14-يونيو-2020

(journalofethics)

اشتعلت "حرب التصريحات" عبير بيانات صدرت من وزارتي الصحة والمالية إثر إحتجاج وزير الصحة الاتحادية أكرم علي التوم على عدم ضخ وزير المالية المنح الدولية المخصصة لمجابهة فيروس كورونا إلى القطاع الصحي. وتقدر هذه المنح بعشرات الملايين من الدولارات، حيث جاءت من البنك الدولي (70) مليون دولار، وبنك جدة الإسلامي (35) مليون دولار، إلى جانب (42) مليون دولار تعهدت بها الأمم المتحدة، و(23) مليون دولار من الولايات المتحدة الأميركية، فيما أعلنت المالية أنها دفعت بالمكون المحلي حوالي ستة مليارات جنيه في آذار/مارس الماضي و(25) مليون جنيه لاحقًا.

نصح أكرم التوم وزارة المالية بترشيد الإنفاق الحكومي خاصة المشتقات النفطية والمنصرفات الجارية والتحكم والاستفادة من موارد النظام السابق مثل العقارات وحسابات البنوك والأصول والشركات وحظر استيراد السلع الكمالية

وانعقد اجتماع بين وزير الصحة أكرم علي التوم وزير المالية إبراهيم البدوي ورئيس مجلس الوزراء الأربعاء الماضي، تقدم فيه وزير الصحة باستفسار عن أوجه صرف المنح الدولية المخصصة لفيروس كورونا.

اقرأ/ي أيضًا: التقرير الوبائي اليومي: 149 إصابة جديدة بفيروس كورونا و20 وفاة و138 حالة تعافٍ

الإجابة التي حصل عليها وزير الصحة كانت غير متوقعة، حيث أدلى وزير المالية في الاجتماع الذي خصص لمناقشة أزمة الدواء بمعلوماتٍ عن أوجه الصرف، وقال إنه أنفق جزءً منها لتغطية ديون كهرباء بورتسودان وأغراض اقتصادية ملحة لا تنتظر التأجيل ولا تقل أهمية عن القطاع الصحي على حد قول وزير المالية.

بينما أبلغ وزير الصحة أكرم علي التوم مجلس الوزراء أن القطاع الصحي وملف الأدوية يحتاجان إلى هذه المساعدات، وذهب إلى أبعد من ذلك وأرسل خطابًا تأكد "ألترا سودان" من صحته إلى رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك ووزير المالية، يطالب فيه وزارة المالية بتوفير النقد الأجنبي شهريًا لغرض استيراد الأدوية، لأنها منذ بداية العام 2019 لم تلتزم بتوفير النقد الأجنبي للأدوية.

كما نصح خطاب وزير الصحة وزارة المالية بترشيد الانفاق الحكومي خاصة المشتقات النفطية والمنصرفات الجارية والتحكم والاستفادة من موارد النظام السابق مثل العقارات وحسابات البنوك والأصول والشركات وحظر استيراد السلع الكمالية.

وشدد على أن: "انفراد وزارة المالية بتحديد موارد الوزارات الأخرى انتهى يوم أدت هذه الحكومة القسم بعد ثورة مهرها الشعب بدماء الشهداء لكي يتم تصحيح مثل هذا الفهم داخل السلطة".

ونقلت مصادر مطلعة لـ"ألترا سودان"، أن وزير الصحة أكرم علي التوم يعتقد أن تخلي الدولة عن دعم الأدوية سيجعلها غير متاحةٍ للمواطنين، لأن التحرير الكلي للأدوية انتحار سياسي واقتصادي".

وأوضحت المصادر التي اشترطت حجب أسمائها، أن وزير الصحة "نبه" وزارة المالية إلى أهمية حماية الشبكات الاجتماعية والاستمرار في دعم الأدوية، مع التزامها بهيكلة قطاع الاستثمار في الشق الصيدلاني والدوائي بما يتناسب مع أهداف الثورة.

ويرى وزير الصحة طبقًا لهذه المصادر أن: "الثورة جاءت من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، والتزام الحكومة بدعم الصحة ومجانيتها واحد من الأهداف الأساسية، ولا يمكن التخلي عن دعمها".

اقرأ/ي أيضًا: وزارة المعادن تورد للمالية عوائدها ذهبًا خالصًا ابتداءً من الشهر الجاري

وأضافت المصادر: "وضع وزير الصحة خططًا لطرح بعض الأدوية مجانًا في المراكز الصحية والمستشفيات خاصة أدوية الأمراض المزمنة بالإضافة لضغط وتركيز سعر غالبية الأدوية".

مصادر: وزير الصحة وضع خطة كاملة بعيدة المدى وقصيرة المدى حول الأدوية تتضمن توزيع أصناف منقذة للحياة مجانًا في أقسام الطوارئ بالمستشفيات الحكومية التي قرر إعادة تشغيل المتعطل منها

ويشترط وزير الصحة أكرم علي التوم وضع زيادة تتناسب مع تحريك الدولار المخصص لاستيراد الدواء من (47) جنيها إلى (55) جنيهًا وفقًا للسعر الرسمي للبنك المركزي، ولا يمكن وضع زيادات بنسبة (160)% بحسب المصادر.

