منوعات

حرب السودان … العصافير التي نجت من الرصاص 

17 يونيو 2025
عصافير زينة
عصافير زينة (إنترنت)
محمد حلفاوي
محمد حلفاويصحفي سوداني

لم يجد أنور الطفل الصغير مفرًا من إطلاق سراح العصافير التي كانت حبيسة قفص معدني في منزله بعد ثلاثة أيام من اندلاع الحرب منتصف نيسان/أبريل 2023 في العاصمة الخرطوم، بعد أن فشل في العثور على حل يمكنه من مرافقة طيوره النادرة إلى موقع النزوح.
اقترح أنور على عائلته حمل القفص في العربة التي تقلهم إلى الولاية الشمالية، لكنه تجنب مضايقة قوات الدعم السريع التي كانت تسيطر على أغلب الطرقات ونشرت الحواجز العسكرية.

أطلق هواة تربية الطيور سراح مئات العصافير النادرة بعد أن تعذر عليهم نقلها إلى خارج الخرطوم 

سمحت الحرب لثلاثة طيور نادرة العيش بحرية والتحليق في الفضاء الواسع، بالمقابل فقدت ميزة وفرة الأطعمة والحبوب التي كانت يجلبها أنور الطفل الذي يهتم بتربية الطيور والعصافير في فناء المنزل.
نزح السودانيون خلال الحرب إلى المنافي وداخليًا في الولايات تاركين حيواتهم التي اعتادوا عليها، وبينما عكس النزاع المسلح أهمية المدن الواقعة خارج العاصمة الخرطوم التي ظلت محتفظة بالأمان النسبي كان الناس لا يفكرون مطلقًا في السفر إلى بعض المناطق لولا ظروف الحرب.

يسترجع أنور صبيحة رحيله من المنزل شرق الخرطوم عقب الإفراج عن طيوره النادرة كيف أنه كان ينظر إلى السماء وهو يعبر شوارع الخرطوم المليئة بالجنود والمركبات المدججة بالأسلحة وقاذفات الصواريخ، وهو يردد مع نفسه أن الطيور ربما ترافق الحافلة التي تقلهم.
في ذلك الصباح سأل أنور صديقه عما إذا كان سيعود إلى المنزل ويعثر على طيوره لم يكترث صديقه للمشاعر التي انتبات هذا الصبي واستدرك قائلًا: "على الأقل ستنجو من الرصاص".

في حرب السودان النجاة من الرصاص بمثابة حياة كاملة عندما تعبر الحواجز العسكرية التي ينتشر فيها جنود من الصبيان الذين جاءوا من أصقاع بعيدة، بحثًا عن المال في حياة الجندية في مجتمعات تقول إنها عانت من التهميش لعقود طويلة عن مركز السلطة والمال.
قال أنور: "ليس لدي سوى الأمل في عودة طيوري مرة أخرى عندما أذهب إلى منزلنا  شرق العاصمة سأشتري طيورًا أخرى".

في العاصمة الخرطوم حيث يتباهى سكانها  دومًا  بأنهم أبناء المدينة العريقة، تمكنت الطبقة الوسطى من وضع أقدامها وسط بنايات شاهقة ومراكز تجارية كبرى، وفرضت أسلوبها الخاص بالاهتمام بأنماط معينة مثل مثل تربية الطيور والاستماع إلى الموسيقى وزيارة المتاحف خلال العطلات.

ويقول حمدي وهو رجل ستيني متقاعد من الخدمة الحكومية لـ"الترا سودان" إن الحرب قضت على حياة لم تكن منظورة أمام الجميع، وعندما تشاهد شخصًا أطلق سراح طيوره النادرة ستعلم مدى فداحة الحرب.

وأردف: "في عائلتنا نهتم بتربية الطيور كجزء من توازن البيئة والبحث عن الجمال في أركان المنزل. كان الناس ينظرون إلينا على أننا نمارس نوعًا من الترف، ولكن نحن لم نشعر أن سلوكنا مترف بالعكس هذه حياة بسيطة جدًا".

وفي حين يأمل القطاع المهتم بتربية الطيور وعصافير الزينة في عودته على الأقل على مستوى العاصمة الخرطوم عقب استعادة القوات المسلحة السيطرة الكاملة عليها منذ 20 أيار/مايو 2025، بات من الصعب نقل أسواقها التي نمت في دول الجوار سيما مصر وإثيوبيا وجذبها إلى السودان.

ويقول عضو جمعية طيور الزينة في السودان (جمدت نشاطها بسبب الحرب) من مقرها في العاصمة الخرطوم، ناجي عبد الله لـ"الترا سودان"، إن الطيور النادرة والعصافير التي درجت على العيش في أنماط معينة من قبل الهواة تعرضت الى النفوق نتيجة نقلها من مدينة إلى أخرى بحثًا عن الأمان.

وأضاف: "نقل العديد من الأشخاص الطيور من الخرطوم عند اشتداد الحرب إلى أم درمان وبحري ومع مرور الوقت لم تجد العناية بسبب نزوح غالبية السكان من العاصمة بأكملها".

ذبحت عناصر الدعم السريع عصافير نادرة بحثًا عن الغذاء 

وأردف عبد الله: "حتى الطيور التي نُقلت خلال الحرب إلى مناطق أخرى داخل السودان عانت من مشاكل كثيرة بعض الطيور تعرضت للنُفوق بسبب عدم انتظام التغذية والرعاية، كما استولت قوات الدعم السريع على طيور نادرة وذبحتها  لغرض الأكل".

