جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة
9 مارس 2025
تتزايد المخاوف من انزلاق جنوب السودان إلى حرب أهلية ثانية، ومع ذلك فإن خطاب الرئيس سلفاكير ميارديت، الجمعة 7 آذار/مارس 2025، جاء ليضع التهدئة على التوترات العسكرية بين الحكومة والمعارضة المسلحة بقيادة رياك مشار.
يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح
تعهد سلفا كير ميارديت، خلال خطاب بثه لشعب جنوب السودان، بعدم العودة إلى الحرب، وقال إنه قاد اجتماعات مع نائبه رياك مشار، وتحدثا حول ضرورة التهدئة. وفي ذات الوقت، أشار إلى ضرورة عودة النظام إلى مدينة الناصر التي سيطر عليها "الجيش الأبيض".
لم يكن التوتر في جنوب السودان خلال اليومين الماضيين مفاجئًا للمراقبين، نتيجة وجود عوامل تغذي هذا الأمر، أبرزها الأزمة الاقتصادية، وفقدان هذا البلد المستقل عن السودان منذ عام 2011 حوالي مائة مليون دولار شهريًا من إيرادات النفط، بسبب توقف مرور الخام عبر موانئ السودان منذ آذار/مارس 2024.
يقول الباحث في الاقتصاد السياسي أحمد بن عمر، لـ"الترا سودان"، إن خطاب سلفاكير ساعد على تهدئة الأمور، وفي ذات الوقت، فإنه يريد السيطرة على "الجيش الأبيض"، الذراع المسلح للمعارضة المسلحة.
مضى جنوب السودان، منذ تموز/يوليو 2011، إلى دولة مستقلة عن السودان، متخذًا العلم والنشيد الوطني والعملة المحلية، ومع ذلك غرق في الصراع المسلح في العام الثاني من الاستقلال، خلال كانون الأول/ديسمبر 2013، ليجد السكان أنفسهم أمام حرب شوارع في جوبا بين قوات المعارضة بقيادة رياك مشار والجيش الشعبي التابع للحكومة التي يقودها سلفاكير ميارديت.
تمكن الوسطاء الدوليون من إطفاء الحرب سريعًا في ذلك الوقت، ولم تستمر أكثر من ستة أشهر، ومن بين الدول التي قادت الوساطة السودان، في عهد حكم البشير، ليتوج الاتفاق في عام 2015 في العاصمة الخرطوم.
يقول أحمد بن عمر إن التأثير الخارجي محدود جدًا في التوتر بين حكومة سلفاكير والمعارضة المسلحة، لأن هناك إشكالات داخلية تواجه اتفاق السلام بين الفرقاء في جنوب السودان.
وأضاف: "قد تأتي التأثيرات الخارجية في أزمة جنوب السودان لاحقًا... على سبيل المثال، سلفاكير يرى أن المسؤولين الذين اقتسموا السلطة وفق اتفاق السلام من جانب المعارضة يحرضون المجتمعات".
ويرى بن عمر أن السودان كان أحد الضامنين لاتفاق السلام في جنوب السودان، لأن ترك جوبا وحيدةً في هذا المأزق قد يمنح الفرصة لدول الجوار الأخرى لتعقيد المشهد.
ويقول بن عمر إن المليشيات في جنوب السودان دائمًا ما تشعر أنها في حالة بحث عن التمويل المالي لعملياتها الأمنية، وبالتالي قد تكون عرضة للاتفاق مع دول تغذي الصراع في أفريقيا.
وتابع: "المليشيات عادة ما تعرض خدماتها للدول الغنية والكبرى، وبالتالي يمكن أن تكون هذه التوترات مقدمة للتحولات القادمة في حرب السودان، بمشاركة مليشيات جديدة من جنوب السودان في الصراع بين الجيش والدعم السريع".
عاد الهدوء إلى شوارع العاصمة جوبا خلال الساعات الماضية، وانحسرت المظاهر العسكرية التي كانت ظاهرة للعيان، بسبب التوترات ومقتل قائد منطقة الناصر العسكرية على يد "الجيش الأبيض".
بموجب اتفاق السلام بين المعارضة المسلحة، بقيادة رياك مشار، ورئيس الحكومة، سلفاكير ميارديت، تقاسما السلطة داخل الجيش الحكومي والمؤسسات الحكومية. وخلال اليومين الماضيين، تعمدت قوات الأمن التابعة للحكومة اعتقال وزير النفط ونائب قائد الجيش، المنتميين سياسيًا إلى المعارضة المسلحة، وبموجب اتفاق السلام حصلا على المناصب في مؤسسات الحكومة، قبل الإفراج عنهما الجمعة، السابع من آذار/مارس 2025، نتيجة ضغوط دولية لتهدئة الوضع.
باحث في العلوم السياسية: جنوب السودان ورث حالة الفشل السياسي والاقتصادي والأمني من الدولة الأم، لأن طبيعة العقلية تشبه ما حدث في الخرطوم، بالتشبث بالسلطة على حساب تفكك البلاد
ويقول أحمد مساعد، الباحث في العلوم السياسية، في حديث لـ"الترا سودان"، إن شعب جنوب السودان يستحق العيش في سلام، دون أن يكون ضحية لاستغلال الصراع العرقي بين الأطراف السياسية والعسكرية في جوبا.
ويرى مساعد أن جنوب السودان ورث حالة الفشل السياسي والاقتصادي والأمني من الدولة الأم، لأن طبيعة العقلية تشبه ما حدث في الخرطوم، بالتشبث بالسلطة على حساب تفكك البلاد أو الصراع المسلح، الذي يدفع ثمنه ملايين الأشخاص.
ويقول مساعد إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه يواجه حربًا داخلية أنهت نفوذه الدبلوماسي والسياسي بين دول المنطقة.
وتابع: "تقع المسؤولية على عاتق منظمة الإيقاد في تجنيب شعب السودان ويلات الصراع المسلح، بإنتاج مصفوفة جديدة من اتفاق السلام، وصولًا إلى انتخابات عادلة ونزيهة، وفي ذات الوقت، يتعين على مثقفي جنوب السودان الابتعاد عن الاستقطاب العرقي، والذهاب نحو الطريق الثالث، بتنمية المجتمع المدني والأحزاب السياسية من الشبان والفتيات".
الكلمات المفتاحية

