منظمة طبية: كارثة إنسانية في الفاشر بسبب الحصار والهجمات

حذّرت منظمة "ميدغلوبال" الطبية الدولية في تقرير جديد بعنوان "النجاة من الحصار: أصوات من الفاشر، السودان" من تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل حاد في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، نتيجة للحصار المفروض عليها منذ أكثر من 500 يوم من قبل قوات الدعم السريع، وسط مخاوف من هجوم شامل يهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين.

ووفقًا للتقرير الصادر منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2025، يعيش سكان الفاشر البالغ عددهم نحو 260 ألف شخص في ظروف وصفتها المنظمة بأنها "حافة البقاء على قيد الحياة"، بعد أن قطعت قوات الدعم السريع طرق الإمداد وأغلقت ممرات الهروب، ما أدى إلى نقص كارثي في الغذاء والماء والدواء وانهيار الخدمات الصحية بشكل شبه كامل.

المدير التنفيذي لمنظمة ميدغلوبال: أجبر اليأس الناس على خوض رحلة محفوفة بالمخاطر شمالًا دون أدنى فكرة عن مكان معيشتهم أو سبل بقائهم على قيد الحياة

وصرح جوزيف بيليفو، المدير التنفيذي لمنظمة ميدغلوبال: "أجبر اليأس الناس على خوض رحلة محفوفة بالمخاطر شمالًا دون أدنى فكرة عن مكان معيشتهم أو سبل بقائهم على قيد الحياة". وأضاف: "لا يتخذ الناس مثل هذه الإجراءات اليائسة إلا عندما يكونون تحت ضغط شديد". وبحسب التقرير الذي اطلع عليه "الترا سودان"، عند وصفهم للحياة في الفاشر، أشار المشاركون إلى "الموت" و"الجوع والخوف" و"القتل والاغتصاب" و"التهديدات المسلحة والضرب والإذلال"، مما يدل على معاناة السكان من صدمة نفسية شديدة ومستمرة.

وأشار التقرير إلى أن 81% من السكان لا يشعرون بالأمان أثناء التنقل داخل المدينة، فيما أفادت ربع الأسر عن وفاة أحد أفرادها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، نتيجة القصف المدفعي والعنف المستمر. كما قال نصف المشاركين في الاستطلاع إنهم تعرضوا للعنف مباشرة، بينما شهد 71% أعمال عنف ضد مدنيين.

أما من ناحية الأمن الغذائي، فقد أوضحت المنظمة أن 75% من السكان لا يحصلون على الطعام بانتظام، وأن نصف السكان تقريبًا لا يجدون الماء، في ظل انعدام المساعدات الإنسانية وانهيار الأسواق المحلية. وأشار التقرير إلى أن واحدًا من كل خمسة أطفال دون سن الخامسة يعاني من سوء تغذية حاد، بينما بلغت نسبة سوء التغذية بين النساء الحوامل والمرضعات 38%.

كما ذكر التقرير أن 91% من منازل الفاشر دُمرت أو نُهبت، فيما أصبحت المرافق الصحية "خارج الخدمة" بسبب الهجمات المتكررة. وأفاد 86% من السكان بانقطاع الاتصالات تمامًا، مما جعل المدينة معزولة عن العالم الخارجي.

وأوضحت "ميدغلوبال" أن فريقها أجرى مسحًا ميدانيًا بين 15 و20 أيلول/سبتمبر 2025 في مناطق نزوح بمدينة الدبة بالولاية الشمالية، شمل مقابلات مع نازحين فروا من الفاشر، في إطار عملية تحقق متعددة المراحل لضمان دقة البيانات.

وقالت المنظمة إن المعاناة في الفاشر ليست مجرد نتيجة عرضية للحرب، بل نتيجة مباشرة لتكتيكات الحصار التي تُنفّذ ضد المدنيين. كما أعربت عن خشيتها من تكرار مذبحة مخيم زمزم التي حدثت في نيسان/أبريل 2025، التي أسفرت عن مقتل المئات وتشريد نحو 400 ألف شخص، خاصة مع استمرار قوات الدعم السريع في بناء جدار حول المدينة.

ودعت "ميدغلوبال" المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل للضغط من أجل فتح ممرات آمنة للمدنيين، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المدينة، ووقف إطلاق النار حول الفاشر.

وأشار التقرير إلى أن السودان يعيش واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، إذ يحتاج أكثر من 30 مليون شخص إلى المساعدة، فيما نزح أكثر من 12 مليونًا منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع قبل عامين.