24-مايو-2020

طبيبات وأطباء في مظاهرة - أرشيفية (Getty)

شلل جزئي وكلي للمستشفيات في العاصمة السودانية التي تتركز فيها نسبة الإصابات بـ(كوفيد 19) التي تجاوزت حاجز الثلاثة آلاف إصابة في أيار/مايو الجاري، لكن الأزمة التي لم تكن في الحسبان تعرض العديد من الطواقم الطبية إلى الإصابة بالفيروس الجديد واضطروا إلى الإقامة في الحجر الصحي، ما يعني أن المشافي فقدت خط المقدمة في مكافحة الوباء والأمراض الروتينية.

طبيب: ضرب فيروس كورونا الأطقم الطبية في فترة وجيزة بسبب عدم التجهيزات اللوجستية الناتجة عن سوء التخطيط الإداري وليس شح الإمكانيات

في مستشفى الأمل التابع لجهاز المخابرات، دخل (27) طبيبًا وكادرًا طبيًا العزل الصحي بمستشفى يونيفرسال شمال العاصمة، بعد ثبوت إصابتهم بفيروس كورونا الجديد أثناء مناوبة في غرفة العناية المركزة. وتقول ممرضة فضلت حجب اسمها لحساسية تعامل هذا المشفى مع وسائل الإعلام لـ"ألترا سودان""اضطرت إلى ترك العمل في هذا المشفى. ناشدنا إدارة التمريض لتوفير المعينات لمواجهة هذا الوباء مثل الملابس الواقية وصرف الحوافز وتخصيص حافلات للترحيل، لكنها تجاهلت مطالبنا وأجبرنا على العمل في هذه الظروف الحرجة، ولذلك قررت ترك العمل".

اقرأ/ي أيضًا: "يوناميد" تخضع سبعة من موظفيها بالفاشر للحجر الصحي للاشتباه بالكورونا

وتضيف الممرضة: "رغم إصابة الطاقم الطبي بالعناية المركزة بـ(كوفيد 19) إلا أن المشفى لم يقم بالإجراءات الصارمة لمنع انتقال الفيروس، فالأمر يحتاج إلى بوابة فرز وملابس واقية وخدمات للأطقم الطبية، مثل تخصيص مسكن وحافلة حتى لا ينقلوا الفيروس إلى عائلاتهم".

فيما تشكو طبيبة أخرى بمستشفى أمدرمان، من تذبذب الخدمة بالمشفى جراء التعطل لساعات بسبب عدم توفر الكوادر الطبية، والتشغيل المتذبذب الذي أدى بحسب الطبيبة، إلى تأثر آلاف المرضى المترددين على قسم الطوارئ يوميًا.

وأقال وزير الصحة، الدكتور  أكرم علي التوم، نحو (11) مسؤولًا بوزارة الصحة، ضمن الإصلاحات التي نفذها بالقطاع الصحي خلال الشهرين الماضيين، لكن معارضون لسياسات الوزير يعتقدون أن الإقالات المتوالية، دليلٌ على اضطراب العمل داخل القطاع الصحي.

بينما تشير الطبيبة، سماح عبد الله، في تصريحٍ لـ"ألترا سودان"  إلى أن " مستشفى أمدرمان في وضعٍ قابل للانهيار جراء شح الإمكانيات الناتج عن سوء التخطيط الإداري، لأن الطوارئ الذي يستقبل آلاف المرضى يوميًا بحاجة إلى العمل الإداري الذي يوزع المعينات ويضمن حقوق الأطباء والكوادر الصحية على مدار الساعة".

وتضيف هذه الطبيبة "حسنًا، إذا أدخل مريض إلى قسم الطوارئ سنحتاج إلى عبوة أوكسجين، حينها عليك أن تبحث عن عامل المخازن لهذه العبوات، ونحتاج إلى الأدوية. هل يمكن أن تطلب من مريضٍ في حالة طارئةٍ أن يوفر أدويته؟ لا أعتقد أن الطوارئ ينبغي أن يعين فيه عمالًا لسرعة الاستجابة لتوفير الأدوية المنقذة للحياة والأوكسجين، هذه أمور لاتحتاج إلى الأموال بقدر ما أنها تحتاج إلى تخطيطٍ إداري".

