خطاب حميدتي.. إقرار بالخسائر وتهديد بجولة حرب جديدة
16 مارس 2025
إن كان هناك تطورات في خطاب قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، مساء السبت 15 آذار/مارس 2025، ربما تكون هذه المرة تهديده بإمتلاك "الدواء المناسب" وكأنه يشير إلى جولة جديدة من الحرب مع الوضع في الاعتبار الحصول على تسليح مختلف.
عبارة لكل داء دواء تعني حصول حميدتي على تسليح جديد لخوض جولة جديدة من المعارك
خطاب حميدتي الذي جاء مساء السبت لم يحمل اختلافات كثيرة على الرغم من أنه بُث في مقطع مسجل عقب توقيع الميثاق السياسي الممهد لتكوين حكومة موازية، أي نعم تطرق إلى الأمر شاكرًا حكومة وليام روتو ووصفها بالديمقراطية ومستضيفة المهمشين، بالمقابل جاء الخطاب في نقاط متفرقة بالتركيز على توجيه انتقادات عنيفة للجيش.
من الحديث إلى الإشادة بدولة كينيا توعد حميدتي بعدم مغادرة الخرطوم وذكر القصر الجمهوري تحديدًا مضيفًا: "لكل داء دواء". وفي هذه الفقرة ربما اعترف بتقدم الجيش، ثم ردد: "يمدهم في طغيانهم" وهو استدلال يشير إلى أن الجنرال المختفي عن الأنظار لأشهر طويلة يقر ضمنيًا بتقدم الجيش على مستوى الميدان.
في الوقت ذاته اعترف حميدتي بـ"الأيادي الطويلة" للقوات المسلحة وزعزعة الاستقرار - على حد قوله - في مدن دارفور الواقعة تحت سيطرته، وكمن يحتج على تعامل المجتمع الدولي مع القوات المسلحة قال: "العالم يقول الجيش" وتساءل: "أين الجيش؟"، متهمًا القوات المسلحة بالهيمنة على الاقتصاد من خلال المنظومة الأمنية وشركة زادنا.
المؤشرات المرصودة في خطاب حميدتي تُظهر انزعاجه وقلقه من البيانات التي صدرت من مجلس السلم والأمن الأفريقي حول رفض الحكومة الموازية، إلى جانب البيانات الصادرة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وربما خرج في هذا الخطاب المفاجئ حتى يؤكد للمجتمع الدولي رغبته في المضي قدمًا نحو هذا المشروع.
في مجمل خطاب حميدتي علق على عدة مواضيع في الساحة، متوعدًا بجولة جديدة من المعارك العسكرية بالتحالف مع الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، عندما ردد قائلًا: "لن نقاتلكم لوحدنا".
ثم أردف قائلًا وموجهًا حديثه لعضو مجلس السيادة الانتقالي ومساعد القائد العام الفريق أول ركن ياسر العطا: "هل تعلم كم دولة تدعمك" في إشارة إلى حصول الجيش على مساعدات عسكرية من بعض الدول، وفي هذه النقطة ربما يقر الجنرال الذي ظهر معتمرًا العمامة لأول مرة منذ شهور طويلة؛ يقر بوجود فارق عسكري بينه وبين الجيش من حيث التسليح والدعم الإقليمي للقوات المسلحة.
ظهر حميدتي خلال الخطاب المسجل على مقطع فيديو نُشر على "تليغرام" مساء السبت 15 آذار/مارس 2025 بلا نياشين عسكرية، واضعًا العمامة الشهيرة التي يرتديها جنوده "الكدمول" وكأنه يمهد لتطورات قادمة ردًا على الخسائر التي تلقاها وسط البلاد وفي شمال كردفان.
لم ينس حميدتي التبشير المعتاد لديه بأن هذه الحرب ستكون الأخيرة في السودان ثم تبنى الخطاب الإسلامي عندما قال إن قواته ستحتفل بذكرى 17 رمضان التي تصادف تأسيس قوات الدعم السريع، وألمح إلى أن قواته ستحقق الانتصارات خلال هذا اليوم، وقبل ذلك تحدث عن العلمانية وشكر عبد العزيز الحلو على التحالف ورحب به.
أما مدينة بورتسودان حصلت على نصيب من خطاب حميدتي بتهديده مرة أخرى بالوصول إليها عسكريًا. وقال إن "الدواعش" سيدفعون الثمن غاليًا في إشارة إلى الكتائب المتحالفة مع القوات المسلحة.
فيما يختص بالتحالف السياسي والعسكري الذي أُبرم في نيروبي أكد حميدتي أن السودان سيكون كتلة واحدة ولن ينقسم، مشيرًا إلى أن "تجارة الدين" باتت مكشوفة للجميع. وقال إن المواطنين في مناطق سيطرة الجيش مجبرون على البقاء في صمت.
وفي مسعى لطمأنة قواته أكد قائد الدعم السريع أنه سيعمل على تشكيل جمعيات لرعاية عائلات الجنود الذين قُتلوا وأصيبوا في المعارك، ثم قفز بعد هذه الفقرة إلى محاولة نشر الطمأنينة بين سكان شمال البلاد وقال إنه لا يستهدفهم.
وكشف حميدتي عن معلومات جديدة وقال إنه عرض على مواطني الشرق تركيب محطة تحلية مياه الشرب عن طريقة شركة سودانية ألمانية، متهمًا جهات حكومية في ذلك الوقت بعرقلة هذا المشروع.
وأضاف: "ديل ضدكم" في إشارة إلى أن الحكومة المركزية ضد سكان الشرق الذين وصفهم بالأكثر تهميشًا، كما تطرق إلى الوضع العسكري وقال إن "الانتصارات قادمة".
لم يحمل خطاب حميدتي السبت 15 آذار/مارس 2025 أية مؤشرات حول توقف الحرب، بل تعمد تكرار عبارات الوعيد والتهديد، إلى جانب انزعاجه من تسليح متطور حصل عليه الجيش الذي قد يشكل فارقًا على الأرض خلال الفترة القادمة.
ميدانيًا شدد حميدتي على عدم خسارة القصر الجمهوري والخرطوم، في الوقت ذاته لم يتحدث عن السبل التي توضح وعوده المُرسلة لجنوده في إطار رفع الروح المعنوية، فكل العوامل على الأرض تُرجح اقتراب معارك طاحنة وسط العاصمة بين الجيش وقوات الدعم السريع قد تكون الأخيرة فيما يتعلق بالسيطرة على المرافق الاستراتيجية مثل القصر ومجلس الوزراء وأجزاء واسعة من مدينة الخرطوم المركز السياسي والعسكري والاقتصادي في البلاد لأحد الطرفين، والراجح أن حميدتي سيخسرها إلى الأبد.
الكلمات المفتاحية

