سياسة

عبد العزيز الحلو وحميدتي.. من يعمل لصالح من؟

22 فبراير 2025
عبد العزيز الحلو وحميدتي.jpg
حميدتي وعبد العزيز الحلو (تصميم الترا سودان)
خباب النعمان
خباب النعمان

ضمن ما جرى مؤخرًا بنيروبي، لم يكن الحدث الأبرز هو ظهور بعض وجوه السودان القديم من حزبي الأمة القومي والاتحادي الأصل في فعالية ترنو، كما تروّج خطاباتها، لتأسيس جديد، وإنما بدا الحدث الأكبر هو انضمام عبد العزيز آدم الحلو للتحالف التأسيسي، الذي يقع الدعم السريع في قلب تشكيل مشهده. وقف القائد الحلو مستبصرًا الأفق القادم ومستثمرًا فيما أحدثته حرب الخامس عشر من نيسان/أبريل من شروخ غائرة، وهي تعيد تموضع مكونات "عرب دارفور" ذات الوضعية القلقة ضمن ما يسمى بصراع الهامش والمركز، ليس بحسبانها "أداة باطشة" - كما كان يروّج خصومها - بيد المركز، وإنما بوصفها قطاعًا مؤثرًا له رهاناته الخاصة، بعد أن استطاعت أن تخترق المركز وتفيد من تناقضاته في تعزيز قوتها وتمددها لإسقاط المركز من داخله.

رسائل مرموزة

خلال كلمته الموجزة، شدد الحلو على قراءة ما أحدثته الحرب من تمايزات واصطفافات وتحالفات دون أن يخوض في تفصيلاتها، مشيرًا بطرف خفي إلى جملة من التحديات التي تنتظر تأسيس ما أسماه "حكومة السلام"، وهو يورد حكاية عن صديقه يوسف كوة، الذي قال إن شخصًا يُدعى خميس كُركير، كانت له صولات مع الجيش البريطاني في الحرب العالمية الثانية وشارك في معركة العلمين، نقل لكوة إعجابه البالغ بأنشطة الحركة الشعبية فيما أسماه "ضرب الجلابة"، قائلًا: "اطردوهم! ثم أحضروا الاستعمار من جديد ليحكم!"، فقال كوة: "طالما استطعنا طردهم، لماذا لا نحكم نحن؟"، فقال له كُركير: "نحن لن نستطيع أن نعدل!".

بدت رسالة الحلو بالغة الترميز، وكأنه يريد أن يندد بممارسات قوات الدعم السريع، التي يرى قطاع كبير أن انتهاكاتها الواسعة جزء من طبيعتها، وليست أثرًا شاذًا لأفعال بعض عناصرها المتفلتة

بدت رسالة الحلو هنا بالغة الترميز، وكأنه يريد أن يندد بممارسات قوات الدعم السريع، التي يرى قطاع كبير أن انتهاكاتها الواسعة جزء من طبيعتها، وليست أثرًا شاذًا لأفعال بعض عناصرها المتفلتة. مرة أخرى، أكد الحلو خلال خطابه على ضرورة أن تمضي الحكومة القادمة للالتزام الصارم بقواعد العدالة والحرية والمساواة.

وإزاء ما يمكن أن يثيره موقفه من استغراب واستهجان لدى مكونات الحركة الشعبية في جبال النوبة، أورد الحلو حكاية أخرى، ذكر فيها أنه ذهب خلال عمله نائبًا لأحمد هارون في ولاية جنوب كردفان لمعالجة صراع مع المسيرية، وأنه واجه الناظر حريكة، قائلًا له: "لقد أضعتم حكمة بابو نمر، الذي استطاع أن يحافظ على التعايش السلمي بين جميع المكونات على حدة التناقضات بينها"، فقال له حريكة: "إن بابو نمر، إن عاد من لحده، لن يستطيع أن يعالج ما أحدثته الأفكار المستوردة بعقول الشباب".

وكأنه أراد أن يقول إن العمل مع حميدتي، الذي وصفه بالرفيق، مغتفر طالما أنه عمل من قبل مع أحمد هارون! أو كأنه أراد أن يقول لقادة الدعم السريع إن التحالف معهم تمليه رهانات الراهن اللحظي، الذي يجيز التحالف مع العدو القريب في الفضاء الهامشي لضرب العدو البعيد في المركز!

