رحل يوم أمس 15 كانون الأول/ديسمبر 2024، في العاصمة الكينية، نيروبي، نائب دائرة الرنك ببرلمان جمهورية جنوب السودان، الناشر والمثقف الجنوب سوداني دينق قوج، إثر علة مرضية لم تمهله طويلًا. عرف عن الراحل اهتمامه بالشأن السوداني، وانخراطه في المسائل التي تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين، كما عملت دار رفيقي للنشر التي يملكها على النشر للعديد من الكتاب السودانيين.
مع اندلاع الحرب في السودان وبداية لجوء السودانيين إلى جنوب السودان، كان دينق قوج من أبرز القادة الجنوب سودانيين الذين عملوا على تيسير وصول اللاجئين من الحرب في السودان إلى مناطق آمنة في البلد الشقيق
ومع اندلاع الحرب في السودان وبداية لجوء السودانيين إلى جنوب السودان، كان دينق قوج من أبرز القادة الجنوب سودانيين الذين عملوا على تيسير وصول اللاجئين من الحرب في السودان إلى مناطق آمنة في البلد الشقيق. وعبر صفحته على فيسبوك نشر توجيهات لمن وصلوا الرنك، وعمل على تنسيق الجهد الإنساني لمن تقطعت بهم السبل في طرقات النزوح واللجوء الخطرة.
نزل خبر وفاة المثقف الجنوب سوداني الكبير كالصاعقة على محبيه من السودانيين والجنوب سودانيين، فوحدت محبته الشعبين الشقيقين مرة ثانية، كأنها شهادة على حياة حافلة قادها الرجل، ومواقف مشرفة لا ينساها الناس.
مواقفه المشرفة هي بالضبط ما تطرق له الكاتب والشاعر السوداني مأمون التلب، الذي كتب عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوكـ متذكرًا فضائل الراحل دينق قوج. يقول التلب: "قضينا عشرة أيامٍ بمدينة الرّنك في طريق النزوح، وهي أيامٌ تتميّز بطول التفكير والتأمّل في قيمة السلام. فبعد العبور إلى المدينة الحدودية تتنفّس الصعداء فعلاً، وتبدأ أعصابك بالتراخي. في اليوم الثاني لوصولي وصلتني تحويلة مالية من دينق قوج، وجدتها في الصرافة، أنقذتنا جدّاً، عدد كبير من معارفي وجدوا حوالاتهم من قبلي ومن بعدي". ثم يتساءل التلب: "كيف سنصبر على الفراق الطويل بعد أن تركتَ بِنا شوقاً لن ينطفئ؟".
الكاتب السوداني قصي همرور كتب عن رحيل دينق قوج قائلًا إن خبر انتقاله "خبر مفاجئ ومحزن جدًا". أشار همرور إلى تواصله مع الأستاذ دينق في أواخر تشرين الأول/نوفمبر 2024، باعتباره المدير العالم لدار رفيقي للنشر، التي نشرت كتابه "سعاة أفريقيا" ورقيًا، طالبًا الموافقة على نشر الكتاب إلكترونيًا في نسخة مفتوحة للجميع، وكانت إجابة قوج "سريعة وواضحة"، بالموافقة.
يضيف همرور: "انطباعي عنه، عبر تعاملنا وعبر تواصلنا المباشر (وغير المباشر، في هذه الأسافير) أنه كان شخصا استثنائيا، ومن خيرة بني السودان الكبير".
وزير الثقافة والإعلام أثناء فترة الحكومة الانتقالية، الصحفي فيصل محمد صالح أيضًا كتب عن رحيل قوج. ودع محمد صالح دينق قوج واصفًا إياه بـ"ابن الوطن الكبير"، وقال: "انهد عمود سوداني باذخ...وانطفأ قلب ممتلئ بحب السودان الكبير حتى الثمالة".
الإعلامي السوداني الكبير الطيب عبدالماجد كتب كلمات رقيقة في رثاء دينق قوج. نشر عبدالماجد عبر صفحته على فيسبوك ناعيًا "المثقف اللطيف والكاتب الحصيف الذي غيبه الموت"، بحسب تعبيره، واصفًا إياه بأنه "كان منحازًا لروابط الإخاء بين شعبينا التوأم". يضيف الطيب: "كان (دينق) مثقفاً نادراً وصاحب رؤية خاصة في فلسفة العلاقة بين القطبين أعمل الإنسانية في السياسة فكانت (الكياسة) فقدره الجنوبيون وأحبه أهل الشمال وكان جسر محبة ورافعة ود بين الجميع".
الروائية العالمية من جنوب السودان ستيلا غايتانو وصفت رحيل دينق قوج بـ"الحزن الكبير". وصفت غايتانو دينق قوج بأنه "أخ" لها، وقالت: "بدري عليك يا دينق قوج".
كذلك عبر الروائي من جنوب السودان آرثر غابرييل عن الحزن في رحيل دينق قوج: "إنا لفراقك لمحزونون الأخ دينق قوج.. لترقد روحك في سلامٍ أبدي".
نعى السودانيون والجنوب سودانيين دينق قوج بصفته أخ وصديق وزميل، كما نعو فيه الحنين للسودان الكبير قبل استقلال جمهورية جنوب السودان. دينق قوج مثل حلقة وصل نادرة بين البلدين الشقيقين، وقبل ذلك الشعوب السودانية التي في تنوعها هي واحد تمثل في شخصه.