حوارية عن الدولة والمجتمع.. كيف أثّرت حرب أبريل على الاجتماع السوداني؟
14 مايو 2025
د. كمال أحمد يوسف: الحرب الآن ضد الدولة السودانية بتركيبتها القائمة
الراجح في استخدام الهامش أنه جغرافي وعرقي
ثمة هامش المركز اقتصاديًا، وثمة مركز الهامش، وداخل الخرطوم يوجد هامش اقتصادي ملحوظ
الهامش تاريخيًا وإلى اليوم لم يُحسن التعبير عن قضاياه، حتى لو كانت تحمل شيئًا من الحقيقة
الدعم السريع يمثل أسوأ تجليات الأيديولوجيا العروبية السامة، كما سماها أليكس دي وال
الذي غاب عن الدعم السريع وداعميه في الخارج هو وجود وجدان جمعي سوداني بين مكوناته، على اختلاف جذورهم العرقية
برغم وجود الدعم السريع في أربع عواصم من ولايات دارفور، لم يستطع تشكيل سلطة مدنية مقنعة
مشروع الحكومة الموازية مجرد مناورة، لن يُكتب لها النجاح، لأنها تفتقر لعناصر الاستدامة وشروط الوجود
تحالف الحلو مع الدعم السريع بدا للناس غريبًا، نظرًا للتناقض الكبير في طبيعة المشروعات والتصورات
رهانات الحلو وحميدتي ستتصادم فيما بعد، إن لم يكن على مستوى القيادة، فسيكون على مستوى القاعدة
حسان الناصر: المركز الذي جاء في أدبيات التحليل الثقافي، لا نجد له تطابقًا مع صيرورة الواقع!
بنية النظام السياسي الحاكم، من نميري إلى البشير، محكومة بأفق السوق، والصعود السياسي الذي جرى مؤخرًا منفصل عن المجتمعات
يعمل السوق السياسي الذي أفرزته الحرب على تشكُّل كتل متحركة تمثل مصالح فردية، لكنها أيضًا تعبِّر عن مخاوف مفهومة
مشروع الدعم السريع هو مشروع الاتجاهات الخارجية، التي مثلت بالنسبة له رافعة يحقق لها قدرة في تفكيك الدولة، حتى وإن لم ينتصر
لا يمكن أن نعطي وصفة مشروع حاليًا، ليس لأنه مستحيل، بل لأننا لا يمكن أن نبني قلاعًا لم نؤسس لها بعد
النموذج الذي كانت تعيش عليه دولة ما بعد الاستعمار، استنفد قدرته على التماسك مع السوق العالمي وأزمات النظام العالمي
استطاع حميدتي أن يفكك البنية المفاهيمية والأخلاقية والسلوكية للمنظومة السياسية في السودان
عمل الدعم السريع على استغلال الرعاة، كما تفعل الحركات المسلحة، بخطاب القبائل الزراعية وقبائل الزُرقة في دارفور
من المستحيل أن نفهم الصراع الحالي في ثنائية دولة وطنية أو من عدمها، بل ضمن نطاق المصلحة الإقليمية التي تدفع بالدعم السريع إلى السيطرة على موارد الذهب، والانقلاب على نظام الحكم
ممادو التجاني: الآباء المؤسسون لدولة 56 تنكروا وتنكبوا طريق تأسيس الحكم على العدالة وإدارة التنوع
يُقرأ تاريخ اتفاقيات السلام كنقض للعقود والمواثيق
المنزع الجديد في حرب أبريل أن الدعم السريع لا يمكن أن يُتَّهَم في عُروبته وإسلامه
سياق الصراع جلب مجموعات كثيرة ممن انتسبوا سابقًا لأيديولوجية المركز، وأصبحوا من أنصار السودان الجديد
الدعم السريع لم يكن يملك تصورًا متكاملاً للحرب، سوى ما يرد من عناوين في المسرح السياسي المتصل بطور الانتقال
الصراع الحالي على حواف الانفجار، ليتحول إلى صراع عرقي
الرهانات قائمة الآن على القوة العسكرية فقط
الدعم السريع ما زال فاعلًا، ورهانات الجيش في استعادة دارفور وكردفان مستحيلة
منصة "تأسيس" لوحدها تملك الطرح السياسي، ومعسكر الجيش رهين لخطاب الحرب
الانفجار المعلوماتي أبطل مفعول الرواية الرسمية للدولة، وأظهر جوهر الصراع بوجه مكشوف
الهامش هوامش، وتوجد ممايزة حادة بين أقلية مسيطرة ومجاميع شعبية مستبعدة
خطاب المظلومية التاريخية منتِج وفعّال وضروري ومقاوِم
كان لدى البرهان فرصة لتدارك الأمر، وإيقاف الحرب، وتأسيس دولة العدالة
التقسيم يبرز بشكل أوضح في خطاب وسياسات المركز
انضمام الحلو لتأسيس منطقي على مستوى التصورات المشتركة، وبسبب منجزات الميدان العسكري للدعم السريع
توطئة
ما أن اشتعلت حرب الخامس عشر من أبريل، حتى اعتاص الناس في توصيفها وتعريفها؛ بين من يراها حربًا ضد الدولة، ومن يراها حربًا داخل الدولة بين قوى عنفها، وبين من يراها حربًا بين مجتمعات شديدة التمايز، علاوة على انتشار سردية الانقلاب والاختراق: تارةً لعودة الإسلاميين، ومرةً لفرض الاتفاق الإطاري واستعادة مسار الانتقال.
هذا التنوع الهائل في المقاربات والرؤى، جعلنا نمضي لأكثر الخطابات شيوعًا وتأثيرًا، وهو قراءة الحرب على مستوى الاجتماع السوداني، والتعرّف على مفاعيلها ودينامياتها، والاشتباك الجدلي مع المسكوت عنه إعلاميًا، على مستوى المشروعات الأيديولوجية، في أدنى تمثلاتها قربًا للعرق والدم والروابط ما قبل الحديثة، ومقاربتها على مستوى جدلية الهامش والمركز، ومساءلة أطروحة دولة 56 التي أُعيد بعثها مع وعثاء الحرب وضراوة العنف الممارَس على مستوى الأقوال والأفعال.
وكعادة "الترا سودان" في إيراد الآراء المتعارضة، استنطقنا ذواتًا تقف على النقيض؛ بين من يُرجّح فرضية الصراع الاجتماعي ضمن مقاربة الهامش والمركز، وبين من ينتقد الأساس النظري لذات الجدلية، ومن يقارب الصراع على مستوى منهج سوق الأعمال السياسية. فكانت هذه الحوارية سانحة للاستئناس بآراء الباحث والإعلامي ممادو التجاني (محمد التجاني سليمان)، والأكاديمي د. كمال أحمد يوسف المختص في التاريخ السياسي والاجتماعي، والباحث في الاقتصاد السياسي حسّان الناصر.
