر فبراير) قال جيفارا لـ(الترا سودان): "خرجت مواكب تطالب باستكمال هياكل السلطة دون الإجابة على السؤال التاريخي من سيختار هؤلاء الولاة؟ وآلية الاختيار؟ وما هي معايير الشخصية المطلوبة؟".

أكد جيفارا أنه داعم للحراك الأخير، ولكل ما من شأنه الإبقاء على جذوة الشارع متقدة، إلا أنه أبدا تحفظه على مواكب فبراير من حيث أنها لم تجب عن الأسئلة المذكورة آنفًا، قائلًا أنه يجب الانتظار إلى حين اكتمال عملية السلام ليشارك الجميع في الاختيار.

من مشاهد الثورة السودانية Getty

ارتفاع سقف المطالب

شدد المحلل السياسي عبدالرحمن أبو خريص على أهمية المواكب التي انتظمت البلاد منذ بدايات شباط/فبراير، واعتبرها أداة التغيير الفعالة والمجربة، التي تملكها قواعد الثورة الشعبية للتعبير عن مطالبهم، وطالب الحكومة الانتقالية بضرورة استيعاب المرحلة الخطيرة التي يمر بها السودان، والتي تتمثل في خروج عشرات المواكب حاملة مطالب مختلفة. المنتظر من حكومة الثورة النظر في هذه المطالب ودراستها وأخذها على محمل الجد، لتمنع تجدد المواكب التي تحمل ذات الرسائل أكثر من مرة وفي فترات زمنية متقاربة.

اقرأ/ي أيضًا: لمخالفتها المعايير واللوائح.. "قحت" في مرمى النيران بسبب اختيار الولاة

بحسب أبو خريص فإن المواكب بعد تشكيل الحكومة الانتقالية كانت تخرج للشوارع بمطالب على شاكلة محاسبة رموز النظام السابق، والمطالبة بمحاكمات عادلة لكل من يثبت إدانته في حق الشعب السوداني، وإزالة عناصر النظام البائد، وتطهير مؤسسات الدولة منهم ،وخاصة الخدمة المدنية.

اليوم نلاحظ ارتفاع سقف المطالب التي ترفعها المواكب مثل استكمال هياكل السلطة وغيرها، ونلاحظ الحديث في أوساط جماعات من الشعب حول تقييم أداء الحكومة الانتقالية خلال عام ونقدها وضرورة تغيير عدد من الوزراء، بل إن هناك أصواتًا متفرقة تطالب بإقالة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك نفسه.

ما الدرس السياسي المستفاد من الحراك وكيف يقرأ في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية؟

يجيب الأستاذ أبو خريص قائلًا: "ما تقدم ذكره يدل على عدم رضا الرأي العام عن أداء الحكومة. وهو ما يمكن للمعارضة أن تحاول استغلاله لصالح إسقاط الحكومة الانتقالية أو إفشالها برفع سقف المطالب. كما يمكن للقوى الأجنبية أن تنظر لتزايد المواكب كدليل على أن الحكومة الانتقالية عاجزة عن  حل المشاكل، ويعزز هذا الافتراض ما حدث في مؤتمر أصدقاء السودان، الذي تم تأجيله لعدم وضوح الطرح من الجانب الحكومي في إدارة الأزمة الاقتصادية بالبلاد، وهناك مؤشر آخر هو تقديم الدعوة للسيد البرهان لزيارة أمريكا دون دولة رئيس الوزراء".

ذهب أبو خريص إلى أن لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير هي الحاضنة السياسية والاجتماعية للحكومة الانتقالية، كما هو معروف، لكن الملاحظ أن الخطاب الثوري لم يتغير ليستوعب التحولات الإقليمية والسياسية، فيتحول إلى خطاب سياسي لا يتصادم مع مصالح العالم، خاصة عند التعاطي مع المؤسسات الأمنية التي كان لها دور كبير في مكافحة الهجرة غير الشرعية، يجب التعامل بخطاب حذر مع هذه المؤسسات بحيث لا تتصادم مصالح الجميع ويتم الاتفاق على الحد الأدنى من التعايش السلمي.

موقف تجمع المهنيين السودانيين

أشار القيادي بتجمع المهنيين السودانيين محمد ناجي الأصم إلى موقف التجمع الداعم لمواكب شباط /فبراير ومن قبلها موكب 30 كانون الثاني/يناير الذي دعت له قوى الحرية والتغيير مع التجمع بهدف استكمال هياكل السلطة.

الأصم: نتابع بقلق أزمة الخبز والبنزين وغيرها، وهي مشاكل يصعب حلها لأن السلطة الاتحادية مشلولة، بسبب سيطرة أفراد النظام القديم على أجهزة حيوية بالبلاد

 وأكد الأصم في حديث مع (الترا سودان) إن إي ضغط في هذا الاتجاه يعتبر إيجابي، وقال: "غياب الولاة المدنيين وتأخير تكوين المجلس التشريعي سيؤثر على الخدمات تأثيرًا واضحًا خاصة في الولايات. وأضاف: نتابع بقلق أزمة الخبز والبنزين وغيرها من الاحتياجات الأساسية، وهي مشاكل يصعب حلها لأن السلطة الاتحادية مشلولة، وسبب هذا الشلل هو سيطرة أفراد النظام القديم على أجهزة حيوية في البلاد. ولفك قبضتهم ندعم استكمال هياكل السلطة، ومن الممكن أن يكون تعيين الولاة والمجلس التشريعي مؤقتًا، على أن يتم استبدالهم بعد التوصل لاتفاق سلام نهائي"

قال الأصم إنهم في تجمع المهنيين خاطبوا الجهات المختصة في جوبا والجبهة الثورية، وشرحوا الموقف الراهن الذي يمر به السودان، وأسباب دعم تجمع المهنيين لاستكمال تعيين الولاة والمجلس التشريعي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لقاء البرهان ونتنياهو.. تبييض لصورة العسكر وتشويه متعمد للثورة

عزمي بشارة: مصلحة إسرائيل في وجود أنظمة دكتاتورية حولها وحجج التطبيع ممجوجة