معركة الخرطوم.. انهيار أم إعادة تموضع؟
في تحول استراتيجي حاسم، بعد قرابة العامين من حرب منتصف أبريل /نيسان 2023، أعلن رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان

قائد الجيش.. الرقص على رؤوس التحالفات عند بوابة القصر الرئاسي
مع اقتراب الإعلان رسميًا عن خلو العاصمة الخرطوم من قوات الدعم السريع واستعادة مباني القصر الرئاسي، يجد قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان والحاكم الفعلي للبلاد نفسه أمام مشهد جديد سياسيًا وعسكريًا.

الأفق الرمزي والدلالي لاستعادة القصر الجمهوري
حت وسم الطريق إلى القصر، خاض الجيش سلسلة معارك عنيفة منذ عملية العبور إلى المقرن في السادس والعشرين من أيلول/سبتمبر المنصرم، قبل أن يحقق أهم التحامات جيوشه بين الإشارة والقيادة، وبين المدرعات والقيادة في وسط الخرطوم

غرفة طوارئ أبو شوك لـ"الترا سودان": وفاة 53 مواطنًا بالتدوين والجوع
كشفت غرفة طوارئ معسكر أبو شوك للنازحين بولاية شمال دارفور، عن وفاة (53) مواطنًا من جرّاءِ القصف المدفعي والجوع خلال الثلاثة أشهر الماضية.

محكمة العدل الدولية تعلن موعدًا لجلسات دعوى السودان ضد الإمارات
أعلنت محكمة العدل الدولية في بيان بتاريخ اليوم 28 آذار/مارس 2025، عن الشروع في إجراءات التقاضي في الدعوى المقدمة من حكومة السودان ضد دولة الإمارات.

معركة الخرطوم.. انهيار أم إعادة تموضع؟
في تحول استراتيجي حاسم، بعد قرابة العامين من حرب منتصف أبريل /نيسان 2023، أعلن رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان

مقاومة الفتيحاب: انتهاكات واسعة للدعم السريع جنوب أمدرمان
أفادت تنسيقية لجان مقاومة الفتيحاب، مساء أمس الخميس، الموافق 27 آذار/مارس 2024، بأن قوات الدعم السريع التي فرت من مدينة الخرطوم تمارس انتهاكات واسعة في الريف الجنوبي وقرى الجموعية بأمدرمان