قامت الحوارية على خمسة محاور رئيسة:
حول طبيعة الصراع ومشروعاته
مزاعم التأسيس
خطابات الهوية بين الاتساق والانعتاق
صدام مفاهيم الهامش والمركز
رهانات المستقبل
طبيعة الصراع
كيف نقرأ مفاعيل الحرب على مستوى الاجتماع السوداني؟ أهي حرب داخل المركز أم ضده؟ وكيف نفهم طبيعة المركز والهامش، وجدل الصراع بين قواه وفعالياته وحركاته؟ من يمثل الهامش؟ ومن يمثل المركز؟ وما هي المشروعات والرهانات والخطابات وآليات التمثيل الممكنة لمصالح واسعة ومعقدة لمجتمعات السودان؟
يقول حسّان الناصر: لقراءة الفاعل في حرب 15 أبريل من منظور اجتماعي، علينا أن نعيد النظر إلى طبيعة الاجتماعي السياسي في السودان، ومن ثم الاقتصاد السياسي الذي ظل يحكم هذه العلاقات. هناك عمق مهم جدًا له ارتباط ما بين الاقتصاد السياسي واقتصاد السوق العالمي. قد تبدو هذه المعادلة معقدة، ولكننا لنتجه إلى تحليل البنى الاجتماعية، والتحولات الاقتصادية التي أصابت السودان والسوق العالمي، سنجد أن هناك تأثيرًا كبيرًا، لكنه يسقط من التفكير وربطه مع واقع الحرب.
هذا ينفي وجود مسألة مركز وهامش في الأساس. وأريد أن أقول إن المركز الذي جاء في أدبيات التحليل الثقافي لا نجد له تطابقًا مع صيرورة الواقع. من كان يحمل "الأيديولوجيا الإسلاموعروبية" حسب وصف المنهج يقاتل ضد المركز، ومن تم وصفه بأنه أداة لهذا المركز، هو الآن يتحالف مع من يحمل لواء الهامش. لذلك، هناك تضليل في إقحام المركز والهامش في سياق الحرب من غير تطويرها وفق التغيرات التي حدثت.
ما حدث هو أن هناك تحولات اقتصادية أثّرت على طبيعة التحالفات السياسية. هذا الأمر يجب أن يكون مرده في تفكيرنا طبيعة النظم الاقتصادية، وهذا الأمر مرتبط ببنية النظام السياسي الحاكم. فمن نميري ثم البشير، سنجد أن النظام السياسي لم يكن متماسكًا، بل كان محكومًا إلى هذا السوق، ولاءات فردية، وتحكم من قبل الفرد.
حسان الناصر: الحراك الذي حدث في المدن تحوّل إلى معارضة لسياسات حكومة الفترة الانتقالية الأولى والثانية أيضًا، ومن ثم أيضًا حراك دارفور
لماذا سقط البشير؟ دعنا من الاحتجاجات والحراك الذي حدث، لأنه نتيجة لتحولات اقتصادية جرت على النظام، حوّلت السوق السياسي ومكّنت من فاعلين لهم علاقات وتاريخ مع السلطة من الصعود. هذا الصعود قد جاء وفق شروط، وهذه الشروط منفصلة عن المجتمعات.
ستجد أن الحراك الذي حدث في المدن تحوّل إلى معارضة لسياسات حكومة الفترة الانتقالية الأولى والثانية أيضًا، ومن ثم أيضًا حراك دارفور، سواء في المحليات التي تقع في النطاقات الرعوية أو الزراعية، بل داخل معسكرات النزوح. عند اندلاع الحرب، ونهاية السياسة التنازعية بين أطراف السلطة الانتقالية، تم استدعاء خطابات سياسية تحاول أن تسند أو تعمل على وضع شرعية لها. لكن، رويدًا رويدًا، يعمل السوق السياسي الذي أفرزته الحرب على تشكّل كتل متحرّكة تمثّل مصالح فردية، لكنها أيضًا تعبّر عن مخاوف مفهومة.
صراحةً، لا يمكن أن نعطي وصفة مشروع حاليًا، ليس لأنه مستحيل، بل لأننا لا يمكن أن نبني قلاعًا لم نؤسّس لها بعد. فما قام به حميدتي في تركيبة القوى السياسية والاجتماعية أمرٌ مثيرٌ جدًا، صراحة. لقد فكّك حميدتي البنية المفاهيمية والأخلاقية والسلوكية للمنظومة السياسية في السودان، فما عاد العمدة هو العمدة الذي يحاول أن يحمل مسؤولية حيوات أبنائه، ولا عاد رئيس الحزب السياسي هو ذلك الذي يسعى إلى الانطلاق من أجندة تعبّر عن مصالح منظومته أو أفكارها.
بينما يرى د. كمال أحمد يوسف الحرب باعتبارها حربًا ضد الدولة السودانية بتركيبتها القائمة الآن، ويقول: هي حرب لا يمكن وصفها بأنها حرب هامش ضد مركز، لأن الطرف الذي يحارب الجيش السوداني نفسه يمثّل المركز كسلطة، حتى لو كانت قيادته أتت من أصقاع دارفور؛ لأن قائد الدعم السريع كان متموضعًا في قلب السلطة، وليس خارجها، وشغل موقع الرجل الثاني في الدولة، وأحيانًا الرجل الأول من حيث القرارات والسيطرة على كثير من الملفات.
هي حرب تفتقد الخطاب السياسي المتماسك لدى الدعم السريع، بدليل أنه ظل يتقافز بين الاتفاق الإطاري وضرورة تنفيذه ليكمل بذلك مشروعه العسكري، ومن ثم السياسي، ثم يقفز إلى خطاب محاربة دولة "ستة وخمسين" أو "الجلابة"، وهي خطابات ظلّت مضمرة في قلب قائد الدعم السريع قبل الحرب، لكنها أُنتجت علنًا بعد اندلاع الحرب. ما يدل على أنه كان ينوي استغلال الاتفاق الإطاري لتنفيذ ما ردّده بعد اندلاع الحرب.
كمال أحمد يوسف: كان من الصعب تعريف المركز والهامش قبل الحرب، لأنه لم يتم الاتفاق حول أي توصيف دقيق لمفهوم المركز والهامش
هذا يفقد الخطاب السياسي للدعم السريع موثوقيته وصدقه، لأنه أُنتج بعد اندلاع الحرب، وليس قبلها، ولأن الدعم السريع نفسه أُنتجه المركز وصنعه في إطار صراع بين الحكومة وبعض أبناء الطرف الدارفوري. ثم تحوّل في ظرف هشاشة سياسية بعد التغيير إلى قوة ذات طموح متعدد، مسنودًا من الخارج. ولذلك، لن يكون خطاب الدعم السريع مهضومًا حتى لأبناء ما عُرف بالهامش تاريخيًا.
كان من الصعب تعريف المركز والهامش قبل الحرب، لأنه لم يتم الاتفاق حول أي توصيف دقيق لمفهوم المركز والهامش. والراجح في استخدام مصطلح "الهامش" أنه استخدام جغرافي عرقي، أي أنه مصطلح تُوصَف به أقاليم بعيدة عن المركز جغرافيًا، لكنه عرقي في الوقت نفسه، لأن هنالك أقاليم ومقاطعات بعيدة عن المركز جغرافيًا، لكنها لم تتمرد، ولم تكن ثقافة الميليشيات جزءًا من تكوينها النفسي.
بالتعريف الجغرافي-الاقتصادي، هنالك هامش المركز اقتصاديًا، وهنالك مركز الهامش، بمعنى أن المركز -إن كان هو الخرطوم- فهنالك هامش اقتصادي داخل جغرافيا الخرطوم أو على حدود الولايات المجاورة لها، وهنالك أيضًا مركز الهامش، أي تجمعات حضرية مدينية خارج جغرافيا الخرطوم لكنها ناهضة نسبيًا، ولها أيضًا هامش مجاور.
