07-ديسمبر-2020

(AFP)

*تحت شمس الظهيرة القاسية في السودان، امرأة إثيوبية ترتدي جلبابًا أبيض طويلًا ترفع يديها نحو السماء في صلاة حزينة وملحة، مثبتةً بصرها على صليب مرسوم على كنيسة للاجئين الإثيوبيين في الحدود السودانية الإثيوبية بشرقي السودان.

تبكي السيدة ذات الجلباب الأبيض هي وغيرها من المصلين بصمت

السيدة هي من بين حوالي (400) من المؤمنين المسيحيين الأرثوذكس الذين حضروا أكبر قداس في كنيسة "جبريل" منذ أن أعيد افتتاحها قبل أكثر من أسبوع بقليل للاجئين في مخيم "أم راكوبة" بالقرب من الحدود مع إثيوبيا، بعد أن اندلع القتال في منطقة تيغراي الشمالية في تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم.

اقرأ/ي أيضًا: مشروع للشاعر أنس مصطفى لتوثيق ونشر النصوصِ الشِّعرية السودانية

تبكي السيدة ذات الجلباب الأبيض هي وغيرها من المصلين بصمت، بينما يقود الكاهن قداسًا رسميًا من أجل السلام والحق في العودة إلى الوطن.

وصرح القس أبّا غابريماسكال أدماسو، لوكالة "فرانس برس" بعد القداس قائلًا: "أواصل الصلاة ليلًا ونهارًا حتى يعود السلام إلى بلادنا، حتى نتمكن جميعًا من العودة والعيش في سلام ووئام".

في البدء كانت المجاعة والآن.. الحرب

يوضح أدماسو أن هذه ليست المرة الأولى التي تقيم فيها الكنيسة قداسًا للاجئين؛ فهي قد تم بناؤها في عام 1979 من قبل لاجئين إثيوبيين آخرين.

وكان من بين الذين حضروا القداس الأخير، بعض الذين يتذكرون لجوءهم إلى أم راكوبة في منتصف الثمانينات من القرن الماضي أثناء المجاعة الإثيوبية التي قتلت مئات الآلاف من الناس، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية التي عرفها القرن العشرين.

وفي العام 2000، ومع عودة معظم اللاجئين الإثيوبيين إلى وطنهم، أغلق المخيم والكنيسة.

ثم، وقبل أكثر من شهر بقليل، شن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد عمليات عسكرية في إقليم تيغراي، قائلًا إنها استهدفت قادة الحزب الحاكم بالإقليم؛ جبهة تحرير شعب تيغراي.

ومنذ ذلك الحين، التمس أكثر من (48) ألف إثيوبي اللجوء في سلسلة من المخيمات المنتشرة في منطقة الحدود الإثيوبية السودانية بشرق السودان، بما في ذلك قرية "أم راكوبة"، وفقًا لوكالة الأمم المتحدة للاجئين.

ومع أكثر من (95) في المئة من الإثيوبيين التيغراويين يعتنقون الإيمان المسيحي الأرثوذكسي، قرر القس أدماسو إعادة فتح أبواب كنيسة "جبريل".

يقول القس: "لا أحد يحب البقاء في بلد أجنبي، لأن كونك لاجئًا يعني أنك لا تتمتع بحرية.. وليس لك الحق في التنقل بحرية لأنك تحت الحماية".

ويضيف: "ما هو مهم جدًا بالنسبة لنا الآن هو السلام، لأن لدينا كل شيء في بلدنا. لكن الآن، فقدنا كل شيء، بما في ذلك ثقافتنا الجميلة".

لحظة عزاء

وكان العديد من اللاجئين الذين حضروا قداس الأحد قد فروا من منازلهم في تيغراي وهم لا يحملون شيئًا سوى الملابس التي يرتدونها.

ومع ذلك، يبدو أنهم بذلوا جهودًا للتنظيف من أجل الصلاة، وهي لحظة نادرة من العزاء والكرامة والعمل الجماعي في زمن حزين.

يقام القداس في الخارج تحت أشعة الشمس الحارقة، تحت صليب خشبي يعلو مبنى الكنيسة.

اقرأ/ي أيضًا: العلامات.. جينات المستحيل في العقل

تقول جيتا سهيلي، وهي واحدة من بين آلاف الإثيوبيين الذين نجوا من اللجوء في الثمانينات والذين اضطروا للعودة إلى السودان كلاجئين في الأسابيع الأخيرة: "لا توجد حياة بدون كنيسة، بالنسبة لنا الكنيسة مهمة للغاية".

لاجئة: عندما غادرت هذه الكنيسة، لم أتوقع أبدًا أنني سأضطر إلى العودة مرة أخرى

وتقول ميريسا راي، وهي امرأة مسنة وناجية أخرى من اللجوء المتكرر، ترتدي وشاحًا أخضر على كتفيها: "قبل ثلاثين عامًا كنت هنا، ثم عدت إلى بلدي. لكن الآن وبسبب الصراع، أنا هنا مرة أخرى في السودان، ما يجعلني حزينة للغاية.. عندما غادرت هذه الكنيسة، لم أتوقع أبدًا أنني سأضطر إلى العودة مرة أخرى".


*نشر بالإنجليزية على (France 24)

اقرأ/ي أيضًا

"صنع في السودان".. صناعات شبابية محلية تنافس العالمية

"محاكمة سبعة شيكاغو".. التاريخ يراوح مكانه