14-يناير-2021

الحدود السودانية الإثيوبية (قناة العالم)

في اعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس حسني مبارك في العام ١٩٩٥، وفي ظل مخاوف أركان النظام البائد من عواقب تلك الجريمة، تمت استباحة أراضي السودان من قبل مصر وإثيوبيا كرد فعل انتقامي، وكانت الفشقة واحدة من منطقتين تعرضتا للاستيلاء هي وحلايب، وغالب الظن يومها أن ذلك كان مقدمة لهجوم شامل، غير أنه حالت دون وقوعه تقديرات إقليمية ودولية.

إن استرداد أي جزء من أراضي الوطن هو قيمة لأهلها الذين شردوا عن ديارهم وأراضيهم وفقدوها

ما حدث خلال الأيام الماضية من استرداد لمنطقة الفشقة بواسطة الجيش السوداني هو فعل صحيح، وينم عن ذكاء سوداني صميم، وخطوة في اتجاه استعادة القوات المسلحة لدورها، وهو فعل يجب أن يجد التشجيع في مواجهة سيادة ثقافة المليشيات التي نعاني منها، فهذه من قضايا الأمن القومي الحقيقية، استرداد أراضي بلادنا التي تعرضت للغزو والاحتلال، وهي قضية كبيرة وليست بالأمر الهين، واسترداد أي جزء من أراضي الوطن هو قيمة لأهلها الذين شردوا عن ديارهم وأراضيهم وفقدوها.

اقرأ/ي أيضًا: لجنة إزالة التمكين تستجوب رجل أعمال بشأن مشروع زراعي

شهدت هذه منطقة الفشقة هجومًا سيطرت بموجبه عصابات ومليشيات إثيوبية على أرض سودانية وسامت أهلها العذاب، فهرب الناس تاركين أراضيهم وممتلكاتهم، وفرضت تلك المليشيات التي روعت الناس قوانينها على ديارنا، وقد كتبت الصحافة عما يحدث هناك كثيرًا، ونشرت روايات تحكي عن كيفية تضرر مواطنين سودانيين من مجمل نشاط هذه المليشيات المحتلة لأراضينا.

إن القوات المسلحة السودانية ليست هي هذا القائد أو ذاك، هي قوات تتشكل من أفراد الشعب، وما كان أمثال النقيب "حامد الجامد" إلا فردًا وسهمًا من كنانتها هو ورفاقه، ومهما حدث لاحقًا فأفرادها يتمتعون بانضباط عسكري، وإن تم استغلاله يومًا بسبب غباء وتآمر، فسيدفع من قام بذلك الثمن، لكنها يجب أن تجد هذه القوات الإسناد في معركة تخصنا جميعًا، ولندرك أن هناك مواطنين سودانيين سيعودون لأراضيهم التي فقدوها، وهي معركة سنخوضها أجمعين، معركة استرداد الأراضي السودانية.

نحن لن.. ولا ندعو للحرب، لكننا ندعو لتوحيد جبهتنا الداخلية، فلا يمكن أن نواجه أخطار الداخل والخارج بمثل هذا التمزق والتفكك، وما نحتاجه حاليًا هو نشاط دبلوماسي يمنع الحرب ويفتح بابًا لصد غوائل التدخل الخارجي ومخاطر التصدع.

إثيوبيا وأهلها كرام وبررة، وهم أهلنا ولن يضار فرد منهم التمس السودان موطنًا، سواء من دفعته أسباب اللجوء أو الحروب وأختار السودان موطنًا، أو من دفعته ظروف الحياة وضيقها، ويجب أن تكون هذه المسألة واضحة حتى لا تسود لغة الغلو والتطرف والعنصرية، كما نتمنى إلا يضار سوداني في إثيوبيا بسبب ما حدث.

مصلحة البلدين تقتضي ألا يتحاربا وأن يفوتا الفرصة على من يريدون الصيد في الماء العكر

الحل الأمثل هو إدارة حوار دبلوماسي بين البلدين بدلًا عن سيادة روح العداء، نحن استرددنا أراض تخصنا وذلك فعل مطلوب في هذه المرحلة المتقلبة، كما إن مصلحة البلدين تقتضي ألا يتحاربا، الأذكياء وحدهم في البلدين هم من يدركون أن هناك معادلة يتوجب فهمها، وتفويت الفرصة على من يريدون الصيد في الماء العكر.

اقرأ/ي أيضًا

الناطق باسم الحكومة لـ"الترا سودان": قواتنا لم تتعد على إثيوبيا ولا نريد حربًا

مستشار حمدوك: إجازة الموازنة الأسبوع القادم.. وعضو بـ"قحت": موازنة تجويع