ما عُرف بالهامش تاريخيًا وإلى اليوم لم يُحسن التعبير عن قضاياه، حتى لو كانت تحمل شيئًا من الحقيقة، فعامةً هنالك خلل ما في مسيرة الدولة السودانية الحديثة، بموجبه رفعت مجموعات إقليمية السلاح في وجه الدولة المركزية، لكن تلك المجموعات - منذ مشكلة الجنوب قبل الانفصال وإلى اليوم - لم تقدم خطابًا مطلبيًا وسياسيًا متماسكًا، وظل خطابها خليطًا مرتبكًا ما بين قضية الدين والدولة، والمطالبة بالعلمانية مع استبطان البُعد العرقي لإضفاء طابع عاطفي، والحديث عن تفاوتات تنموية بالنظر السطحي لبعض مظاهر العمران في المركز، مثل تكرار مفردة "عمارات الخرطوم" كنوع من التهييج النفسي، مع أن المظهر العمراني الظاهر للعيان لا يشير إلى مظالم مقصودة من كتلة سكانية تجاه أخرى.
وهذا الخلل في تقديم خطاب سياسي متماسك أفقد شعارات المجموعات المسلحة التجاوب، خاصة بعد أن دخل الدعم السريع مضمار سرقة أدبيات قديمة لم تفعل فعلها في حينها، مثل شعار "سودان جديد يتقدم، سودان قديم يتهدم".
وفي المقابل، يقول ممادو التجاني: الحرب في السودان قديمة جدًا، والناظر إليها بمعزل عن سياق تطور صراعات السلطة والثروة والاعتبار، سيقفز بالضرورة على الحقائق الموضوعية والدوافع الجوهرية لمسيرة الاضطراب في السودان. فمبتدأ الصراع حدث منذ عام 1955 حول نظام الحكم وقضية المركزية واللامركزية، حين طرحت النخبة الجنوبية آنذاك مقاربتها للحكم الفيدرالي وموضوعة المواطنة المتساوية، والحقوق الاجتماعية والثقافية واللغوية في جنوب السودان، انطلاقًا من خصوصيته الثقافية والدينية.
إذ قدمت النخبة الجنوبية رؤيتها لقسمة الموارد في اتفاقية جوبا 1947م، بيد أن ما يسميهم الدكتور منصور خالد "جيل النكبة من آباء التأسيس" لوجوه الإخفاق الوطني ومساره المتعثر (دولة 56)، تنكروا وتنكبوا الطريق في تأسيس الحكم على قيم العدالة، فلم يفِ كل من إسماعيل الأزهري، ومحمد أحمد المحجوب، وصالح الشنقيطي، وصحبهم بما تعهدوا به، ما أدى إلى قيام الحرب. وكانت هذه أولى بذور الشقاق الوطني التي عبّر عنها أبيل ألير بما أطلق عليه "مسار نقض العقود والمواثيق".
ممادو التجاني: لم تتدارك السلطة المركزية في الخرطوم خطيئتها تلك، بل طفقت تهاجم شعب الجنوب الثائر
لم تتدارك السلطة المركزية في الخرطوم خطيئتها تلك، بل طفقت تهاجم شعب الجنوب الثائر، زاعمةً بأنها تدافع عن هوية البلاد وثقافتها ووجودها ضد من أسمتهم بـ"عملاء الغرب" من الأنانيا ون، بقيادة جوزيف لاقو.
لاحقًا، تطور الصراع من أفق تحسين الشروط السياسية والاجتماعية وتطبيق الفيدرالية أو حتى المطالبة بالانفصال، بظهور متغير جديد، هو بروز الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الدكتور جون قرنق ديمبيور، وطرحها مشروع "السودان الجديد"، مما قاد إلى حدوث تحول جوهري في الصراع بين سلطة الخرطوم والهامش المنتفض، والذي سرعان ما توسع من جغرافيا الجنوب إلى أقاليم النيل الأزرق وجبال النوبة وجنوب كردفان.
ركزت أطروحة السودان الجديد على علمانية الدولة وحياد مؤسساتها، وضرورة ألا تتبنى الدولة - بوصفها جهازًا يدير التعاقد والاجتماع الإنساني - موقفًا ثقافيًا أو لغويًا أو دينيًا، بحُسبان أن هذا على الأقل هو الأفق الذي ترسمه وتترسمه الدولة الحديثة.
وبطبيعة الحال، استثارت الأطروحة مركز السلطة في الخرطوم، ورأت فيها رؤية مضادة ومجانفة لمشروع الأسلمة والتعريب الذي انتظم دولة ما بعد الاستعمار. فمن المعروف أن الاستعراب سبق الأسلمة، التي تحققت منذ تطبيق الشريعة الإسلامية في العام 1983م، وما سبقها من أسلمة الاقتصاد في خواتيم السبعينيات، وما تلاها في خواتيم الثمانينيات، حين برز نظام الإنقاذ (يونيو 1989 - أبريل 2019) على رافعة تطبيق الشريعة الإسلامية في بلد شديد التعدد الثقافي والديني واللغوي والاجتماعي.
وهنا أستطيع أن أقول إن الجذور التي أشعلت الحرب في السودان، ضمن سياقاتها الظرفية والتاريخية، مفهومة ومتوقعة وسائغة عقلًا وعدلًا.
وحين نقرأ الأحداث الراهنة ونقرنها مع ظروف نشأتها الباكرة، ندرك أن المنزع الجديد واللافت في حرب أبريل أن أحد طرفيها لا يمكن أن يُتَّهَم بأنه موالٍ للغرب، لكونه ذا نسب أصيل في الثقافة العربية والإسلامية، وكان حتى وقت قريب جزءًا من السلطة وأحد قوى عنفها. الأمر الذي أفشل السردية التي تلجأ إليها دولة 56 حال كل صراع.
فالدعم السريع - كما هو معلوم - ينحدر سواده الأعظم من تكوينات عرب دارفور، ومع ذلك، فقد أعاد تموضعه مؤخرًا بوصفه معبرًا عن طموحات من يعرّف الصراع بأنه قائم، بالأساس، على قضايا عدالة توزيع السلطة والموارد.
أما سؤالك حول من يمثل المركز ومن يمثل الهامش، فإن الأمر الذي لا يتطرق إليه الشك هو أن الدولة هي التي تمثل المركز، بحسبانها حاملة لواء اللغة العربية والدين الإسلامي، مع أن الهوية الإسلامية والعربية جزءٌ من تكوين بعض الكيانات الاجتماعية، ولا يمكن تعميمها على جماع الشعوب السودانية، التي ترى أنها مشدودة إلى آفاق مغايرة في الانتماء الثقافي واللغوي والاجتماعي والرؤيوي.
أما الهامش، فكان يمثله في السابق "الحركة الشعبية"، التي تطورت وتمددت من الجنوب إلى النيل الأزرق وجبال النوبة وجنوب كردفان، قبل أن تشتعل أزمة دارفور، لتنضم إليها قوى اجتماعية معتبرة من القوميات غير العربية، شاجبةً مظالمها التاريخية، ومطالبةً بتطبيق فيدرالية حقيقية، على غير فيدرالية الإنقاذ المنزوعة الصلاحيات، التي لا تملك سلطة على إدارة الموارد، ولا تتوافر على تشريعات تعزز تلك الحقوق. فلا تستطيع، مثلاً، أي ولاية أن تمضي في وجهة مغايرة لما يريده ويديره المركز بالضرورة.
