25-يناير-2021

عثمان أحمد الحسن (الترا سودان)

يتكيء عثمان أحمد الحسن، على رصيد كبير من الخبرات في مجالات مختلفة، فهو ضابط متقاعد، وعمل لسنواتٍ طويلة في عددٍ من سفارات السودان بالقرن الإفريقي، بجانب كونه معتمد أسبق لمحلية القُرّيشة، على الحدود السودانية الإثيوبية. وهو متخصص في أدب الرحلات، حيث فاز كتابه "أسفار استوائية"، بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلات. 

 يُجيب الدبلوماسي والضابط المتقاعد، عثمان أحمد الحسن، على عددٍ من الأسئلة حول التوترات على الحدود السودانية الإثيوبية

استنادًا على كل هذه الخبرات، يُجيب عثمان أحمد الحسن، على عددٍ من الأسئلة التي لها علاقة بالتوترات على الحدود السودانية الإثيوبية، عقب استعادة السودان لمنطقة الفشقة الأسابيع الماضية.


  • ما هي المبررات التي أوصلت المزارعين الإثيوبيين لأكثر من عقدين في أراضي سودانية، للدرجة التي استوطنوا فيها وكأنهم مواطنون سودانيون؟

- تعديات المزارعين الإثيوبيين على الأراضي والمزارع السودانية على الحدود، بدأت من العام 1957، وذلك بتعديهم بزراعة مساحات واسعة من الأراضي السودانية بلغت في سنواتها الأولى ما يقترب من (500) فدان. ومنذ ذلك الوقت ظلت تتعامل الحكومات السودانية وعلى تعاقباتها مع هذه القضية بإهمال كبير، الأمر الذي جعل وتيرة التعديات من المزارعين الإثيوبيين تتزايد، حتى وصلت آلاف الأفدنة. لكن التعديات تفاقمتْ بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، من قبل حكومة الإنقاذ، حيث أخليت معسكرات القوات المسلحة السودانية، واحتلها الإثيوبيون تمامًا.

اقرأ/ي أيضًا: مفاوضات "سد النهضة".. إلى أين؟

  • بشكل مباشر، ما هو نصيب النظام السابق مما حدث من تطورات بمنطقة الفشقة مؤخرًا؟

- نظام الإنقاذ له نصيب كبير في ذلك، بالرغم من بدء التعديات من قبل عهده. حيث قايض النظام السابق منطقة الفشقة؛ بتراخي السلطات الإثيوبية عن ملاحقة مدبّري محاولة اغتيال حُسني مبارك، من قيادات أمنية بارزة في النظام السابق. حيث تمّ سحب القوات المسلحة السودانية من شرق العطبراوي، وبالتالي خليتْ المنطقة من أي وجود للدولة السودانية على طول الحدود. وعليه، إنْ كان للحكومات التي سبقت الإنقاذ نصيب مما حدث في الفشقة، وكامل الحدود السودانية الشرقية، فإنّ لحكومة الإنقاذ الضلع الأكبر في التفريط في هذه المناطق السودانية، للدرجة التي استولى عليها المزارعون الإثيوبيون بالكامل. فالتفريط في الفشقة وفي مناطق أخرى، تتحمّله حكومة الإنقاذ.

  • إلى أي مدى تتوقع أن تتطوّر الأحداث إلى صدامٍ أو حربٍ بين البلدين "السودان وإثيوبيا"، بسبب الفشفة؟

- إثيوبيا تعلم علم اليقين بأنّ القوات المسلحة السودانية بسطت الآن سيطرتها على كامل الأراضي السودانية، وبالتالي استعاد السودان سيادته كاملةً على أراضيه بعد أنْ كان المزارعون الإثيوبيون يحتلونها بالكامل. لذلك فإنّ إثيوبيا تُحاول إرضاء بعض القوميات الإثيوبية المتآمرة بالحديث عن عودة القوات السودانية لمناطق انتشارها، ونقاط ارتكازها قبل العمليات الأخيرة. وهذا خطاب الجبهة الداخلية. لكن الحقيقة تقول بأنّ إثيوبيا الآن متشظية، وجيشها منقسمٌ، وتجربتها في حربها مع إريتريا في مثلث بادمي، لن تُغادر مُخيّلة القيادة العسكرية، وربما لقُرونٍ قادمة.

