لقاء سويسرا.. المفاتيح الأمنية لوقف حرب السودان

كل شيء كان طبيعيًا في بورتسودان ظهيرة الثلاثاء 12 آب/أغسطس 2025، في أروقة مجلس السيادة الانتقالي يلتقي قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان سفراء على وشك مغادرة البلاد إلى البعثات الخارجية، في الوقت ذاته نشرت وسائل الإعلام معلومات عن لقاء جرى بين رئيس مجلس السيادة السوداني ومستشار البيت الأبيض للشؤون الأفريقية مسعد بولس في سويسرا.
لاحقًا تأكد السودانيون من حدوث اللقاء بعد أن عز عليهم الحصول على جهة رسمية تؤكد أو تنفي، بالمقابل فإن تأكيدات صادرة من وكالات الأنباء ووسائل الإعلام وضعت خطوط اللقاء وتفاصيلها على الطاولة لتزيح الستار عن الشكوك التي لاحقت المعلومات الأولية.

دبلوماسي: لقاء سويسرا بحث المواضيع الأمنية التي تتيح الوصول إلى وقف إطلاق النار أكثر من الحديث عن البنود السياسية

 

في سويسرا حضر وفد الدعم السريع للجلوس في مفاوضات مع الجيش بينما وضعت القوات المسلحة شروطها منتصف آب/أغسطس 2024 للموافقة على الذهاب إلى جنيف في ذلك الوقت، ثم دارت الشهور وتجددت سويسرا في آب/أغسطس 2025 وفي الفترة نفسها تحديدًا منتصف الشهر، وهذه المرة بين مستشار الشؤون الأفريقية في البيت الأبيض الذي طلب لقاءً مباشرًا مع قائد الجيش السوداني وفريقه الأمني.
لماذا لجأ مستشار ترمب مسعد بولس إلى طلب لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان؟ يجيب الباحث في الشؤون الدبلوماسية عمر عبد الرحمن قائلًا: "المستشار الأميركي أراد تحقيق اختراق لوقف الحرب في السودان من خلال معرفة شواغل قائد الجيش، وفي الوقت ذاته طرح الجانب الأميركي بنوده ومطلوباته".
يشير عبد الرحمن في حديث لـ"الترا سودان" إلى أن واشنطن تسعى إلى ضمان نجاح اجتماعات الرباعية من خلال كسر "الجدران السميكة" أولًا، عكس ترتيبات الإدارة الأميركية السابقة التي اكتفت بإرسال الدعوات للجانبين بالحضور إلى جنيف العام وفشلت استراتيجيتها.
ويوضح عبد الرحمن أن الولايات المتحدة توصلت إلى قناعة أن "المفاتيح الأمنية" هي التي تقود إلى وقف الحرب في السودان، وأن المطلوب في بداية الأمر ترتيب لقاء مع قائد الجيش السوداني وفريقه الأمني بشكل مباشر.
ولم يعلق مجلس السيادة الانتقالي بشكل رسمي على اللقاء الذي جرى بين قائد الجيش والمستشار الأميركي مسعد بولس في سويسرا الإثنين 11 آب/أغسطس 2025، وفق ما نشرت وكالة الأنباء الفرنسية وقبل ذلك موقع "استقصائي".
ويقول الباحث السياسي مصعب عبد الله لـ"الترا سودان" إن المجتمع الدولي يدرك أن الحرب سيما عقب انتقالها إلى كردفان ودارفور قد تستمر دون فكاك، إلى جانب ذلك فإن عوامل داخلية وخارجية جعلت الجيش يدرك صعوبة الاستمرار في القتال.
وتابع عبد الله قائلًا: "أرسل البرهان خارطة طريق إلى الأمم المتحدة في شباط/فبراير 2025 تعهد بتنفيذها، ابتدرها بتعيين رئيس وزراء حصل على اعتراف مبدئي من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة".
ويقول مصعب عبد الله إن المجتمع الدولي ينتظر من البرهان إكمال خارطة الطريق بوقف الحرب وبناء عملية سياسية ذات مصداقية، ولم يعد هناك وقت أمام قائد الجيش للاستمرار في الحرب، لذلك لا يمكن قراءة لقاء سويسرا بمعزل عن خارطة الطريق التي تعهد بها قائد الجيش مطلع هذا العام.
وحول لقاء سويسرا يقول مصعب عبد الله إن قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي طرح شواغله أمام المستشار الأميركي والمباحثات التي استغرقت ثلاث ساعات كانت جيدة وبناءة.
ويرجح الباحث السياسي مصعب عبد الله حدوث لقاء بين وفد الدعم السريع والمستشار الأميركي مسعد بولس، وربما يكون اللقاء قد تم فعلًا، مشيرًا إلى أن المساعي الدبلوماسية التي تقودها واشنطن في سويسرا لا يمكن أن تتجاهل عقد لقاء مع وفد الدعم السريع لضمان نجاح الاستراتيجية الجديدة.