18-مايو-2020

الباحث محمد قرشي في حوار مع قناة سودانية 24 (سودانية 24)

يصف الكاتب والباحث الدكتور قصي همرور، مدير المركز القومي للبحوث والاستشارات الصناعية، النشاط الذي يقوم به الطبيب السوداني، محمد قرشي عباس، على مواقع التواصل الاجتماعي وعددٍ من المنصات الإعلامية، بأنه "وحدة إعلامية مكتفية بذاتها" على حدّ وصفه، ملمحًا إلى وجه الشبه لهذا المجهود وما كان يقوم به عالم الفلك الراحل كارل ساغان، مبررًا ذلك أن قرشي، الذي ينشط في تبسيط العلوم، بالإضافة إلى محاربة الشائعات والمفاهيم الخاطئة بخصوص الفيروس الجديد لا يتناول هذه القضايا بوصفها قضايا طبية وصحية فقط، بل بربطها بعلومٍ أخرى كالصيدلة وعلوم الوبائيات والبيولوجيا وعلوم الفيروسات، وغيرها، على حد ما قال، في تدوينة له عبر صفحته الشخصية على فيسبوك.

استنادًا إلى دراسة علمية، منشورة بالمجلة العلمية "نيتشر"، وهي من ـكثر المجلات مصداقية ودقة علمية، ذكرت صراحةً أن الفيروس جاء نتيجةً لظروف طبيعية

"ألترا سودان" التقى الطبيب والجراح، الحاصل على شهادة جامعية في مجال فلسفة العلوم من جامعة اسكفورد البريطانية، بالإضافة إلى شهادة ماجستير في مجال العلوم الحاسوبية والحسابية وأنظمة السجلات الطبية الإلكترونية، محمد قرشي عباس، الطبيب والجراح السوداني الموظف بوزارة الصحة العمانية بسلطنة عمان، في حوار عبر الوسائط التقنية، قمنا فيه بتسليط الضوء على عددٍ من القضايا المتعلقة بالفيروس الجديد.

اقرأ/ي أيضًا: الأمم المتحدة: هجوم الميرم عمق محنة اللاجئين الجنوبيين ومخاوف من تجدد العنف

ليست هناك مؤامرة، الفيروس نتاج الطبيعة

لعل أحد أهم الأسئلة المتعلقة بالفيروس الجديد، لدى عدد مقدّر من الأفراد، هي التساؤل عن إمكانية أن يكون الداء المستجد نتاج مجهودات بشرية قامت بتصنيعه معمليًا، على غرار نشاطات الحروب البيولوجية، أو الأنشطة العدائية تجاه المجتمعات البشرية، فيجيب قرشي لـ"ألترا سودان" حول هذا الخصوص نافيًا هذا الاحتمال، استنادًا إلى دراسة علمية، منشورة بالمجلة العلمية "نيتشر"، وهي من ـكثر المجلات مصداقية ودقة علمية، التي ذكرت صراحةً أن الفيروس جاء نتيجةً لظروف طبيعية.

ويضيف أن الفيروس الجديد المسبب لمرض "كوفيد 19" هو أحد سلالات فيروسات "كورونا" المسببة لأمراض الزكمة، والتي كانت تصيب الحيوان فقط، وطفرت مرتين، الأولى كانت في العام 2002 عندما أصبح الفيروس المسبب لما عرف علميًا بمرض "سارس" والذي انتقل من الحيوان للإنسان، والثانية في العام 2013، حينما انتقل الفيروس من الجمال إلى البشر، مسببًا متلازمة الشرق الأوسط التنفسية.

وفي دحض احتمال أن يكون الفيروس مصنّع معمليًا قال إن الفيروس ضعيف نسبيًا مقارنةً بالأثر الذي تحدثه فيروسات كورونا المذكورة سابقًا، مشيرًا إلى أن نسبة الوفاة في الفيروس الجديد "كوفيد 19" لا تتعدى 5% في حين أن نسبة الوفاة في فيروسات كورونا الأشد فتكًا تجاوزت فيها الأرقام حاجز الـ(30%).

وأضاف قرشي: لو كان الفيروس مصنّعًا فإن الجهة التي قامت بتصنيع الفيروس لم تكن لتختار هذه الطفرة بالتحديد، كون إنها طفرة لن تحدث نتائج تضر بالإنسان بحسب المعطيات العلمية. واصفًا الطفرة بالمفاجئة للعلماء.

