22-ديسمبر-2024
اجتماعات تقدم في أديس أبابا

(أرشيفية)

الخيارات والمعطيات على الأرض قد لا تشجع أعضاء المكتب القيادي في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم" على تكوين حكومة منفى، مع ارتفاع الأصوات المعارضة لجهة أنها قد تقود إلى انقسام السودان.

يخشى تيار المُمانعة داخل "تقدم" من أن تقود خطوة تكوين حكومة المنفى إلى تقسيم السودان

صرح رئيس المكتب التنفيذي لتنسيقية "تقدم"، عبد الله حمدوك، خلال مؤتمر عُقد في عنتبي بدولة أوغندا مطلع كانون الأول/ديسمبر 2024، بأن المؤتمر يهدف إلى نزع الشرعية عن حكومة بورتسودان. وكان التصريح مؤشرًا على وجود دوافع داخل هذا التحالف لتكوين حكومة منفى، لا سيما مع تطاول أمد الحرب والحاجة إلى الحصول على اعتراف من المجتمع الدولي.

بالنسبة للتيار الرافض لخطوة تشكيل حكومة منفى، فإن الحصول على اعتراف دولي ليس أمرًا سهلًا في ظل تعقيدات الأزمة السودانية. كما أن هذا التيار يرى أن الأولوية في الوقت الراهن هي وقف الحرب، وليس الركض وراء مسميات لا تؤثر على حياة النازحين واللاجئين، وهم ملايين الأشخاص الذين تضرروا من الحرب.

وأبلغ عضو في المكتب القيادي لتنسيقية "تقدم" مراسل "الترا سودان" – مفضلًا عدم نشر اسمه لأنه غير مخول بالتصريح – أن مجرد تمرير اتفاق داخلي بين تيارات محدودة لتكوين حكومة منفى لا يمكن الموافقة عليه في ظل هذا الوضع المعقد. وأوضح أن فرصة تكوين حكومة شرعية كانت سانحة عندما انقلب المكون العسكري على الحكومة الانتقالية في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، حيث كان الشارع يساند الحكومة المنقلب عليها في ذلك الوقت، كما كان المجتمع الدولي داعمًا. لكن خلال الحرب، تغيرت الظروف ولم يعد بالإمكان السماح بحدوث هذا الأمر، حتى لو ذهب المطالبون بحكومة المنفى إلى أبعد من ذلك.

ونقلت وسائل إعلام محلية، أمس السبت 21 كانون الأول/ديسمبر 2024، تصريحات للمتحدث باسم تنسيقية "تقدم"، بكري الجاك، الذي قال إنه لا يؤيد تكوين حكومة منفى، معتبرًا أن ذلك سيزيد الوضع تعقيدًا، وسيفتح الباب نحو المزيد من التنافس بين الأطراف على الشرعية. وتابع: "نحن بحاجة إلى التعجيل بإنهاء الحرب في السودان". وذهب الجاك إلى أبعد من ذلك، متعهدًا بإعمال المؤسسية حال جرى تعيين أعضاء من "تقدم" في أي حكومة لا علاقة لها بالتحالف، وذلك ردًا على سؤال حول نوايا قوات الدعم السريع تشكيل حكومة في مناطق سيطرتها بالسودان.

فيما تقول الناشطة في منظمات المجتمع المدني، إسراء داؤود، لـ"الترا سودان" إن مهمة الحكومات خلال الحروب هي الحصول على ثقة المواطنين لإدارة شؤونهم، والعمل على إيقاف الحرب بين الطرفين المتصارعين.

وتابعت داؤود: "إزاء كل هذه الأمور، لا يتسق المقترح المقدم لتكوين حكومة منفى مع الأزمة في السودان، سواء كانت حكومة ذات مهام دبلوماسية وقد تُحظى باعتراف دولي أو لا".

وتضيف: "حكومة المنفى يجب أن تكون قادرة على ممارسة السلطة القانونية حتى من الخارج. مثال لذلك، حكومة المنفى في أزمة دولة ميانمار في العام 2021، حيث تكونت بعد الانقلاب العسكري، وكان أعضاؤها من البرلمان المنتخب وحصلوا على المساندة الدولية".

وترى إسراء داؤود أن السودان بحاجة إلى حكومة طوارئ من مدنيين غير متحزبين ولديهم الكفاءة، أو من أهل الحل والعقد المعروفين بحسن السيرة، لتسيير أعمال الحكومة، والإعداد للمؤتمر الدستوري، والبدء في خطط إعادة الإعمار والبناء لما دمرته الحرب. وأشارت داؤود إلى أن تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم" تسعى إلى توسيع منصتها، وقد عقدت اجتماعين في هذا الصدد، كان آخرهما في جنيف في تشرين الثاني/نوفمبر 2024. وأوضحت أن المجموعة التي تطالب بتكوين حكومة منفى داخل "تقدم" ليست كبيرة ولا تملك أي تأثير، ويمكن استبعادها.

وتضيف إسراء داؤود: "رغم ذلك، تحدث حمدوك خلال مؤتمر عنتبي مطلع هذا الشهر حول نزع الشرعية عن حكومة بورتسودان. لذلك، يمكن أن تذهب "تقدم" نحو تكوين حكومة منفى لا علاقة لها بقوات الدعم السريع".

فيما يرى المحلل السياسي مصعب عبد الله أن هناك تيارًا داخل "تقدم" أكثر إلحاحًا لتكوين حكومة منفى بضغوط من قوات الدعم السريع. وقال إن أعضاء هيئة تنسيقية "تقدم" ينزعجون كثيرًا من مطلب حكومة المنفى، ويشعرون بالحرج أمام المواطنين لأن الأولوية حاليًا هي وقف الحرب وإدخال الإغاثة.

وقال عبد الله لـ"الترا سودان" إن تيار رفض حكومة المنفى انتصر على تيار تكوينها داخل تنسيقية "تقدم"، لأن الأحزاب والنقابات التي تشكل التحالف هي الأكثر تأثيرًا، عكس تيار حكومة المنفى الذي يتشكل في الغالب من الحركات المسلحة التي لا تملك خبرة سياسية كافية لتقييم الأمور.

ويقول مصعب عبد الله إن قوات الدعم السريع تخطط لتكوين حكومة في مناطق سيطرتها، مركزها السياسي في إقليم دارفور. وكل المؤشرات تؤكد أن هناك بعض الأعضاء من "تقدم" سيكونون ضمن هذه الحكومة، وبالتالي لن تجد تنسيقية "تقدم" مفرًّا من إعلان الانشقاق عنهم أو فصلهم بصورة نهائية. وفي ذات الوقت، سيمضي حميدتي في خيار تشكيل حكومة وفق الوضع الميداني، لأن التطورات متسارعة.

وزاد قائلًا: "وضع ربطة العنق والزعم بأنك عضو في حكومة منفى لن يغير الأوضاع على الأرض ولن يوقف الحرب، هكذا يفكر المعترضون على خطوة الحكومة داخل "تقدم".