نقد ذوي القربى

فور انتهاء خطاب الحلو، تداول ناشطون مناصرون للجيش ما أعلنه الحلو من رفض لمفاوضات سلام جوبا في 2020، بحجة أن قائد الوفد هو حميدتي، التي ارتكبت قواته - كما قال الحلو - انتهاكات في مناطق جنوب كردفان، مهددًا بأنه لن يعود للتفاوض في حال استمرار حميدتي في رئاسة وفد الحكومة.

لاحقًا، وجّه مبارك أردول، رئيس التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية، انتقادات لاذعة للقائد الحلو، كونه مضى للتحالف مع قوات الدعم السريع على جثث الضحايا في كردفان ودارفور، متسائلًا: كيف تصافحت أكفهم مع قادة الدعم السريع دون أن يروا آثار دماء المساليت في دار أندوكة وأردمتا؟ كيف جاز للحلو أن يضع يده - كما قال أردول - مع خصم مثابر في الجغرافيا الاجتماعية، قاموا بتقتيل قواعدهم والتنكيل بهم؟

فيما ذكر الواثق كمير، مستشار قرنق السابق، في تغريدة على وسائط التواصل الاجتماعي، أن السياق الذي اجتر فيه الحلو خطابه كان يهتف لعبد الرحيم دقلو: "تحية لأب كيعان، الخوّف الكيزان"، مشيرًا إلى ما ذكره اللواء معاش فضل الله برمة ناصر من شكر لقائد ثاني الدعم السريع في تمويله لنقل عناصر الحركة الشعبية من مجاهل كردفان إلى نيروبي، على نحو كشف مستوى العلاقة بين أطراف قادة السودان الجديد ومن يعمل لصالح من؟!

مؤكدًا أن اندراج الحلو في مشروع حميدتي، الذي أباد الهامش، يبدو في أعين النظار توليفة محيرة، من شأن كل ذلك أن يقلق قرنق في نومته الأبدية.

مسار فاشل ورهان خاسر

ورأى هشام أحمد شمس الدين، عضو الحركة الوطنية للبناء والتنمية، أن الحلو، الذي أنفق عمره في الكلام عن التعددية الثقافية واحترام التنوع، لم يحتمل - بحسب ما ورد في خطابه - التعدد الفكري والثقافي للتنظيمات السياسية، حين أعلن رفضه للأيديولوجيات المستوردة.

ومن فرط تناقضه، سعى الحلو - كما يقول هشام - لفرض الخيار العلماني المستورد بالبندقية. وذكر هشام أن الحلو لم يسعَ إلى استفتاء مكونات الاجتماع السوداني بخصوص الخيار العلماني، ولم يدعُ لإقامة مؤتمر دستوري، وإنما ظل فعله المباشر يساوم العلمانية بالحرب.

هشام أحمد شمس الدين: الحلو، بكل مزاعمه، لم ينجح في الاختبار الجماهيري حين فشل في الانتخابات أمام أحمد هارون

مؤكدًا أن الحلو، بكل مزاعمه، لم ينجح في الاختبار الجماهيري حين فشل في الانتخابات أمام أحمد هارون، ذاكرًا ومذكرًا بمسار الفشل السياسي والعسكري للحلو، الذي استعصم ببيئة كاودا ليقيم فيها نموذجه العلماني المستورد.

وإزاء ما ذكره الحلو في خطابه بأن جوهر الصراع هو بين المركز والهامش، وأن حميدتي طالب بحقوق أهل دارفور، تساءل هشام مستنكرًا: من الهامش ومن المركز؟ هل حميدتي، الذي بلغ منصب نائب رئيس مجلس السيادة، بوضعية خاصة شكّلت دولة داخل الدولة بعد أن أُسندت له ملفات إدارة السلام والاقتصاد وما أحدثه من اختراق في القطاع التقليدي، فضلًا عن استئثاره المطلق بموارد الذهب، يمكن أن يكون هامشًا مع كل هذا النفوذ والقوة العسكرية والمادية؟! ألم يكن حميدتي نفسه صنيعة المركز ويده الباطشة لضرب قوى الهامش؟! 

