جيل جديد يصنع "الشربوت".. وصفات مبتكرة بلمسة عصرية

في مطبخ صغير بأحد أحياء الجيزة، تصنع أم سلمى، سيدة في أواخر الثلاثينات، مشروب "الشربوت" السوداني، والذي غالبًا ما يقدم في عيد الأضحى والمناسبات الاجتماعية، لكن هذه المرة بنكهة مختلفة، تعيد تقديم هذا المشروب العريق بطريقة عصرية، تجمع فيها بين أصالة المكون وروح الابتكار.

 فبعد أن كان هذا المشروب، محدود المكونات، بلون بني فاتح بعض الشيء، أصبح يأخد ألوانًا مختلفة لجيل جديد بدأ يعيد اكتشاف التراث بمذاق حديث.

تعد أم سلمى شربوت "الكركديه"،  وهي إحدى الوصفات الحديثة للشربوت، بحيث تشير في حديث لـ "الترا سودان" أنها تقوم بغلي كمية مناسبة من المياه، وتضيف إليها مقدار خمسة معالق من زهرة الكركديه المجففة، بجانب نصف كوب من العرديب، والذي يعرف في بعض الدول العربية بالتمر هندي، ويضاف أيضًا التمر منزوع النوى.

وبالنسبة للتوابل، تضيف السيدة أعودًا من القرفة، والحبهان أو الهيل، والقرنفل، والغرنجال المعروف أيضًا بالعرق الأحمر، بجانب الخميرة، وبعد ذلك تقوم بإضافة شرائح البرتقال للمزيج، وتتركه لمدة 12 ساعة، ومن ثم  تصفيه ويحفظ في زجاجات بالبراد، لتستمتع به في أيام عيد الأضحى المبارك مع الأجواء الأسرية والاجتماعية المميزة.

بعد أن كان هذا المشروب، محدود المكونات، بلون بني فاتح بعض الشيء، أصبح يأخذ ألوانًا مختلفة لجيل جديد بدأ يعيد اكتشاف التراث بمذاق حديث

صناعة الشربوت الأصلية

يقوم إعداد الشربوت السوداني على البلح أو التمر كمكوّن رئيسي، ويُحضَّر في المنازل بطرق تقليدية.  ويبدأ تحضير الشربوت بتنظيف التمر ونزع النوى منه، ومن ثم يُغلى في قدر كبير ،ويمزج مع  التوابل المتنوعة مثل القرفة، الهيل (الهبهان)، والغرنجال، المحريب، فيما يضيف البعض الخميرة. 

يُترك المزيج على النار لفترة طويلة حتى يتحول لونه إلى البني، ثم يُترك ليختمر لما لا يقل عن 12 ساعة، فيما يفضل البعض أن يطيل فترة الاختمار حتى ثلاثة أيام  أو حسب الرغبة. 

وفي السنوات الأخيرة، شهد تحضير الشربوت اختلافًا واسعًا عن الماضي، بحيث دخلت مكونات جديدة  أبرزها الفواكه في تحضيره، مثل التفاح والعنب والبرتقال، فيما يفضل البعض إضافة المياه الغازية لهذا المشروب التقليدي. بينما يفضل آخرون إضافة مكونات أخرى قد تبدو غريبة بعض الشيء في هذا المزيج الممتلئ بالتوابل ذات النكهات الطاغية، مثل الطحنية والمربى.

المجتمعات السودانية في دول المهجر تنشط في تجارة المواد السودانية المحلية

شربوت "أون لاين"

بالرغم من حالة النزوح التي يعيشها السودانيون جراء الحرب المندلعة في البلاد منذ منتصف نيسان/أبريل من العام 2023، إلا أنهم خلقوا مجتمعات صغيرة متماسكة في الدول التي استقبلت اللاجئين السودانيين، بما فيها مصر التي لجأت لها أم سلمى، قبل عام من الآن.

وتوفر هذه المجتمعات كافة المنتجات السودانية المحلية، بحيث تمكنت أم سلمى بحسب إفادتها لـ "الترا سودان" من توفير كافة المكونات التي تحتاجها في تحضير الشربوت، كما لو كانت في السودان. مشيرة إلى أن منطقة فيصل في محافظة الجيزة بالعاصمة المصرية القاهرة، تعتبر أحد أكبر المناطق التي يتواجد فيها السودانيون، وتنشط فيها حركة التجارة في المنتجات المحلية السودانية.

وأشارت إلى أن بعض المحال التجارية هناك أصبحت توفر مشروب الشربوت السوادني بشكل جاهز للتناول، فيما تقدم خدمات التوصيل للمنازل، وتبث إعلاناتها على مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث تحول هذا المشروب التقليدي من "التكل" إلى أن يباع "أون لاين" من خلال الوسائط الرقمية.