وأكدت المصادر أن وزير الصحة وضع خطة كاملة بعيدة المدى وقصيرة المدى حول الأدوية تتضمن توزيع أصناف منقذة للحياة مجانًا في أقسام الطوارئ بالمستشفيات الحكومية التي قرر إعادة تشغيل المتعطل منها منذ سنوات الوزير السابق بولاية الخرطوم والمقرب من عمر البشير، مأمون حميدة.

وكشفت المصادر أن وزير المالية إبراهيم البدوي يسعى للتحرير الكلي للأدوية والسماح للشركات بتسعير الأدوية وفقًا لسعر الدولار الأمريكي في السوق الموازي، مع وضع خططٍ لدعم الصناعة الوطنية والعمل على الاقتصاد الكلي لكبح سعر الصرف، لكن هذه الخطط تواجه بالرفض من وزارة الصحة التي نقلت مخاوفها لمجلس الوزراء من أن تحرير الدواء بالكامل سيؤدي إلى "سحق القطاعات الاجتماعية الفقيرة".

وأعلن وزير الصحة بحسب المصادر أن الدولة يجب أن تكون موجودة في القطاع الدوائي والصناعي للأدوية، وتركهما لآلية السوق سيدمر القوة الشرائية للمواطنين للمنتجات الدوائية خاصةً المنقذة للحياة، لأنها ستكون في مرتبة واحدة مع السلع الاستهلاكية التي تشهد ارتفاعًا جنونيًا كل يوم.

وأضافت ذات المصادر: "وزير الصحة يواجه حربًا من مافيا الأدوية التي تضم عناصر من النظام السابق تملك مصانع وشركات الأدوية وتحاول خنق الحكومة عبر تجفيف الصيدليات من الأدوية للحصول على قرار بتحرير كامل للدواء، ويقف وزير الصحة وحيدًا في هذه المعركة التي يتقدم فيها مافيا تحرير الدواء بمساندة من وزارة المالية".

وكشفت المصادر أن وزير الصحة لديه حل أخير باللجوء إلى دول أخرى لاستيراد الأدوية حال عدم التوصل إلى توافق مع مصانع وشركات والأدوية، مشيرةً إلى أن وزير الصحة لا يزال يعتقد أن دعم الصناعة الوطنية هو الحل، ولكن ليس على حساب المواطنين.

فيما نفت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي المعلومات التي نشرت عن تصرف وزارة المالية في الإعانات أو المنح العينية أو النقدية التي قُدمت للسودان لمجابهة الكورونا لأغراض أخرى، ووصفتها بالـ"إشاعات".

وأكدت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي في بيانٍ نشرته مساء السبت أن الإعانات والمنح التي وصلت السودان  وظفت بالكامل لمجابهة الوباء وسُلمت بالكامل إلى وزارة الصحة الاتحادية أو للجهات المختصة الأخرى.

اقرأ/ي أيضًا: الحكومة ومصانع الأدوية وشركات الاستيراد.. معركة كسر العظم

وأعلن البيان أن المالية لم تتصرف في أي جزء من هذه المبالغ لغير الهدف بواسطة الوزارة أو من أي جهة أخرى مؤكدًة بأنها قدمت دعماً مقدرًا مباشرةً لوزارة الصحة الاتحادية قيمته ستة مليار جنيه سوداني لمجابهة الجائحة كدعم استثنائي إضافي للميزانية المعتمدة.

وزارة المالية: نقوم بتوظيف ما تيسر من موارد النقد الأجنبي المتاحة للإمدادات الطبية واستيراد القطاع الخاص للدواء

وقال بيان وزارة المالية: "دفعت المالية حوالي ثلاثة مليار جنيه سوداني لتمويل مشروع وزارة العمال والرعاية الاجتماعية لدعم الأسر المتعففة المتضررة من الإغلاق". وأكد بيان وزارة المالية أن: "المالية تفضل دعم الصناعة المحلية للأدوية وإتاحة استيراد مدخلات الإنتاج وفي نفس الوقت التمويل الكافي لتوسيع مظلة التأمين الصحي لتحقيق هدفين هما توطين صناعة الأدوية وتوفير الدواء للمواطن بأسعار معقولة". وقالت المالية إنها توظف ما تيسر من موارد النقد الأجنبي المتاحة للإمدادات الطبية واستيراد القطاع الخاص للدواء.

اقرأ/ي أيضًا

اضطراب المشهد السياسي.. والحلول العاجلة والآجلة

دخلوا أحياء وخرجوا موتى.. كوفيد-19 يلحق أضرارًا بالغًة بمستشفيات الخرطوم