موقف متسق

من جهة أخرى، رأى معمر موسى، عضو نداء الوسط ومؤسس تيار المستقبل، أن العلاقة بين حميدتي والحلو تُقرأ في إطار تبني الدعم السريع لسردية التهميش وأطروحة جدلية الهامش والمركز، التي اجترحها العقل المفكر للحلو، أبكر آدم إسماعيل، الذي كان حاضرًا في نيروبي، مؤكدًا أن موقف الحلو يبدو متسقًا مع منطلقاته النظرية، بوصفه الوريث المثابر لمشروع قرنق حول السودان الجديد، والحاضن لمقولات أبكر آدم إسماعيل. مشيرًا إلى خلاصات أبكر حول مآلات الصراع التاريخي في السودان حول الثروة والسلطة عبر ثلاث خيارات:

  1. تشكيل كتلة تاريخية تقود عملية التغيير وتفكيك دولة المركز.
  2.  المساومة التاريخية بين الأطراف الفاعلة في الصراع.
  3. الانهيار الشامل للدولة والمجتمع.

ويعتقد معمر موسى أن مجموعة نيروبي تمتلك إطارًا نظريًا تقرأ من خلاله تاريخ التطور الاجتماعي وعلاقات السلطة في سودان ما بعد الاستعمار، وتطرح مشروعًا جادًا وواضحًا بالإمكان مناقشته ونقده، وتستند إلى قاعدة اجتماعية صلبة وتحالفات خارجية، في مقابل افتقار مجموعات بورتسودان لرؤية متماسكة، سوى أفكار عامة ومواقف سياسية انتهازية، ونزوع لفرض سلطة عبد الفتاح البرهان حاكمًا مدى الحياة من مكونات الإدارة الأهلية.

أزمة عميقة

وعلى سياق آخر، رأى عمرو صالح ياسين، الأكاديمي والفاعل السياسي، أن خطاب الحلو يعبّر عن أزمة عميقة، حين يسعى أهم قائد لحركة مسلحة ضمن إطار السمسرة السياسية ليضرب عمق المبادئ التي قامت عليها حركته، الداعية للسودان الجديد، وهي تجعل القوى السياسية تدور مع السلطة وجودًا وعدمًا، لا مع مشروعاتها وأطروحاتها الفكرية والنظرية، فتتحول المواقف تبعًا لمجريات مقاربة السلطة والإمساك بأريكتها في لعبة التداول وتبادل الأدوار التي مارستها النخبة منذ العام 1956م، مما لا يُستغرب معه أن يرى الناس تبني الإسلاميين لنمط من العلمانية ليبقوا في صدارة النفوذ السلطوي، وأن يعيد الحلو تموضعه من جديد، ويصف حميدتي بالرفيق في صراع الهامش والمركز، وهو الذي كان حتى 15 نيسان/أبريل 2023 أحد أهم وجوه المركز وأسوأ تجلياته ومنتجاته.

ويعتقد عمرو صالح ياسين أن الأزمة، في العمق، تتبدى في التهميش الرأسي لقواعد الريف والمدن، لعدم حداثة التنظيمات السياسية، بنحو يجعل العلاقة بين رئيس الحزب وقواعده ذات نمط زبائني، تأخذ شكل القبيلة، وتنقل التهميش إلى داخل المكون السياسي، من القيادات للقواعد، على مظان التعبير عنها، وليس تمثيل مصالحها المادية الحقيقية بغرض التحشيد السياسي. مؤكدًا أن جوهر الأزمة كامن في عدم حداثة التشكيلات الاجتماعية، ذات النزوع القبائلي في منطق فعلها ونطاقات عملها، لأنها تركن إلى مخيال طائفي للحزب، ينظر إلى قيادته باعتبارهم زعماء طائفة، في ظل عدم قدرة القواعد على تجريد وتحديد مصالحها بطريقة يمكن أن يقود أي خلاف عميق إلى الانشقاق، وليس إلى مساءلة القيادة والاحتكام إلى النصوص واللوائح المنظمة التي تقتضيها التنظيمات الحديثة.

