سياسة

خلافات "تقدم".. انشقاق وشيك أم طريق ثالث؟

13 فبراير 2025
Tgaddum.png
المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" (أرشيفية)
محمد حلفاوي

رغم تعهدات تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم" بفك الارتباط مع المجموعة الداعمة لتشكيل حكومة منفى موالية لقوات الدعم السريع، إلا أن الأوضاع داخل التحالف السياسي المناهض للحرب ليست على ما يرام، مع رغبة كل مجموعة في الذهاب إلى حالة الانشقاق، فيما تحدثت مصادر عن وجود خلافات عميقة تتعلق بتبعية اسم التحالف نفسه.

محلل سياسي: المجموعة الرافضة لحكومة المنفى مؤثرة داخل تقدم ولديها وضعية سياسية لأنها تتكون من الأحزاب والنقابات والتجمعات المهنية

الخلافات بدأت منذ صعود مقترح تشكيل حكومة منفى بواسطة "تقدم" إلى السطح، بالتزامن مع مؤتمر عقده التحالف في ضاحية عنتيبي بأوغندا مطلع كانون الأول/ديسمبر 2024. وقد عارضت أصوات داخلية هذا المقترح باعتبار أن الأولوية هي وقف الحرب.

وتقود أحزاب ونقابات وتجمعات مهنية ولجان مقاومة تنسيقية "تقدم"، التي تشكلت في أديس أبابا عام 2023، وقادت حملات لوقف الحرب في السودان، لكنها لم تتمكن من إحداث اختراق في هذا الصدد بسبب تعقيد المشهد العسكري والسياسي في البلاد.

ويترأس عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء السابق، الهيئة القيادية لتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية، المعروفة اختصارًا بـ"تقدم"، كونه شخصية مستقلة، إلى جانب مطالبته الدائمة بالحلول السلمية وترك حالة العداء بين السودانيين. وقد لعب هذا الدور في تماسك التحالف، كما يُعتبر ضمن المجموعة الرافضة للحكومة المرتقبة.

في بيان رسمي، أعلنت تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم"، يوم الخميس 30 كانون الثاني/يناير 2025، وبعد سلسلة من الخلافات حول موضوع حكومة المنفى، أنها بصدد فك الارتباط مع المجموعة الداعمة لتشكيل الحكومة بصورة ودية. وكرر ذلك يوم الجمعة نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني وعضو الهيئة القيادية في "تقدم"، خالد عمر يوسف، قائلًا إن الأولوية بالنسبة للمجموعة المناهضة لمقترح حكومة المنفى هي إيقاف الحرب، والبحث عن طريق ثالث، وتشكيل جبهة مدنية واسعة.

التأثيرات الاجتماعية

من خلال المعطيات الظاهرة، فإن الأحزاب السياسية والنقابات ولجان المقاومة داخل تنسيقية "تقدم" هي التي اعترضت على مقترح حكومة المنفى. كما أن الارتباطات الظاهرة للعيان بين المجموعة الداعمة لفكرة الحكومة وبين قوات الدعم السريع برزت من خلال تصريحات عضو الهيئة القيادية لـ"تقدم"، سليمان صندل، الذي لم ينفك عن توجيه الإشادة بقائد الدعم السريع، والهجوم في ذات الوقت على ما يسميها "مجموعة بورتسودان"، في إشارة إلى الحكومة في مناطق سيطرة الجيش.

يقول الباحث السياسي مصعب عبد الله لـ"الترا سودان" إن فك الارتباط بين المجموعتين بمثابة انشقاق داخل تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم". وأشار، في ذات الوقت، إلى أن هذه الأزمة تبين بوضوح أن الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني داخل "تقدم" تعارض مقترح حكومة المنفى باعتبار أنها ستكون موالية وتابعة لقوات الدعم السريع، وبالتالي لا تريد هذه الكيانات السياسية والمهنية "تلطيخ مسيرتها" بالمزيد من الأخطاء الكارثية، خاصة أنها واجهت حملات عنيفة خلال الحرب، واتُهمت بموالاة الدعم السريع.

نعي الإعلان السياسي

يرى عبد الله أن توقيع الإعلان السياسي بين رئيس تنسيقية "تقدم"، عبد الله حمدوك، وبين قائد قوات الدعم السريع في أديس أبابا مطلع كانون الثاني/يناير 2024، من الأخطاء التي تحتاج إلى التصحيح خلال عملية فك الارتباط.

