18-يونيو-2020

سد النهضة (Getty)

كما كان متوقعًا فقد تعثرت المفاوضات الافتراضية الجارية بين الخرطوم، القاهرة وأديس أبابا في حضور مراقبين من الولايات المتحدة الأمريكية، مفوضية الاتحاد الأوربي وجنوب أفريقيا، وطلب الجانب السوداني إحالة القضايا الخلافية إلى رؤساء الوزراء في الدول الثلاث للوصول لتوافقٍ سياسي بشأنها.

إحالة الملفات العالقة بشأن سد النهضة  لرؤساء الوزراء في الدول الثلاثة بعد تفجر خلافات مفاهيمية في الجوانب القانونية

وشكلت الجوانب القانونية العقبة الأبرز التي اصطدمت بها جولات التفاوض رغم التقدم المعتبر الذي تم تحقيقه في الجوانب الفنية المتعلقة بملء و تشغيل سد النهضة، وقال السودان إن الخلافات في الجوانب القانونية كشفت عن خلافات مفاهيمية حقيقية بين الأطراف الثلاثة حول عدد من القضايا، على رأسها مدى إلزامية الاتفاق وآلية حل النزاعات و عدم ربط الاتفاق بأي اتفاقيات أخرى باعتبار أن الاتفاق الحالي يفترض أن يتعلق بملء و تشغيل السد وليس بتقاسم حصص المياه بين الدول الثلاثة.

اقرأ/ي أيضًا: حملات تفتيش لمتابعة الالتزام بالتدابير الصحية بولاية الجزيرة

ووفق لمصدرٍ مأذون  تحدث لـ"ألترا سودان" فإن أسباب تعثر المفاوضات هو رفض أديس أبابا لاتفاقية  طويلة الامد، والدفع بوثيقة جديدة أغلقت الطريق أمام توقيع اتفاقٍ ملزمٍ بشأن استخدام المياه في حال سنوات الجفاف والجفاف الممتد.

وعلى ضوء هذه التطورات، طلب الوفد السوداني إحالة الملفات الخلافية لرؤساء الوزراء في الدول الثلاثة للوصول لتوافق سياسي بشأنها بما يوفر الإرادة السياسية التي تسمح باستئناف المفاوضات في أسرع وقت بعد التشاور بين وزراء الري في الدول الثلاثة.

وأعادت المفاوضات الثلاثية الجدل من جديد بشأن اتفاقية 1959 الموقعة بين مصر والسودان والخاصة بتقاسم حصص المياه، إلا أن الوفد السودان اعتبر اقحام هذه الاتفاقية في المفاوضات الراهنة يعقد المشهد لا سيما وأن إثيوبيا غير معترفةٍ بها. وأكد وزير الري والموارد المائية ياسر عباس، أن التفاوض الحالي معني بقواعد ملء وتشغيل سد النهضة وليس لتقاسم حصص المياه.

وزير الري والموارد المائية السوداني

وأوضح تصريحٌ صحفيٌ صادرٌ عن وزارة الري، مواصلة المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا و السودان برئاسة وزراء الري في البلدان الثلاثة، وسبقت  الجلسة اجتماعات اللجان الفنية والقانونية سعيًا للتوصل لحلولٍ مرضيةٍ و عادلةٍ حول القضايا الخلافية.

وابدى الوزير تخوفه من المخاطر التي يمكن أن تنجم عن ملء بحيرة السد بدون التوصل لاتفاق، وأشار في مؤتمرٍ صحفيٍ عقده بوكالة السودان للأنباء إلى أن السعة التخزينية لسد النهضة تبلغ (74) مليار متر مكعب، وهي تساوي (10) أضعاف السعة التخزينية لسد الروصيرص، واعتبر تشغيل الأخير مغامرة وقال: "ما لم يتم التنسيق، فإن هنالك مخاطرة فى تشغيل سد الروصيرص الذي يبعد حوالي (100) كيلومتر من سد النهضة، وأشار إلى أن بحيرة سد الروصيرص تمتد إلى الحدود السودانية الإثيوبية، وتبعد (15) كيلو متر من سد النهضة، لذلك جدد السودان رفضه الملء الأحادي لسد النهضة.

اقرأ/ي أيضًا: تمديد الحظر لمدة 10 أيام وبدء تفويج العالقين بالخارج ابتداءً من الأحد

وأكد أن الأتيام الفنية السودانية فى جميع مراحل التفاوض كانت وما زالت تضع مصلحة السودان والأجيال القادمة في المقدمة، مجددًا التزام الحكومة بمراعاة مصلحة السودان فى جميع مراحل مفاوضات سد النهضة التى لا تتعارض مع مصلحة مصر وإثيوبيا.

حرص وزير الري على إحاطة قادة الأحزاب السياسية وخبراء الري السابقين، بآخر المستجدات في الملف، ودعا القوى السياسية والشارع السوداني إلى الاصطفاف خلف موقف الحكومة

 واعتبر عباس  أن الوفود الثلاثة تجاوزت الاصعب وهي خلافات النقاط الفنية، وأن الجوانب القانونية تحتاج إلى قرارٍ سياسي أولًا وأخيرًا، واستبعد حدوث توترات عسكرية على خلفية ملء السد في تموز/يوليو المقبل، وأكد أن لا حل إلا عبر المفاوضات.

