يقضي السودانيون في العاصمة الأوغندية كمبالا يوم الجمعة في التعبد ومحاولة استكشاف ثقافة البلد التي استقبلتهم ورحبت بهم عقب اندلاع الحرب في بلدهم السودان.
يعد جامع القذافي أحد المعالم الرئيسية في العاصمة الأوغندية كمبالا، ويعرف أيضًا بجامع أوغندا الوطني
ولجأ إلى دولة أوغندا بعد تأزم الأوضاع في السودان جراء الحرب المستمرة لنحو عامين حوالى 70 ألف سوداني، يعيش أكثرهم في معسكر كريندانغو للاجئين في منطقة بيالي، بينما يتوزع الآخرون بين العاصمة كمبالا ومدن وأماكن أخرى.
تعبد واستكشاف
عبدالرحيم خلف الله، قال لـ"التر سودان" ردًا عن سؤال "كيف تقضي جمعتك في كمبالا؟": "أنا من أمدرمان، ويوم الجمعة هناك بالنسبة لي كان يومًا مهمًا، فيه أتواصل مع الأهل والجيران، وأودي الصلاة في مساجد مختلفة، كما أحرص خلاله على زيارة حوليات المتصوفة في منطقة حمدالنيل".
يصمت خلف الله، وكأنه يتذكر تلك الأيام متحسرًا، ثم يضيف: "هنا الجمعة مختلفة قليلًا، فلا أهل أو أقارب لزيارتهم، فأنا حضرت لوحدي، لكني بالطبع أحضر صلاة الجمعة، واتعمد في كل أسبوع أن أنوع المساجد والجوامع التي أصليها فيها، بهدف التعرف أكثر على ملامح المدينة وعلى ناسها، فمرة أصلى في جامع القذافي، وأخرى في مسجد الحي، وأحيانًا في وسط المدينة حيث يوجد مسجد يؤمه الآسيويين في منطقة آروا بارك".
جامع القذافي
يعد جامع القذافي أحد المعالم الرئيسية في العاصمة الأوغندية كمبالا، ويعرف أيضًا بجامع أوعندا الوطني، ومن اسمه يفهم أنه شيد بتمويل من القائد الليبي السابق معمر القذافي، وكان ذلك في العام 2007. ولقدرته الاستيعابية الكبيرة – 1500 مصلٍ- يعتبر وجهة رئيسية للمسلمين من كافة الجنسيات والجاليات الموجودة في كمبالا، لاسيما في يوم الجمعة.
الشاب بشير فتح الرحمن، يصف نفسه بأنه من الرواد المداومين على صلاة الجمعة في جامع القذافي، ويقول إنه يجد راحة كبيرة بين جموع المصلين المحتشدين من مختلف الجنسيات "الأمر أشبه بأداء العمرة أو الحج"، يشير بشير ويضيف لـ"الترا سودان": "إلى جانب الحشد الروحاني الكبير للمصلين والتعرف على أناس من بلدان أخرى، تتيح الباحات الملحقة بالجامع لزواره التسوق وتخير مستلزمات تخص المسلمين وعبادتهم، مثل كتب القرآن الكريم والأحاديث النبوية والتفاسير، إضافة إلى أنك يمكن أن تجد الجلباب العربي، على الطراز الخليجي، إضافة إلى المصالي وطواقي، الرأس.. وجمع الطواقي من هواياتي المفضلة". يقول بشير ذلك مبتسمًا وهو يشير إلى طاقية خضراء تغطي رأسه.
باحة النساء
الشابة سناء فضل السيد، القادمة من مدينة الفاشر في شمال دارفور، تقول إنها في السودان لم تكن تذهب إلى المساجد إلا في رمضان لأداء صلاة التراويح، أما الآن في كمبالا فإنها تذهب كل يوم جمعة إلى المسجد الصغير جوار منزلهم وتؤدي الصلاة.
وتوضح سناء تجربتها مع مسجد الحي بقولها لـ"الترا سودان": "في البداية رافقت جدتي لأداء صلاة الجمعة لأنها معتادة على ذلك في السودان، لكن بعد أن دخلت إلى باحة النساء واكتشفت أن هناك الكثير من الشابات الأوغنديات ضمن المصليات قررت أن أحضر كل أسبوع، وهكذا صرت مداومة على صلاة الجمعة في المسجد".
تضيف سناء: "أتاحت لي الصلاة في المسجد التعرف أكثر على المجتمع الأوغندي، وأن أعقد صداقات مع نساء وشابات أوغنديات، مما خفف كثيرًا من عزلة وألم اللجوء".
تعلم اللغة
الرجل الخمسيني عزالدين بابو، قدم إلى كمبالا من مدينة نيالا في ولاية جنوب دارفور، يقول لـ"التر سودان" أداوم على الصلاة في المسجد بشكل منتظم في كل الصلوات وليس صلاة الجمعة فقط، ووجودي شبه الدائم مع المصلين الأوغنديين أتاح لي التعرف على أسرار اللغة الأوغندية التي تعرف بـ"لوغاندا"، وهذا بالطبع وفر علي الكثير أثناء الاستماع لخطب الجمعة، كما أنني صرت مقربًا للبعض كوني قادر على شرح بعض الكلمات باللغة العربية بشكل صحيح وأقرب إلى الفهم".
ما بين التعبد والتنقل بين مساجد المدينة المختلفة يقضي السودانيون جمعتهم
ما بين التعبد والتنقل بين مساجد المدينة المختلفة يقضي السودانيون جمعتهم، يدعون الله أن ييسر أمرهم، وأن يضع حدًا للحرب المدمرة التي تدور في بلدهم، وأن يعم الأمن والسلام كل ربوع السودان.