وأضاف: "مجريات الأحداث تشير إلى أن 'تقدم' قد تكون جزءًا من أطراف سياسية تحت رعاية المجتمع الدولي للانخراط في عملية سياسية، أما إذا اختارت الطريق الثالث، فعليها أن تذهب إلى تحالفات راديكالية، وهو خيار صعب بالنسبة لأحزاب تتبنى برامج أقرب لليمين، مثل حزب الأمة".

باحثة في العلوم السياسية: تصريحات بعض قادة "تقدم" مجرد "ذر للرماد في العيون"، حيث لا يملكون قياسات دقيقة للرأي العام، الذي ينتظر منهم إدانة واضحة وصريحة لمذابح الدعم السريع

أما ناهد مختار، الباحثة في العلوم السياسية، فترى في حديثها لـ"الترا سودان" أن المجموعة المناهضة لحكومة المنفى داخل "تقدم" تحتاج إلى ترتيبات جريئة بالإعلان عن موقفها، طالما قررت الانحياز إلى حملات وقف الحرب كأولوية. وأشارت إلى أن تصريحات بعض قادة "تقدم" مجرد "ذر للرماد في العيون"، حيث لا يملكون قياسات دقيقة للرأي العام، الذي ينتظر منهم إدانة واضحة وصريحة لمذابح الدعم السريع في الجزيرة والجنينة.

وتابعت: "من الصعب على هذه المجموعة البحث عن الطريق الثالث كما قال خالد عمر، لأن هذه العملية تحتاج إلى قاعدة جماهيرية وعمل شاق، وهو أمر لا يمكن أن يتوفر لقيادات وأعضاء سياسيين يقيمون خارج البلاد".

وكان المتحدث باسم تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم"، بكري الجاك، قد أكد أن التحالف السياسي المناهض للحرب في السودان يعمل على فك الارتباط مع المجموعة المؤيدة لمقترح حكومة المنفى. جاءت تصريحات الجاك في بيان صدر قبل تشكيل الحكومة المرتقبة، فيما تحاول قوات الدعم السريع البحث عن وضعية سياسية داخل البلاد لإعلان حكومتها، إلا أن هناك تيارات داخل هذه القوات تقترح تشكيل حكومة منفى في بعض البلدان الواقعة شرق أفريقيا.

فتور إقليمي إزاء الحكومة

أما التطورات الإقليمية في نطاق دول الاتحاد الأفريقي، فتشير إلى أن الحكومة المرتقبة قد لا تحصل على الاعتراف. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال زيارة وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، للعاصمة الكينية نيروبي نهاية الأسبوع، وعقده لقاءً مع الرئيس وليام روتو، الذي توجه بعد ساعات من لقائه بالوزير السوداني إلى القاهرة، وانخرط في مباحثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

بينما يقول الباحث في مجال الديمقراطية والسلام، مجاهد أحمد، لـ"الترا سودان"، إن المجموعة الرافضة لحكومة المنفى داخل "تقدم" مؤثرة وكبيرة، ولديها وضعية سياسية، لأنها تتكون من الأحزاب والنقابات التي لديها خبرة طويلة في العمل العام.

الحكومة واجهة لحميدتي

ويقول أحمد إن حكومة المنفى ستكون مجرد سلطة وواجهة لقوات الدعم السريع لتقسيم البلاد في مجالات الاقتصاد والتعليم والقوات العسكرية والشرطة والإدارة في المرحلة الأولى، على أن تتبعها العملية القانونية والسياسية حال حصولها على الاعتراف الإقليمي والدولي.

وأضاف: "إزاء هذه التطورات المتوقعة، قررت المجموعة الرافضة لحكومة المنفى داخل (تقدم) الخروج إلى الرأي العام وإظهار موقفها. وفي اعتقادي، تقديراتهم صائبة، لكنها تأخرت كثيرًا".

باحث في مجال الديمقراطية والسلام: إذا حافظ الجيش والقوات المشتركة على الفاشر، لا أعتقد أن الحكومة المرتقبة الموالية لحميدتي ستكون فكرة صائبة

ويرى مجاهد أحمد أن قوات الدعم السريع عينها على الفاشر للسيطرة على كامل إقليم دارفور، وفي ذلك الوقت ستكون لديها دوافع لتشكيل حكومة مركزها إقليم دارفور، للأسباب العسكرية والاجتماعية والاقتصادية.

