كيف يمكن انتزاع مدارس الخرطوم من أجواء الحرب؟
17 يونيو 2025
بعد إعلان ولاية الخرطوم بدء استئناف العمل في كافة المرافق الحكومية داخل الولاية، عاد مئات المعلمين من مختلف مناطق النزوح داخل البلاد إلى الولاية، لأجل الالتحاق بمدارسهم وممارسة مهنتهم الرسالية، متحدين بذلك جملة من الظروف القاسية التي تواجههم بسبب الحرب الدائرة منذ عامين.
يرى المعلم بالمدارس الابتدائية في مدينة الخرطوم، علي فضل السيد، إن قرار إعادة فتح المدارس في الولاية جانبه الصواب، مرجعًا ذلك لأسباب عدة، على رأسها المخاطر الأمنية، والخراب الذي طال المدارس، إضافة إلى أوضاع المعلمين وأسر الطلاب.
معلم: من المهم البدء مع الطلاب بمنهج علاجي نفسي يمتص آثار الحرب المدمرة
وكانت وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم أعلنت بدء الموسم الدراسي للعام 2025 في حزيران/يونيو الجاري، وطلبت من جميع المعلمين الحضور لمباشرة مهامهم التعليمية والتربوية، مؤكدة على فتح المدارس في الموعد المحدد.
وأدت الحرب خلال العامين الماضيين إلى تدمير البنية التحتية في العاصمة الخرطوم، كونها شهدت الشرارة الأولى لاندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، واستخدمت المدارس لتخزين الأسلحة وتدريب المقاتلين ومراكز لاعتقال المدنيين والأسرى.
المعلم فضل السيد يقول في إفادته لـ"الترا سودان": "كثير من المدارس طالها الخراب، بالإضافة إلى عدم توفر الأمن داخلها وفي محيطها. منطقة الخرطوم خرجت حديثًا من الحرب، وربما تكون هناك بعض الأجسام الخطرة التي يمكن أن تؤذي المعلمين والطلاب".
ويتابع: "قبل عودة الطلاب كان يجب أن تجوب فرق عسكرية متخصصة المدارس، مدرسة مدرسة، للكشف والتأكد من عدم وجود أجسام غير متفجرة وغيرها بما يعني توفير الأمن أولًا في البيئة المدرسية".
ويضيف المعلم فضل السيد: "كما ذكرت هناك مدارس طالها الخراب، بعضها تهدمت مبانيها سواء أكانت فصولًا أو مكاتب معلمين، وصارت غير صالحة لممارسة العملية التعليمية، أضف إلى ذلك والأهم أن معظم الطلاب والمعلمين هم في حالة نزوح ولجوء، ووصولهم إلى الولاية غير أنه مكلف ماديًا مرهق نفسيًا سواء كان للطلاب أو الأسر أو المعلمين".
أمس الاثنين 16 حزيران/يونيو 2025 أصدرت لجنة المعلمين السودانيين، بيانًا انتقدت فيه قرار ولاية الخرطوم بإلزام العاملين في الولاية بمزاولة العمل بداية من منتصف هذا الشهر.
وقالت اللجنة إن "العاملين بالتعليم في ولاية الخرطوم تفرقوا بين مناطق النزوح واللجوء، وزادت معاناتهم بالحرمان من الرواتب، ولم تصدر ولاية الخرطوم أي بيان توضيحي حول مصير صرف الأجور".
وقال البيان إن المدارس تصدعت وانهارت خلال الحرب، وهناك أجسام ومتفجرات قابلة للانفجار، ولم تعلن الولاية عن أي إجراء هندسي في هذا الصدد، أو التأكد من صلاحية المباني والمدارس لاستئناف العام الدراسي.
وأشار البيان إلى أن قرار إلزامية عودة العاملين يأتي في ظل ظروف صحية متدهورة، مع تفشي مرض الكوليرا وعدم إعلان السلطات الصحية عن انحساره أو احتوائه.
وأجملت لجنة المعلمين السودانيين مجموعة من الصعوبات التي ترى أنها تقف حائلًا من استمرار العملية التعليمية بالخرطوم، من بينها "انعدام المياه والكهرباء والغاز، والخدمات الصحية، والمواد الغذائية، والمواصلات، في غالبية أحياء ولاية الخرطوم، إلى جانب تدهور السيولة الأمنية، وانتشار السلاح خارج أيدي القوات النظامية"، كما أشارت إلى أن بعض المدارس تحولت إلى "مقابر جماعية".
حول مدى استعداد المعلمين لأداء دورهم أكد المعلم فضل السيد، أن معظم المعلمين عادوا من مناطق نزوحهم إلى ولاية الخرطوم، بعد إعلان القرار. مشيرًا إلى أن "المعلم مستعد في كل الأوقات وتحت كل الظروف لأداء عمله، فهذه هي رسالته في الوجود".
وقال: "يحدث هذا بالرغم من الظلم والإجحاف بحق المعلمين، لاسيما فيما يتعلق بالرواتب، فمنذ اندلاع الحرب وحتى حزيران/يونيو 2025 تأتي رواتب المعلمين كل ثلاثة أو أو أربعة شهور، والشيء المؤسف أنها تأتي مستقطعة في ظل هذا الواقع المتردي".
وبحسب إحصائيات غير رسمية أدت الحرب الدائرة في السودان إلى تشريد حوالي 15 ألف معلم من ولاية الخرطوم، و7 ملايين طفل، كما تأثرت نحو 3 آلاف مدرسة بالحرب بشكل مباشر.
يرى المعلم فضل السيد، في ختام إفادته لـ"الترا سودان" أن من الضروري قبل فتح المدارس إعادة النظر في المنهج التعليمي، فالطلاب وحتى المعلمين عادوا من بعد غياب امتد لعامين تحت ظروف حرب عنيفة وقاسية.
ويقترح فضل السيد أن "يكون هناك نظر في المقررات التي تدرس للطلاب ما بعد الحرب، وأرى أن أنسب منهج يوضع لفترة ما بعد الحرب، هو المنهج الذي يركز على الدعم النفسي للمتعلمين".
ويوضح بقوله: "بمعنى أن يكون التركيز والاشتغال بشكل أكبر على الجانب النفسي بالنسبة للطالب، وذلك بغرض امتصاص صدمة الحرب، وتهيئته ذهنيًا ونفسيًا لمواصلة التعلم".
ويتابع فضل السيد: "هذا الطالب فارق مقاعد الدراسة لسنتين على الأقل، وكثير من الطلاب فارقو الجو المدرسي لفترة طويلة جدًا، لكن من خلال المنهج الخاص المعتمد على التهيئة النفسية للطالب نعيد هذا المتعلم إلى البيئة المدرسية تدريجيًا بامتصاص صدمة الحرب، ومن بعد ذلك يمكن أن تدرس تلك المقررات التي كانت تدرس سابقًا".
موظف برئاسة ولاية الخرطوم، فضل حجب اسمه، يرى أن قرار عودة العاملين إلى ممارسة وظائفهم قرار صائب وفي أوانه. وبحسب قوله لـ"الترا سودان" فالعاصمة الخرطوم الآن آمنة، وتمكن الجيش من بسط سيطرته عليها منذ أشهر، وعودة العاملين يسهم في إنعاش الحياة بالعاصمة، ويخفف كثيرًا على المواطنين بتوفير الخدمات والإشراف عليها.
أما عن المدارس والخراب الذي طالها، فيقول موظف الولاية: "كله منظور، وتدريجيًا ستتم معالجة كل الإشكالات، والأجهزة الأمنية في الولاية تضع نصب أعينها قضية الأجسام غير المتفجرة والمواد الخطرة عمومًا من مخلفات الحرب".
بعد رحلة نزوح شاقة، أو غياب قسري مصحوب بالخوف والقلق داخل الخرطوم، يعود الآلاف من الطلاب إلى مدارسهم في مدن العاصمة المثلثة، آملين أن تستقر الأوضاع، وأن يجدوا الوقت الملائم لتعويض ما فاتهم من سنوات دراسية مهمة.
الكلمات المفتاحية