عمرو صالح ياسين: الحركات المسلحة ظلت خلال مسيرتها تخضع لشروط المساومات السلطوية مع نخبة المركز، لتبقي على ذات الأوضاع السلطوية والاستخراجية المختلة لما بعد الاستعمار

ويشدد عمرو صالح على أن التهميش في السودان هو تهميش رأسي وليس أفقي، باعتبار أنه تهميش للقواعد لصالح النخب، وأن التنظيمات السياسية في المركز والحركات المسلحة تعمل في السمسرة ضمن سوق أعمال سياسي، بمقتضى التعبير عن مصالح القواعد وليس تمثيلها، وهذا ما ظهر جليًا في تجربة قوى الحرية والتغيير، التي عبّرت عن المصالح المادية لقواعد المدينة دون أن تمثلها، وسعت في إطار السمسرة، لتقع في تحالف مع الدعم السريع، وهو أسوأ تجلٍّ لما ثار عليه الناس.

ويعتقد صالح ياسين أن الحركات المسلحة ظلت خلال مسيرتها تخضع لشروط المساومات السلطوية مع نخبة المركز، لتبقي على ذات الأوضاع السلطوية والاستخراجية المختلة لما بعد الاستعمار، ولتوسّع الأوعية النخبوية، عوضًا عن أن تضرب دولة ما بعد الاستعمار في عظمها، كما حدث في أبوجا ونيفاشا. مقترحًا أفقًا بديلًا لنسف منطق التهميش من أساسه، بالمطالبة بنظام صحة وتعليم على المستوى الاتحادي، وسكك حديدية تربط كل السودان، وتأسيس الدستور بعد صناعته لا كتابته على المواطنة، وتأسيس الحكم على أطر لا مركزية، ضمن مشروع تحول صناعي عادل في توزيعه للسلطة والثروة بين الناس.

ويرى عمرو أن منطق المعالجة السلطوية، النازع للمساومات عبر التفاوض، لم ينتج سوى تكريس الحالة الإثنية، والنظر لدارفور بوصفها "حواكير"، مدارها الانتساب القبلي وليس التساكن المدني الحديث، فحين يشار إلى زيادة حصة أبناء دارفور في الخدمة المدنية، فإن هذا البند من شأنه أن يعيد إنتاج المشكلة دون أن يسهم في حلها، بدليل إحالة الانتساب إلى إقليم دارفور كإطار إثني وليس مناطقي، بسبب عدم حداثة خيال الحركات التي ترفع شعار الهامش والمركز للتحشيد السياسي، ليعبّر عن مصالح الجماهير دون أن يمثلها.

ويؤكد عمرو صالح أن قيمة خطاب الحلو تكمن في كونه أبان استنفاد غرض الاجتماع السياسي السوداني ونفاد صلاحيته بالكلية، وأن مجمل المساومات السلطوية للنخب وأطراف الصراع ليست في صالح الجماهير، التي سرعان ما تنقلب إلى توافق في لحظة توازن ضعف إلى انشقاقات سلطوية نحو توازن قوة. ويكفي تجربة انفصال جنوب السودان شاهدة على هذا المأزق التاريخي المتجدد. ويمضي عمرو إلى أن خطاب الحلو أكد، بما لا يدع مجالًا للشك، إطراد فشل قوى النخبة في المركز والهامش الأفقي، حتى لمن يزعمون أنهم قوى السودان الجديد.

من في خدمة من؟

من جهة أخرى، يقول محمد الواثق أبو زيد، أمين العلاقات الخارجية بحركة المستقبل، إن خطاب الحلو يعيد السؤال حول: من يعمل في خدمة أجندة من؟ الحلو أم حميدتي؟ مؤكدًا أن العلاقة بينهما تفتح السؤال على مصراعيه، سيما أن حميدتي، الذي مثّل يد الدولة الباطشة، حين فرغ من ضرب الحركات في قوز دنقو، كان قد اتجه شرقًا لمناوشة الحلو في جنوب كردفان، غير أن الأمر استعصى عليه حال استعصام الحلو بالجبال.

الواثق أبو زيد: أكبر تحول حدث لحميدتي كان بعد انحيازه للتغيير في 11 نيسان/أبريل 2019م، وانخراطه في اتفاق سلام جوبا مع الحركات التي هزمها في قوز دنقو، ليعيدها ضمن إطار تحالفي تحت لافتة اتفاقية جوبا

ويرى الواثق أن أكبر تحول حدث لحميدتي كان بعد انحيازه للتغيير في 11 نيسان/أبريل 2019م، وانخراطه في اتفاق سلام جوبا مع الحركات التي هزمها في قوز دنقو، ليعيدها ضمن إطار تحالفي تحت لافتة اتفاقية جوبا، وأن المفارقة الكبرى أن من انضم إليه حينها في مشروع السلام نازله حين اشتعال الحرب بعد فترة حياد دامت سبعة أشهر، بينما انضم إليه في مشروع الحرب مؤخرًا من رفض قيادة وفده لمفاوضات السلام في جوبا.