وقبل (48) ساعة من انهيار المفاوضات، حرص الوزير على إحاطة قادة الأحزاب السياسية وخبراء الري السابقين، بآخر المستجدات في الملف، ودعا القوى السياسية  والأحزاب والشارع السوداني إلى الاصطفاف خلف موقف الحكومة، وعول الوزير على وعي الشعب السوداني، وسط حجم المعلومات المتدفقة من وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية، وأشار إلى أن الجانب السوداني في المفاوضات ظل مهمومًا بتمليك الشارع السوداني وقادة العمل السياسي تفاصيل ما يجري حول مسألة السد، وشدد على أن التفاوض يجري وفق مصالح السودان أولًا وأخيرًا.

وأعلن خلال التنوير، حرص الوزارة كجانبٍ فني على الابتعاد عن أية محاولات للاستقطاب، وجدد  التأكيد على أن فوائد سد النهضة للسودان أكبر بكثير من مثالبه، وأن الجانب السوداني اطمأن على سلامة وأمان السد في مرحلة التصميم والإنشاء، وأضاف: فقط تبقى الوصول لسلامة تشغيل سد الروصيرص بعد الملء الأول وذلك من خلال ما نتفاوض حوله حاليًاِ.

 فيما أعلنت مكونات بقوى الحرية والتغيير مساندتها لوفد السودان التفاوضي الخاص بسد النهضة، في وقتٍ أكد عباس أن الملف "قضية  وطنية" لا تتحمل أي تجاذباتٍ سياسية.

الحزب الشيوعي: يطالب بإدارج  بند للتعويضات في الاتفاقية تحسبًا لأي آثارٍ بيئةٍ أو اجتماعيةٍ تنتج عن قيام سد النهضة

وأبدي القيادي في قوى الحرية والتغيير والحزب الشيوعي صديق يوسف،اطمئنانه للخطوات الفنية، ودعا إلى ضرورة إدراج بند للتعويضات لأي آثارٍ بيئةٍ أو اجتماعيةٍ تنتج عن قيام السد. بينما قال القيادي بقوى الحرية والتغيير بحزب المؤتمر السوداني عبدالكبير آدم، أن السند السياسي للموقف الرسمي الحكومي مهم، ولفت إلى أن القوى السياسية ليس لديها خيار غير الوقوف مع مصلحة البلاد ودعم الوفد المفاوض، وأجري  وزير الري الأسبق كمال علي، مداخلةً هاتفية أثناء التنوير طالب خلالها بضرورة التحوط لأي موقف أحادي ينتج من أي طرف.

وفي تطورٍ لاحق، دعا مجلس الأمن القومي الأمريكي، القيادة الإثيوبية إلى ضرورة إبرام صفقة عادلة مع دول المصب المتضررة من بناء سد النهضة قبل بدء ملء السد.

وكتبت الصفحة الرسمية لمجلس الأمن القومي على موقعه "تويتر" : "257 مليون شخص في شرق أفريقيا يعتمدون على إثيوبيا في إظهار قيادتها القوية لإبرام صفقة عادلة، حان الوقت لإنجاز الصفقة قبل ملء السد من النيل".

وزير الري المصري
وزير الري المصري

فيما صرح وزير الموارد المائية والري المصري، محمد عبد العاطي، في أعقاب انتهاء اجتماع وزراء المياه في مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة الإثيوبي أمس، أن المفاوضات  التى أجريت على مدار الفترة الماضية لم تحقق تقدمًا يذكر، وذلك بسبب رفض إثيوبيا خلال مناقشة الجوانب القانونية أن تقوم الدول الثلاث بإبرام إتفاقية ملزمة وفق القانون الدولي، وتمسكت بالتوصل إلى مجرد قواعد إرشادية يمكن لإثيوبيا تعديلها بشكل منفرد، حسب تعبيره. 

اقرأ/ي أيضًا: الفنون في زمن كورونا

واختتم عبد العاطي تصريحاته بالإعراب عن التقدير العميق لمبادرة السودان للدعوة لهذه الاجتماعات ومساعيه الجادة لدعم المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق.

جاء بيان وزارة المياه والري والطاقة الإثيوبي مخالف لما ذكره السودان بشأن إحالة الملفات الخلافية لرؤساء الوزراء

بينما جاء بيان وزارة المياه والري والطاقة الإثيوبي مخالف لما ذكره السودان بشأن إحالة الملفات الخلافية لرؤساء الوزراء،  وقال: وفد السودان سعي  إلى الإبلاغ عن التقدم المحرز والتماس التوجيه من رئيس وزراء السودان، ولفت إلى أن الفرق الفنية والقانونية للدول أجرت مشاورات في جلسات متوازية قبل الاجتماع الوزاري. وأبلغت الفرق نتائج عملها إلى الاجتماع الوزاري الثلاثي، على أن يتم حل أبرز القضايا الفنية من خلال التفاوض.

وزير الري الإثيوبي
وزير الري الإثيوبي

واعتبر الجانب الإثيوبي أنه بغض النظر عن ضمان التشغيل، فإن المفاوضات تتطلب الحيطة لحماية الحق الدائم لإثيوبيا على النيل الأزرق، وهو ما يتطلب من المفاوضات مع حكومتي مصر والسودان أن تتخذ طريقًا مبصرًا يؤدي إلى تعاونٍ مستدامٍ يحترم سيادة البلدان والمنفعة المتبادلة.

اقرأ/ي أيضا: 

شمال كردفان: وصول 222 ألف جالون جازولين للمشاريع الزراعية

السلام.. النقاش مستمر للترتيبات الأمنية مع اقتراب الوقت المضروب للتوقيع