04-أغسطس-2021

بإمكان أطفال في بعض المدارس الخاصة بالخرطوم، يدرسون عبر نظام "منتسوري" معرفة  سيرة الشاعر الراحل محمد طه القدال، وكيفية التخلص من "البلاستيك" لحماية البيئة ومشاهدة لوحات دافينشي ومعرفة تفاصيل دقيقة عنها.

نظام منتسوري غير منتشر في السودان ويصعب تطبيقه مع توسع نسبة الفقر 

يبدو نظام التعليم الحديث "منتسوري " القادم من إيطاليا والمنتشر عالميًا غير مألوف لدى السودانيين لأن الغالبية ترسل أطفالها إلى مدارس مُلزمة بالنظام التقليدي الذي يعتمد على عنصر المعلم في تدريس المناهج المحلية، عكس "منتسوري" إذ يتيح الحرية للأطفال لتنمية المهارات الاعتماد على مبادراتهم مع إرشادات من مختصين يُطلق عليهم اسم الـ"مرشدون".

اقرأ/ي أيضًا: اعتصام مفتوح لطلاب الطب بجامعة الخرطوم

وتقول مريم الفاضل مسؤولة التسويق في مدرسة شرق الخرطوم تعتمد نظام منتسوري لـ"الترا سودان": "نسبة ذكاء الطفل في العامين الأولين من عمره أضعاف ما عليها في أي سن، نحن نركز في هذه المرحلة على تنمية قدراته بالاعتماد على نفسه لا المعلم".

هل يمكن ان يتوسع هذا النظام الحديث في السودان؟ لن يكون ذلك قريبًا بحسب ما تؤكد الخبيرة التربوية إحسان حسن، أن هذا النظام الحديث قائم على استثمار القطاع الخاص ومع غالبية ساحقة من الفقراء يرسلون أطفالهم إلى المدارس العامة لا يمكن أن يحصل عليه الجميع.

وصُدم الرأي العام المحلي إثر وفاة معلمة سقطت في مرحاض مدرسة حكومية بمدينة أم درمان قبل ثلاثة سنوات، لأن آلاف المدارس الحكومية تعاني من الإهمال والتردي منذ السنوات الأخيرة في حكم الرئيس المعزول عمر البشير، والذي قلص الإنفاق على التعليم العام مقابل توسع التسليح العسكري بما يفوق الثلاثة مليار دولار خلال سنوات ازدهار إنتاج النفط قبل العام 2011.

وتقر مسؤولة التسويق بمدارس نظام منتسوري مريم الفاضل، باعتماد هذا النظام على رغبة العائلات لإرسال الأطفال إلى المدارس مقابل المال، لكن عدد الراغبين في الالتحاق بالنظام الحديث للتعليم لا يمكن الاستهانة به تضيف مريم الفاضل.

وتضع هذه المدارس مهارات تقول إنها أساسية لتنمية قدرات الطفل مثل الرسم وتحريك الدمى وصناعة الأدوات بالصلصال أثناء الاستماع إلى القصص.

و تطلق المدارس التي تتبع نظام منتسوري لقب "مرشد ومرشدة" بدلًا عن "معلم و معلمة " كما هو متبع في النظام التقليدي، لأن مهمة المرشد إرشاد الأطفال فقط، على أن يُتركوا بحرية لاختيار ما يناسبهم مع الإشراف العام على تصرفاتهم.

وفي الجانب الآخر تبدو الصورة هشة للغاية فيما يتعلق بالتعليم العام إذ أن الحكومة لم تتمكن حتى الآن من تطبيق مجانية التعليم للوصول إلى ثلاثة ملايين طفل خارج نظام التعليم، خاصة في المناطق التي عانت من اضطرابات أمنية ما يعني أن التعليم قد يصنع فارقًا اجتماعيًا هائلًا بين سكان المدن والأرياف.

ويتعرض التعليم في السودان إلى انتقادات مكثفة، وعندما بدأ المدير السابق للمركز القومي للمناهج بتنقيتها من "أيدلوجيات الجماعات الإسلامية" لكن إثر حملات مضادة على شبكات التواصل الاجتماعي في كانون الثاني/يناير الماضي أُطيح بالقراي بعد ممارسة هذه الحملات ضغوطًا على رئيس الوزراء عبدالله حمدوك.

وتقول مريم الفاضل مسؤولة التسويق في مدرسة خاصة شرق العاصمة من المدارس التي تعتمد هذا النظام: "العنصر المهم لدينا هو الطفل. نحن نسعى إلى اكتشاف قدرته وموهبته لذلك نتيح حرية اختيار ما يناسبه بدلًا من أن نفرض عليه مسارًا محددًا".

ويعتمد هذا النظام التعليمي القادم من خارج الحدود على مجتمعات لديها قدرات على تحمل التكلفة المالية التي تصل إلى آلاف الدولارات سنويًا بينما يسحق الفقر (77)% من سكان البلاد ما يجعل نحو ثلاثة مليون طفل خارج النظام التعليمي الحكومي نفسه.

اقرأ/ي أيضًا: البحر الأحمر.. إرادة مجتمعية وتضافر للجهود الأهلية لمحاربة "كورونا"

وتقول إحسان عبدالله خبيرة التعليم إن التعليم التقليدي يسود في السودان لكنه يحتاج إلى تدريب المعلمين لتنمية قدرات الأطفال بعد عقود من التعليم الرديء في عهد النظام البائد.

 وتشير عبدالله لـ"الترا سودان" إلى أن النظام الذي يعتمد على عنصر الطفل بدلًا عن المعلم، وهو مهم جدًا لصناعة قادة مستقبليين أو تنمية قدراتهم واكتشاف مواهب جديدة في العديد من المجالات، لكن في نظر عبدالله يظل هذا النظام محدودًا وغير شامل بسبب اتساع نطاق الفقر.

أبلغت المدرسة الأطفال بنبأ وفاة القدال وشرحت لهم تاريخه

واستعانت هذه المدرسة التي تتبع نظام "منتسوري" في الخرطوم بالقاص السوداني عبدالغني كرم الله، وحتى يتمكن هذا الأديب الذي يشتهر بالعديد من الأعمال من إيصال فكرته يقدم عرضًا للأطفال بـ"الصلصال" أو "الدمى". أي أن مجرد سرد الروايات لا يكفي في نظر المدرسة لمساعدة الأطفال على الاستيعاب، كما أنه يتقمص بعض الشخصيات الشهيرة محليًا أو عالميًا وهو ما يفسر أن النظام يعتمد على الحركة المستمرة لتنمية قدرات الأطفال.

عند وفاة الشاعر السوداني محمد طه القدال قبل أسبوعين، والذي  يتمتع بشعبية كبيرة وصاغ معظم قصائده باللهجة السودانية، أخطرت المدرسة الأطفال بالخبر وشرحت لهم تاريخه.

وتعتقد مريم الفاضل مسؤولة التسويق بالمدرسة أن إبلاغ الأطفال بالنبأ يكتسب أهمية قصوى، لأن القدال شاعر سوداني مرموق يجب أن يكون معروفًا لديهم.

اقرأ/ي أيضًا

الصحة الاتحادية تنفي عدم توفر الأدوية على خلفية إيقاف صحة الخرطوم مراكز العزل

النيابة العامة تستدعي هيئة تحرير صحيفة الحداثة على خلفية خبر عن عدم تعاون مصر