سياق الصراع في السودان جلب مجموعات كبيرة من الذين انتموا سابقًا إلى أيديولوجيات سياسية في المركز، وصاروا من أنصار مشروع "السودان الجديد"، وإعادة هيكلة الدولة وتأسيسها على أفق العدالة. مما يؤكد أن الصراع في جوهره صراع اجتماعي بامتياز، برغم الاتهامات التي ترد لمن يتبنى هذا الرأي بالعنصرية. فالدولة السودانية لم تضطلع بدورها في إدارة التنوع وإبرازه، وإنما حملت الناس على رؤيتها الأحادية بخصوص فرض المنزع العربي الإسلامي بوصفه أيديولوجيا حاكمة، ومن الطبيعي أن لا ترى الشعوب غير العربية والإسلامية نفسها وشخصيتها الثقافية والاجتماعية في مرآة السلطة المركزية وإطارها الكلي.
الصراع حاليًا على حواف الانفجار، ليتحول إلى صراع عرقي بسبب المنهج غير المسؤول على مستوى خطابات الدولة ومن يتسنمون مواقع السلطة. ويكفي أن تنظر إلى الدعاية الحربية وتنميطها للآخر، ليس بوصفه عدوًا، وإنما بوصفه أجنبيًا غازيًا؛ ومن ذلك الأوصاف الصادرة في حق الدعم السريع (عرب شتات، تشاديين، نيجيريين، إلخ). ولنفهم البعد الإدراكي الغائر في هذه المسألة، سنجد أن العناصر المتنفذة حاليًا هم ساسة يبحثون عن شرعية لحربهم، وليسوا رجال دولة يصدرون عن رؤية واقعية لمعالجة الأزمات. ولا غرو في أن هذا الخطاب أدى إلى تجييش أعداد مهولة من القبائل التي تنحدر من غرب السودان وامتداداتها في الشرق والوسط، بدافع وشعور بالتهديد الوجودي.
بخصوص الرهانات، فهي قائمة بالأساس على القوة العسكرية. الجيش يراهن على أنه سيستعيد كردفان ودارفور، ثم يطرح انتخابات أو يعقد حوارًا مع كل القوى السياسية والمجتمعية، وهذا عين المستحيل. أما الدعم السريع، فهو يراهن عبر منصة "تأسيس"، التي تضم "الحركة الشعبية - عبد العزيز الحلو"، ومع "حزب الأمة" برئاسة برمة ناصر، وفصيل من "الاتحادي الديمقراطي" بقيادة إبراهيم الميرغني، وبعض القوى السياسية الأخرى مثل "حركة الإصلاح والنهضة" و"تحالف قمم" وغيرها. قد يقول قائل إن كثيرًا من هذه القوى السياسية غير معروفة، وربما حديثة الميلاد، بيد أن الرهان قائم على قوة الطرح السياسي. الدعم السريع قطعًا يراهن على الطرح السياسي وعلى العمل العسكري في الميدان. وحتى لو سلمنا بأن الدعم السريع هُزم في الخرطوم وسنار والجزيرة، فمن الواضح أنه لم يزل فاعلًا وقادرًا على الحفاظ على الزخم، وإحداث اختراقات مؤثرة في مسرح العمليات، ويكفي دخوله مدينة النهود في غرب كردفان.
الرهانات الآن عسكرية، ولا يوجد أي أفق سياسي. وأعتقد أن الحديث عن الحل السياسي ممكن إذا وصل الطرفان إلى نقطة الإنهاك وتوازن الضعف أو توازن القوة، بعد ذلك يمكن أن تُطرح مشروعات التسوية، وهو أمر لن يحدث قريبًا، بحسب رأيي، وبحسب ديناميات الواقع العسكري والسياسي.
مزاعم التأسيس
كيف نفهم مشروع الدعم السريع وأهدافه من الحرب، بعد إعادة تموضعه من أداة المركز الباطشة إلى التعبير عن قوى الهامش والتحالف مع بعض أطرافها؟ وكيف نفهم مرادات قوى السودان المحافظة على الدولة؟ وأي دولة؟ أهي دولة ما بعد الاستعمار ذات الطبيعة السلطوية والنمط الاقتصادي الاستخراجي؟ أم دولة جديدة بأفق تأسيسي جديد؟
كمال يوسف: الذي غاب عن الدعم السريع وداعميه في الخارج هو عدم إدراكهم لوجود وجدان جمعي سوداني بين مكوناته، على اختلاف جذورها العرقية. هذا الوجدان تشكل عبر قرون من التداخل والمصالح المشتركة، مما جعل الغالبية العظمى تقف مع مؤسسة القوات المسلحة، وضرورة المحافظة على مؤسسات الدولة، دولة ما بعد وقبل الاستعمار؛ لأن السودان، قبل تشكيله الجغرافي الحالي، كان فيه نوع من التداخل السكاني بين مكوناته.
ممادو التجاني: لم يكن الدعم السريع يملك تصورًا متكاملًا للحرب، سوى ما يرد من عناوين في المسرح السياسي المتصل بطور الانتقال، مثل وثيقة المحامين التي تأسس عليها الاتفاق الإطاري. ومن المعلوم أن الدعم السريع كان داعمًا للتحول الديمقراطي، وقد تراجع واعتذر عن مشاركته في انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م، مما أثر على مجمل المشهد وأربك الحسابات. فالممايزة في المواقف بين قوتين عسكريتين، هما جماع المؤسسة العسكرية السودانية بموجب الوثائق الدستورية، أقضت مضاجع قادة الجيش الذين ناوروا مرارًا للانفراد بالحكم.
من الواضح أن الدعم السريع لم يكن، حتى تلك اللحظة، لديه مشروع ورهان خاص به، وإنما كان موقفه مع الذهاب حتى نهاية الشوط في الانتقال وتأسيس الحكم المدني الديمقراطي وقيام انتخابات حرّة نزيهة. وليس لدي أدنى شك في أن الدعم السريع تعرّض لاعتداء، وأن مخطط الحرب كان مستأثرًا به لدى قيادة الجيش وهيئة الأركان، وربما لم تعلم بعض الوحدات والفرق بمشروع الحرب، ناهيك عن مواقيتها.
إن أكبر شاهد على نية قادة الجيش بإشعال حرب ضد الدعم السريع هو بناء سور رملي سميك منذ سنتين قبل الحرب، وليس لهذه النية أي علاقة بانقلاب 25 أكتوبر. ومع اشتعال الحرب وتطور أدواتها وامتداد مدتها، وجد الدعم السريع أنه محتاج لإنتاج خطاب وطرح مشروع يؤسس دولة جديدة، فكان أن تولّد مشروع تأسيس.
في المقابل، ماذا يوجد لدى الطبقة السياسية المتحلقة حول الجيش؟ لن تعثر أبدًا على مشروع، ولو قلبت النظر في البنية الحزبية العمومية: لحزب الأمة، والاتحادي، وحتى الحركة الإسلامية بواجهاتها القديمة (المؤتمر الوطني) وواجهاتها الحديثة (حركة المستقبل، والأحزاب العروبية)، لن تجد أدنى تصور أو رؤية سياسية.
هذه الحرب نفسها تمظهر لتآكل الدولة ونخبتها المركزية، وعُراها، وقواها. لقد وصل مشروع دولة 56 إلى نهاياته المنطقية.