وتابع: "انحياز المجموعة الرئيسية داخل (تقدم) للأصوات الرافضة لحكومة المنفى يعني فعليًا أنها تناهض قوات الدعم السريع، ولن تكون علاقتهما على ما يرام، باعتبار أن حميدتي قد يرى ذلك انحيازًا اجتماعيًا لهذه المجموعة، وهذا موجود في الخطابات الداخلية لقوات الدعم السريع، وهي من ضمن الأزمات التي عمقت الحرب".

وأردف: "إذا حافظ الجيش والقوات المشتركة على الفاشر، لا أعتقد أن الحكومة المرتقبة الموالية لحميدتي ستكون فكرة صائبة".

الكلمات المفتاحية

Sudan Army.png

السودان.. هل يقود صراع الفصائل العسكرية المساندة للجيش إلى الاقتتال؟

في غمرة تقدم الجيش، اندلع تنافس محموم بين الفصائل على النفوذ ومواقع التأثير السلطوي ومراكمة الثروة والاعتبار، فاشتعل خلاف معلن بين القوة المشتركة لحركات دارفور المسلحة وقوات درع السودان من جهة، وبينهما معًا في مقابل كتائب الإسلاميين من جهة أخرى


حميدتي قائد الدعم السريع.png

خطاب حميدتي.. إقرار بالخسائر وتهديد بجولة حرب جديدة  

إن كان هناك تطورات في خطاب قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، مساء السبت 15 آذار/مارس 2025، ربما تكون هذه المرة تهديده بإمتلاك "الدواء المناسب" وكأنه يشير إلى جولة جديدة من الحرب مع الوضع في الاعتبار الحصول على تسليح مختلف.


طلاب في جامعة الخرطوم.jpg

إغلاق الجامعات بالخارج.. هل يعيد الطلاب إلى السودان أم يفاقم الأزمة؟

يحصد قرار وزارة التعليم العالي في السودان بإغلاق المراكز الجامعية خارج البلاد انتقادات من مجالس الجامعات، سيما الخاصة، إلى جانب أولياء أمور الطلاب.


oil_sudan.jpg

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة

يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح

القصر.jpg
أخبار

معارك ضارية وسط الخرطوم والجيش يحرز تقدمًا نحو القصر 

أحرزت القوات المسلحة تقدمًا جديدًا وسط الخرطوم صباح اليوم، إثر معارك ضارية بدأت منذ الساعة الرابعة وفق مصادر محلية، فيما اضطرت قوات الدعم السريع تحت الضربات الجوية المكثفة وانتشار المشاة بالتراجع الميداني

الجيش 2.jpg
أخبار

القوات المسلحة تعلن التحام المدرعات مع القيادة العامة وسط الخرطوم 

أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد ركن نبيل عبدالله، التحام جيشي القيادة العامة وسلاح المدرعات عقب السيطرة على منطقة مستشفى الشعب اليوم الاثنين، وهزيمة قوات الدعم السريع.


Sudan Army.png
سياسة

السودان.. هل يقود صراع الفصائل العسكرية المساندة للجيش إلى الاقتتال؟

في غمرة تقدم الجيش، اندلع تنافس محموم بين الفصائل على النفوذ ومواقع التأثير السلطوي ومراكمة الثروة والاعتبار، فاشتعل خلاف معلن بين القوة المشتركة لحركات دارفور المسلحة وقوات درع السودان من جهة، وبينهما معًا في مقابل كتائب الإسلاميين من جهة أخرى

أنشئت بعثة القوة المؤقتة في أبيي في 27 حزيرانيونيو 2011 (Getty).jpg
أخبار

أعضاء بمجلس الأمن يدينون اختطاف قوات الدعم السريع لموظفين أمميين

قال أعضاء بمجلس الأمن الدولي، إن قوات الدعم السريع احتجزت 60 من حفظة السلام الأمميين، واختطفت ثمانية موظفين مدنيين، ونهبت قافلة لوجستية تتبغ لقوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا)، مكونة من ثماني مركبات و280 ألف لتر من الوقود.