عثمان أحمد الحسن
عثمان أحمد الحسن
  • كيف تقرأ تصريحات الجانب الإثيوبي بوضع انسحاب القوات المسلحة السودانية، شرطًا للدخول في مفاوضات مع السودان؟

- الحديث الإثيوبي، عن انسحاب القوات المسلحة السودانية، شرطًا للتفاوض، أقرأه من بابٍ واحدٍ، وهو محاولة فتح نفّاجٍ للهروب، وتخفيف من حِدّة الدعوة لطرد الجيش السوداني للمزارعين الإثيوبيين. لكن على أي أساس ينسحب الجيش السوداني من أرضه التي تعترف إثيوبيا بسُودانيتها وفق اتفاقية 1902م، ووفق الخرائط التي وقّعت عليها إثيوبيا بطوعها؟ أما الحديث عن مفاوضات، فلا أساس له من الوجهة القانونية، فالآن كل طرفٍ داخل أرضه، فلأجل ماذا يكون التفاوض؟ وعلى أي أساس؟

اقرأ/ي أيضًا: الأمم المتحدة: 250 قتيلًا و100 ألف نازح حصيلة الأحداث الأخيرة في دارفور

  • وعليه؛ أنت لا تتوقع أنْ يتطور الأمر إلى مفاوضات مستقبلًا وتتحول الفشقة من أراضٍ سودانية، إلى أراضٍ متنازع عليها؟

- لا أتوقّع ذلك، لأن الحكومة الإثيوبية تعلم علم اليقين بسودانية هذه الأراضي، وليستْ لديها أي وثائق أو حُجج تُقيمها للتفاوض.

عثمان أحمد الحسن: لا أرى أي ربطٍ بين التوترات في منطقة الفشقة، وبين سد النهضة الإثيوبي

  • إلى أي مدى تتوقّع أن يكون لهذه التوترات على حدود السودان الشرقية ظلال على مفاوضات سد النهضة، ومواقف إثيوبيا من السودان؟

- من الجانب السوداني، لا أرى أي ربطٍ بين التوترات في منطقة الفشقة، وبين سد النهضة الإثيوبي. والسبب بسيط هنا، وهو أنّ قضية سد النهضة تجاوزت الأطراف في مرحلة بناء السد، وهي الآن في المفاوضات حول مرحلة ملء بحيرة السد، ورأيي أنّها قضية لن يتأثّر بها السودان كثيرًا.

  • أخيرًا، كيف تُقيّم حديث المسؤولين الإثيوبيين بأن هناك طرفًا ثالثًا يستجيب لأوامره وأجنداته بعض القيادات في الحكومة السودانية؟

- بطبيعة الأنظمة الشمولية، فإنّها دائمًا ما تلجأ لحيلة العدوان الخارجي، ونظرية المؤامرة والطرف الثالث لتبرير سياساتها الغشيمة. إثيوبيا تعلم بأنّ القوات المسلحة السودانية هي حامية للحدود، وحارسة لها، وتلك مهمتها الأولى، ولا تأتمر بأمر من تتخيّلهم إثيوبيا كطرفٍ ثالث. وإنْ كانت إثيوبيا وجيشها تأتمر بأمر طرفٍ ثالثٍ، فالسودان لا يأتمر، وإنما استعاد أراضيه، وسيادته، ونشر قواته المسلحة عليها، لا أكثر ولا أقل.

اقرأ/ي أيضًا

محمود محمد طه.. إلى أين مضت الفكرة؟

حوار| المستشار القانوني لتجمع المهنيين: لم نصل بعد لقرار بإسقاط الحكومة