إن تحالف "تأسيس"، الذي انعقد بنيروبي وضم قوى وأحزابًا وفاعلين سياسيين وعسكريين وحركات مسلحة وكيانات حزبية منشقة عن "الحرية والتغيير - تقدم"، يتوفّر على أطروحة بشأن المستقبل، تؤهل الدعم السريع وحلفاءه لصياغة رؤى وازنة حول المستقبل. ويمكن أن يختلف الناس أو يتفقوا حول مجمل الطرح أو تفصيلاته، لكنه يبقى في النهاية هو الطرح السياسي المقدم لسؤال: كيف يُحكم السودان؟
ممادو التجاني: ما زالت الدولة رهينة لخطاب الحرب، وليس ثمّة أفق رؤيوي وراء ذلك
انظر إلى معسكر الجيش؛ لن تعثر على أي طرح سياسي. فهو تارة يتحدث عن ترقيع الوثيقة الدستورية والمواصلة في الفترة الانتقالية، وتارة يظهر بأنه امتداد للحركة الإسلامية، وتارة يظهر بأنه قاطرة يقودها البرهان لطموحاته الشخصية. ولا يوجد حتى نقد للتجربة السياسية الوطنية التي تمثلها مؤسسة الدولة التي يقودها الجيش. وهي مؤسسات، سواء كانت حقيقية أو مختطفة، تعبر عن التجربة الوطنية التي تستدعي نقدًا منذ 1956م، ثم ينبغي لها أن تؤسس لحوار وتطوّر تصورها حيال الدولة والمجتمع.
ما زالت الدولة رهينة لخطاب الحرب، وليس ثمّة أفق رؤيوي وراء ذلك. ندرك هذا من خلال حجم التخبط والارتباك البالغ لدى أركان التحالف السياسي الهش لمعسكر الجيش. فقائد مثل مناوي يعلن على رؤوس الأشهاد، مشهرًا نقده لطبيعة السلطة التي هو جزء منها، كونها تستند -بحسب ما قال- إلى ثلاث قبائل، نافيًا عنها قوميتها. ويكفي هذا مؤشرًا على مدى استفحال الأزمة التي تحيط بالجيش وحلفائه.
المركز لم يتطوّر، وما زال يطرح نموذجه القديم. وأعتقد أن المشهد الآن يعبر تمامًا عن دولة ما بعد الاستعمار: من جهة، محاولة فرض الشرعية بالقوة، ومن جهة أخرى، الاعتماد على الاقتصاد الريعي والتبعية للدول الكبرى.
فالنمط السياسي استتباعي بامتياز، والدولة لا تمثّل ولا تعبّر عن جماع مواطنيها، والدولة لا تعترف بالتنوع، ولا تعترف بحقوق مواطنيها في تقرير مصيرهم واختيار نظام الحكم المناسب لهم.
أرى أن المتغيّر الجديد في معادلة صراع الهامش والمركز هو بروز إمكان التعبير عن الهامش وتبلور مشروعات مقاومة المركز على مستوى الوعي والإعلام، بسبب الانفجار المعلوماتي، وبالتالي نقد الرواية الرسمية للدولة.
فلم يكن في مقدور الثوار الجنوبيين أن يكشفوا عنصرية دولة 56 حين قاموا ضد مشروعها القائم على الأسلمة والاستعراب، عبر سياساتها الإعلامية والتعليمية، حتى قبل الاستقلال.
أما الآن، فلم يعد في مقدور المركز أن يبسط هيمنته ويفرض سيطرته على عموم الشعب، مع تمدد شبكات التأثير الإعلامي وظهور فاعلين وإعلاميين منتجين لخطاب سياسي مغاير.
ومن هنا، ظهر الصراع بوجه مكشوف، حين قال الرجل الثالث في الدولة، ياسر العطا، للسودانيين الآخرين: "لا مكان لهم في دولة السودان". وهو خطاب، أقل ما يقال فيه، إنه كلام ابتزازي استعلائي ينكر مواطنة قطاع عريض يمثل الأكثرية الكاثرة.
يترافق هذا الأمر مع الأفعال الممنهجة لقادة الدولة، من حرمان بعض المواطنين من مستنداتهم الثبوتية، وما جرى لاحقًا في موضوع الامتحانات وتغيير العملة، وهي سياسات تمييزية وعنصرية بامتياز. وهي -في نظري- سياسات ليست شاذة على طرح دولة 56، التي ظلت تمارس العنف ضد مكونات سودانية أصيلة ومتجذرة في بنية السودان منذ قديم الأزل.
حسّان الناصر: مشروع الدعم السريع هو مشروع الاتجاهات الخارجية، التي مثلت بالنسبة له رافعة يحقق من خلالها قدرة على تفكيك الدولة، حتى وإن لم ينتصر. المشروع الاقتصادي الذي بدأ ينمو في المنطقة، مع انهيار النظم السياسية التي صادرت الدولة وحولتها إلى مساحة مناورة في السوق السياسي، صبّ في مصلحة الاتجاهات الجديدة، التي نشأت في سياق مشاريع ما بين الخليج العربي والبحر الأحمر (أسميتها هكذا من أجل موضعتها في سياق التنافس على المنطقة)، وأيضًا مشاريع الممرات الجديدة التي تمثل علاقات قوى وسيطرة، بالإضافة إلى حروب الطاقة أيضًا.
لذلك، يمكن أن نقول بأن مشروع الدعم السريع بوصفه قوة عسكرية مسلحة غير موجود أيضًا. الأعمال التخريبية التي قام بها في المناطق التي سيطر عليها، وحاليًا في المناطق التي تُمثّل بالنسبة لمقاتليه مواقع اجتماعية، أيضًا أصابها من الدعم السريع ما أصابها. لذلك، لا وجود لمشروع سياسي يمكن للدعم السريع من خلاله إقامة دولة وسلطة ونُظُم، ولا وجود لمنظومة عسكرية، لأن ديناميكيات الحرب غيّرت من طبيعة وتركيبة هذه القوات.
هناك بعض الذين يكتبون هنا وهناك عن مشروع متخيّل، محاولين محو رقبة الجمل بشكل كلي، إلا أن هذه السرديات تنتفي مع كل مرحلة من مراحل الحرب التي جرت. الدعم السريع، في حالته هذه، أقرب إلى "فايروس أعمى"؛ وبال على الذين يتحالفون معه، وعلى الذين يدعمونه في الداخل أيضًا.
لذلك، دعنا ننتقل إلى مسألة الدولة في ظل المتغيرات الجديدة. "أي دولة؟" هو مصطلح مضلِّل؛ الدولة، في تصوراتنا، موجودة وتتحرك وننفعِل بها وإليها أيضًا، والجميع يمتلك تصورات عن الدولة، لذلك فالدولة موجودة كتَصَوُّرات اجتماعية، وكبنية مادية أيضًا.
الانتقال الذي يمكننا الحديث عنه، إذن، هو نموذج الحُكم، والشروط التي من خلالها يمكن للناس أن يُقيموا نظامًا سياسيًا، يمكن من خلاله أن يحدث تداول، وأيضًا دسترة لهذه الصراعات وفق مصلحة الجميع.
