19-نوفمبر-2019

أبوبكر دمبلاب مدير جهاز الأمن والمخابرات العامة (سطر)

اشتكى العديد من الناشطين والفاعلين في لجان المقاومة والقوى السياسية من النقابيين والحزبيين ومواطنين غير المنتمين سياسيًا من مضايقات وانتهاكات يتعرضون لها بشكل يومي ومنظم يقوم بها أفراد يتبعون لجهاز الأمن، وبرغم سقوط النظام، إلا أن الأدلة الواردة من بلاغات للجان المقاومة تشير إلى تورط هذا الجهاز الذي ما يزال يتبع عقيدةً وانتماءً للنظام البائد، في العديد من الانتهاكات اليومية ضد أعضاء لجان المقاومة والمواطنين، ويسعى للحد من مساحات الحرية التي وفرتها الثورة، ويحاول الإيحاء بأن الحرية التي دفع السودانيون مهرها دماءً وأرواحًا هي أمر مستحيل طالما ظل هو موجودًا ومتحكمًا دون رقابة. تحاول هذه المساحة استنطاق نصوص الوثيقة الدستورية للحكم الانتقالي لمعرفة الجهة التي يتبع لها هذا الجهاز الذي تشكل أنشطته اليومية خطرًا محدقًا بالثورة، وفتح أعين الجهات التنفيذية للجمه وتنظيفه من العناصر المضرة بمصلحة الوطن والمعادية لأهداف الثورة.

اقرأ/ي أيضًا: مناقشة قانون النقابات.. نحو تأمين الديمقراطية ومواجهة الانقلابات

منطوق قانون الأمن

المطلع على قانون الأمن الوطني لسنة 2010 يدرك أن السلطات والصلاحية بهذا القانون ترتبط برئيس الجمهورية لا سواه، حيث توزعت سلطات وصلاحيات الرئيس على مختلف الإجراءات والقرارات المرتبطة بجهاز المخابرات العامة "جهاز الأمن والمخابرات الوطني سابقًا"، وقد تكون هذه مسألة مفهومة بحسب طبيعة النظام الشمولي الذي كان قائمًا، ولكن هذا القانون ما زال ساريًا بعد عاصفة ثورة كانون الأول/ديسمبر، وما تمخض عنها من سقوط للنظام وتشكل لحكومة انتقالية.

الوثيقة الدستورية تحدثت عن إخضاع المخابرات العامة للسيادي والتنفيذي ولم تعط صلاحيات محددة للمجلس السيادي

معالجات الوثيقة الدستورية

وقد حاولت الوثيقة الدستورية إيجاد معالجة لوضعية صلاحيات التحكم في الجهاز، وفي تقديري لم تفلح، حيث وضعت نصًا فضفاضًا أشرك السلطتين السيادية والتنفيذية في أمر الجهاز.

ونصت الوثيقة في الباب المخصص للقوات النظامية على وضعية جهاز المخابرات العامة "جهاز الأمن والمخابرات الوطني سابقًا" في المادة (٣٧) على ما يلي:

"جهاز المخابرات العامة جهاز نظامي يختص بالأمن الوطني، وتقتصر مهامه على جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها للجهات المختصة، ويحدد القانون واجباته ومهامه ويخضع للسلطتين السيادية والتنفيذية وفق القانون".

وسكتت الوثيقة الدستورية في باب صلاحيات المجلس السيادي عن إيراد أي صلاحية له تختص بالأعمال والإجراءات والأوامر التنفيذية المتعلقة بعمل جهاز المخابرات العامة، والذي يعطي قانونه-الذي أحالت إليه الوثيقة بعبارة وفقًا للقانون-صلاحيات لا حصر لها لرئيس الجمهورية، وهي الصلاحيات التي آلت بموجب المادة (٧٤) في باب الأحكام المتنوعة بالوثيقة نفسها لرئيس الوزراء حيث ورد فيها:

"باستثناء السلطات والصلاحيات الممنوحة لمجلس السيادة بموجب هذه الوثيقة الدستورية، تؤول كل سلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية ذات الطبيعة التنفيذية الواردة في أي قانون ساري لرئيس مجلس الوزراء".

اقرأ/ي أيضًا: أول واقعة فساد حكومي تحاصر الحكومة.. ومطالب بالمحاسبة والإقالة

الصلاحيات التنفيذية

وبحسب التوصيف وطالما لم يرد توصيف وتحديد للصلاحيات وأحالت الوثيقة للقانون، فإن الصلاحيات الواردة بالقانون تظل سارية، وهي تبعًا لذلك بيد رئيس الوزراء الذي حل محل رئيس الجمهورية في الصلاحيات التنفيذية.