ويشير الواثق إلى التناقضات الإثنية الغائرة في عمق الفضاء الهامشي بين الدعم السريع من جهة، والحركة الشعبية شمال جناح الحلو والحركات المسلحة من جهة أخرى، التي كانت ترى في قوات حميدتي خصمًا مثابرًا وعنيدًا. وأن الحلو بانتسابه لمكون المساليت، الذي تعرض لضربة قاسية من قوات حميدتي في دارندوكة وأردمتا، حال انضمامه لمشروع الدعم السريع، أو قل حال انضمام أصحاب المشروع لأصحاب النفوذ، ليبعث من الشكوك حول الرهانات ومدى تماسكها واحتمال استمراريتها في ظل تحرك المشهد وتعقد قضاياه.

تناقض المشروعات

وفي المقابل، يرى عباس محمد صالح، الكاتب والمحلل السياسي، أن مشروعات الحلو وحميدتي نقيضان جذريان يستحيل التعايش بينهما ولو تكتيكيًا، رغم محاولات توظيف شعارات الهامش والتهميش، حيث يقومان على قاعدة جهوية وعرقية ضيقة. وأن التواصل مع بعض المجموعات، خاصة فصيل الحلو وعبد الواحد نور - وليس فقط ضمان حيادها كما في الفترة الماضية - ما هو إلا محاولات بائسة لمنع الهزيمة المحتملة التي ستحيق بالدعم السريع عبر اصطناع تحالف سياسي وعسكري من خلال شراء ولاءات وذمم هذه المجموعات.

عباس محمد صالح: الانضمام لمشروع مليشيا الدعم السريع وحلفائها يترتب عليه ثمن باهظ، وسيتحول الحلو إلى مجرد فصيل تابع لهذه المليشيا

فالحلو وحميدتي – كما يرى عباس – يحاولان الآن الاستثمار في العداء المتوهم للمركز، ولكن سيعمد الحلو إلى ممارسة الابتزاز حتى لو قبل العمل ضمن هذا المشروع الجديد، لكن من دون أن يكون تابعًا للدعم السريع، بل ندًا ومساويًا له، ذلك أنه يتلقى الدعم والتمويل الخارجي وغيرها من الإغراءات التي لا تُقاوم من أي فصيل متمرد.

بيد أن الانضمام لمشروع مليشيا الدعم السريع وحلفائها يترتب عليه ثمن باهظ، وسيتحول الحلو إلى مجرد فصيل تابع لهذه المليشيا – كما يرجّح عباس – وهذا يعني التضحية بتاريخ ومواقف سعى لترسيخها عنه في وسط شعب النوبة كمدافع عن حقوقهم. كما يعني أنه سيصبح مجرد "فزع" لنجدة الدعم السريع والقتال لمصلحته حتى لا ينهزم أو ينهار تمامًا، وهذا هو مغزى تحركات الكفيل الإقليمي حاليًا ومستقبلًا. والثمن الأبهظ أن الحلو سيكون مرغمًا على خوض حرب متعددة الجبهات، وليس فقط الاعتصام بجبال النوبة كما كان في السابق، مما ضمن له البقاء بقواته للمناورة وكلامنا حقيقي لمشروعه في أي تسوية قد تتم معه أو يكون جزءًا منها. كما عليه أن يقبل بأن يسطو الدعم على شعارات مشروع السودان الذي ظل الحلو يبشر به. في ضوء ذلك، على الحلو انتظار عاصفة ستهب عليه من داخل قاعدة النوبة، التي ستنظر إلى أي تحالف مع مليشيا الدعم السريع على أنه تهديد كامن لهم.