حسان الناصر: دولة ما بعد الاستعمار فعليًا انتهت مع انفصال الجنوب؛ التركيبة والتناقضات التي خلّفها الاستعمار رَحَلَت مع جنوب السودان
دولة ما بعد الاستعمار فعليًا انتهت مع انفصال الجنوب؛ التركيبة والتناقضات التي خلّفها الاستعمار رَحَلَت مع جنوب السودان. ما ورثناه بعد العام 2013 واقع مختلف، وللأسف فإن الانفصال حدث في ظل تحولات جذرية في الاقتصاد والتجارة، وصعود شكل جديد كليًا، مختلف عن السابق. ما حدث في الربيع العربي هو ترجمة لهذه التحولات، مع أننا لا يمكن أن نفصل الأزمات عن بعضها البعض، ولكنني هنا أضع تمايزًا زمنيًا حتى أُقارِب للقارئ المسألة.
النموذج الذي كانت تعيش عليه دولة ما بعد الاستعمار استنفد قدرته على التماسك مع السوق العالمي، والتغيرات التي حدثت في الدول ما هي إلا تعبير عن أزمات النظام العالمي، وأزمات دول ما بعد الاستعمار. هذه العلاقة لا يمكن فصلها عن بعضها البعض. هذا الأمر مرتبط من خلال السلع.
ففي كتاب "إمبراطورية القطن: تاريخ عالمي"، يوضح أستاذ التاريخ بجامعة هارفارد، "سيفن بيكيرت"، أن السلعة التي دار في فلكها العالم خلال القرن التاسع عشر كانت هي القطن. ما الذي حدث في السودان حينها؟ ودعك من ذلك، ففي أفريقيا بشكل عام، لقد أُعيد إنتاج الاقتصاد والعلاقات الاقتصادية. ازدهرت تجارة العبيد، وبدأت رحلات صيد البشر من أجل "القطن"، وبسبب الحرب الأهلية في الولايات المتحدة، بحثت بريطانيا عن مساحات جديدة من أجل ضمان تشغيل مصانعها التي كانت تمثل 60% من مصانع العالم. لذلك ستجد الهند ومصر، وستجد أننا على هامش تلك المعادلة، إلا أنها مؤثرة بشكل كبير جدًا علينا.
ذات الأمر حدث مجددًا؛ مع انزلاق الدول إلى مواجهات جديدة، وانهيار أسواق الطاقة، ظهرت الحاجة إلى الذهب. في السودان، ظهر الذهب مع ذهاب البترول. هذا الصراع هو جزء من صراع ظهر خلال العشرين سنة الأخيرة.
فمن خلال متابعة عالم التكنولوجيا والتقنيات الإلكترونية الجديدة، يمكن أن ننظر إلى "غافا" (GAFA)، والتي تعني الحروف الأولى من غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون (Google - Apple - Facebook - Amazon)، والتي طالما اعتُبرت فخر الصناعة الغربية. بالمقابل، أيضًا هناك "باتكس" (BATX)، وتعني الحروف الأولى من بايدو وعلي بابا وتنسنت وسياومي (Baidu - Alibaba - Tencent - Xiaomi).
يقول "رافائيل بالينييري"، وهو مراسل مستقل -على ما أظن- فرنسي، يقطن في شنغهاي، إن ما بين 60% و70٪ من المعادن الاستراتيجية الضرورية، التي تستخدمها الشركات أعلاه، مستوردة من أفريقيا، وهو أحد الأسباب - إن لم يكن السبب الرئيس - في نمط التنافس المفترس في القارة.
إذن، نحن لسنا معزولين عن هذا التنافس الشرس، بل في قلب هذه العاصفة. لذلك، من المستحيل أن نفهم الصراع الحالي في ثنائية "دولة وطنية أو من عدمها"، بل ضمن نطاق المصلحة الإقليمية التي تدفع بالدعم السريع إلى السيطرة على موارد الذهب، والانقلاب على نظام الحكم.
نزاعات الهوية بين الاتساق والانعتاق
أعادت الحرب الاعتبار للتمايزات الإثنية، ومشروعات التجزئة والتفكيك، فبدا الدعم السريع مستعيرًا لخطابات السودان الجديد. ونشطت، في المقابل، مجموعات تُعلي من ضرورة انفصال دارفور، عبر فرضيات الاتساق الثقافي والانعتاق من الهويات المضادة داخل سودان ما بعد الاستعمار؛ فكيف ننفذ إلى جوهر الصراع بعيدًا عن سردياته المضللة؟
حسان الناصر: إن الانطلاق من المقدمات الخاطئة يقود إلى التحليل الخاطئ. الذين ينطلقون من سرديات اجتماعية تستند إلى أُسس هشّة، يُخيّل لهم بأن السودان سيكون بلادًا أو دولة أفضل إن ذهب جزء منه. هذه المعادلة لم تنجح، ولن تنجح في تاريخ الدول بشكل عام. الأمر لا يقتصر على أنها سرديات اجتماعية أو خطابات فقط، وإنما هي صنيعة من صنائع المحور الذي يسعى إلى إنفاذ مشروعه.
جوهر الصراع يكمن في ثلاث مستويات يجب أن نتعامل معها، وهي أن الأزمة التي نشهدها حاليًا ليست أزمة ذات بُعد واحد، وإنما أزمة مركبة ومعقدة، ولا يمكن اختزالها في مقولة تاريخية أو تحليل اجتماعي. الأزمة التي يشهدها السودان حاليًا هي أزمة نظام عالمي ومفاهيم تعيش طور التحلل والانتقال. للأسف، الفاعل الذي يحاول أن يعطي تفسيرًا للمشهد فقير معرفيًا، ويختزل التعاطي مع الواقع في الانفعال.
ممادو التجاني: جوهر الصراع متعلق بالدولة التي تحاول أن تسيطر على الموارد لصالح أقلية وتُصدرها إلى الخارج بوصفها وكيلًا، وهي في سبيل ذلك تلعب على التناقضات الاجتماعية، عوضًا عن أن تدير التمايز لصالح المواطنة العادلة. ولهذا، ستجد أنها تحالفت في سياقات تاريخية مع عرب دارفور وكردفان ضد الجنوبيين والنيل الأزرق وجبال النوبة. أما الآن، فقد انعكست الآية تمامًا بسبب إكراهات الواقع، فمضت إلى التحالف مع أعداء الأمس ضد أصدقاء الأمس: أعداء الأمس هما حركتا مناوي وجبريل، وأصدقاء الأمس هو الدعم السريع. ومن الواضح أن ارتفاع وعي الهامش أبطل مفعول المعادلة القديمة لطبيعة الصراع والفاعلين. فالحرب الحالية مختلفة، لأنها قامت بين قوتين كانتا ضمن مؤسسات الدولة، فمن المعلوم أن الدعم السريع، حتى قبل الحرب، كان أحد أهم مؤسسات وقوى عنف الدولة.
صدام المفاهيم
هل من أفق يمكن قراءته في خضم صدام المفاهيم بين من يريد تحرير السودان من قبضة نخب الامتياز النيلي لصالح قوى الهامش؟ وهل يُعرف الهامش رأسيًا داخل الدولة ككل، أم أفقيًا عبر مركز السودان وأطرافه؟ هل في إمكان الدعم السريع أن يمثل مطالب الهامش في التنمية والخدمات وقضايا الحكم والإدارة؟ أهو قادر على بلورة رؤى تتجاوز لغة الهيمنة واجترار المظلومية التاريخية؟
كمال يوسف: مشكلة ما يسمى بالهامش أنه لم يكن في يوم من الأيام خطابًا متماسكًا، كما أنه لم يتم التعبير عنه عن طريق كيان واحد. فكل مرة تظهر مجموعة باسم جديد ومطالب جديدة. كما أن الاتجاهات الجغرافية التي عبّرت عنها حركات ما عُرف بالهامش لا يوجد بها تدامج سكاني كامل بحيث يمكن أن تعيش بسلام حتى لو قررت مصيرها بالانفصال.
