05-نوفمبر-2019

المخلوع البشير في قفص الاتهام (Getty)

دفعت المحكمة في قضية الرئيس عمر البشير بطلب للمجلس السيادي لرفع الحصانة عن المراجع العام الطاهر عبد القيوم تمهيدًا لمقاضاته نسبة لرفضه المثول أمامها، وفيما طالب الدفاع عن المتهم باتخاذ إجراءات تحد من تأثير الإعلام على سير العدالة، وانتقال المحكمة لموقع طلب الأموال موضوع القضية لتضارب الأقوال حولها، اعتبرت النيابة طلبات الدفاع محاولة لتعطيل مسار القضية.

تأخر وصول المتهم لقاعة المحكمة أثر على موعد بدء الجلسة والقاضي أعتذر للحضور

وكانت حالة من الترقب والتكهنات قد سادت داخل القاعة المخصصة لانعقاد محكمة الرئيس المخلوع عمر البشير، بمعهد تدريب القضاة بضاحية أركويت شرقي الخرطوم، حيث تأخر دخول المتهم لنصف ساعة عن الزمن المحدد لبداية الجلسة وهو العاشرة صباحًا، ما فتح الباب واسعًا أمام تكهنات بإرجاء الجلسة اعتقادًا بأن المرض ربما أقعد المتهم ومنعه من المثول أمام المحكمة، بعد ورود أنباء عن نقله الأسبوع الماضي من محبسه بسجن كوبر إلى مركز السودان للعيون بالخرطوم.

اقرأ/ي أيضًا: لتعزيز العلاقات الثنائية.. البرهان يتسلم رسالة من كير

وبدأ الصحفيون منذ وقت مبكر في التوافد إلى المحكمة لاجتياز الإجراءات الأمنية المشددة، التي يتعرض لها الوافدون للمحكمة، الذين يخضعون لتفتيش أمني دقيق آلي ويدوي، يشمل استخدام أجهزة الكشف عن المعادن، كما يحظر على الصحفيين إدخال الهواتف النقالة وآلات تسجيل الصوت والحواسيب الذكية، حيث تودع في استقبال المحكمة.

وبمرور الوقت بدأ الصحفيون في التقصي واستفسار منسوبي الشرطة والأمن عن سبب تأخر انعقاد الجلسة، والذين غالبًا ما كانوا يكتفون برسم ابتسامة عريضة دون الخوض في أي تفاصيل مع الصحافة، وعند العاشرة والنصف تمامًا دخل المخلوع إلى قفص الاتهام من باب خلفي للقاعة، وعندها ارتفعت أصوات أنصاره بالتهليل والتكبير، حيث قاد الهتاف رئيس كتلة المؤتمر الوطني بالبرلمان عبد الرحمن سعيد. وأبدى القاضي الصادق عبد الرحمن الفكي اعتذاره للحضور عن تأخير بدء الجلسة لنصف ساعة لظرف اضطراري.

اقرأ/ي أيضًا: أوروبا تدعم المناطق المتأثرة بالحرب والنزاعات في السودان

تعليق على المراجعة الطبية

وقال القاضي في رده على ما أثير قبل أيام عن نقل المعزول من سجن كوبر إلى مركز طبي طلبًا للاستشفاء، إن ظهور المتهم في أي موقع ليس معناها الإخلال بالإجراءات، وذكر أن دخول وخروج المحبوس" المنتظر" من وإلى السجن يختلف حسب وضعه وأهميته، فقد يأتي نزيل يقوده شرطي بأقل رتبة ومتهم آخر خلفه جيوش جرارة حسب تعبيره. وأضاف إن خروج متهم كان رئيسًا للجمهورية يختلف عن خروج "محمد أحمد الغلبان"-كناية عن المواطن العادي-، وأشار إلى أن كل ما يتخذ من إجراءات أمنية هدفه الحفاظ على النزيل، وذكر أن لوائح السجون منحت النزيل الحق في الاستشفاء في كل مرافق الدولة، وطالب القاضي مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بتوخي الحيطة والحذر والبعد عن الفتنة والإثارة والاطلاع على القوانين السائدة، وعدم الاكتفاء بقانون الصحافة والمطبوعات فقط.

المحكمة تودع منضدة المجلس السيادي طلبًا لمنحها الإذن لرفع الحصانة عن النائب العام

طلب لرفع الحصانة

وشهدت الجلسة إيداع المحكمة منضدة رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان، طلبًا، لمنحها الإذن لرفع حصانة المراجع العام الطاهر عبد القيوم تمهيدًا لمقاضاته، بعد رفضه المثول أمامها للإدلاء بشهادته كشاهد دفاع، بشأن أموال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وقال القاضي، إن جلسة السبت كانت محددة لسماع أقوال المراجع العام، الذي وصلت إفادة للمحكمة بتواجده في دولة روسيا منذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وأوضح القاضي أن المراجع ونوابه يتمتعون بحصانة إجرائية، تمنع اتخاذ أي إجراءات قضائية في مواجهتهم، إلا بإذن من رئيس الجمهورية الذي آلت بعض سلطاته لمجلس السيادة.

