06-نوفمبر-2022
آلة الطنبور أو الربابة

آلة الطنبور أو الربابة

يتمدد الغناء بآلة الطنبور والربابة  إلى قلب المدن في السودان قادمًا من الأصقاع ومستمدًا قوته من تراث مجتمعات الريف، في ذات الوقت يستخدم أدوات عصرية للتغلغل بين المجتمعات، ولا يتطلب توسيع نطاق أغنية سوى نشرها على موقع يوتيوب أو "تيك توك"، والذي بدوره يحملها إلى موقع "فيسبوك" الأكثر استخدامًا بين السودانيين.

في إغلاقات كورونا في العام 2020، اتسعت شعبية "الفنانات"، ويُطلق عليهن شعبيا "القونات"، لكنها في ظل حالة الاضطراب السياسي والاقتصادي التي سيطرت على السودانيين العامين الأخيرين، لم تصمد أغنياتهن كثيرًا، وسرعان ما توارت عن الأنظار.

يتزامن صعود أغنيات البادية مع تنامي "ظاهرة الدهابة" وهو مصطلح يطلق على الباحثين عن الذهب في الصحارى

وحصدت "القونات" شعبية كبيرة، وبالضرورة حصاد المال الذي يعد الدافع الأكبر لبقاء النجوم في هذا المجال ضمن اهتمامات الرأي العام. فيما كانت المنصات الاجتماعية أرضية مناسبة لهن لكسب المزيد من الترويج.

يمر نشاط الغناء في السودان، بحالة اضطراب متأثرًا بالوضع الاقتصادي الذي انعكس سلبًا على الوضع الاجتماعي، وقلل من البحث عن الترفيه لغالبية السودانيين، لكنه قادر على العودة متى ما جاءت اللحظة المناسبة.

في ذات الوقت لم ينعزل السودانيون عنه كليًا، وأصبحت أغاني الربابة وفنانو البادية يسيطرون على الأصوات الصادحة في قلب المدن، إذ أن حافلات النقل العام و"التوك توك" وغيرها من وسائل النقل، لا تخلو من هذه الأغنيات التي يتأثر بها السودانيون كونها تعبر عن مجتمعات لديها باع طويل في ترويض البادية القاسية.

لجأت بعض "القونات" مؤخرًا إلى الظهور بـ"نيو لوك" جديد وإطلالات في مسعى لاستعادة الشعبية المتآكلة، لكن هذا ربما لم يكن كافيًا في ظل مرافقة التغييرات الثقافية للتحولات الاقتصادية والاجتماعية في بلد يعيش فيه الملايين تحت خط الفقر.

https://t.me/ultrasudan

قد يكون خطر فقدان الأمن بالنسبة للجمهور الذي يفضل الذهاب إلى الحفلات الغنائية، أو الوضع المالي وتحمل كلفة الوصول إلى قلب العاصمة أو شرقها المليء بالقاعات والصالات الفخمة، من الأسباب الرئيسية التي قللت من المشاركة الجماهيرية، لذلك أعتمد الفنانون على موقع يوتيوب وتيك توك للوصول إلى الجمهور.

تصنع أغنيات البادية التي تتسلل إلى قلب المدينة "جمهورًا جديدًا"، ولكن صمودها في وجه التقلبات يرتبط بمدى تطورها والحفاظ على جودتها والاستفادة من تراث البادية الغني بالعديد من الثقافات والتنوع.

ويبدو أن الشبكات الاجتماعية الحديثة لعبت دورًا في "تضخيم" بعض الفنانات اللائي لم يكن لهن قدرة على الصمود في وجه التقلبات، فيما تحتاج أغنيات البادية وفنانيها إلى مواكبة اهتمامات الجمهور في الأغنيات السريعة أحيانًا والعميقة في ذات الوقت.

تتزامن شهرة أغنيات البادية مع تنامي "ظاهرة الدهابة"، وهو مصطلح يطلق على الباحثين عن الذهب في صحارى السودان، يظهرون التقشف في تنقلاتهم وتحمل مشقة الطبيعة وتحالفهم معها، ولاحقًا يتحولون إلى أثرياء قد يفارقون بموجب الأموال تلك الصحارى وينتقلون إلى المدن.

حاولت "القونات" التغزل بمجتمع "أثرياء الذهب"

حاولت "القونات" التغزل بمجتمع "أثرياء الذهب"، إلى جانب دورانهن في فلك الروتين وكلماتها الركيكة بهجرة الجمهور بحثًا عن شئ جديد فيما يمكن القول إن الوقت قد يكون مناسبا لصعود أغنيات البادية لكنها قد لا تنجو من النزاعات الإعلامية على الشبكات الاجتماعية.

نجوم الغناء الشعبي من البادية أمثال أبوالقاسم وددوبة وبلة ودالأشبة يصعدون بقوة عبر ترديد أغنيات البادية بين جمهور قد يقتسم المدن والريف في تحطيم للفوارق الثقافية والاقتصادية، وهي مؤشرات قد تحتاج إلى تحليل ثقافي عميق واضعًا في الاعتبار سرعة التكنولوجيا في توحيد ثقافة المجتمعات.