ممادو التجاني: من الأفضل أن نخرج من هذه التصنيفات. الهامش - في نظري - هو هوامش، أو قل هامش عريض، وأغلب السودانيين يدخلون في حزام الهامش الاقتصادي التنموي، وهو موجود داخل المركز نفسه. أما على الصعيد الثقافي الاجتماعي، فتوجد ممايزة بين هامش ومركز، بين أقلية مسيطرة ومجاميع سودانية كبيرة مستبعدة من المشهد السياسي والاقتصادي والثقافي.
أما قولك حول اجترار خطاب المظلومية، فأرى أن خطاب المظلومية منتج وضروري وفعّال ومقاوم، وأن الدولة الشيعية - مثلًا - قامت عليه منذ مقتل الإمام الحسين. ورغم أن كثيرًا من السودانيين يتخوفون من موضوع المظلومية لأنه ينطوي على ضرورة الاقتصاص من الظالم ومحاسبته، بيد أنني أعتقد بأهمية اجترار خطاب المظلومية حتى يتملك الهامش أدواته ويعيد الإمساك بزمام أمره.
وبعيدًا عن كل شيء، فلو كان من أحد مَلُوم في هذه النازلة التي نجتازها بعُسر، فهو عبد الفتاح البرهان، الذي أُتيحت له فرصة لحل الأزمة السودانية منذ اعتلائه أريكة السلطة في 2019م، وهي سانحة لا يمكن تعويضها لو كان يملك رؤية حيال طرح مشروع دولة جديدة تراعي التنوع الهائل وتديره لصالح العدالة والمساواة والحرية. بيد أنه أعاد ذات السياسات القديمة والنهج القديم الذين قامت عليهما دولة 1956م. وما زلت أرى أن على قائد الجيش أن يطرح مشروعًا لوقف الحرب والدخول في حوار شامل مع كل المكونات على أسس العدالة والمصالحة، لنخرج من ثنائيات "غرب/شمال"، "نخبة نيلية/هامش"، "مركز/أطراف". وهذا - بظني - هو الطريق الوحيد أمام قيادة الجيش إذا أرادت أن تحافظ على بنية الدولة السودانية ومصالح الطبقة الاجتماعية التي تكونت عبر مئتي عام منذ دخول التركية، بتركيبتها المتجانسة وسيطرتها الكبرى على الاقتصاد السوداني وعلى حركة الثقافة والإبداع والسياسة. وأمام هذه الطبقة محكٌّ تاريخي حتى لا تنهار كليًا بسبب تعاميها عن الحقائق والوقائع. والأمر يحتاج إلى وعي عالٍ، وإلى عناية إلهية في المقام الأول، وإلى حسن تدبير من القائمين على الدولة.
حسان الناصر: للأسف، هناك ادعاءات حاول دعاة التقسيم وأعوان الدعم السريع تثبيتها كمعطيات يجب التعامل معها عند الحديث عن المشكلة السودانية. وهذا الأمر مرتبط بفخ الانتقال السياسي الذي خلف لنا أدبيات وأحكامًا جزافية. لا توجد مظلومية لدى الدعم السريع كمنظومة عسكرية فاعلة بشكل سياسي. بكل تأكيد، سيتحدث البعض عن مظلوميات مرتبطة بالرعاة الذين فجأة ما يتحولون في الخطاب السياسي إلى "دعم سريع"، ولكن لو نظرنا إلى طبيعة العلاقة، سنجد أن الدعم السريع عمل على استغلال الرعاة، كما تفعل الحركات المسلحة بخطاب القبائل الزراعية وقبائل الزرقة في دارفور.
رهانات المستقبل
كيف نفهم مشروع الحكومة الموازية التي تم التوقيع على إعلان تحالفها في نيروبي، والتي ضمّت بعض أطراف السودان القديم؟ أهي مقدمة للتقسيم والتجزئة؟ أم محض مناورة في لعبة المضاغطات السياسية والأمنية؟ ما هو مستقبل الحركات المسلحة التي تقف إلى جانب الجيش إذا مضت الأمور إلى الانفصال؟ وماذا يريد الحلو من الانضمام لحميدتي؟ وما الذي يمكن أن يفعله البرهان إزاء كل ذلك؟
كمال يوسف: مشروع الحكومة الموازية مجرد مناورة لن يُكتب لها النجاح، لأنها تفتقر لعناصر النجاح والاستدامة وشروط الوجود. يمكن أن تكون هنالك سلطة اسمية تحت مسمى الحكومة المدنية، لكنها لن تتجاوز تجربة الحكومة التي تكوّنت في الجزيرة بعد اتفاق أديس أبابا بين الدعم السريع ومجموعة "تقدُّم"، والتي تلاشت بمجرد تحرير ولاية الجزيرة.
وبالنظر لوجود الدعم السريع في أربع عواصم من ولايات دارفور، لم يستطع تشكيل سلطة مدنية مقنعة يمكن أن تقوم بأعمال سياسية أو تنفيذية في خدمة المواطنين. كما أنه سيكون هنالك خلاف حول مقر تلك الحكومة والدول التي يمكن أن تعترف بها.
فمسألة قيام حكومة موازية برعاية الخارج في مناطق سيطرة الدعم السريع، ستزيد من تحالف حركات دارفور المسلحة مع الجيش السوداني، لأن أي خيار غير ذلك يعني أن وجودهم كمكونات عرقية في خطر. إضافة إلى أن الأوضاع في الإقليم متقلبة، ويمكن أن تتحول في أي وقت ضد الدعم السريع حال تغير الأوضاع السياسية في تشاد، بالإضافة لتراجع موقف حفتر في ليبيا فيما يخص علاقته بالدعم السريع.
كمال يوسف: تحالف الحلو مع الدعم السريع بدا للناس غريبًا، نظرًا للتناقض الكبير جدًا في المشروعين
تحالف الحلو مع الدعم السريع بدا للناس غريبًا، نظرًا للتناقض الكبير جدًا في المشروعين؛ فبينما ظل عبد العزيز الحلو يُغذي خطابه السياسي بأن مشكلة السودان هي الإسلاموعروبيين، فإن الدعم السريع يمثل أسوأ تجليات الإيديولوجيا العروبية السامة، كما سماها أليكس دي وال. فقد ظلت عبارة "الدعم السريع مكوِّن عربي خالص" تتردد بصورة واضحة في خطابات بعض قادته، إضافة إلى أن الدعم السريع أصلًا ارتكز في نشأته على ثنائية "عرب وزُرقة"، باعتبار أن الحركات المسلحة الدارفورية في غالبها ذات مكون زنجي أسود.