ما هي أهم الصلاحيات الواردة بقانون الأمن الوطني لسنة 2010؟.

تتنوع هذه الصلاحيات وتتمدد من تعيين مدير ونواب المدير للجهاز وفق منطوق المواد (٢٧) ١، (٢٨) ١، (٢٩) ١، إلى تعيين ضباط الجهاز المادة (٣٣) ١، كما تشمل نقل الضباط من وإلى الجهاز حيث تورد المادة (٣٨)، فيما يتعلق بهذه المسألة التالي:

١. يجوز لرئيس الجمهورية أن ينقل لعضوية الجهاز أيًا من العاملين نقلًا نهائيًا إلى أي قوة نظامية أخرى، أو أي جهاز من أجهزة الخدمة العامة.

٢. يجوز لرئيس الجمهورية أن ينقل لعضوية الجهاز أيًا من العاملين في أي قوة نظامية أخرى أو اي جهاز من أجهزة الخدمة العامة.

وتشمل كذلك صلاحيات الرئيس بحسب المادة (٤٢) ٢ فيما يتعلق بالترقية التالي:

"تتم إجازة الترقيات بقرار من رئيس الجمهورية بناء على توصية بذلك من المدير".

كما "ترتبط نهاية الخدمة بقرار من الرئيس بناء على توصية المدير حسب ما أوضح القانون من أسباب تشمل فيما تشمل سن التقاعد وقبول الاستقالة، وشغل المنصب الدستوري، الابعاد من الخدمة، لفقدانه أيًا من شروط الأهلية، وصدور حكم بالسجن أو أي عقوبة حدية، بجانب الوفاة أو الاستشهاد".

رأي قانوني

قانوني: صلاحيات رئيس الجمهورية بقانون الأمن لسنة ٢٠١٠ تؤول لحمدوك طالما ظل قانون الأمن ساريًا

واستفسرت القانوني الضليع الأستاذ معز حضرة حول هذا الالتباس حيث قال أن الوثيقة الدستورية تحدثت عن خضوع جهاز المخابرات للسلطتين السيادية والتنفيذية، وهذا طبعًا استحداث جديد، حيث كان في السابق جهاز الأمن يخضع فقط لرئيس الجمهورية، وبما أن الوثيقة الدستورية ذكرت أن هذا الخضوع لجهاز الأمن للسلطة السيادية والتنفيذية يكون وفقًا للقانون، وبما أنه لم يصدر أي قانون جديد حتى هذه اللحظة، رغم صدور تعديلات في بعض نصوص قانون جهاز المخابرات مثل أن تم تغيير اسمه وحصر مهمته فقط في جمع المعلومات، إلا أن هذه التعديلات لا تلغي خضوعه لرئاسة الجمهورية، وبما أن كل سلطات رئيس الجمهورية آلت إلى رئيس مجلس الوزراء يكون لحمدوك السلطة الكاملة على جهاز المخابرات.

وبعد. على رئيس الوزراء مراجعة الجهات القانونية التابعة له وعلى رأسها وزارة العدل، لتقديم رأي قانوني حول مسألة الصلاحيات هذه، وإذا اثبتت الجهات القانونية نفاذ سلطاته وصلاحياته على جهاز المخابرات العامة فبإمكانه إجراء التعديلات التي يبيحها له القانون.

ومن أهم التعديلات التي يجب أن تتم في هذا الجهاز الحساس والمؤثر على عمل الحكومة الانتقالية، هي غل يده الباطشة بالباطل التي تعيث فسادًا حتى اللحظة، حيث يقوم بإرسال عصاباته لمتابعة تحركات المواطنين والتعرض لهم بالضرب والإيذاء والتهديد، ومضايقة أنشطة القوى السياسية والجماعات ومنع قيام فعالياتها، والتربص بلجان المقاومة واستدراجها لعقد اجتماعات مع قادة الجهاز وعلى رأسهم أبوبكر دمبلاب رئيس الجهاز وقائد الدعم السريع حميدتي بقصد استمالتهم لحرف الثورة عن مسارها وتأليبها ضد الحكومة الانتقالية.

 

اقرأ/ي أيضًا

المؤسسات الإعلامية والصحفية.. مهام المرحلة وصلاحيات الوزير

جنوب السودان.. حرية الصحافة في مواجهة تكميم الأفواه