كما قال إن فيروس كورونا الجديد أصبح يصيب الإنسان نتيجة لخلل في مادته الوراثية، والتي على حسب معطيات النمذجة والمحاكاة الحاسوبية لم يكن من المفترض أن تنتج هذه الطفرة قدرة للفيروس على الانتقال للإنسان، عازيًا قدرة الفيروس على الانتقال للإنسان رغم أن المعطيات العلمية تفترض عدم ذلك، لما سماه "هامش الخطأ" بالنمذجة والمحاكاة.

ويشير قرشي، بشيءٍ من التندر: "لو أن المتآمر المزعوم أراد أن يحدث ضررًا بالإنسان، لكان اختار أحد أنواع الفيروسات القاتلة التي تحدث ضررًا أكثر بالإنسان"، قائلًا إن فيروس كورونا يحمل في المادة الوراثية له عددًا من الأخطاء المتوراثة التي تثبت قرابته بغيره من فيروسات عائلة كورونا والتي يستحيل تواجدها في حال كونه مصنعًا من الصفر.

اقرأ/ي أيضًا: (86%) من السودانيين ضد إقالة "أكرم".. و"أطباء السودان" تطلق مبادرة صحية

آمال اللقاح والعلاج

وبخصوص إنتاج لقاح للفيروس الجديد، أشار قرشي إلى أن أكثر الدراسات تفاؤلًا حول إنتاج لقاح تشير إلى إمكانية إنتاجه في شهر أيلول/سبتمبر القادم، وهي الدراسة التي يقوم بها معهد جينيير بجامعة أوكسفورد، مبينًا إنها دراسة متفائلة نوعًا ما، قائلًا إن اللقاحات في العادة تطلّب ما بين عامين إلى عشرة أعوام، في حين أن الوبائيات والجوائح تستدعي تضامنًا عالميًا وتعاونًا كالذي حدث أثناء انتشار فيروس إيبولا في إفريقيا، ما ترتب عنه إيجاد لقاح للفيروس خلال خمسة أعوام فقط.

وبالنسبة لعقار "الريميدسفير" الأمريكي، والذي أشارت تقارير سابقة إلى تضمينه كعلاج لفيروس كورونا الجديد، قال قرشي، إن الدراسات جاءت بنتائج محبطة، مضيفًا، حتى أنه في حالة فعاليته في علاج الداء المستجد فلن يكون في يد فئة كبيرة من الناس، نسبة لتكلفة جرعته العالية، التي قال إنها تبلغ 4500 دولار.

دراسات حديثة أعلنت خلال شهر أيار/مايو الحالي، عن تسجيل مناعة لدى عددٍ من الأفراد الذين شملتهم الدراسة، البالغ عددهم (1300) متعافٍ

وأشار الطبيب والباحث، إلى أن هناك بعض البشريات بخصوص أوضاع الجائحة عالميًا كون أن دراسات حديثة أعلنت خلال شهر أيار/مايو الحالي، عن تسجيل مناعة لدى عددٍ من الأفراد الذين شملتهم الدراسة، البالغ عددهم (1300) متعافٍ ومتعافية من الداء الجديد، بتكوين أجسام مضادة للفيروس ومناعة مستقبلية منه، بحسب دراسة تمت  بكلية إيكاهن الطبية بالولايات المتحدة الأمريكية، والتي أكدت إن (99%) من  الذين شملتهم الدراسة، كونوا أجسام مضادة تمكنهم من عدم التقاط العدوى مرة ثانية، بالإضافة إلى دراسة أخرى بجامعة هونغ كونغ بالصين، تؤكد ذات النتائج، وأشار الباحث قرشي، إلى أن البحوث لم تؤكد بعد الفترة الزمنية التي توفرها هذه المناعة التي تم اكتشافها حديثًا، في الوقت التي كانت تعد قابلية إصابة الأفراد بالعدوى مرة أخرى إحدى الهواجس البشرية تجاه الجائحة.

البروتكول العلاجي الحالي

 وبخصوص العلاجات المقترحة للفيروس، والتي تم تجريبها سابقًا ضمن البروتكولات الطبية، قال قرشي، إن الآمال التي تم تعليقها على عقار الكولوركين، المستخدم في علاج الملاريا، تم دحضها نسبة إلى تجارب سريرية ودراسات أثبتت عدم جدواه، هذا بالإضافة إلى آثاره الجانبية الخطيرة على المرضى، والتي قد تزيد من احتمالية الوفاة حال استخدامه.