مختتم

وعلى اختلاف زوايا النظر لخطوة الحلو حيال حميدتي، ضمن منطق العلاقة بين المشروعات السياسية والفاعلين وأطر الذرائعية التي وسمت مساعي النخب في الهامش والمركز للحصول على الاعتبار والوصول إلى سدة الحكم، وإزاء ما يمكن أن تسفر عنه طبيعة التحالفات التي فرضتها الحرب بتوظيف الأجندة السياسية للميدان العسكري، وترجمان أي موقف مهما بدا هامشيًا في تعزيز مضابط الهيمنة على أوسع نطاق، يظل الواقع السياسي، المحفوف بسيناريوهات التجزئة والتفكيك أو الانهيار إلى الفوضى، مفتوحًا على كل الاحتمالات، على ما يُقرأ من تقدم عسكري واضح للجيش وتراجع لقوات الدعم السريع، التي ربما أرادت أن تستعيض بالسياسة عن التقدم في مسارح العمليات، فأنفذت فزعها إلى نيروبي عوضًا عن الخرطوم.

الكلمات المفتاحية

Sudan Army.png

السودان.. هل يقود صراع الفصائل العسكرية المساندة للجيش إلى الاقتتال؟

في غمرة تقدم الجيش، اندلع تنافس محموم بين الفصائل على النفوذ ومواقع التأثير السلطوي ومراكمة الثروة والاعتبار، فاشتعل خلاف معلن بين القوة المشتركة لحركات دارفور المسلحة وقوات درع السودان من جهة، وبينهما معًا في مقابل كتائب الإسلاميين من جهة أخرى


حميدتي قائد الدعم السريع.png

خطاب حميدتي.. إقرار بالخسائر وتهديد بجولة حرب جديدة  

إن كان هناك تطورات في خطاب قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، مساء السبت 15 آذار/مارس 2025، ربما تكون هذه المرة تهديده بإمتلاك "الدواء المناسب" وكأنه يشير إلى جولة جديدة من الحرب مع الوضع في الاعتبار الحصول على تسليح مختلف.


طلاب في جامعة الخرطوم.jpg

إغلاق الجامعات بالخارج.. هل يعيد الطلاب إلى السودان أم يفاقم الأزمة؟

يحصد قرار وزارة التعليم العالي في السودان بإغلاق المراكز الجامعية خارج البلاد انتقادات من مجالس الجامعات، سيما الخاصة، إلى جانب أولياء أمور الطلاب.


oil_sudan.jpg

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة

يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح

القصر.jpg
أخبار

معارك ضارية وسط الخرطوم والجيش يحرز تقدمًا نحو القصر 

أحرزت القوات المسلحة تقدمًا جديدًا وسط الخرطوم صباح اليوم، إثر معارك ضارية بدأت منذ الساعة الرابعة وفق مصادر محلية، فيما اضطرت قوات الدعم السريع تحت الضربات الجوية المكثفة وانتشار المشاة بالتراجع الميداني

الجيش 2.jpg
أخبار

القوات المسلحة تعلن التحام المدرعات مع القيادة العامة وسط الخرطوم 

أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد ركن نبيل عبدالله، التحام جيشي القيادة العامة وسلاح المدرعات عقب السيطرة على منطقة مستشفى الشعب اليوم الاثنين، وهزيمة قوات الدعم السريع.


Sudan Army.png
سياسة

السودان.. هل يقود صراع الفصائل العسكرية المساندة للجيش إلى الاقتتال؟

في غمرة تقدم الجيش، اندلع تنافس محموم بين الفصائل على النفوذ ومواقع التأثير السلطوي ومراكمة الثروة والاعتبار، فاشتعل خلاف معلن بين القوة المشتركة لحركات دارفور المسلحة وقوات درع السودان من جهة، وبينهما معًا في مقابل كتائب الإسلاميين من جهة أخرى

أنشئت بعثة القوة المؤقتة في أبيي في 27 حزيرانيونيو 2011 (Getty).jpg
أخبار

أعضاء بمجلس الأمن يدينون اختطاف قوات الدعم السريع لموظفين أمميين

قال أعضاء بمجلس الأمن الدولي، إن قوات الدعم السريع احتجزت 60 من حفظة السلام الأمميين، واختطفت ثمانية موظفين مدنيين، ونهبت قافلة لوجستية تتبغ لقوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا)، مكونة من ثماني مركبات و280 ألف لتر من الوقود.