14-أكتوبر-2019

منع المجلس استخدام مادة الزئبق والسيانيد في عمليات التعدين

حسم مجلس الوزراء في الاجتماع المنعقد أمس الأول منع استخدام مادة الزئبق والسيانيد في عمليات التعدين خاصة في منطقة تلودي (بالقطاع الغربي لولاية جنوب كردفان) عقب تضرر أهالي المنطقة من وجود عدد من الشركات، وخاصة العاملة في مجال التنقيب عن الذهب من استعمال هذه المواد.

وقال الناطق الرسمي للحكومة ووزير الإعلام فيصل محمد صالح إن مجلس الوزراء وجه بوقف عمل الشركات في تلودي فوراً، وقرر تعيين مشرفين من أبناء المنطقة لمراقبة العمل في حقل التعدين وابلاغ السلطات المسؤولة في حال وجود خروقات تضر بالبيئة أو استخدام مواد تم منعها بموجب القانون.

حسم مجلس الوزراء في الاجتماع المنعقد أمس الأول منع استخدام مادة الزئبق والسيانيد في عمليات التعدين

وكان مواطنو منطقة التقولا بمحلية تلودي دخلوا في اعتصام تجاوز الشهر احتجاجاً على وجود شركات تعدين تعمل في مجال التنقيب عن الذهب، وتستخدم مواد كيميائية ضارة بالبيئة والإنسان مثل الزئبق والسيانيد.

اقرأ/ي أيضًا: جنوب كردفان والسيانيد.. القصة الكاملة لصناعة الموت والدمار

وشهدت الاحتجاجات أعمال عنف على المحتجين والمواطنين العزل من قوات أمنية مما أدى إلى وقوع إصابات بين أهالي المنطقة، وقام المحتجون بتسيير مواكب ورفع لافتات تشير إلى حجم الأزمة التي تعاني منها المنطقة، وقالوا إن استخدام مواد كيميائية سامة مثل السيانيد أدى إلى بروز تشوهات خاصة بين الأطفال حديثي الولادة، إضافة إلى الضرر الذي لحق بمياه الشرب والأرض والمحاصيل الزراعية.

رئيس اللجنة الوطنية لمناصرة البيئة في السودان علي تونجا قال في إفادة لـ(الترا سودان): "تم وقف عمل الشركات التعدين في تلودي نتيجة قرار صادر من مجلس الوزراء، وجاءت هذه القرارات نتيجة جهد مشترك من قوى الحرية والتغيير في المنطقة، ومناشدة الأهالي للجهات السيادية بضرورة التدخل العاجل في الموضوع، وقد تم رفع مذكرة إلى الوالي بوقف نشاط الشركات التي تستخدم مادتي الزئبق والسيانيد في أعمال التنقيب من خلال اعتصام أهالي المنطقة الذي شرحوا فيه الأضرار المباشرة لهذه المواد وأثرها على حياتهم". ووصف تونجا قرار مجلس الوزراء الخاص بالمنطقة بالثوري والإستراتيجي، الذي جاء متوافقاً مع مطالب الجماهير ونبض الشارع لأنه قرار يمس حياة كل مواطني السودان، وأشار إلى الدور الهام الذي يقع على عاتق أبناء منطقة التقولا ومناصري حماية البيئة في مراقبة أعمال الشركات في مناطقهم بالتعاون مع مندوبي وزارة المعادن ومواصلة كتابة التقارير كاملة عن أحوال المنطقة وحصر حجم الأضرار بغرض دراستها وإيجاد سبل المعالجة.

أعادت قضية تلودي إلى الواجهة مشكلة التعدين العشوائي في السودان وغياب الرقابة الحكومية فيما يختص بعمل شركات التنقيب عن الذهب. وتعليقاً على قرار مجلس الوزراء قال الخبير في مجال البيئة د.محجوب حسن إن القرار يعتبر تحقيقا لمطالب الجماهير بعد ارتفاع صوت الشكوى من عمل الشركات في منطقة تلودي وآثارها على إنسان الإقليم، وأوضح أن مادة الزئبق تحكم استخدامها اتفاقيات دولية توضح آلية الاستعمال الآمن، لكن ينشط في السودان ما يسمى بالتعدين العشوائي أو الأهلي الذي يتعامل مع المواد السامة بشكل غير آمن. وأوضح أن الزئبق معدن ثقيل إذا تعرض لدرجة حرارة مرتفعة يتحول إلى مادة سامة تؤثر على الجهاز التنفسي، وفي حالة هذا النوع من التعدين تتعرض العمالة البشرية للمواد السامة بشكل مباشر، كما إن المحارق التي تفصل الزئبق عن التراب منتشرة، ويمكن أن تتسرب منها كميات إلى أهل المنطقة.

اقرأ/ي أيضًا: مواطنو الغابة بالشمالية ينفذون وقفة احتجاجية ضدّ "الراجحي" السعودية

أعادت قضية تلودي إلى الواجهة مشكلة التعدين العشوائي في السودان وغياب الرقابة الحكومية فيما يختص بعمل شركات التنقيب عن الذهب

ونبه د. محجوب إلى أن الزئبق موجود حالياً بكميات كبيرة داخل الأراضي السودانية وهي كميات لا تتوافق مع حجم الكميات التي تدخل البلاد عن طريق الجمارك، الأمر الذي يشير إلى وجود عمليات تهريب لهذه المواد الكيميائية من دول الجوار. وأشار في حديثه لـ(الترا سودان) إن المصانع يجب أن تتواجد على مسافة 20 ميلًا (32 كم) من مواقع التنقيب إلا أن واقع الحال يقول عكس ذلك، حيث تنقل بواقي التراب المخلوط بالذهب والمواد الخطيرة في عربات مكشوفة (قلابات) إلى مناطق بعيدة فتتناثر في الهواء وتضر بصحة البيئة والكائنات الحية.

تعتبر قضية التعدين العشوائي واستخدام المواد الكيمائية بعيدًا عن الرقابة والضوابط الحكومية نموذجًا للفوضى التي ضربت بأطنابها البلاد خلال العهد البائد وانتهاك القوانين تحت سمع وبصر وبمشاركة الدولة ويمثل قرار مجلس الوزراء التفاتة لشكاوى المواطنين وبداية لتصحيح أوضاع هذا القطاع بما يحافظ على صحة وسلامة المواطنين وحماية البيئة والموارد من المخاطر.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

جنوب كردفان والسيانيد.. القصة الكاملة لصناعة الموت والدمار

حروب الأرض في السودان.. مناجم الذهب عنصر جديد في خريطة الصراعات الممتدة