وبالنسبة للعلاجات الشعبية والبلدية، أو الأدوية العشبية، أشار قرشي إلى أن ثمّة لبس كبير يكمن لدى المستطبين بأدوية وعلاجات لم يقطع العلم بنجاعتها، وهي أن ينسب الشفاء من المرض إلى هذه الأدوية، مؤكدًا أن عددًا كبيرًا من الأفراد يتماثلون للشفاء حتى من دون أي تدخل علاجي، ناسبًا ذلك إلى طبيعة الفيروس الضعيفة، وأعراضه الخفيفة.

الأعراض المرجّحة للإصابة لدى الفئات التي تظهر عوامل خطر

في وقت ما زال فيه فحوصات الداء المستجد غير دقيقة بالكامل، تحدث الدكتور قرشي لـ"ألترا سودان" عن الأعراض التي من الممكن أن تدل على المرض لدى الفئات التي لا تظهر علامات حادة للإصابة بهذا الفيروس، مستندًا إلى دراسة قامت بها مدرسة "هارفارد الطبية الأمريكية" إحدى أعرق المؤسسات الطبية في العالم، مبينًا أن العرض الظاهري الذي أصبح أكثر موثوقية ودلالة على الإصابة بالداء الجديد، لدى هذه الفئات، هو فقدان حاسة الشم، بالإضافة إلى فقدان حاسة الذوق أيضًا في بعض الأحيان، منوهًا إلى أن أمراض الزكام والتهابات الجيوب الأنفية من المكن أيضًا أن تؤدي إلى فقدان حاسة الشم.

اقرأ/ أيضًا: جوبا: الحكم بالسجن على رجل دين متشدد يدعي اكتشافه علاجًا لفيروس كورونا

وأكد أن أحد أكثر الأعراض التي من الممكن أن تدلل على الإصابة بالفيروس التاجي، هو نقصان نسبة الأوكسجين في الدم، والتي قال إنه من السهل الكشف عنها باستخدام جهاز صغير يتم وضعه في الأصبع ليقوم بقياس نسبة الأوكسجين في الدم تلقائيًا، كما ذكر أن أعراضًا مثل السعال من غير حمى، أو أوجاع الحلق والإسهال، ألم بالبطن، احتقان بالأنف، الصداع، آلام الجسم، ألم بالظهر، والتعب الشديد، من الممكن أن تكون إحدى الأعراض التي تصيب هذه الفئة.

في الأسابيع الماضية، تحولت صفحة قرشي، على فيسبوك إلى دائرة نقاش وعمل لمناقشة وتمليك العامة آخر المستجدات والكشوف العلمية بخصوص الجائحة

وبالنسبة لضيق التنفس الظاهري، الذي اقترن مؤخرًا بالإصابة بهذا الداء المستجد، فقد نبه قرشي، إلى أنه من الممكن أن يصاب بعض الأشخاص بضيق التنفس هذا ظاهريًا ما يجعلهم يشكّون بالإصابة بهذا المرض، في وقت قد يكون ضيق التنفس ناتجًا عن القلق والضغط النفسي الناتج عن احتمال الإصابة بالفيروس، وذكر قرشي أن أهم الفروق بين ضيق التنفس جرّاء الإصابة بالفيروس، وذلك الناتج عن ضغوطٍ نفسية، هي أنه في حالة كان الضيق ناتج عن القلق سيظهر على المريض حتى في حالات الاسترخاء وعدم الحركة، بينما يغلب على ضيق التنفس الناتج عن التعرض للإصابة بـ"كوفيد 19" الظهور على المريض عادةً حين القيام بمجهودات بدنية، كالركض أو الحركة.

في الأسابيع الماضية، تحولت صفحة قرشي، على فيسبوك إلى دائرة نقاش وعمل لمناقشة وتمليك العامة آخر المستجدات والكشوف العلمية بخصوص الجائحة والفيروس، بالإضافة إلى مكافحة الشائعات والمعلومات الخاطئة، مستخدمًا في ذلك خبرته الواسعة في عددٍ من العلوم المختلفة، كما عُرف قرشي خلال السنوات الماضية بوصفه شارحًا لنظرية التطور، عبر عددٍ من مقاطع الفيديو التي كان يبثها عبر موقع يوتيوب، بالإضافة إلى ظهوره في عددٍ من البرامج الإعلامية بوصفه طبيبًا وباحثًا في عددٍ من المواضيع العلمية والأكاديمية.

اقرأ/ي أيضًا

النزاعات الأهلية بالسودان.. جهود مكثفة لحقن الدماء وفرض هيبة الدولة

مبادرة إعلاميي جنوب السودان لمجابهة كورونا تنطلق بوحدات الشرطة