عامان من القتال: المجازر الكبرى والصغرى في حرب السودان
مع اختتام العام الثاني للحرب في السودان، ودخول العام الثالث، شهدت مناطق واسعة من ولاية شمال دارفور مجازر عنيفة ارتكبتها قوات الدعم السريع، التي تسعى لفرض سيطرتها على الإقليم المنكوب بالحروب والمجاعات، في ظل فساد الساسة والقادة.

بعد عامين من الحرب... إلى أين يتجه المشهد العسكري في السودان؟
تدخل حرب السودان عامها الثالث، وسط توقعات باشتداد وتيرة العمليات العسكرية في غرب البلاد وجنوبها، مع انخفاضها في الوسط، مما يؤكد استمرارها، لا سيما في ظل عدم وجود حل سلمي يلوح في الأفق لإيقاف القتال الذي خلف آلاف القتلى وشرد ملايين النازحين واللاجئين.

السودان… أزمة إنسانية واقتصادية على أعتاب حرب ثالثة
على أعتاب العام الثالث من حرب السودان تتنامى التحذيرات من موجات نزوح جديدة، وتفشي المجاعة في مناطق أكثر هشاشة بإقليم دارفور وكردفان، مع احتدام الصراع بين الجيش والدعم السريع خلال الشهر الماضي.

عامان من القتال: المجازر الكبرى والصغرى في حرب السودان
مع اختتام العام الثاني للحرب في السودان، ودخول العام الثالث، شهدت مناطق واسعة من ولاية شمال دارفور مجازر عنيفة ارتكبتها قوات الدعم السريع، التي تسعى لفرض سيطرتها على الإقليم المنكوب بالحروب والمجاعات، في ظل فساد الساسة والقادة.

بعد عامين من الحرب... إلى أين يتجه المشهد العسكري في السودان؟
تدخل حرب السودان عامها الثالث، وسط توقعات باشتداد وتيرة العمليات العسكرية في غرب البلاد وجنوبها، مع انخفاضها في الوسط، مما يؤكد استمرارها، لا سيما في ظل عدم وجود حل سلمي يلوح في الأفق لإيقاف القتال الذي خلف آلاف القتلى وشرد ملايين النازحين واللاجئين.

السودان… أزمة إنسانية واقتصادية على أعتاب حرب ثالثة
على أعتاب العام الثالث من حرب السودان تتنامى التحذيرات من موجات نزوح جديدة، وتفشي المجاعة في مناطق أكثر هشاشة بإقليم دارفور وكردفان، مع احتدام الصراع بين الجيش والدعم السريع خلال الشهر الماضي.

لاجئون سودانيون يبدأون رحلات شاقة لمغادرة مصر إلى بلادهم
مع عودة آلاف اللاجئين السودانيين من المدن المصرية تشهد المعابر حركة واسعة للحافلات وفق متابعة متطوعين في غرف الطوارئ بالولاية الشمالية، بينما رجح عاملون في تنسيق هذه الرحلات عودة نصف مليون لاجئ سوداني خلال هذا العام من مصر إلى بلدهم إثر سيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم، وعودة الحياة بشكل متدرج.