08-يناير-2025
سوق ابن مسعود بمدينة الأبيض

سوق ابن مسعود في الأبيض

انتشر الذعر بين مواطني مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، على خلفية أصوات عالية لانفجارات وقعت في الساعات الأولى من صباح الأربعاء 8 كانون الثاني/يناير 2025، إثر تعامل الدفاعات الأرضية للجيش مع مسيرات حلقت فوق بعض المناطق القريبة من الحامية العسكرية.

يتعين على المواطنين الذين يرغبون في النزوح سداد الأموال لقوات الدعم السريع على الطرقات، مع تحمل مخاطر عالية قد تصل حد القتل بالرصاص

وأفاد شهود عيان أن المسيرات حلقت في الجزء الشرقي من مدينة الأبيض، بعد منتصف الليل، وتصدت لها القوات المسلحة وأسقطت واحدة على الأقل بالمدينة التي تعد عاصمة الولاية وتخضع لسيطرة الجيش.

وقالت نادين التي تقطن وسط مدينة الأبيض لـ"الترا سودان"، إن المواطنين شعروا بالذعر نتيجة الانفجارات العالية، عندما تعاملت الدفاعات الأرضية مع المسيرة التي حلقت فوق بعض الأحياء السكنية، وكانت في طريقها إلى الحامية العسكرية على ما يبدو.

وتستخدم قوات الدعم السريع مسيرات حديثة تمتاز بدقة التصويب والتحليق لمسافات طويلة، وحصلت عليها مؤخرًا من الإمارات وفق الأمين العام لوزارة الدفاع السودانية، الذي أكدأن مثل هذه الطائرات ذات التحكم الأرضي لا يمكن منحها للقوات العسكرية دون بروتوكولات بين البلدين.

سلسلة الأزمات 

ويواجه المواطنون بمدينة الأبيض سلسلة طويلة من الأزمات المتعلقة بنقص السلع الاستهلاكية بسبب حصار قوات الدعم السريع، وتوقف لفترات طويلة لشبكات الكهرباء والاتصالات، وانعدام السيولة النقدية وشح مياه الشرب في غالبية الأحياء السكنية، وتراجع الخدمات الأساسية بسبب الحرب لتمويل الانفاق العسكري من السلطات المحلية، وفق شهادات العاملين في غرف الطوارئ.

وقال زهير وهو من العاملين بغرف الطوارئ بمدينة الأبيض لـ"الترا سودان"، إن الأزمة الإنسانية بلغت ذروتها في المدينة وأريافها ما بين انتهاكات الدعم السريع، ونقص السلع الأساسية وارتفاع أسعارها وتوقف مستمر للكهرباء والاتصالات وانقطاع المياه عن غالبية الأحياء السكنية، مشيرًا إلى أن الحكومة المحلية لا توفر الخدمات الأساسية، وتستخدم تسيير الشؤون العامة بالمحليات والوحدات الإدارية لأغراض الدعاية السياسية.

وذكر زهير أن الشاحنات التجارية تغامر بالوصول إلى الأبيض مقابل دفع المال لقوات الدعم السريع على الطرق البرية، وفي بعض المناطق التي لا تخضع لسيطرة أي طرف. يفرض رجال القبائل المسلحين الرسوم على الشاحنات تحت مزاعم حراستها من عصابات النهب.

وأضاف: "تحولت الأبيض والمدن التي تحيط بها إلى رقعة كبيرة من فوضى انتشار المسلحين وقوات الدعم السريع، والقبائل التي لجأت إلى تسليح نفسها لحماية مناطقها".

خروج الأسواق 

وتراجعت الأعمال التجارية في سوق الأبيض للمحاصيل الزراعية، على نحو كبير منذ اندلاع الحرب منتصف نيسان/أبريل 2023، وهجر المتعاملون في السوق النشاط التجاري المرتبط بحركة الإنتاج مع قلة الوارد والمهددات الأمنية.

ولا تقدم الحكومة المحلية خدمات مباشرة للمواطنين، كما عجزت وفق شهادت المواطنين في حل أزمة المياه، وخلال فصل الخريف لجأ غالبية السكان إلى جمع مياه الأمطار لأغراض الشرب والاستخدامات المختلفة.

وكان وزير المالية والتخطيط الاقتصادي بالحكومة القائمة بمدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة، جبريل إبراهيم، قال إن الأولوية ستكون للانفاق الحربي، ومن ثم تمويل قطاعات الصحة والتعليم خلال موازنة 2025، ما يعني أن ملايين السودانيين مع رفض الحكومة السودانية تقرير لجنة دولية بوجود مجاعة في خمسة مناطق جديدة، سيتعرضون إلى مخاطر قد تصل حد الموت جوعًا.

اضطر عشرات الآلاف من المدنيين إلى البقاء بمدينة الأبيض لسيطرة القوات المسلحة عليها طوال (21) شهرًا من الحرب

هل اقترب فك حصار الأبيض؟

واضطر عشرات الآلاف من المدنيين إلى البقاء بمدينة الأبيض لسيطرة القوات المسلحة عليها طوال (21) شهرًا من الحرب، على الوضع الأمني والعسكري، ومع ذلك دفع عشرات المدنيين حياتهم ثمنًا للقصف المدفعي، الذي شنته قوات الدعم السريع من الناحية الغربية، حيث تتمركز قوات حميدتي.

وتضم مدينة الأبيض مصفاة نفطية تأثرت بالعمليات الحربية، وتواجه الفرق الهندسية صعوبة في الحصول على ممرات آمنة، لأنها تقع في محيط عمليات عسكرية نشطة. في ذات الوقت، يستهدف الجيش وصول "متحرك الصياد العسكري" من تندلتي إلى أم روابة، المدينة الثانية في شمال كردفان بعد الأبيض، للسيطرة على طريق بري يضم مساحات زراعية واسعة.

وكان نائب القائد العام للجيش وعضو مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن شمس الدين كباشي، زار مدينة تندلتي بولاية النيل الأبيض الحدودية مع شمال كردفان، الثلاثاء 7 كانون الثاني/يناير 2025، وتوعد بدحر قوات الدعم السريع، ويعتبر التصريح مؤشر على عمليات عسكرية للقوات المسلحة نحو أم روابة خلال الأيام القادمة.