اقرأ/ي أيضًا: الحرية والتغيير تكمل تصورها للانتقال السياسي بالولايات

وسلم المدير التنفيذي للمراجع العام عباس الماحي، المحكمة إخطارًا من المراجع بالإنابة صلاح الدين محمد عثمان، يفيد بتواجد عبد القيوم في جنوب أفريقيا ممثلًا للسودان في أحد الاجتماعات.

دفاع المعزول: "عانينا من عدوان النيابة والآن من الإعلام"

هيئة الدفاع عن المتهم صوبت هذه المرة هجومها على وسائل الإعلام بعد ما هاجمت في الجلسات السابقة المحكمة نفسها والنيابة، وشكت الهيئة من تحامله وصنفته كعدو ودفعت بثلاثة طلبات للمحكمة، أولها المطالبة باتخاذ أشد الإجراءات اللازمة حيال وسائل الإعلام، وأكدت الهيئة أن التناول السياسي للقضية مضر بسمعة موكله والشهود، ويؤثر على سير العدالة وشدت "التأثير على العدالة يعتبر جريمة يحاسب عليها القانون". وأشار عضو هيئة الدفاع هاشم الجعلي إلى ما ورد في صحيفة الوطن الصادرة صبيحة يوم جلسة المحكمة، والتي أبرزت في عنوانها الرئيسي "توقعات بإدانة المخلوع في قضايا ثراء حرام"، وحددت مواعيد صدور الحكم خلال أسبوعين من سماع آخر شاهد، وقال الجعلي عانينا من عدوان النيابة، والآن من الإعلام.

فيما تمثل الطلب الثاني في السماح بإجراء معاينة للموضع الذي ضبطت فيه الأموال موضوع المحكمة، حيث ورد في محضر المحاكمة عبارة "بداخل منزله"، وفي موضع آخر "المكتب الملحق بمقر إقامته"، وطالب الدفاع في التماسه الثالث بإيداع منضدة المحكمة تقرير المقرر الأممي الخاص لحقوق الإنسان بشأن الحصار الاقتصادي، وأثره على التحويلات المالية من وإلى السودان، وطالب بتضمين التقرير ضمن وثائق المحكمة خاصة الصفحة (13)، وشدد على ضرورة حماية المتهم والدفاع من التأثير الضار للمحكمة.

النيابة: "طلبات الدفاع الهدف منها تعطيل إجراءات المحكمة"

غير أن النيابة سارعت بتسجيل اعتراضها على طلب الدفاع بشأن تقرير المقرر الخاص، واعتبرت أن التماس الهيئة بإعادة معاينة المكان الذي ضبطت فيه الأموال خطوة لتعطيل إجراءات المحكمة.

وعاب القاضي على الدفاع استغلال منصة المحكمة لمهاجمتها، وقال "ورد في إحدى الصحف أنني قاضي تجريم، وأقسم بالله أن المحكمة تبحث عن العدالة المجردة"، وأضاف "ومن شاء فليصدق ومن لم يشأ فذلك شأنه"، وأشار إلى أن العدالة ليس فيها غالب أو مغلوب أو منتصر ومهزوم.

وأكد القاضي أن سفاسف الأمور لن تثني المحكمة عن تحقيق العدالة، وأرجأ الجلسة القادمة إلى السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، لتزامن السبت المقبل مع عطلة المولد النبوي الشريف، وقال أن المحكمة لن تحدد جلسة للقرار ما لم تكتمل كل الإجراءات التي تكفل للمتهم كل حقوقه القانونية والدستورية.

القاضي: الدفاع استغل منصة المحكمة وهو أولى بالتوجيه لأنه سبق الصحف بالاستنتاج والتحليل

ورغم ما ذكره القاضي إلا أن الدفاع كان يرغب في اتخاذ إجراءات حيال الإعلام، حيث أشار عضو الدفاع إلى أن الهيئة لا تشكك في إجراءات المحكمة، ولكنها تعترض على ما يقال من قبل الصحف فكان رد القاضي: "لم يسلم من حديث الناس حتى الرسول (ص) والسيدة عائشة، ليس ذلك فحسب بل تحدثوا عن الله ذاته".

 

اقرأ/ي أيضًا

ضباط المراقبة الجويّة.. تهديد بالإضراب وقفل المجال الجوي السوداني!

"متفلتون" من جيش جوبا يقتلون 3 أشخاص بمنطقة "أبيي"