15-مايو-2022
معسكر الأمم المتحدة الرئيس بالعاصمة جوبا (AFP)

معسكر الأمم المتحدة الرئيس بالعاصمة جوبا (AFP)

على الرغم من مضي أكثر من عامين على إعلان تكوين الحكومة الانتقالية الجديدة في جنوب السودان، وقيام بعثة الأمم المتحدة برفع يدها عن معسكرات حماية المدنيين التي كانت قد أقامتها البعثة لإيواء المدنيين الفارين من الحرب والاقتتال في العام 2013 بعد أن تم استهداف عدد من المدنيين المنحدرين من قبيلة النوير التي ينتمي إليها زعيم المتمردين ريك مشار بواسطة الجيش الحكومي الذي تعود أصول أغلبية جنوده إلى قبيلة الدينكا، والتي ينتمي إليها الرئيس سلفا كير ميارديت.

وفي كانون الثاني/يناير من العام 2020، أعلنت بعثة الأمم المتحدة بدولة جنوب السودان، عن تسليم جميع معسكرات حماية المدنيين التي كانت تديرها السلطات الحكومية. مشيرة إلى أن البلاد باتت تشهد نوعًا من السلام والاستقرار بعد تكوين الحكومة الانتقالية التي ستتولى مسؤولية حماية المواطنين وإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية.

ديفيد شيرر: قمنا بسحب القوات الأممية من عدد من معسكرات حماية المدنيين بعد زوال عوامل الخطر

وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة بجنوب السودان ديفيد شيرر في بيان صحفي: "لقد قمنا بسحب القوات الأممية من عدد من معسكرات حماية المدنيين في جنوب السودان بعد زوال عوامل الخطر الذي كان يواجه المدنيون، وهي العوامل التي دعتنا لفتح معسكراتنا لأغراض الحماية".

 وأشار شيرر إلى أنه بعد أن يتم سحب القوات من جميع معسكرات الحماية بالكامل، فإن تلك المعسكرات ستتحول لمقرات للنازحين، وأنها ستكون تحت الحماية المباشرة من الحكومة.

وهذا وقد قابل المواطنون المنتشرون في حوالي (20) معسكرًا موجودة في العاصمة جوبا ومدينة واو وملكال وولاية الوحدة إلى جانب عدد من المعسكرات في إقليم الاستوائية، الذين يقدر عددهم بحسب الأمم المتحدة بـ(300) ألف مدني، القرار الأممي بنوع من الرفض والاستهجان، وذلك بسبب استمرار أعمال العنف في عدة أجزاء من إقليم الاستوائية وبحر الغزال وأعالي النيل بسبب تواجد جماعات عديدة غير موقعة على اتفاق السلام، بالإضافة إلى اندلاع مواجهات متقطعة بين القوات الحكومية وجماعات تابعة لزعيم المعارضة المسلحة ريك مشار، على الرغم من مشاركته في الحكومة.

تقول أنجلينا بيتر في تصريحات لمراسل "الترا سودان" من داخل معسكر حماية المدنيين الموجود بضاحية الجبل غربي العاصمة جوبا: "نحن نرفض هذا القرار الأممي، فالأمم المتحدة لم تشاورنا، كما أن الحكومة الحالية لن تقوم بحمياتنا، لأنها فشلت في أن تعيد إلى منزلي الذي استولى عليه أحد عساكر الجيش بالقوة منذ أن تركناه مرغمين في العام 2013، الأفضل لنا أن نستمر بالتواجد في هذا الموقع لأنه قريب من مقر البعثة الأممية".

https://t.me/ultrasudan

وأشارت أنجلينا البالغة من العمر (45 عامًا)، إلى أنها نفدت بجلدها من منطقة (107) السكنية التي تقطنها غالبية من قبيلة النوير، وذلك بعد ان تعرض جيرانها للقتل والاغتصاب، مشيرة إلى أنها لن تستطيع مغادرة المعسكر الذي أصبح يمثل مأواها الوحيد.

وبحسب رواية جاتكوث قاي أحد الشيوخ المسؤولين عن المعسكر، فإن الناس ما زالوا متواجدين في المنطقة التي تركتها القوات الأممية بلا حماية ودون تقديم أي مساعدات إنسانية، مشيرًا إلى أن هناك حوالي (50) ألف أسرة رفضت مغادرة المعسكر الذي تحول لمعسكر للنازحين.

 وأضاف قائلًا في تصريحات لمراسل "الترا سودان" من داخل خيمته المتواضعة التي يوجد بها مع أسرته المكونة من زوجته وبناته: "نحن لا زلنا نعيش في هذا المعسكر الذي تركته البعثة الأممية بلا حماية، فهم طالبونا بالعودة لأن السلام تحقق، لكننا رفضنا ذلك لأن الحكومة الموجودة حاليًا لا تستطيع حمايتنا، فنحن نخشى تجدد القتال وأن يتم استهدافنا عرقيًا لأننا من النوير".

 هذا وكانت بعثة الأمم المتحدة قد فتحت أبوابها لحماية المدنيين في العاصمة جوبا وبقية المدن الرئيسية في جنوب السودان للمدنيين الذين فروا إليها بحثًا عن الأمن والحماية إثر اندلاع المواجهات المسلحة بين الحكومة والمعارضة في العام 2013، خشية أن يتم استهدافهم على أساس الهوية والانتماء المناطقى.

من جهتها قالت نياليف نيانق هوث، البالغة من العمر (55 عامًا) إنها لن تستطيع العودة إلى ذلك المنزل الذي يحتله أحد الجنود الحكوميين. وأضافت بقولها في تصريحات لمراسل "الترا سودان" من داخل محلها التجاري الصغير الذي تبيع فيه الفحم والحطب والدقيق: "أنا لا أثق في الحكومة التي تقوم بقتل مواطنيها في صراع لا دخل لهم به، لذلك فأنا لن أغادر هذا المكان حتى وإن رفعت الأمم المتحدة يدها عنا، فنحن سنكون تحت حماية الرب القدير، سنعيش هنا مهما كلفنا الأمر. أين السلام الذي يتحدثون عنه وأهلنا يموتون يوميًا في كل مكان؟ سأعول أسرتي الصغيرة من خلال النشاط التجاري الصغير الذي أقوم به في هذا المكان".

مواطن لـ"الترا سودان": المعسكر أصبح منطقة سكنية وقد قررنا أن نبقى هنا

وقال إيمانويل شانقكوث، وهو شاب يبلغ من العمر (28 عامًا) إلى أنهم قد بدأوا يمارسون بعض الأعمال الصغيرة في محيط المدينة بعد أن قامت الأمم المتحدة برفع يدها عن المعسكر في العام 2020.

 وأضاف بالقول: "نحن نخرج للعمل في المنطقة المحيطة بالمعسكر الذي أصبح منطقة سكنية. أنا وبعض أفراد أسرتي الأربعة، فأنا أعمل في بناء المنازل واحصل على دخل مقدر نشتري به احتياجاتنا اليومية، فقد قررنا أن نبقى هنا، فالسلام قد ينهار في أي وقت، فلا توجد حكومة تستطيع حمايتنا وإلا لما استهدفنا في العام 2013".