سجل الجنيه السوداني تراجعًا ملحوظًا أمام الدولار الأمريكي في السوق الموازي واقترب من (800) جنيه لواحد دولار للبيع و(810) جنيهات للشراء، فيما توقع خبراء اقتصاديون تخطي الدولار حاجز الألف جنيه في غضون شهرين ما لم تتخذ تدابير ناجعة من البنك المركزي.
اقتصادي يحذر من وصول الدولار الأمريكي إلى ألف جنيه سوداني في غضون شهرين
كما ارتفع الريال السعودي أمام الجنيه السوداني وبلغ (205) جنيهات للبيع و(210) جنيهات للشراء في السوق الموازي، نتيجة تزايد الطلب على العملات الصعبة كما يقول محمد الولي المتعامل في النقد الأجنبي.
آثار الحرب
الولي الذي يتخذ من ساحة رئيسية في مدينة بورتسودان مقرًا لتجارة العملة قال لـ"الترا سودان"، إن الطلبات كثيرة على النقد الأجنبي بسبب السفر إلى الخارج، إضافة لارتفاع الاستيراد للسلع الاستهلاكية بسبب توقف مصانع العاصمة الخرطوم منذ منتصف نيسان/أبريل الماضي، إثر نشوب النزاع المسلح بين الجيش والدعم السريع.
وقال الولي إن بداية خدمة إصدار الجوازات أيضًا من أسباب الارتفاع بسبب السفر إلى مصر والخليج ودول الجوار، ويأتي المسافرون لشراء الدولار من السوق الموازي، لذلك نحن نعمل على توفير كميات كبيرة على مدار اليوم، ويستغل المضاربون هذا المناخ لرفع السعر.
ورغم الارتفاع المتسارع للدولار الأمريكي، إلا أن سعر الصرف يتفاوت من مدينة إلى أخرى في السودان، ويبيع بعض التجار في السوق الموازي الدولار الأمريكي في مدينة ودمدني بسعر أعلى من مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، ويرتفع السعر أيضًا في بورتسودان.
تفاوت بين المدن
نصرالدين وهو تاجر عملات في مدينة ودمدني، قال لـ"الترا سودان" إن الطلب في ودمدني مرتفع أكثر من بقية المدن، والسعر متساو هنا مع بورتسودان بسبب التواصل بين السوق الموازي لتحديد السعر اليومي.
ويرى نصر الدين أن ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازي نتيجة طبيعية لانخفاض العملات الصعبة لدى القطاع المصرفي العمومي، وذلك بسبب توقف النشاط الاقتصادي في العاصمة الخرطوم وعدم إيجاد بدائل في المدن التي فر إليها النازحون بما في ذلك بورتسودان مقر الحكومة.
وجراء الارتفاع المتواصل للدولار الأمريكي في السوق الموازي ارتفعت أسعار تذاكر الطيران والسلع الاستهلاكية في المدن، وتضاعفت الأعباء المعيشية كما يقول المواطن والموظف في القطاع العام أحمد عبدالله الذي يعيش في مدينة عطبرة.
أولويات الاستيراد
يضيف عبدالله قائلًا: "لاحظت ارتفاع الأسعار عما كانت عليه قبل شهرين لدرجة الاستغناء عن العديد من السلع مثل الحليب واللحوم، وفي ذات الوقت هناك إغراق للأسواق بالسلع المستوردة، والتي يجب أن تخضع إلى ضوابط، فلا يمكن استيراد شحنات من المكسرات رديئة الصنع بالعملة الصعبة من بعض دول الجوار".
ويرى عبدالله أن الولايات يجب أن تمنح صلاحيات لوضع الأولويات في عمليات استيراد السلع من دول الجوار أو عبر الشحن الجوي والبحري، وهذا هو الوقت المناسب لاتخاذ تدابير فعالة، فلا يمكن في بلاد تخوض حربًا أن تستورد كل شيء بحجة سد النقص.
ومنذ منتصف نيسان/أبريل الماضي، ومع نشوب القتال، سجل الدولار الأمريكي ارتفاعًا متواصلًا أمام العملة المحلية، من (560) جنيهًا حتى وصل عتبة الـ(800) جنيه.
مرحلة "الثقب الأسود"
يقول الباحث في الشأن الاقتصادي محمد إبراهيم لـ"الترا سودان"، إن الوضع الاقتصادي دخل مرحلة "الثقب الأسود"، ويعني أن معالجة الأزمة تتطلب جراحة كبيرة في جميع أنحاء البلاد، وذلك بالنظر في قائمة السلع المستوردة وترتيب الأولويات وفقًا لحاجة السكان.
ويتابع قائلًا: "كما يجب السيطرة على إنتاج الذهب وتعويض النقص في العملات الصعبة من خلال إيرادات الذهب والحوكمة الاقتصادية عبر وزارة المالية للإيرادات المالية، وتشغيل موانئ بورتسودان لأنه على ما يبدو فإن هنالك نقصًا كبيرًا في الإيرادات بسبب عدم كفاءة الموانئ وتراجع إنتاج الذهب خلال الحرب".
وأردف محذرًا: "إذا ترك السوق الموازي للعملات الصعبة دون معالجات هيكلية للاقتصاد لن يتوقف الدولار الأمريكي عن الصعود، موجهًا الضربة القاضية للجنيه السوداني".
باحث: المتوقع إذا استمرت الأمور بهذه الوتيرة أن ينهار الاقتصاد كليًا
ويوضح إبراهيم أن العجز في الميزان التجاري قبل الحرب كان يتراوح بين ثلاثة إلى أربعة مليارات دولار سنويًا، من جملة (11) إلى تسعة مليارات دولار وهي القيمة الكلية للاستيراد في السودان، والمتوقع إذا استمرت الأمور بهذه الوتيرة أن ينهار الاقتصاد كليًا.