ويقول ناجي عبد الله الأمين إن بعض الهواة نقلوا الطيور عن طريق التهريب إلى دولة مصر، والآن يعتنون بها بشكل جيد.

ويردف ناجي عبد الله بالقول: "حتى العصافير والطيور التي كانت تعبر أجواء السودان خلال فصول السنة توقفت عن المجيء بسبب الحرب، وفضلت تجنب هذه الأجواء المليئة بأصوات الرصاص والمدافع".

بعد مرور عامين على حرب السودان وعقب استعادة الجيش السيطرة على العاصمة الخرطوم هناك سؤال عن مدى قدرة الحكومة على استعادة "صخب المدينة"، بدلًا من الوقوف في محطة البحث عن الخدمات الأساسية التي تشمل المياه والكهرباء والتعليم، ومع ذلك لا تبدو الأمور أفضل حالًا فالكل ينأى بنفسه عن العودة إلى منزله في هذا الوقت متجنبًا مشاهدة الفظائع مثل القبور الجماعية المطلة على أبواب المنازل.

الكلمات المفتاحية

الفنانة السودانية إيمان الشريف

رسائل كافكا إلى ميلينا تثير الجدل بين السودانيين

أثارت أغنية مشتركة بين الفنانة إيمان الشريف والفنان عصام ساتي، بمدخل مستوحى من رسائل الرواية العالمية الشهيرة لفرانز كافكا "رسائل إلى ميلينا" الجدل بين السودانيين على الشبكات الاجتماعية.


خراف العيد

"الحلوف والبعاتي"... طرفتان سودانيتان عن خروف العيد

الطرفة أو القصة الأولى سمعتها وأنا طفل، كانت تحكيها حبوبتي "جدتي" زينب، وربما كان المقصد الرئيسي منها إخافتي إلى حد ما حتى أترك الشغب الليلي، وأتلم على نفسي قبل الذهاب إلى النوم، بعد تطميني بلميون حضن وقبلة.


الشربوت في السودان

جيل جديد يصنع "الشربوت".. وصفات مبتكرة بلمسة عصرية

في مطبخ صغير بأحد أحياء الجيزة، تصنع أم سلمى، سيدة في أواخر الثلاثينات، مشروب "الشربوت"، لكن هذه المرة بنكهة مختلفة، تعيد تقديم هذا المشروب العريق بطريقة عصرية، تجمع فيها بين أصالة المكون وروح الابتكار.


أسد من ضمن أسود السودان التي نقلت إلى جنوب أفريقيا

ماذا حدث لأسود السودان التي أُنقذت من الخرطوم عندما اندلعت الحرب؟

مع اندلاع الحرب في العاصمة السودانية الخرطوم في نيسان/أبريل 2023، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بنداءات لإنقاذ الحيوانات العالقة في "حديقة السودان للحياة البرية"، التي كانت تؤوي أكثر من 150 حيوانًا من أنواع متعددة

Screenshot 2022-08-20 at 11-27-54 Heavy rains in El Fasher.png
أخبار

طقس السودان.. أسبوع مطير في معظم أنحاء البلاد

توقعت الهيئة العامة للأرصاد الجوية، في نشرتها الأسبوعية، تفاوتًا في درجات الحرارة وتوزيع الأمطار خلال الفترة من 15 إلى 21 تموز/يوليو 2025

نازحون سودانيون
أخبار

الأمم المتحدة تحذر: تصاعد القتال والأمطار الغزيرة يُفاقمان الأزمة الإنسانية في السودان

حذّر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) من تفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان نتيجة تصاعد العنف والنزوح المستمر، بالتزامن مع هطول أمطار غزيرة


مركز أبحاث المايستوما
أخبار

منظمة: الحرب دمّرت مركز المايستوما في السودان

قالت منظمة صحية إن الحرب دمّرت البنية التحتية لمركز علاج الأورام الفطرية "المايستوما" في السودان، والذي كان يقدّم خدمات حيوية لآلاف الأشخاص في البلاد والعالم بأسره.

مساعدات إنسانية - جوع.jpg
أخبار

غرفة طوارئ بري تصدر توضيحًا حول شحنة مساعدات غذائية توزع في المنطقة

أصدرت غرفة طوارئ منطقة بري، شرقي العاصمة السودانية الخرطوم، توضيحًا بشأن شحنة المساعدات الغذائية التي يجري توزيعها حاليًا في منطقة البراري، مؤكدة أن مسؤولية الشحنة تعود إلى منظمة نداء الوطنية، وليست من اختصاص مناديب الأحياء.

الأكثر قراءة

1
سياسة

اجتماعات واشنطن.. هل تتفق على وقف حرب السودان؟


2
أخبار

استئناف العمل بمحطة كهرباء قومية في بورتسودان بعد توقف دام 5 أعوام


3
أخبار

1.3 مليون نازح يعودون إلى منازلهم في السودان


4
أخبار

توقف محطة مياه شمال بحري بسبب انخفاض حاد في منسوب النيل


5
ثقافة وفنون

صدور كتاب "سبع ليالٍ" لخورخي لويس بورخيس بترجمة سودانية