رحيل الفنان علي كايرو.. حضر السودانيون وغابت الحكومة

في مقاطعة شمال العاصمة الأوغندية كمبالا قضى الفنان السوداني علي عباس الشهير بـ"كايرو" نحو ثلاثة أسابيع في مستشفى ناسامبيا قبل أن يفارق الحياة، ويُشيع الجثمان إلى مقابر منطقة "كو لو لو" وسط كمبالا مساء الأربعاء 15 تشرين الأول/أكتوبر 2025.

نشر عضو غرفة طوارئ جنوب حزام محمد كندشة مناشدة على مواقع التواصل الاجتماعي صباح الأربعاء 15 تشرين الأول/أكتوبر 2025 لسداد قيمة رسوم المستشفى للفنان علي كايرو، التي بلغت قرابة 6 آلاف دولار أميركي ما يعادل 19 مليون شلن أوغندي.

ينتقد سودانيون عدم إصدار وزارة الثقافة والإعلام بيان نعي بخصوص رحيل الفنان علي كايرو بالعاصمة الأوغندية كمبالا
 

 

في غضون ساعات كان المبلغ على نافذة قسم الحسابات بالمستشفى الأوغندي، وسارع رجال أعمال سودانيون وأفراد إلى التبرع المالي، وعبر متحدث باسم أسرة الفنان الراحل علي كايرو عن شكره للسودانيين في وقفتهم وهم في المنافي وإحياء قيم التكافل خلال حديثه عقب مراسم الدفن.

كايرو الشاب الذي لم يتجاوز منتصف الثلاثينيات، ترك ابنتين وزوجة وفارق الحياة مع تساؤلات تحيط بها القلق عما إذا كانت العائلة ستحصل على اهتمام الحكومة بينما كان يصارع تحت أجهزة التنفس الصناعي بالمستشفى بعيدًا عن وطنه من أجل النجاة والعودة إلى جماهيره.

في السنوات الأخيرة صعد الغناء وسط السودانيين من الأجيال الناشئة باستخدام الطرق السريعة في الإيقاع والكلمات المستوحاة من التفاعلات الاجتماعية اليومية والمواكبة في بعض الأحيان للأحداث السياسية، وحظي هذا الأمر بمتابعة لصيقة من الشبان والفتيات ومن بينهم الفنان علي كايرو الذي قدم نفسه بصورة مختلفة عن الأجيال السابقة في الفن.

يقول الباحث في الشأن الثقافي والفني والدرامي والمسؤول الأسبق بهيئة الإذاعة والتلفزيون السر السيد لـ"الترا سودان" إن الفن يتفرد عندما تتاح له حرية التعبير والاختيار، واختار الفنان علي كايرو طريقته الغنائية ولديه جمهور ورحل تاركًا الأثر والصدى لدى قطاع واسع من الشبان والفتيات، ولن تنتهي سيرته بمجرد رحيله سيكون حاضرًا في الذكريات وأغنياته الموجودة.

لم يكن أمام السودانيين في رحلات اللجوء والنزوح سوى مقابلة الأمر الواقع  بالمشاركة الجماعية لحل الأزمات وكأن الحياة منحتهم القدرة على الصبر والصمود. ويقول أيوب، وهو شاب سوداني لاجئ في أوغندا، وشارك في تشييع الفنان علي كايرو أمس الأربعاء 15 تشرين الأول/أكتوبر 2025  لـ"الترا سودان": "لقد شعرنا بحزن عميق لكن قيم التكافل بين السودانيين لا تزال متقدمة، وهناك مواقف مطمئنة ضمدت حزننا على فقدان الفنان علي كايرو".

بينما حصدت وزارة الثقافة والإعلام في السودان انتقادات عنيفة بسبب عدم تدخلها في علاج وتشييع الفنان علي كايرو وفق أيوب، الذي يعتقد أن المؤسسات المعنية بالفن والثقافة داخل الحكومة السودانية اتخذت موقفا سلبيًا في موضوع علاج الفنان علي كايرو.

خلال الحرب فقد السودانيون فنانين ومبدعين في المنافي أبرزهم الفنان محمد الأمين والشاعر والكاتب هاشم صديق والفنان الشاب محمد الجزار الذي توفي بمدينة القضارف شرق البلاد.

تقول مهيرة التي تابعت مرض ووفاة الفنان علي كايرو: "كان الموقف يدعو إلى الحزن العميق، لقد تعافينا عندما شاهدنا السودانيين يتسابقون لسداد رسوم المستشفى والتشييع إلى المقابر".

وتضيف: "يجب أن يكون التكافل بين السودانيين رسالة إلى جميع الأطراف التي تسببت في الحرب أن الشعب لا يستحق ما يحدث ولا يستحق التشرد في المنافي بعيدًا عن الوطن".

وتردف قائلة: "ماذا ستخسر وزارة الثقافة والإعلام في السودان لو نشرت بيانًا تنعى فيه الفنان علي كايرو سوى التعبير عن متابعتها لأوضاع السودانيين في المنافي"، تضيف مهيرة.