الخرطوم خالية من السكان.. متى يعود المواطنون؟
سؤال يطرحه السودانيون في دول اللجوء عما إذا كانت الأولوية لإعادة إعمار المرافق والمدن التي دمرتها الحرب أم العودة قبل ذلك. هذه الأسئلة تُطرح على شبكات التواصل بشكل شبه يومي.

هبة المهندس.. من مشوار المساء إلى رحلة علاج السرطان
بثت الإعلامية هبة المهندس تطمينات عبر مقطع فيديو على حسابها في "فيسبوك" للسودانيين. وقالت إنها مستمرة في رحلة علاج مرض السرطان بصورة جيدة وتقترب من التماثل للشفاء.

بالجهد الذاتي.. طبيبة بصريات تنير ظلام العيون في السودان
ترسم طبيبة البصريات رفيدة جمال لوحة إنسانية رائعة من خلال جهودها في مساعدة السودانيين الذين يعانون من مشكلات في البصر، حيث تعمل بجد لتقديم الرعاية الصحية والبصرية لهم، دون انتظار الدعم أو الرعاية من أي جهة

13 إصابة بينها حالتا وفاة بضربات الشمس بولاية البحر الأحمر
كشفت اللجنة الفنية للطوارئ الصحية بوزارة الصحة ولاية البحر الأحمر، عن تسجيل 13 حالة إصابة بضربات الشمس، بينها حالتا وفاة بولاية البحر الأحمر.

سيول مفاجئة تتسبب بنزوح عشرات الأسر في شمال دارفور
أعلنت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة أن السيول الناجمة عن أمطار غزيرة اجتاحت بلدة دار السلام في ولاية شمال دارفور خلال يومي 14 و15 تموز/يوليو الجاري

زيادة جديدة في الدولار الجمركي تحدث سخطًا في أوساط المستوردين بالسودان
قال متعاملون في التخليص الجمركي، إن الحكومة نفذت زيادة جديدة في التعرفة الجمركية الخاصة بعمليات الاستيراد، برفع القيمة من ألفي جنيه إلى 2400 جنيه اليوم الأربعاء.

الهلال والمريخ يعتذران عن خوض نهائي كأس السودان
أعلن ناديا الهلال والمريخ في بيان مشترك، أمس الثلاثاء، اعتذارهما عن خوض مباراة نهائي كأس السودان، المقررة في 26 تموز/ يوليو الجاري على ملعب بورتسودان، مبررين ذلك بجملة من التحديات التي رافقت مشاركتهما في البطولات خلال فترة الحرب.