غير أن وزير الصحة، أكرم علي التوم، كشف عن خطة جديدة ستصدر الأسبوع القادم لتشغيل المراكز الصحية في أحياء العاصمة السودانية، وإدخال العديد من المستشفيات إلى الخدمة، موضحًا أن الترتيبات اكتملت لإطلاق الخطة الجديدة، التي توقع أن تساهم في رفع كفاءة القطاع الصحي في غضون أسبوعين.

وفي مستشفى الخرطوم الذي تحول إلى مركزٍ لعزلٍ مرضى (كوفيد 19) يقضي هذا الطبيب يومه في ملاحقة الجهات المختصة، لتوفير المعينات الطبية مثل الملابس الواقية والقفازات اليدوية، وهي خدماتٌ لاتتوفر إلا بضغوطٍ هائلةٍ على وزارة الصحة.

ويعتقد هذا الطبيب أن الأمر متعلقٌ بسوء الإدارة وتنافس الكيانات التي تمثل الأطباء على توسيع هوة الخلافات بدلًا من الوحدة بعد نجاح الثورة، مرجحًا وجود تأثيراتٍ سياسية داخل الأجسام التي تمثل الأطباء، أدت إلى تعميق الأزمة.

سأل "ألترا سودان" طبيبة بمستشفى السلاح الطبي بمدينة أمدرمان عبر الهاتف عن مستوى الخدمة في هذا المستشفى العسكري، وأشارت إلى أن العمل يقتصر على علاج الحالات المنومة ولا يوجد استقبال حالاتٍ جديدة، لأن المستشفى خاض تجربة مريرة بعد تعرض الطاقم الطبي للفيروس الجديد من حالاتٍ جاءت إلى المستشفى، خاصةً قسم الحوادث.

ويوضح الخبير في منظمة الصحة العالمية حمودة أحمد عيسى في حديثٍ مع "ألترا سودان" البنود التي يجب تنفيذها للنهوض بالقطاع الصحي، مشترطًا وضع خطة مصغرة لنصف عام شاملة الموازنة المالية، وإجازتها عبر لجنة عليا يقودها رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك.

اقرأ/ي أيضًا: وزارة الصحة: (235) حالة إصابة جديدة بكورونا وتفعيل بروتوكول جديد للتعافي

ويلفت عيسى إلى أن "إقالة وزير الصحة في هذا الوقت أمرٌ صعبٌ لأن التكلفة السياسية عاليةٌ جدًا بالنسبة للحكومة الانتقالية، لذلك هناك بدائلٌ لتفادي الإقالة بتعيين وزير دولة بوزارة الصحة، ومنحه صلاحياتٍ، ويتقاسم الملفات مع الوزير الأول، وتعيين وكيل وزارة لديه حيوية ومرونة عالية". كما يشدد عيسى، على ضرورة قيادة رئيس الوزراء للقطاع الصحي في هذا الوقت، موضحًا أن "الخلافات في اللجنة العليا للطوارئ الصحية، باتت واضحةً للعيان ولا تخفى على أحد، والحل هو تواجد حمدوك في كابينة القياد ".

عيسى:  المنح المقدمة لوزارة الصحة من المانحين المحليين والدوليين كافيةٌ للنهوض بالقطاع الصحي لفترة نصف عامٍ إذا ما وجدت خطةً محكمة

ويشير عيسى إلى أن "البنية التحتية موجودة وهي تتمثل في المستشفيات والعنابر، لكن هناك بطء إداري داخل وزارة الصحة، ولابد من انعكاس الدعم الدولي للسودان لمواجهة فيروس كورونا على أرض الواقع". وأضاف "قررت الأمم المتحدة تقديم (42) مليون دولار للسودان، وقدمت الولايات المتحدة (23) مليون دولار، واتحاد أصحاب العمل السوداني مليوني دولار، هذه المنح إضافةً إلى المنح الأخرى، كافيةٌ للنهوض بالقطاع الصحي لفترة نصف عامٍ إذا ما وجدت خطةً محكمة".

اقرأ/ ي أيضًا

حمدوك: يجب إجازة قانون حماية الكوادر الصحية والطبية بشكل عاجل

الدقير: ما حققناه متواضع وأقل من تطلعات الثورة ويجب الاعتراف بالأخطاء