رعب المسيرات.. نازحو كسلا: تلاحقنا الحرب في كل مكان

"لم نعد ندرِ إلى أين نتجه مع هذه الحرب التي تريد أن تنتهي. حضرنا إلى كسلا قبل عام من الآن، ورغم الأوضاع السيئة والأمراض ونقص الغذاء إلا أننا فضلنا البقاء لأنها منطقة آمنة، لكن خلال هذه الأيام نحس بأن الحرب تصر على ملاحقتنا حتى في داخل معسكر النزوح".

تقول النازحة امتثال السر الكلمات أعلاه، وتضيف لـ"الترا سودان": "البعض انتقل فعليًا من المعسكر، وآخرون بدأوا في حزم أمتعتهم، في حين لا زلنا نحن حيارى لا ندري ماذا نفعل".

في 25 نيسان/أبريل الماضي هاجمت مسيرة معسكرًا للنازحين في عطبرة ما أدى إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة 22 آخرين

امتثال، أم لثلاثة أطفال دون العاشرة، انتقلت إلى معسكر كسلا للنازحين، بعد دخول قوات الدعم السريع إلى ولاية الجزيرة، التي أتتها قادمة من منطقة الكلاكلة في الخرطوم. وهي مثلها مثل آلاف النازحين داخل المعسكر تحس بالرعب خلال هذه الأيام مع استمرار هجمات الطائرات المسيرة على المدينة الواقعة في شرق السودان.

يقع معسكر النازحين في كسلا جوار المطار الرئيسي للمدينة، وهو أحد المواقع التي تستهدفها الطائرات المسيرة بهجماتها المكثفة على شرق السودان، الأمر الذي أثار مخاوف النازحين من أن تسقط إحدى المسيرات داخل المعسكر أو تستهدفه بشكل مباشر، مثلما حدث في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل، في 25 نيسان/أبريل 2025، إذ أسفر الهجوم عن مقتل 10 أشخاص وإصابة 22 آخرين.

النازح عبدالكريم الريح، 55 عامًا، أب لخمسة أطفال، نزح إلى كسلا من غرب مدينة أم درمان في حزيران/يونيو 2023، أي بعد اندلاع الحرب بشهرين. يقول لـ"الترا سودان"، إنه كان يفكر بالعودة إلى منطقته بعد انتصارات الجيش الأخيرة، وأجل الأمر لحاجته إلى بعض الوقت والترتيبات نسبة لظرفه المالي المتعسر، ويضيف: "حاليًا أصبح الرحيل من هذا المكان واجب علي لحماية أطفالي، فالحرب على ما يبدو انتقلت إلى هنا أيضًا، لكن المعضلة التي باتت تواجهني إلى أين سأتجه، فالمسيرات تضرب في كل اتجاه، وأمس هاجمت منطقتي في غرب أم درمان".

كثفت قوات الدعم السريع خلال الأسبوعين الأخيرين من هجماتها عن طريق الطائرات المسيرة، ونقلت هذه الهجمات للمرة الأولى إلى مدن مثل بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد، واستهدفت بشكل خاص مستودعات الوقود، والمطارات وبعض المنشآت المدنية المهمة، كما تسببت في مقتل مدنيين في أم درمان والأبيض في شمال كردفان.

تحاصر الأسئلة المقلقة مجتمع النازحين في معسكر كسلا للنزوح، فالطائرات المسيرة التي تستهدف المطار المجاور تهدد حياتهم وتجعلهم يعيشون في رعب، وقلة الحيلة والمال تضعهم في حيرة، إلى أين يتجهون وكيف يخرجون؟