استغل الدعم السريع فرصة مساندة الدولة له أيام حكم البشير ليصفي حساباته التاريخية مع "الزرقة"، فمن المستحيل أن يندمج عبد العزيز الحلو مع مشروع مثل هذا. لأنه، ومهما بدا ظاهريًا وجود تحالف بينه وبين الدعم السريع، فإن كلاً منهما يُضمر للآخر أمرًا سيظهر لاحقًا. فالتحالف فقط يريد منه كل طرف أن يستقوي عسكريًا بالآخر من أجل مزيد من الإرهاق للدولة المركزية. لكن المشروعين سيصطدمان فيما بعد، إن لم يكن على مستوى القيادة، فسيكون على مستوى القاعدة.
حسان الناصر: سنجد أن عبد العزيز الحلو، مثلًا، يقوم بقصف كادوقلي، ومن ثم يذهب إلى نيروبي من أجل أن يضع يده في يد "الرفيق عبد الرحيم دقلو"، كما أسماه هو. لا يمكن أن يكون هذا خطابًا واعيًا ومتماسكًا. إنها أقرب إلى بازار سياسي فُتح على مصراعيه منذ انفصال جنوب السودان.
الرهان المستقبلي هو على الكتلة التي ربطت مصيرها المشترك بمصير الجماعة السودانية. ولا يمكننا أن ندّعي بأن دولة ما بعد الاستعمار قد انتهت بشكلها القديم. بل يمكننا أن نقدّم تحليلًا يتماشى مع طبيعة الفكرة التي نحاول أن نسردها، بحيث لا ننفصل عما هو محلي، ولا ننقطع عن سياق التحليل الخارجي.
ممادو التجاني: المشروع قائم على "السودان الجديد" بكل مفرداته في النظام الفيدرالي؛ الإداري والتشريعي والمالي، والنظام العلماني المحايد تجاه الأديان، والمساوي بين المكونات الثقافية والاجتماعية، وألّا تتبنى الدولة تصورًا ثقافيًا أو اجتماعيًا أو دينيًا، وهذا ما يتسق مع طبيعة الدولة الحديثة.
فالدولة التي نريد تطبيقها هي بنت الفكر القومي الأوروبي، وقد تتصادم -ربما- مع تصورات المجتمع. المهم عندي أن تنتج النخبة إطارًا محايدًا يضمن حرية ممارسة الشعائر، والبحث في أفق المعنى داخل الهويات الدينية والاجتماعية والثقافية، دون أن يتعارض ذلك مع مبدأ المواطنة والمساواة.
واحدة من المؤشرات المحيرة هي عجز العقل الإسلامي عن اجتراح رؤى وازنة بخصوص قضايا المواطنة والمساواة والعدالة، لا على مستوى التنظير، وإنما حتى على مستوى وجود رغبة في تجديد الممارسة والفكر.
أرى أن موضوع التجزئة والتقسيم غير مطروح على المستوى السياسي، ولكني أخشى -على المستوى الاجتماعي– أن يتطور الصراع إزاء تبني خيار التقسيم. ومن الغرابة أن التقسيم يبرز بشكل أكثر وضوحًا في خطاب المركز لا خطاب الهامش، باعتبار أن الدولة هويتها وثقافتها ولغتها معرّفة، وعلى الآخرين أن ينصاعوا لهذا التعريف. وينبغي، إذا أردنا أن نؤسس دولة قوية وموحدة، أن نوقف هذا الخطاب، وننتج خطابًا جديدًا يعكس الواقع كما هو، وليس فرض تصور أحادي الجانب بالقوة والعنف.
ومستقبل الحركات المسلحة التي تقف إلى جانب الجيش، ربما –إذا استمر في ذات تصوراته– أن تجد نفسها في هامش المشهد، وليس لديها خيار سوى الانضمام إلى "منصة تأسيس" والالتحاق بقطار الدعم السريع، أو تكوين مسار ثالث لا تملك القدرة على إنتاجه. أما إذا أعاد الجيش النظر في مواقفه لصالح تأسيس دولة المواطنة، فستتلاشى الفروق الحادة، وسينعم الجميع بالسلام.
إن انضمام الحلو إلى "منصة تأسيس" قائم على المشتركات الكثيرة المطروحة إزاء قضية العلمانية، والفيدرالية، وحرية الشعوب في نيل حق تقرير مصيرها، ورفض الوحدة القسرية، ورفض مجمل ممارسات دولة 1956. وهي القضايا التي طرحتها وثيقة نيروبي المؤسسة لتحالف تأسيس، والوصول إليها عبر حوار معمق ومستفيض، وتعبّر عن تطلعات الحركة الشعبية وأفكارها.
هناك أمر آخر متعلق بما حققه الدعم السريع من اختراق ميداني مؤثر، وضرب تماسك الجيش وسيطرته. فالخيار العسكري القوي والفعال للدعم السريع، أغرى الحلو بالتحالف معه لبسط مزيد من السيطرة على الجغرافيا السودانية. فانضمام الحلو منطقي ومتسق مع حقائق الواقع، ومع تصورات "تأسيس".
الكلمات المفتاحية

حوار | مع الدكتور فتح الرحمن الفضيل رئيس حزب بُناة المستقبل السوداني
الدكتور فتح الرحمن الفضيل من القيادات الفاعلة في المسرح السياسي، عُرف بالنشاط والحركة والتواصل وتغليب المنهج الإصلاحي. خرج مع الدكتور غازي صلاح الدين ليشكّلا حركة "الإصلاح الآن"، بالتوازي مع ظهور الدعم السريع في صدارة المشهد الأمني والعسكري

حوار خاص| وزير الصحة هيثم محمد إبراهيم: معدل إصابات الكوليرا في الخرطوم ألف حالة يوميًا
كشف وزير الصحة السوداني، الدكتور هيثم محمد إبراهيم، أن حالات تفشي وباء الكوليرا في ولاية الخرطوم وصلت إلى 1000 حالة يومًيا، بمعدل وفيات يتراوح بين 2% - 3 %.

حوار| الترا سودان يستنطق المستشار السابق بالدعم السريع منتصر إبراهيم
منتصر إبراهيم، فاعل سياسي وثقافي تقلّب في كثير من المؤسسات والمنظمات قبل أن يتصل بالدعم السريع على رهان محدد -كما يقول- هو تقديم مشروع سياسي لقائد الدعم السريع قوامه المكاشفة والمصالحة

مدافعون حقوقيون: استهداف وحدة السودانيين بدأ بفض اعتصام القيادة العامة
حذر مدافعون حقوقيون من تنامي خطاب الكراهية والانقسام الاجتماعي بعد مرور 26 شهرًا على اندلاع الحرب في السودان، وشدّدوا على ضرورة التصدي لما وصفوه بـ"الحملات الممنهجة".

طقس السودان.. أسبوع مطير في معظم أنحاء البلاد
توقعت الهيئة العامة للأرصاد الجوية، في نشرتها الأسبوعية، تفاوتًا في درجات الحرارة وتوزيع الأمطار خلال الفترة من 15 إلى 21 تموز/يوليو 2025

الأمم المتحدة تحذر: تصاعد القتال والأمطار الغزيرة يُفاقمان الأزمة الإنسانية في السودان
حذّر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) من تفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان نتيجة تصاعد العنف والنزوح المستمر، بالتزامن مع هطول أمطار غزيرة

منظمة: الحرب دمّرت مركز المايستوما في السودان
قالت منظمة صحية إن الحرب دمّرت البنية التحتية لمركز علاج الأورام الفطرية "المايستوما" في السودان، والذي كان يقدّم خدمات حيوية لآلاف الأشخاص في البلاد والعالم بأسره.