09-مايو-2022
مشروع حلفا الجديدة الزراعي

مشروع حلفا الجديدة الزراعي

في مشروع حلفا الجديدة الزراعي الواقع بولاية كسلا شرقي البلاد، تلاحظ بوضوح أنظمة الري التي شيدتها الإدارات السابقة، رغم ذلك يتجه هذا المشروع بقوة نحو المجهول في ظل غياب المؤسسة الزراعية "هيئة حكومية"، وتدني أسعار المحاصيل.

الاعتقاد السائد هناك أن المزارع هو الخاسر الأوحد في الدائرة الاقتصادية 

و يحصل المزارع الذي ينتج عشرة جوالات من القمح (430) ألف جنيه، أي ما يعادل (700) دولارًا، في بلد يلتهم التضخم فيه كل شيء، حتى أحلام المزارعين لم تنجُ منه.

لا يفضل المزارعون في هذا الوقت، جلب المحاصيل إلى الأسواق، لا بسبب الكساد لأن السماسرة لديهم المال للشراء، لكن الأسعار غير مجزية مقارنة مع تكلفة الإنتاج، فالاعتقاد السائد هناك أن المزارع خاسر بلا شك.

تيليغرام

ويتداول مزارعون في مشروع حلفا الجديدة، طرفة جديدة تحكي عن مزارع فقير و"سمسار ثري"، والفرق أن الأخير يصل في نهاية المطاف لشراء المحاصيل وتسويقه في العاصمة أو موانئ التصدير، بينما يعود المزراع إلى المنزل بـ "خفي حنين".

ويقول المزارعون إن المؤسسة الزراعية أو البنوك الزراعية التي تمثل الحكومة لدى قطاع المزارعين في الشق العام تركوا المزراع فريسة لأسواق تُلحق ظلمًا كبيرًا بالمنتجين.

ويقول أحمد وهو مزارع حصد شحنات الطماطم هذا الموسم لـ"الترا سودان" إن الزراعة لن تُجد نفعًا إذا ما استمر التضخم بهذا الشكل، ويعتقد هذا المزراع الذي أنفق نحو (500) ألف لتمويل زراعة الطماطم أن العائدات لم تتجاوز الـ (700) ألف جنيه وهو رقم متواضع لمزارع استغرق ستة أشهر في التحضيرات.

ويٌفسر أحمد هذه الأزمة بوجود نسبة عالية من التضخم في السودان، وقال إن الوقود والتقاوي والأسمدة والرسوم الحكومية أعلى بكثير، مما كانت عليها قبل سنوات.

تكلفة الشحن والنقل تجعل تسويق الخضروات خيارًا صعبًا 

في بعض الأحيان كان المزارعون في هذا المشروع خاصة مزراعي الخضروات يتركون مزارعهم عرضة للماشية، والسبب أن الشحن والنقل والتسويق سلسلة طويلة من المشاق التي تقابلهم.

يلعب تدهور الخدمة المدنية دورًا في تدهور الوضع الزراعي في هذه المنطقة التي شيدت، في العام 1964 لتوطين الآلاف من سكان حلفا القديمة، عقب قيام السد العالي في مصر، وإغراق مدينتهم التاريخية التي كانت تضم مواقع أثرية.

إذا ما قرر المزارعون اللجوء إلى السلطات المعنية بحل مشاكل الزراعة، يلجأون إلى المؤسسة الزراعية وهي هيئة حكومية أسست منذ ستينيات القرن الماضي، تقع مبانيها في وسط مدينة حلفا الجديدة.

يقول مزارعون إن الحلول لا تجدها عادة في هذا المبنى الحكومي، بل أن المؤسسة صارت جزءًا من الأزمة في نظرهم، كونها تركز على شراء سيارات حديثة للمسؤولين، ومكاتب خالية من الموظفين في منتصف الظهيرة بحسب ما يؤكد المزارع داؤود لـ"الترا سودان".

يحتضر أكبر مشروع زراعي شرق البلاد، ويهجر آلاف المزارعين النشاط الزراعي، وترتفع الطلبات على عقودات العمل في دول الخليج لآلاف الشبان.

ويقول عثمان وهو مزارع يمول عملياته الزراعية بشكل خاص أثناء جلوسه على مقهى شعبي في وسط سوق حلفا الجديدة الذي يعج بـ"عربات الكارو" والنفايات، إن الزراعة تُعطي لمن يمولها بسخاء لكن انتظار التمويل الحكومي يجعلك "شخصًا فقيرًا".

ورغم اهتمامه بتمويل عملياته الزراعية، إلا أن هذا المزراع المستثمر الصغير يشكو من التضخم، وارتفاع أسعار الوقود والعمليات الزراعية، وإيجار الجرارات، وهذا يعني أن السبب ليس في التمويل بل في التضخم، وغياب الدور الحكومي.